الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة التوبة (9): آية 68]
وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (68)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ) يُقَالُ: وَعَدَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ وَعْدًا. وَوَعَدَ بِالشَّرِّ وعيدا" خالِدِينَ" نصب على الحال والعامل محذوف، أَيْ يَصْلَوْنَهَا خَالِدِينَ. (هِيَ حَسْبُهُمْ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، أَيْ هِيَ كِفَايَةٌ وَوَفَاءٌ لِجَزَاءِ أَعْمَالِهِمْ. وَاللَّعْنُ: الْبُعْدُ، أَيْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ «1» . (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) أي واصب دائم.
[سورة التوبة (9): آية 69]
كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (69)
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ" قَالَ الزَّجَّاجُ: الْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، أَيْ وَعَدَ اللَّهُ الْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ وَعْدًا كَمَا وَعَدَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى فَعَلْتُمْ كَأَفْعَالِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ فِي الْأَمْرِ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمَعْرُوفِ «2» ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَقِيلَ: أَيْ أَنْتُمْ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، فَالْكَافُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ لِأَنَّهُ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ. وَلَمْ يَنْصَرِفْ" أَشَدَّ" لِأَنَّهُ أَفْعَلُ صِفَةٌ. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَشْدَدُ، أَيْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُمْ ولا أمكنهم رفع عذاب الله عز وجل. الثَّانِيَةُ- رَوَى سَعِيدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (تَأْخُذُونَ كَمَا أَخَذَتِ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وَشِبْرًا بِشِبْرٍ وَبَاعًا بِبَاعٍ حَتَّى لَوْ أن أحدا من أولئك دخل
(1). راجع ج 2 ص 25.
(2)
. في ب وج: فِي تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ.
جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ (. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَإِنْ شِئْتُمْ فَاقْرَءُوا الْقُرْآنَ:" كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالًا وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ" قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَالْخَلَاقُ، الدِّينُ- فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ. قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَمَا صَنَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: (وَمَا النَّاسُ إِلَّا هُمْ). وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ:(فَمَنْ)؟ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالْبَارِحَةِ، هَؤُلَاءِ بَنُو إِسْرَائِيلَ شُبِّهْنَا بِهِمْ. وَنَحْوَهُ عَنِ ابْنِ مسعود. الثالثة- قوله تعالى:" فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ" أَيِ انْتَفَعُوا بِنَصِيبِهِمْ مِنَ الدِّينِ كَمَا فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ." وَخُضْتُمْ" خُرُوجٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ." كَالَّذِي خاضُوا" أَيْ كَخَوْضِهِمْ. فَالْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ وَخُضْتُمْ خَوْضًا كَالَّذِينَ خَاضُوا. وَ" الَّذِي" اسْمٌ نَاقِصٌ مِثْلُ مَنْ، يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ. وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ) «1». وَيُقَالُ: خُضْتُ الْمَاءَ أَخُوضُهُ خَوْضًا وَخِيَاضًا. وَالْمَوْضِعُ مَخَاضَةٌ، وَهُوَ مَا جَازَ النَّاسُ فِيهَا مُشَاةً وَرُكْبَانًا. وَجَمْعُهَا الْمَخَاضُ وَالْمَخَاوِضُ أَيْضًا، عَنْ أَبِي زَيْدٍ. وَأَخَضْتُ دَابَّتِي فِي الْمَاءِ. وَأَخَاضَ الْقَوْمُ، أَيْ خَاضَتْ خَيْلُهُمْ. وَخُضْتُ الْغَمَرَاتِ: اقْتَحَمْتُهَا. وَيُقَالُ: خَاضَهُ بِالسَّيْفِ، أَيْ حَرَّكَ سَيْفَهُ فِي الْمَضْرُوبِ. وَخَوَّضَ فِي نَجِيعِهِ «2» شَدَّدَ لِلْمُبَالَغَةِ. وَالْمِخْوَضُ لِلشَّرَابِ كالمجدح «3» لِلسَّوِيقِ، يُقَالُ مِنْهُ: خُضْتُ الشَّرَابَ. وَخَاضَ الْقَوْمُ فِي الْحَدِيثِ وَتَخَاوَضُوا أَيْ تَفَاوَضُوا فِيهِ، فَالْمَعْنَى: خُضْتُمْ فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا بِاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ. وَقِيلَ: فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ [صلى الله عليه وسلم «4»] بِالتَّكْذِيبِ. (أُولئِكَ حَبِطَتْ) بَطَلَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَ «5» . (أَعْمالُهُمْ) حَسَنَاتُهُمْ. (وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا «6» .
(1). راجع ج 1 ص 212.
(2)
. النجيع: الدم. وقيل دم الجوف خاصة.
(3)
. المجدح: خشبة في رأسها خشبتان معترضتان. [ ..... ]
(4)
. من ج وك هـ.
(5)
. راجع ج 3 ص 46.
(6)
. راجع ج 1 ص 248.