المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2): آية 11] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المدخل]

- ‌[خطبة الكتاب وفيها الكلام على علو شأن المفسرين]

- ‌باب تحذير أهل القرآن والعلم من الرياء وغيره

- ‌باب ما ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه به ولا يغفل عنه

- ‌باب ما جاء في إعراب القرآن وتعليمه والحث عليه، وثواب من قرأ القرآن معربا

- ‌باب ما جاء في فضل تفسير القرآن وأهله

- ‌باب ما جاء في حامل القرآن ومن هو، وفي من عاداه

- ‌باب ما يلزم قارئ القرآن وحامله من تعظيم القرآن وحرمته

- ‌باب ما جاء من الوعيد في تفسير القرآن بالرأى، والجرأة على ذلك، ومراتب المفسرين

- ‌باب كيفية التعلم والفقه لكتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما جاء أنه سهل على من تقدم العمل به دون حفظه

- ‌باب مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ

- ‌(فصل) [قول كثير من العلماء أن الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ الَّتِي تُنْسَبُ لِهَؤُلَاءِ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ، ليست هي الأحرف السبعة]

- ‌فصل في ذكر معنى حديث عمر وهشام [في أن القرآن نزل على سبعة أحرف]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمْعِ الْقُرْآنِ، وَسَبَبِ كَتْبِ عُثْمَانَ الْمَصَاحِفَ وَإِحْرَاقِهِ مَا سِوَاهَا، وَذِكْرِ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل [في الرد على الحيلولة والحشوية القائلين بقدم الحروف والأصوات]

- ‌فَصْلٌ [في طعن الرافضة في القرآن]

- ‌باب ما جاء في ترتيب سور القرآن وآياته، وشكله ونقطة، وتحزيبه وتعشيره، وعدد حروفه وأجزائه وكلماته وآيه

- ‌باب ذكر معنى السورة والآية والكلمة والحرف

- ‌باب هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب أو لا

- ‌باب ذكر في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها

- ‌فصل [في أن المعجزات على ضربين]

- ‌باب التنبيه على أحاديث وضعت في فضل سور القرآن وغيره

- ‌باب ما جاء من الحجة في الرد على من طعن في القرآن وخالف مصحف عثمان بالزيادة والنقصان

- ‌الْقَوْلُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ

- ‌[الكلام في] البسملة وفيها سبع وعشرون مسألة

- ‌[سورة الفاتحة (1): آيَةً 1]

- ‌تفسير سورة الفاتحة

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي فَضَائِلِهَا وَأَسْمَائِهَا وَفِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ

- ‌الباب الثاني في نزولها وأحكامها، وَفِيهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً

- ‌الباب الثالث في التأمين، وفيه ثَمَانِ مَسَائِلَ

- ‌الباب الرابع فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والاعراب وفضل الحامدين، وفيه ست وثلاثون مسألة

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 2]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 3]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 4]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 5]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 6]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 7]

- ‌تفسير سورة البقرة

- ‌الْكَلَامُ فِي نُزُولِهَا وَفَضْلِهَا وَمَا جَاءَ فِيهَا

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 2]

- ‌[بيان الأقوال الواردة في الحروف المقطعة التي في أوائل السور]

- ‌[الكلام على هداية القرآن وفيه ست مسائل]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 3]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 4]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 5]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 6]

- ‌بيان حال الكافرين ومآلهم ومعنى الكفر

- ‌[سورة البقرة (2): آية 7]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 8]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 9]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 10]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 11]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 12]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 13]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 14]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 15]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 16]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 17]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 18]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 19]

- ‌فَائِدَةٌ:

- ‌[سورة البقرة (2): آية 20]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 21]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 22]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 23]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 24]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 25]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 26]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 27]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 28]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 29]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 30]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 31]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 32]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 33]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 34]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 35]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 36]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 37]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 38]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 39]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 40]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 41]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 42]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 43]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 44]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 45]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 46]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 47]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 48]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 49]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 50]

- ‌الْقَوْلُ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي كَيْفِيَّةِ إِنْجَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌فَصْلٌ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى الْإِنْجَاءَ وَالْإِغْرَاقَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ ذَلِكَ فِيهِ

- ‌مسألة [في صوم يوم عاشوراء]

- ‌مَسْأَلَةٌ: اخْتُلِفَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ هَلْ هُوَ التَّاسِعُ مِنَ الْمُحَرَّمِ أَوِ الْعَاشِرُ

- ‌فَضِيلَةٌ

- ‌[سورة البقرة (2): آية 51]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 52]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 53]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 54]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 55 الى 56]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 57]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 58]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 59]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 60]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 61]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 62 الى 65]

- ‌[تفسير]

- ‌[تفسير]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 66]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 67]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 68]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 69]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 70]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 71]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 72]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 73]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 74]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2): آية 11]

وَأَعْلَنَ بِالْإِيمَانِ وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ سِوَى الْإِسْلَامِ أَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ إِرَاقَةِ دَمِهِ. وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ. وَإِنَّمَا مَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَتْلِ الْمُنَافِقِينَ مَا كَانُوا يُظْهِرُونَهُ مِنَ الْإِسْلَامِ مَعَ الْعِلْمِ بِنِفَاقِهِمْ، لِأَنَّ مَا يُظْهِرُونَهُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَحْكَامَ بَيْنَ عِبَادِهِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَتَوَلَّى الْحُكْمَ فِي سَرَائِرِهِمْ دُونَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِ مَا ظَهَرَ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِالظُّنُونِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ كَانَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ حَكَمَ لِلْمُنَافِقِينَ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَظْهَرُوا، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ. وَقَدْ كَذَّبَ اللَّهُ ظَاهِرَهُمْ فِي قَوْلِهِ:" وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ"[المنافقون: 1] قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: يَنْفَصِلُ الْمَالِكِيُّونَ عَمَّا لَزِمُوهُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ بِأَنَّهَا لَمْ تُعَيَّنْ أَشْخَاصُهُمْ فِيهَا وَإِنَّمَا جَاءَ فِيهَا تَوْبِيخٌ لِكُلِّ مَغْمُوصٍ «1» عَلَيْهِ بِالنِّفَاقِ، وَبَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ: لَمْ أُرَدْ بِهَا وَمَا أَنَا إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَوْ عُيِّنَ أَحَدٌ لَمَا جَبَّ كَذِبُهُ شَيْئًا. قُلْتُ: هَذَا الِانْفِصَالُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْلَمُهُمْ أَوْ كَثِيرًا مِنْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ بِإِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ، وَكَانَ حُذَيْفَةُ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ النَّبِيِّ عليه السلام إِيَّاهُ حَتَّى كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَقُولُ لَهُ: يَا حُذَيْفَةَ هَلْ أَنَا مِنْهُمْ؟ فَيَقُولُ لَهُ: لَا. الْقَوْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ قَدْ حَفِظَ أَصْحَابَ نَبِيِّهِ عليه السلام بِكَوْنِهِ ثَبَّتَهُمْ أَنْ يُفْسِدَهُمُ الْمُنَافِقُونَ أَوْ يُفْسِدُوا دِينَهُمْ فَلَمْ يَكُنْ فِي تَبْقِيَتِهِمْ ضَرَرٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْيَوْمَ، لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ مِنَ الزَّنَادِقَةِ أَنْ يُفْسِدُوا عامتنا وجهالنا.

[سورة البقرة (2): آية 11]

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)

(إِذَا) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِ وَالْعَامِلُ فِيهَا" قالُوا"، وَهِيَ تُؤْذِنُ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ الْمُنْتَظَرِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:" إِذا" اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَلَمْ تُسْتَعْمَلْ إلا مضافة إلى

(1). قوله: لكل مغموص. أي مطعون في دينه، منهم بالنفاق.

ص: 200

جُمْلَةٍ، تَقُولُ: أَجِيئُكَ إِذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ، وَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ. وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا اسْمٌ وُقُوعُهَا مَوْقِعَ قَوْلِكَ: آتِيكَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ، فَهِيَ ظَرْفٌ وَفِيهَا مَعْنَى الْمُجَازَاةِ. وَجَزَاءُ الشَّرْطِ ثَلَاثَةٌ: الْفِعْلُ وَالْفَاءُ وَإِذَا، فَالْفِعْلُ قَوْلُكَ: إِنْ تَأْتِنِي آتِكَ. وَالْفَاءُ: إِنْ تَأْتِنِي فَأَنَا أُحْسِنُ إِلَيْكَ. وَإِذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا «1» هُمْ يَقْنَطُونَ"[الروم: 36]. وَمِمَّا جَاءَ مِنَ الْمُجَازَاةِ بِإِذَا فِي الشِّعْرِ قَوْلُ قَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ:

إِذَا قَصُرَتْ أَسْيَافُنَا كَانَ وَصْلُهَا

خُطَانَا إِلَى أَعْدَائِنَا فَنُضَارِبِ «2»

فَعَطَفَ" فَنُضَارِبِ" بِالْجَزْمِ عَلَى" كَانَ" لِأَنَّهُ مَجْزُومٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَجْزُومًا لَقَالَ: فَنُضَارِبَ، بِالنَّصْبِ. وَقَدْ تُزَادُ عَلَى" إِذَا"" مَا" تَأْكِيدًا، فَيُجْزَمُ بِهَا أَيْضًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

فَقَامَ أَبُو لَيْلَى إِلَيْهِ ابْنُ ظَالِمٍ

وَكَانَ إِذَا مَا يَسْلُلِ السَّيْفَ يَضْرِبِ

قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالْجَيِّدُ مَا قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:

وَإِذَا مَا تَشَاءُ تَبْعَثُ مِنْهَا

مَغْرِبَ الشَّمْسِ نَاشِطًا مَذْعُورَا «3»

يَعْنِي أَنَّ الْجَيِّدَ أَلَّا يَجْزِمَ بِإِذَا، كَمَا لَمْ يَجْزِمْ فِي هَذَا الْبَيْتِ. وَحُكِيَ عَنِ الْمُبَرِّدِ أَنَّهَا فِي قَوْلِكَ فِي الْمُفَاجَأَةِ: خَرَجْتُ فَإِذَا زَيْدٌ، ظَرْفُ مَكَانٍ، لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ جُثَّةٌ. وَهَذَا مَرْدُودٌ، لِأَنَّ الْمَعْنَى خَرَجْتُ فَإِذَا حُضُورُ زَيْدٍ، فَإِنَّمَا تَضَمَّنَتِ الْمَصْدَرَ كَمَا يَقْتَضِيهِ سَائِرُ ظُرُوفِ الزَّمَانِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ:" الْيَوْمَ خَمْرٌ وَغَدًا أَمْرٌ" فَمَعْنَاهُ وُجُودُ خَمْرٍ وَوُقُوعُ أَمْرٍ. قَوْلُهُ: (قِيلَ) مِنَ الْقَوْلِ وَأَصْلُهُ قُوِلَ، نُقِلَتْ كَسْرَةُ الْوَاوِ إِلَى الْقَافِ فَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً. وَيَجُوزُ:" قِيلْ لَهُمْ" بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي اللَّامِ وَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ، لِأَنَّ الْيَاءَ حَرْفُ مَدٍّ وَلِينٍ. قَالَ الْأَخْفَشُ: وَيَجُوزُ" قُيُلَ" بِضَمِّ الْقَافِ وَالْيَاءِ. وَقَالَ الكسائي: وبجوز إِشْمَامُ الْقَافِ الضَّمَّ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَهِيَ لُغَةُ قَيْسٍ وَكَذَلِكَ جئ وغيض وحيل وسيق وسيء

(1). راجع ج 14 ص 34

(2)

. يقول: إذا قصرت أسيافنا في اللقاء عن الوصول إلى الاقران وصلناها بخطانا مقدمين عليهم حتى تنالهم.

(3)

. وصف ناقته بالنشاط والسرعة بعد سير النهار كله، فشبهها في انبعاثها مسرعة بناشط قد ذعر من صائد أو سبع. والناشط: الثور يخرج من بلد إلى بلد، فذلك أوحش له وأذعر.

ص: 201

وَسِيئَتْ. وَكَذَلِكَ رَوَى هِشَامٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «1» ، ورويس «2» عن يعقوب. وأشم منها نافع سيئ وَسِيئَتْ خَاصَّةً. وَزَادَ ابْنُ ذَكْوَانَ: حِيلَ وَسِيقَ، وَكَسَرَ الْبَاقُونَ فِي الْجَمِيعِ. فَأَمَّا هُذَيْلٌ وَبَنُو دُبَيْرٍ مِنْ أَسَدٍ وَبَنِي فَقْعَسٍ فَيَقُولُونَ:" قُولَ" بِوَاوٍ سَاكِنَةٍ. قَوْلُهُ: (لَا تُفْسِدُوا)" لَا" نَهْيٌ. وَالْفَسَادُ ضِدُّ الصَّلَاحِ، وَحَقِيقَتُهُ الْعُدُولُ عَنْ الِاسْتِقَامَةِ إِلَى ضِدِّهَا. فَسَدَ الشَّيْءُ يَفْسُدُ فَسَادًا وَفُسُودًا وَهُوَ فَاسِدٌ وَفَسِيدٌ. وَالْمَعْنَى فِي الْآيَةِ: لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بِالْكُفْرِ وَمُوَالَاةِ أَهْلِهِ، وَتَفْرِيقِ النَّاسِ عَنِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآنِ. وَقِيلَ: كَانَتِ الْأَرْضُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا الْفَسَادُ، وَيُفْعَلُ فِيهَا بِالْمَعَاصِي، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ارْتَفَعَ الْفَسَادُ وَصَلَحَتِ الْأَرْضُ. فَإِذَا عَمِلُوا بِالْمَعَاصِي فَقَدْ أَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:" وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها «3» "[الأعراف: 56]. قَوْلُهُ:" فِي الْأَرْضِ" الْأَرْضُ مُؤَنَّثَةٌ، وَهِيَ اسْمُ جِنْسٍ، وَكَانَ حَقُّ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا أَنْ يُقَالَ أَرْضَةٌ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا. وَالْجَمْعُ أَرْضَاتٍ، لِأَنَّهُمْ قَدْ يَجْمَعُونَ الْمُؤَنَّثَ الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ هَاءُ التَّأْنِيثِ بِالتَّاءِ كَقَوْلِهِمْ: عُرُسَاتٌ. ثُمَّ قَالُوا أَرَضُونَ فَجَمَعُوا بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، وَالْمُؤَنَّثُ لَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْقُوصًا كَثُبَةٍ وَظُبَةٍ، وَلَكِنَّهُمْ جَعَلُوا الْوَاوَ وَالنُّونَ عِوَضًا مِنْ حَذْفِهِمُ الْأَلِفَ وَالتَّاءَ وَتَرَكُوا فَتْحَةَ الرَّاءِ عَلَى حَالِهَا، وَرُبَّمَا سُكِّنَتْ. وَقَدْ تُجْمَعُ عَلَى أُرُوضٍ. وَزَعَمَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: أَرْضٌ وَآرَاضٌ، كَمَا قَالُوا: أَهْلٌ وَآهَالٌ. وَالْأَرَاضِي أَيْضًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَأَنَّهُمْ جَمَعُوا آرُضًا. وَكُلُّ مَا سَفَلَ فَهُوَ أَرْضٌ. وَأَرْضٌ أَرِيضَةٌ، أَيْ زَكِيَّةٌ بَيِّنَةُ الْأَرَاضَةِ. وَقَدْ أُرِضَتْ بِالضَّمِّ، أَيْ زُكَّتْ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: نَزَلْنَا أَرْضًا أَرِيضَةً، أَيْ مُعْجِبَةً لِلْعَيْنِ، وَيُقَالُ: لَا أَرْضَ لَكَ، كَمَا يُقَالُ: لَا أُمَّ لَكَ. وَالْأَرْضُ: أَسْفَلَ قَوَائِمِ الدَّابَّةِ، قَالَ حُمَيْدٌ يَصِفُ فَرَسًا:

وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَهَا البيطار

ولا لحبليه بها حبار

(1). في نسخة: (ابن عامر). [ ..... ]

(2)

. رويس (كزبير) محمد بن المتوكل القارئ، راوي يعقوب ابن إسحاق.

(3)

. راجع ج 7 ص 226

ص: 202

أَيْ أَثَرٌ وَالْأَرْضُ: النَّفْضَةُ وَالرِّعْدَةُ. رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ بِالْبَصْرَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي! أَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ أَمْ بِي أَرْضٌ؟ أَيْ أَمْ بِي رِعْدَةٌ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ صَائِدًا:

إِذَا تَوَجَّسَ رِكْزًا مِنْ سَنَابِكِهَا

أَوْ كَانَ صَاحِبَ أَرْضٍ أَوْ بِهِ الْمُومُ «1»

وَالْأَرْضُ: الزُّكَامُ. وَقَدْ آرَضَهُ اللَّهُ إِيرَاضًا، أَيْ أَزْكَمَهُ فَهُوَ مَأْرُوضٌ. وَفَسِيلٌ مُسْتَأْرِضٌ، وَوَدِيَّةٌ مُسْتَأْرِضَةٌ (بِكَسْرِ الرَّاءِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِرْقٌ فِي الْأَرْضِ، فَأَمَّا إِذَا نَبَتَ عَلَى جِذْعِ النَّخْلِ فَهُوَ الرَّاكِبُ. وَالْإِرَاضُ (بِالْكَسْرِ): بِسَاطٌ ضَخْمٌ مِنْ صُوفٍ أَوْ وَبَرٍ. وَرَجُلٌ أَرِيضٌ، أَيْ مُتَوَاضِعٌ خَلِيقٌ لِلْخَيْرِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ يُقَالُ: هُوَ آرَضُهُمْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، أي أخلقهم. وشئ عَرِيضٌ أَرِيضٌ إِتْبَاعٌ لَهُ، وَبَعْضُهُمْ يُفْرِدُهُ وَيَقُولُ: جَدْيٌ أَرِيضٌ أَيْ سَمِينٌ. قَوْلُهُ:" نَحْنُ" أَصْلُ" نَحْنُ" نَحُنْ قُلِبَتْ حَرَكَةُ الْحَاءِ عَلَى النُّونِ وَأُسْكِنَتِ الْحَاءُ، قَالَهُ هِشَامُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّحْوِيُّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:" نَحْنُ" لِجَمَاعَةٍ، وَمِنْ عَلَامَةِ الْجَمَاعَةِ الْوَاوُ، وَالضَّمَّةُ مِنْ جِنْسِ الْوَاوِ، فَلَمَّا اضْطُرُّوا إِلَى حَرَكَةِ" نَحْنُ" لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ حَرَّكُوهَا بِمَا يَكُونُ لِلْجَمَاعَةِ. قَالَ: لِهَذَا ضَمُّوا وَاوَ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ عز وجل:" أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ"[البقرة: 16] وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ:" نَحْنُ" مِثْلَ قَبْلُ وَبَعْدُ، لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِخْبَارِ عَنِ اثْنَيْنِ وَأَكْثَرَ، ف" أنا" للواحد" نَحْنُ" لِلتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، وَقَدْ يُخْبِرُ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ عَنْ نَفْسِهِ فِي قَوْلِهِ: نَحْنُ قُمْنَا، قَالَ الله تعالى:" نَحْنُ قَسَمْنا «2» بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ"[الزخرف: 32]. وَالْمُؤَنَّثُ فِي هَذَا إِذَا كَانَتْ مُتَكَلِّمَةً بِمَنْزِلَةِ الْمُذَكَّرِ، تَقُولُ الْمَرْأَةُ: قُمْتُ وَذَهَبْتُ، وَقُمْنَا وَذَهَبْنَا، وَأَنَا فَعَلْتُ ذَاكَ، وَنَحْنُ فَعَلْنَا. هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ فَاعْلَمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" مُصْلِحُونَ" اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَصْلَحَ. وَالصَّلَاحُ: ضِدُّ الْفَسَادِ. وَصَلُحَ الشَّيْءُ (بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا) لُغَتَانِ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ. وَالصُّلُوحُ (بِضَمِّ الصَّادِ) مَصْدَرُ صَلُحَ (بِضَمِّ اللَّامِ)، قال الشاعر:

(1). توجس: تسمع. الركز: الحس والصوت الخفي. سنابكها: حوافرها. الموم: البرسام وهو الخيل. وقيل: الموم الجدري الكثير المتراكب. ومعناه: أن الصياد يذهب نفسه إلى السماء ويفغر إليها أبدا لئلا يجد الوحش نفسه فينفر. وشبه بالمبرسم أو المزكوم لان البرسام مفغر والزكام مفغر. (عن اللسان).

(2)

. راجع ج 16 ص 83

ص: 203