الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّجَّاجُ: غُمَّةٌ ذَا غَمٍّ، وَالْغَمُّ وَالْغُمَّةُ كَالْكَرْبِ وَالْكُرْبَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْغُمَّةَ ضِيقُ الْأَمْرِ الَّذِي يُوجِبُ الْغَمَّ فَلَا يَتَبَيَّنُ صَاحِبُهُ لِأَمْرِهِ مَصْدَرًا لِيَنْفَرِجَ عَنْهُ مَا يَغُمُّهُ. وَفِي الصِّحَاحِ: وَالْغُمَّةُ الْكُرْبَةُ. قَالَ الْعَجَّاجُ:
بَلْ لَوْ شَهِدْتَ النَّاسَ إِذْ تُكُمُّوا «1»
…
بِغُمَّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
يُقَالُ: أَمْرٌ غُمَّةٌ، أَيْ مُبْهَمٌ مُلْتَبَسٌ، قَالَ تَعَالَى:" ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً". قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَجَازُهَا ظُلْمَةٌ وَضِيقٌ. وَالْغُمَّةُ أَيْضًا: قَعْرُ النِّحْيِ «2» وَغَيْرُهُ. قَالَ غَيْرُهُ: وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْغَمَامَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) أَلِفُ" اقْضُوا" أَلِفُ وَصْلٍ، مِنْ قَضَى يَقْضِي. قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ: وهو مثل:" وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ"«3» [الحجر: 66] أَيْ أَنْهَيْنَاهُ إِلَيْهِ وَأَبْلَغْنَاهُ إِيَّاهُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ" ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ" قَالَ: امْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُؤَخِّرُونَ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُ: قَضَى الْمَيِّتُ أَيْ مَضَى. وَأَعْلَمَهُمْ بِهَذَا أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّاتِ. وَحَكَى الفراء عن بعض القراء" ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ" بِالْفَاءِ وَقَطْعِ الْأَلِفِ، أَيْ تَوَجَّهُوا، يُقَالُ: أَفْضَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى فُلَانٍ، وَأَفْضَى إِلَيَّ الْوَجَعُ. وَهَذَا إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ نُوحٍ عليه السلام أَنَّهُ كَانَ بِنَصْرِ اللَّهِ وَاثِقًا، وَمِنْ كَيْدِهِمْ غَيْرَ خَائِفٍ، عِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّهُمْ وَآلِهَتَهُمْ لَا يَنْفَعُونَ وَلَا يَضُرُّونَ. وَهُوَ تَعْزِيَةٌ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقْوِيَةٌ لقلبه.
[سورة يونس (10): آية 72]
فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)
(1). تكموا: غطوا بالغم.
(2)
. النحي (بالكسر): زق للسمن.
(3)
. راجع ج 10 ص 38.