المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المدخل]

- ‌[خطبة الكتاب وفيها الكلام على علو شأن المفسرين]

- ‌باب تحذير أهل القرآن والعلم من الرياء وغيره

- ‌باب ما ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه به ولا يغفل عنه

- ‌باب ما جاء في إعراب القرآن وتعليمه والحث عليه، وثواب من قرأ القرآن معربا

- ‌باب ما جاء في فضل تفسير القرآن وأهله

- ‌باب ما جاء في حامل القرآن ومن هو، وفي من عاداه

- ‌باب ما يلزم قارئ القرآن وحامله من تعظيم القرآن وحرمته

- ‌باب ما جاء من الوعيد في تفسير القرآن بالرأى، والجرأة على ذلك، ومراتب المفسرين

- ‌باب كيفية التعلم والفقه لكتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما جاء أنه سهل على من تقدم العمل به دون حفظه

- ‌باب مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ

- ‌(فصل) [قول كثير من العلماء أن الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ الَّتِي تُنْسَبُ لِهَؤُلَاءِ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ، ليست هي الأحرف السبعة]

- ‌فصل في ذكر معنى حديث عمر وهشام [في أن القرآن نزل على سبعة أحرف]

- ‌بَابُ ذِكْرِ جَمْعِ الْقُرْآنِ، وَسَبَبِ كَتْبِ عُثْمَانَ الْمَصَاحِفَ وَإِحْرَاقِهِ مَا سِوَاهَا، وَذِكْرِ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل [في الرد على الحيلولة والحشوية القائلين بقدم الحروف والأصوات]

- ‌فَصْلٌ [في طعن الرافضة في القرآن]

- ‌باب ما جاء في ترتيب سور القرآن وآياته، وشكله ونقطة، وتحزيبه وتعشيره، وعدد حروفه وأجزائه وكلماته وآيه

- ‌باب ذكر معنى السورة والآية والكلمة والحرف

- ‌باب هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب أو لا

- ‌باب ذكر في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها

- ‌فصل [في أن المعجزات على ضربين]

- ‌باب التنبيه على أحاديث وضعت في فضل سور القرآن وغيره

- ‌باب ما جاء من الحجة في الرد على من طعن في القرآن وخالف مصحف عثمان بالزيادة والنقصان

- ‌الْقَوْلُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ

- ‌[الكلام في] البسملة وفيها سبع وعشرون مسألة

- ‌[سورة الفاتحة (1): آيَةً 1]

- ‌تفسير سورة الفاتحة

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي فَضَائِلِهَا وَأَسْمَائِهَا وَفِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ

- ‌الباب الثاني في نزولها وأحكامها، وَفِيهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً

- ‌الباب الثالث في التأمين، وفيه ثَمَانِ مَسَائِلَ

- ‌الباب الرابع فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والاعراب وفضل الحامدين، وفيه ست وثلاثون مسألة

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 2]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 3]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 4]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 5]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 6]

- ‌[سورة الفاتحة (1): آية 7]

- ‌تفسير سورة البقرة

- ‌الْكَلَامُ فِي نُزُولِهَا وَفَضْلِهَا وَمَا جَاءَ فِيهَا

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 2]

- ‌[بيان الأقوال الواردة في الحروف المقطعة التي في أوائل السور]

- ‌[الكلام على هداية القرآن وفيه ست مسائل]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 3]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 4]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 5]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 6]

- ‌بيان حال الكافرين ومآلهم ومعنى الكفر

- ‌[سورة البقرة (2): آية 7]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 8]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 9]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 10]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 11]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 12]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 13]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 14]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 15]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 16]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 17]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 18]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 19]

- ‌فَائِدَةٌ:

- ‌[سورة البقرة (2): آية 20]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 21]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 22]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 23]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 24]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 25]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 26]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 27]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 28]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 29]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 30]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 31]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 32]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 33]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 34]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 35]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 36]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 37]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 38]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 39]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 40]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 41]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 42]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 43]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 44]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 45]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 46]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 47]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 48]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 49]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 50]

- ‌الْقَوْلُ فِي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي كَيْفِيَّةِ إِنْجَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌فَصْلٌ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى الْإِنْجَاءَ وَالْإِغْرَاقَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ ذَلِكَ فِيهِ

- ‌مسألة [في صوم يوم عاشوراء]

- ‌مَسْأَلَةٌ: اخْتُلِفَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ هَلْ هُوَ التَّاسِعُ مِنَ الْمُحَرَّمِ أَوِ الْعَاشِرُ

- ‌فَضِيلَةٌ

- ‌[سورة البقرة (2): آية 51]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 52]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 53]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 54]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 55 الى 56]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 57]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 58]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 59]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 60]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 61]

- ‌[سورة البقرة (2): الآيات 62 الى 65]

- ‌[تفسير]

- ‌[تفسير]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 66]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 67]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 68]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 69]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 70]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 71]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 72]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 73]

- ‌[سورة البقرة (2): آية 74]

الفصل: ‌باب ذكر في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها

وكفر عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَسَفَرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعِمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَكَسَفَرِ الْأَعْشَى إِلَى الْحِيرَةِ وَصُحْبَتِهِ لِنَصَارَاهَا مَعَ كَوْنِهِ حُجَّةً فِي اللُّغَةِ فَعَلِقَتِ الْعَرَبُ بِهَذَا كُلِّهِ أَلْفَاظًا أَعْجَمِيَّةً غَيَّرَتْ بَعْضَهَا بِالنَّقْصِ مِنْ حُرُوفِهَا، وَجَرَّتْ إِلَى تَخْفِيفِ ثِقَلِ الْعُجْمَةِ، وَاسْتَعْمَلَتْهَا فِي أَشْعَارِهَا وَمُحَاوَرَاتِهَا، حَتَّى جَرَتْ مَجْرَى الْعَرَبِيِّ الصَّحِيحِ، وَوَقَعَ بِهَا الْبَيَانُ، وَعَلَى هَذَا الْحَدِّ نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ. فَإِنَّ جَهِلَهَا عَرَبِيٌّ مَا فَكَجَهْلِهِ الصَّرِيحَ بِمَا فِي لُغَةِ غَيْرِهِ، كَمَا لَمْ يَعْرِفِ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعْنَى" فَاطِرَ" إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:" وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الطَّبَرَيُّ رحمه الله مِنْ أَنَّ اللُّغَتَيْنِ اتَّفَقَتَا في لَفْظَةٍ فَذَلِكَ بَعِيدٌ، بَلْ إِحْدَاهُمَا أَصِلٌ وَالْأُخْرَى فرع في الأكثر «1»، لأنا لاندفع أَيْضًا جَوَازَ الِاتِّفَاقِ قَلِيلًا شَاذًّا". قَالَ غَيْرُهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَوْلُهُ: هِيَ أَصْلٌ فِي كَلَامِ غَيْرِهِمْ دَخِيلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ، لَيْسَ بِأُولَى مِنَ الْعَكْسِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ تخاطب بها أولا، فإن كان الأول فهي من كلامهم، إذا لَا مَعْنَى لِلُغَتِهِمْ وَكَلَامِهِمْ إِلَّا مَا كَانَ كَذَلِكَ عِنْدَهُمْ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُمْ قَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى بَعْضِ كَلِمَاتِهِمْ، وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ الْإِمَامُ الْكَبِيرُ أَبُو عُبَيْدَةَ. فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ عَلَى أَوْزَانِ كَلَامِ الْعَرَبِ فَلَا تَكُونُ مِنْهُ. قُلْنَا: وَمَنْ سَلَّمَ لَكُمْ أَنَّكُمْ حَصَرْتُمْ أَوْزَانَهُمْ حَتَّى تُخْرِجُوا هَذِهِ مِنْهَا، فَقَدْ بَحَثَ الْقَاضِي عَنْ أُصُولِ أَوْزَانِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَرَدَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ إِلَيْهَا عَلَى الطَّرِيقَةِ النَّحْوِيَّةِ، وَأَمَّا إِنْ لَمْ تَكُنِ الْعَرَبُ تَخَاطَبَتْ بِهَا وَلَا عَرِفَتْهَا اسْتَحَالَ أَنْ يُخَاطِبَهُمُ اللَّهُ بِمَا لَا يَعْرِفُونَ، وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْقُرْآنُ عربيا نبينا، وَلَا يَكُونُ الرَّسُولُ مُخَاطِبًا لِقَوْمِهِ بِلِسَانِهِمْ، وَاللَّهُ أعلم.

‌باب ذكر في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها

الْمُعْجِزَةُ وَاحِدَةُ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَسُمِّيَتْ مُعْجِزَةً لِأَنَّ الْبَشَرَ يَعْجِزُونَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا، وَشَرَائِطُهَا خَمْسَةٌ فَإِنَ اختل منها شرط لا تكون معجزة.

(1). في الأصول:" والأخرى فرع، لا أنا ندفع

إلخ". والزيادة والتصويب عن ابن عطية.

ص: 69

فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ مِنْ شُرُوطِهَا أَنْ تَكُونَ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ. وَإِنَّمَا وجب حصول هذا الشرط للمعجزة لأنه أَتَى آتٍ فِي زَمَانٍ يَصِحُّ فِيهِ مَجِيءُ الرسل وادعى الرسالة وجعل معجزته أت يَتَحَرَّكَ وَيَسْكُنَ وَيَقُومَ وَيَقْعُدَ لَمْ يَكُنْ هَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ مُعْجِزَةً لَهُ، وَلَا دَالًّا عَلَى صِدْقِهِ لِقُدْرَةِ الْخَلْقِ عَلَى مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُعْجِزَاتُ كَفَلْقِ الْبَحْرِ، وَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ، وَمَا شَاكَلَهَا مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا الْبَشَرُ. وَالشَّرْطُ الثَّانِي هُوَ أَنْ تَخْرِقَ الْعَادَةَ. وَإِنَّمَا وَجَبَ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلرِّسَالَةِ: آيَتِي مَجِيءُ اللَّيْلِ بَعْدَ النَّهَارِ وَطُلُوعُ الشمس من مشرقها، لم يكن فيما ادعا مُعْجِزَةٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا اللَّهُ، فَلَمْ تُفْعَلْ مِنْ أَجْلِهِ، وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ دَعْوَاهُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي حِينِ دَعَوَاهُ، وَدَعَوَاهُ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى نُبُوَّتِهِ كَدَعْوَى غَيْرِهِ، فَبَانَ أَنَّهُ لأوجه لَهُ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ، وَالَّذِي يَسْتَشْهِدُ بِهِ الرَّسُولُ عليه السلام لَهُ وَجْهٌ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: الدَّلِيلُ عَلَى صِدْقِي أَنْ يَخْرِقَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَادَةَ مِنْ أَجْلِ دَعْوَايَ عَلَيْهِ الرِّسَالَةَ، فَيَقْلِبُ هَذِهِ الْعَصَا ثُعْبَانًا، وَيَشُقُّ الْحَجَرَ وَيُخْرِجُ مِنْ وَسَطِهِ نَاقَةٌ، أَوْ يَنْبُعُ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِي كَمَا يُنْبِعُهُ مِنَ الْعَيْنِ، أَوْ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَاتِ، الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا جَبَّارُ الأرض والسموات، فَتَقُومُ لَهُ هَذِهِ الْعَلَامَاتُ مَقَامَ قَوْلِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، لَوْ أَسْمَعَنَا كَلَامَهُ الْعَزِيزَ وَقَالَ: صَدَقَ، أنا بعثته و. مثال هذا الْمَسْأَلَةِ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى مَا لَوْ كَانَتْ جَمَاعَةٌ بِحَضْرَةِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ، وَقَالَ أَحَدُ رِجَالِهِ وَهُوَ بِمَرْأًى مِنْهُ وَالْمَلِكُ يَسْمَعُهُ: الْمَلِكُ يَأْمُرُكُمْ أَيُّهَا الْجَمَاعَةُ بِكَذَا وَكَذَا، ودليل ذلك أن الملك يصدقني بفعل م أَفْعَالِهِ، وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ قَاصِدًا بِذَلِكَ تَصْدِيقِي، فَإِذَا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلَامَهُ لَهُمْ وَدَعْوَاهُ فِيهِمْ، ثُمَّ عَمِلَ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ عَلَى صِدْقِهِ، قَامَ ذَلِكَ مَقَامَ قَوْلِهِ لَوْ قَالَ: صَدَقَ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَيَّ. فَكَذَلِكَ إذا عمل عَمَلًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا هُوَ، وَخَرَقَ بِهِ الْعَادَةَ عَلَى يَدِ الرَّسُولِ، قَامَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مَقَامَ كَلَامِهِ تَعَالَى لَوْ أُسْمِعْنَاهُ وَقَالَ: صدق عبدي في دعواي الرِّسَالَةِ، وَأَنَا أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا.

ص: 70

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ هُوَ أَنْ يَسْتَشْهِدَ بِهَا مُدَّعِي الرِّسَالَةِ عَلَى اللَّهِ عز وجل، فَيَقُولُ: آيَتِي أَنْ يَقْلِبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذَا الْمَاءَ زَيْتًا أَوْ يُحَرِّكَ الْأَرْضَ عِنْدَ قَوْلِي لَهَا، تَزَلْزَلِي، فَإِذَا فَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ حَصَلَ الْمُتَحَدَّى بِهِ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ هُوَ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَفْقِ دَعْوَى الْمُتَحَدِّي بِهَا الْمُسْتَشْهَدِ بِكَوْنِهَا مُعْجِزَةً لَهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ اشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلرِّسَالَةِ: آيَةُ نُبُوَّتِي وَدَلِيلُ حُجَّتِي أَنْ تَنْطِقَ يَدِي أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ فَنَطَقَتْ يَدُهُ أَوِ الدَّابَّةُ بِأَنْ قَالَتْ: كَذَبَ وَلَيْسَ هُوَ نَبِيٌّ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي خلقه الله تعالى دال كذب الْمُدَّعِي لِلرِّسَالَةِ، لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ. وَكَذَلِكَ مَا يُرْوَى أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَفَلَ فِي بِئْرٍ لِيَكْثُرَ مَاؤُهَا فَغَارَتِ الْبِئْرُ وَذَهَبَ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْمَاءِ، فَمَا فَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ هَذَا، كَانَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُكَذِّبَةِ لِمَنْ ظَهَرَتْ عَلَى يَدَيْهِ، لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى خِلَافِ مَا أَرَادَهُ الْمُتَنَبِّئُ الْكَذَّابُ. وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ مِنْ شُرُوطِ الْمُعْجِزَةِ أَلَّا يَأْتِيَ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا أَتَى بِهِ الْمُتَحَدَّى عَلَى وَجْهِ الْمُعَارَضَةِ، فَإِنْ تَمَّ الْأَمْرُ الْمُتَحَدَّى بِهِ الْمُسْتَشْهَدُ بِهِ عَلَى النُّبُوَّةِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ مَعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهِيَ مُعْجِزَةٌ دَالَّةٌ عَلَى نُبُوَّةِ مَنْ ظَهَرَتْ عَلَى يَدِهِ، فَإِنْ أَقَامَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يُعَارِضُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا أَتَى بِهِ وَيَعْمَلَ مِثْلَ مَا عَمِلَ بَطَلَ كَوْنِهِ نَبِيًّا، وَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُعْجِزًا وَلَمْ يَدُلْ عَلَى صِدْقِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ:" فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ" وَقَالَ:" أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ". كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مِنْ نَظْمِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَعَمَلِهِ فَاعْمَلُوا عَشْرَ سُورٍ مِنْ جِنْسِ نَظْمِهِ، فَإِذَا عَجَزْتُمْ بِأَسْرِكُمْ عَنْ ذَلِكَ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَظْمِهِ وَلَا مِنْ عَمَلِهِ. لَا يقال، إن المعجزات الْمُقَيَّدَةَ بِالشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ لَا تَظْهَرُ إِلَّا عَلَى أيدي الصادقين، وهذا المسيخ الدَّجَّالُ فِيمَا رَوَيْتُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَظْهَرُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْآيَاتِ الْعِظَامِ، وَالْأُمُورِ الْجِسَامِ، مَا هُوَ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ، فَإِنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ يَدَّعِي الرِّسَالَةَ، وَهَذَا يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ وَبَيْنَهُمَا مِنَ الْفُرْقَانِ مَا بَيْنَ الْبُصَرَاءِ وَالْعُمْيَانِ، وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ عَلَى أَنَّ بِعْثَةَ بَعْضِ

الْخَلْقِ

ص: 71