الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَخْبَارِ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُهَاجِرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(أمكث بمكة فمقامك بها أنفع لنا).
[سورة الأنفال (8): آية 68]
لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (68)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ" فِي أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ قَوْمًا حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كِتَابِ اللَّهِ السَّابِقِ عَلَى أَقْوَالٍ، أَصَحُّهَا مَا سَبَقَ مِنْ إِحْلَالِ الْغَنَائِمِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ قَبْلَنَا. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، أَسْرَعَ النَّاسُ إِلَى الْغَنَائِمِ فأنزل الله عز وجل" لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ" أَيْ بِتَحْلِيلِ الْغَنَائِمِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا سَلَّامٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ تَعَجَّلَ النَّاسُ إِلَى الْغَنَائِمِ فَأَصَابُوهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ الْغَنِيمَةَ لا تحل لاحد سود الرؤوس غيركم). فكان النبي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ إِذَا غَنِمُوا الْغَنِيمَةَ جَمَعُوهَا وَنَزَلَتْ نَارٌ من السماء فأكلتها «1» ، فأنزل الله تعالى:" لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ" إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ. وأخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وقاله مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ. وَعَنْهُمَا أَيْضًا وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْكِتَابُ السَّابِقُ هُوَ مَغْفِرَةُ اللَّهِ لِأَهْلِ بَدْرٍ، مَا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْكِتَابُ السَّابِقُ هُوَ عَفْوُ اللَّهِ عَنْهُمْ فِي هَذَا الذَّنْبِ، مُعَيَّنًا. وَالْعُمُومُ أَصَحُّ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ فِي أَهْلِ بَدْرٍ:(وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ). خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَقِيلَ: الْكِتَابُ السَّابِقُ هُوَ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ وَمُحَمَّدٌ عليه السلام فِيهِمْ. وَقِيلَ: الْكِتَابُ السَّابِقُ هُوَ أَلَّا يُعَذِّبَ أَحَدًا بِذَنْبٍ أَتَاهُ جَاهِلًا حَتَّى يَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْكِتَابُ السَّابِقُ هُوَ مِمَّا قَضَى اللَّهُ مِنْ مَحْوِ الصَّغَائِرِ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ. وَذَهَبَ الطَّبَرِيُّ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ كُلَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ اللَّفْظِ وَأَنَّهُ يَعُمُّهَا، وَنَكَبَ عَنْ تخصيص معنى دون معنى.
(1). المشهور أن هذا كان في الأمم السالفة فليتأمل.