الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ تَعَالَى: (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ) الْإِزْجَاءُ: السَّوْقُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً «1» ". وَقَالَ الشَّاعِرُ: «2»
يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُزْجِي مَطِيَّتَهُ
…
سَائِلٌ بَنِي أَسَدٍ مَا هَذِهِ الصَّوْتُ
وَإِزْجَاءُ الْفُلْكِ: سَوْقُهُ بِالرِّيحِ اللَّيِّنَةِ. وَالْفُلْكُ هُنَا جَمْعٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ «3» . وَالْبَحْرُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ عَذْبًا كَانَ أَوْ ملحا، وقد غلب هذا الاسم على المشهور «4» وَهَذِهِ الْآيَةُ تَوْقِيفٌ عَلَى آلَاءِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ عِنْدَ عِبَادِهِ، أَيْ رَبُّكُمُ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِكَذَا وَكَذَا فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أَيْ فِي التِّجَارَاتِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ «5» . (إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً).
[سورة الإسراء (17): آية 67]
وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَاّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (67)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ)" الضُّرُّ" لَفْظٌ يَعُمُّ خَوْفَ الْغَرَقِ وَالْإِمْسَاكَ عَنِ الْجَرْيِ. وَأَهْوَالُ حَالَاتِهِ اضْطِرَابُهُ وَتَمَوُّجُهُ. (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ)" ضَلَّ" مَعْنَاهُ تَلِفَ وَفُقِدَ، وَهِيَ عِبَارَةُ تَحْقِيرٍ لِمَنْ يَدَّعِي إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ الْكُفَّارَ إِنَّمَا يَعْتَقِدُونَ فِي أَصْنَامِهِمْ أَنَّهَا شَافِعَةٌ، وَأَنَّ لَهَا فَضْلًا. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْفِطْرَةِ يَعْلَمُ عِلْمًا لَا يَقْدِرُ عَلَى مُدَافَعَتِهِ أَنَّ الْأَصْنَامَ لَا فِعْلَ لَهَا فِي الشَّدَائِدِ الْعِظَامِ، فَوَقَفَهُمُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَالَةِ الْبَحْرِ حَيْثُ تَنْقَطِعُ الْحِيَلُ. (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) أَيْ عَنِ الْإِخْلَاصِ. (وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) الْإِنْسَانُ هُنَا الْكَافِرُ. وَقِيلَ: وَطُبِعَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا لِلنِّعَمِ إِلَّا مَنْ عصمه الله، فالإنسان لفظ الجنس.
[سورة الإسراء (17): آية 68]
أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68)
(1). راجع ج 12 ص 287 فما بعد.
(2)
. هو رويشد بن كثير الطائي، كما في اللسان.
(3)
. راجع ج 2 ص 195، وص 413.
(4)
. كذا في الأصول. أي البجحر الملح. [ ..... ]
(5)
. راجع ج 2 ص 195، وص 413.