الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكِبَرِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ" مِنَ الْقانِطِينَ" بِالْأَلِفِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ" مِنَ الْقَنِطِينَ" بِلَا أَلِفٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو. وَهُوَ مَقْصُورٌ مِنَ" الْقانِطِينَ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ لُغَةِ مَنْ قَالَ: قَنِطَ يَقْنَطُ، مِثْلَ حَذِرَ يَحْذَرُ. وَفَتْحُ النُّونِ وَكَسْرُهَا مِنْ" يَقْنَطُ" لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا. وَحُكِيَ فِيهِ" يَقْنُطُ" بِالضَّمِّ. وَلَمْ يَأْتِ فِيهِ" قَنَطَ يَقْنَطُ"[وَ] مَنْ فَتَحَ النُّونَ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، فَأَخَذَ فِي الْمَاضِي بِلُغَةِ مَنْ قَالَ: قَنَطَ يَقْنِطُ، وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ بِلُغَةِ مَنْ قَالَ: قَنِطَ يقنط، ذكره المهدوي.
[سورة الحجر (15): آية 56]
قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَاّ الضَّالُّونَ (56)
أَيِ الْمُكَذِّبُونَ الذَّاهِبُونَ عَنْ طَرِيقِ الصَّوَابِ. يَعْنِي أَنَّهُ اسْتَبْعَدَ الْوَلَدَ لِكِبَرِ سِنِّهِ لَا أنه قنط من رحمة الله تعالى.
[سورة الحجر (15): الآيات 57 الى 60]
قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَاّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَاّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (60)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ- إِذْ أَخْبَرُوهُ بِأَمْرٍ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ وَهُوَ بُشْرَاهُمْ بِالْوَلَدِ- قَالَ: فَمَا خَطْبُكُمْ؟ وَالْخَطْبُ الْأَمْرُ الْخَطِيرُ. أَيْ فَمَا أَمْرُكُمْ وَشَأْنُكُمْ وَمَا الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ. (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) أَيْ مُشْرِكِينَ ضَالِّينَ. وَفِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ، أَيْ أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُهْلِكَهُمْ. (إِلَّا آلَ لُوطٍ) أَتْبَاعَهُ واهل دينه. (إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ) وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ" لَمُنْجُوهُمْ" بِالتَّخْفِيفِ مِنْ أَنْجَى. الْبَاقُونَ: بِالتَّشْدِيدِ مِنْ نَجَّى، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَالتَّنْجِيَةُ وَالْإِنْجَاءُ التَّخْلِيصُ. (إِلَّا امْرَأَتَهُ) اسْتَثْنَى مِنْ آلِ لُوطٍ امْرَأَتَهُ وَكَانَتْ كَافِرَةً فَالْتَحَقَتْ بِالْمُجْرِمِينَ فِي الْهَلَاكِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّةُ قوم لوط
فِي" الْأَعْرَافِ «1» " وَسُورَةِ" هُودٍ «2» " بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ. (قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) أَيْ قَضَيْنَا وَكَتَبْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْبَاقِينَ فِي الْعَذَابِ. وَالْغَابِرُ: الْبَاقِي. قَالَ «3» :
لَا تَكْسَعُ الشَّوْلَ بِأَغْبَارِهَا
…
إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَنِ النَّاتِجِ
الْأَغْبَارُ بَقَايَا اللَّبَنِ. وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلُ" قَدَرْنَا" بِالتَّخْفِيفِ هُنَا وَفِي النَّمْلِ «4» ، وَشَدَّدَ الْبَاقُونَ. الْهَرَوِيُّ: يُقَالُ قَدَّرَ وَقَدَرَ، بِمَعْنًى. الثَّانِيَةُ- لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللِّسَانِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ وَمِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، فَإِذَا قَالَ رَجُلٌ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا أَرْبَعَةً إِلَّا دِرْهَمًا، ثَبَتَ الْإِقْرَارُ بِسَبْعَةٍ، لِأَنَّ الدِّرْهَمَ مُسْتَثْنًى مِنَ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ مُثْبَتٌ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَنْفِيٍّ، وَكَانَتِ الْأَرْبَعَةُ مَنْفِيَّةً لِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مُوجَبٍ وَهُوَ الْعَشَرَةُ، فَعَادَ الدِّرْهَمُ إِلَى السِّتَّةِ فَصَارَتْ سَبْعَةً. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا دِرْهَمًا إِلَّا ثُلُثَيْهِ، كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ. وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً إِلَّا ثَمَانِيَةً إِلَّا سَبْعَةً، كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي رَاجِعًا إِلَى مَا قَبْلَهُ، وَالثَّالِثُ إِلَى الثَّانِي فَيَكُونُ عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ، لِأَنَّ الْعَشَرَةَ إِثْبَاتٌ وَالثَّمَانِيَةُ إِثْبَاتٌ فَيَكُونُ مَجْمُوعُهَا ثَمَانِيَةُ عَشَرَ. وَالتِّسْعَةُ نَفْيٌ وَالسَّبْعَةُ نَفْيٌ فَيَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ تَسْقُطُ مِنْ ثَمَانِيَةِ عَشَرَ وَيَبْقَى دِرْهَمَانِ، وَهُوَ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ بِالْإِقْرَارِ لَا غَيْرَ. فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:" إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ. إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ" فَاسْتَثْنَى آلَ لُوطٍ مِنَ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، ثُمَّ قَالَ:" إِلَّا امْرَأَتَهُ" فَاسْتَثْنَاهَا مِنْ آلِ لُوطٍ، فَرَجَعَتْ فِي التَّأْوِيلِ إِلَى الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ كَمَا بَيَّنَّا. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الطَّلَاقِ، لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً طَلُقَتِ اثْنَتَيْنِ، لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ رَجَعَتْ إِلَى الْبَاقِي مِنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهِيَ الثَّلَاثُ. وَكَذَا كُلُّ ما جاء من هذا فتفهمه.
(1). راجع ج 7 ص 243.
(2)
. راجع ج 9 ص 62.
(3)
. القائل هو الحارث بن حلزة. والمسع: ضرب ضرع الناقة بالماء البارد ليجف لبنها ويتراد في ظهرها فيكون أقوى لها على الجدب في العام القابل. والشول: جمع شائلة وهى من الإبل التي أتى عليها من حملها أو وضغها شبعة أشهر فخف لبنها. والأغبار: جمع الغبر، وهى بقية اللبن في الضرع.
(4)
. راجع ج 13 ص 219.