الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً) هَذَا مُتَّصِلٌ بِذِكْرِ الْمُشْرِكِينَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا عَلَى مُشْرِكِي قُرَيْشٍ وَقَالَ:" اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرٍ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ". فَابْتُلُوا بِالْقَحْطِ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ، وَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فَفُرِّقَ فِيهِمْ. (كانَتْ آمِنَةً) لا يهاج أهلها. (يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ) مِنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، نَظِيرُهُ" يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ «1» " الْآيَةَ. (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ) الْأَنْعُمُ: جَمْعُ النِّعْمَةِ، كَالْأَشُدِّ جَمْعُ الشِّدَّةِ. وَقِيلَ: جَمْعُ نُعْمَى، مِثْلَ بُؤْسَى وَأَبْؤُسٍ. وَهَذَا الْكُفْرَانُ تَكْذِيبٌ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. (فَأَذاقَهَا اللَّهُ) أَيْ أَذَاقَ أَهْلَهَا. (لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) سَمَّاهُ لِبَاسًا لِأَنَّهُ يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْهُزَالِ وَشُحُوبَةِ اللَّوْنِ وَسُوءِ الْحَالِ مَا هُوَ كَاللِّبَاسِ. (بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) أي من الكفر والمعاصي. وقرا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو فِيمَا رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الْوَارِثِ وَعُبَيْدٌ وَعَبَّاسٌ" وَالْخَوْفُ" نَصْبًا بِإِيقَاعِ أَذَاقَهَا عَلَيْهِ، عَطْفًا عَلَى." لِباسَ الْجُوعِ"[أي أذاقها الله لِبَاسَ الْجُوعِ «2»] " وَأَذَاقَهَا الْخَوْفَ. وَهُوَ بَعْثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَرَايَاهُ الَّتِي كَانَتْ تَطِيفُ بِهِمْ. وَأَصْلُ الذَّوْقِ بِالْفَمِ ثُمَّ يُسْتَعَارُ فَيُوضَعُ مَوْضِعَ الِابْتِلَاءِ. وَضَرَبَ مَكَّةَ مَثَلًا لِغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، أَيْ أَنَّهَا مَعَ جِوَارِ بَيْتِ اللَّهِ وَعِمَارَةِ مَسْجِدِهِ لَمَّا كَفَرَ أَهْلُهَا أَصَابَهُمُ الْقَحْطُ فَكَيْفَ بِغَيْرِهَا مِنَ الْقُرَى. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا الْمَدِينَةُ، آمَنَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ كَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ لِقَتْلِ عثمان ابن عَفَّانَ، وَمَا حَدَثَ بِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْفِتَنِ. وَهَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قيل: إِنَّهُ مَثَلٌ مَضْرُوبٌ بِأَيِّ قَرْيَةٍ كَانَتْ عَلَى هذه الصفة من سائر القرى.
[سورة النحل (16): آية 113]
وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ (113)
(1). راجع ج 13 ص 299.
(2)
. من ج وى.