الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّصَاصِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو. الْمُهْلُ دُرْدِيُّ الزَّيْتِ. وَالْمُهْلُ أَيْضًا الْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ: ادْفِنُونِي فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ فَإِنَّهُمَا لِلْمُهْلِ والتراب. (مُرْتَفَقاً) قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ مُجْتَمِعًا، كَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى مَعْنَى الْمُرَافَقَةِ. ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْزِلًا. عَطَاءٌ: مَقَرًّا. وَقِيلَ مِهَادًا. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: مَجْلِسًا، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْمُتَّكَأِ، يُقَالُ مِنْهُ: ارْتَفَقْتُ أَيِ اتَّكَأْتُ عَلَى الْمَرْفِقِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
قَالَتْ لَهُ وَارْتَفَقَتْ أَلَا فَتًى
…
يَسُوقُ بِالْقَوْمِ غَزَالَاتِ الضحا «1»
وَيُقَالُ: ارْتَفَقَ الرَّجُلُ إِذَا نَامَ عَلَى مَرْفِقِهِ لَا يَأْتِيهِ نَوْمٌ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
نَامَ الْخَلِيُّ وَبِتُّ اللَّيْلَ مُرْتَفِقَا «2»
…
كَأَنَّ عَيْنِيَ فِيهَا الصَّابُ مَدْبُوحٌ
الصَّابُ: عُصَارَةُ شَجَرٍ مُرٍّ.
[سورة الكهف (18): الآيات 30 الى 31]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)
لَمَّا ذَكَرَ مَا أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ مِنَ الْهَوَانِ ذَكَرَ أَيْضًا مَا لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الثَّوَابِ. وَفِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ، أي نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ مِنْهُمْ عَمَلًا، فَأَمَّا مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَعَمَلُهُ محبط." عَمَلًا" نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَإِنْ شِئْتَ بِإِيقَاعِ" أَحْسَنَ" عليه. وقيل:
(1). غزالة الضحى وغزالاته: بعد ما تنبسط الشمس وتضحى. وقيل: هو أول الضحا إلى مد النهار الأكبر حتى يمضى من النهار نحو من خمسه.
(2)
. رواية الديوان:" مشتجرا" والمشتجر: الذي قد شجر نفسه ووضع يده تحت شجرة على حنكه أو على فمه. والشجر: ما بين اللحيين. ومذبوح،. شقوق.
إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا" كَلَامٌ مُعْتَرِضٌ، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ) و" جَنَّاتُ عَدْنٍ" سُرَّةُ الْجَنَّةِ، أَيْ وَسَطُهَا وَسَائِرُ الْجَنَّاتِ مُحْدِقَةٌ بِهَا وَذُكِرَتْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِسَعَتِهَا، لِأَنَّ كُلَّ بُقْعَةٍ مِنْهَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ جَنَّةً وَقِيلَ: الْعَدْنُ الْإِقَامَةُ، يُقَالُ: عَدَنَ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ بِهِ وَعَدَنْتُ الْبَلَدَ تَوَطَّنْتُهُ وَعَدَنَتِ الْإِبِلُ بِمَكَانِ كَذَا لَزِمَتْهُ فَلَمْ تَبْرَحْ مِنْهُ، وَمِنْهُ" جَنَّاتُ عَدْنٍ" أَيْ جَنَّاتُ إِقَامَةٍ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمَعْدِنُ (بِكَسْرِ الدَّالِّ)، لِأَنَّ النَّاسَ يُقِيمُونَ فيه بالصيف والشتاء ومركز كل شي معدنه والعادن: الناقة المقيمة في المراعى. وَعَدَنُ بَلَدٌ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) تقدم في غير موضع «1». (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) وَهُوَ جَمْعُ سِوَارٍ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةُ أَسْوِرَةٍ: وَاحِدٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَوَاحِدٌ مِنْ وَرِقٍ، وَوَاحِدٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ. قُلْتُ: هَذَا مَنْصُوصٌ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ هُنَا" مِنْ ذَهَبٍ" وَقَالَ فِي الْحَجِّ «2» وَفَاطِرَ «3» " مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً" وَفِي الْإِنْسَانِ «4» " مِنْ فِضَّةٍ". وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ" خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ:" يُحَلَّوْنَ" بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ خَفِيفَةً، يُقَالُ: حَلِيَتِ الْمَرْأَةُ تَحْلَى فَهِيَ حَالِيَةٌ إِذَا لَبِسَتِ الْحُلِيَّ. وَحَلِيَ الشَّيْءُ بِعَيْنَيَّ يَحْلَى، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. وَالسِّوَارُ سِوَارُ الْمَرْأَةِ، وَالْجَمْعُ أَسْوِرَةٌ، وَجَمْعُ الجمع أساورة. وقرى" فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ «5» ": وَقَدْ يَكُونُ الْجَمْعُ أَسَاوِرُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى" يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ" قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عُزَيْزٍ: أَسَاوِرُ جَمْعُ أَسْوِرَةٍ، وَأَسْوِرَةٌ جَمْعُ سِوَارٍ وَسُوَارٍ، وَهُوَ الَّذِي يُلْبَسُ فِي الذِّرَاعِ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ فَهُوَ قُلْبٌ وَجَمْعُهُ قَلِبَةٌ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْنٍ أَوْ عَاجٍ فَهِيَ مَسْكَةٌ وَجَمْعُهُ مَسَكٌ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَحَكَى قُطْرُبٌ فِي وَاحِدِ الْأَسَاوِرِ إِسْوَارٌ، وَقُطْرُبٌ صَاحِبُ شُذُوذٍ، قَدْ تَرَكَهُ يَعْقُوبُ وغيره فلم يذكره.
(1). راجع ج 1 ص 239.
(2)
. راجع ج 12 ص 28.
(3)
. راجع ج 14 ص
…
(4)
. راجع ج 19 ص 141. [ ..... ]
(5)
. راجع ج 16 ص 100.
قُلْتُ: قَدْ جَاءَ فِي الصِّحَاحِ وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: وَاحِدُهَا إِسْوَارٌ. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لما كانت الملفى الدُّنْيَا الْأَسَاوِرَ. وَالتِّيجَانَ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) السندس: الرفيق «1» النَّحِيفُ، وَاحِدُهُ سُنْدُسَةٌ، قَالَ الْكِسَائِيُّ. وَالْإِسْتَبْرَقُ: مَا ثَخُنَ مِنْهُ- عَنْ عِكْرِمَةَ- وَهُوَ الْحَرِيرُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَاهُنَّ يَلْبَسْنَ الْمَشَاعِرَ مَرَّةً
…
وَإِسْتَبْرَقُ الدِّيبَاجِ طَوْرًا لِبَاسُهَا
فَالْإِسْتَبْرَقُ الدِّيبَاجُ. ابْنُ بَحْرٍ: الْمَنْسُوجُ بِالذَّهَبِ. الْقُتَبِيُّ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وَتَصْغِيرُهُ أُبَيْرَقٌ. وَقِيلَ: هُوَ اسْتَفْعَلَ مِنَ الْبَرِيقِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وِفَاقٌ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، إِذْ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَخُصَّ الْأَخْضَرُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلْبَصَرِ، لِأَنَّ الْبَيَاضَ يُبَدِّدُ النَّظَرَ وَيُؤْلِمُ، وَالسَّوَادَ يُذَمُّ، وَالْخُضْرَةُ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ، وَذَلِكَ يَجْمَعُ الشُّعَاعَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فال: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ، أَخَلْقٌ يُخْلَقُ أَمْ نَسْجٌ يُنْسَجُ؟ فَضَحِكَ بَعْضُ الْقَوْمِ. فَقَالَ لَهُمْ:" مِمَّ تَضْحَكُونَ مِنْ جَاهِلٍ يَسْأَلُ عَالِمًا"؟ فَجَلَسَ يَسِيرًا أَوْ قَلِيلًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ"؟ فَقَالَ: هَا هُوَ ذَا يَا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ" لَا بَلْ تَشَّقَّقُ عَنْهَا ثَمَرُ الْجَنَّةِ" قَالَهَا ثَلَاثًا. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: دَارُ الْمُؤْمِنِ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ فِي وَسَطِهَا شَجَرَةٌ تُنْبِتُ الْحُلَلَ وَيَأْخُذُ بِأُصْبُعِهِ أَوْ قَالَ بِأُصْبُعَيْهِ سَبْعِينَ حُلَّةً مُنَظَّمَةً بِالدُّرِّ وَالْمَرْجَانِ. ذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ فِي رَقَائِقِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ. وَذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحُلَّةُ لَهَا وَجْهَانِ لِكُلِّ وَجْهٍ لَوْنٌ، يَتَكَلَّمَانِ بِهِ بِصَوْتٍ يَسْتَحْسِنُهُ سَامِعُهُ، يَقُولُ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِلْآخَرِ: أَنَا أَكْرَمُ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ مِنْكَ، أَنَا أَلِي جَسَدَهُ وَأَنْتَ لَا تَلِي. وَيَقُولُ الْآخَرُ: أَنَا أَكْرَمُ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ مِنْكَ، أَنَا أُبْصِرُ وَجْهَهُ وَأَنْتَ لا تبصر.
(1). الرقيق أي من الديباج.