الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ نَاقَةً صَغِيرَةَ الرَّأْسِ:
كَأَنَّ الرَّجُلَ مِنْهَا فَوْقَ صَعْلٍ «1»
…
مِنَ الظَّلْمَانِ جُؤْجُؤُهُ هَوَاءُ
فَارِغٌ أَيْ خَالٍ، وَفِي التَّنْزِيلِ:" وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً"«2» [القصص: 10] أي من كل شي إِلَّا مِنْ هَمِّ مُوسَى. وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ إضمار، أي ذات هواء وخلاء.
[سورة إبراهيم (14): آية 44]
وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (44)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْذِرِ النَّاسَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ أَهْلَ مَكَّةَ. (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَيْ خَوِّفْهُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ. وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِيَوْمِ الْعَذَابِ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ الثَّوَابِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّهْدِيدِ لِلْعَاصِي. (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أَيْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (رَبَّنا أَخِّرْنا) أَيْ أَمْهِلْنَا. (إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) سَأَلُوهُ الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا حِينَ ظَهَرَ الْحَقُّ فِي الْآخِرَةِ. (نُجِبْ دَعْوَتَكَ) أي إلى الإسلام. (وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ). فَيُجَابُوا:(أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ) يَعْنِي في دار الدنيا. قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ قَسَمُ قُرَيْشٍ أَنَّهُمْ لَا يُبْعَثُونَ. ابْنُ جُرَيْجٍ: هُوَ مَا حَكَاهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ:" وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ"«3» [النحل: 38]." مَا لَكُمْ مِنْ زَوالٍ" فِيهِ تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا- مَا لَكُمْ مِنَ انْتِقَالٍ عَنِ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ، أَيْ لَا تُبْعَثُونَ وَلَا تُحْشَرُونَ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ. الثَّانِي-" مَا لَكُمْ مِنْ زَوالٍ" أَيْ مِنَ الْعَذَابِ. وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ قَالَ: لِأَهْلِ النَّارِ خَمْسُ دَعَوَاتٍ يُجِيبُهُمُ اللَّهُ فِي أَرْبَعَةٍ، فَإِذَا كَانَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بَعْدَهَا أَبَدًا، يَقُولُونَ:" رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ"«4» [غافر: 11] فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ" ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ"[غافر: 12].
(1)." فوق صعل" شبه الناقة في سرعتها بالظليم وهو ذكر النعام، فكأن رحلها فوقه. والصعل: الصغير الرأس، وبذلك يوصف الظليم والجؤجؤ الصدر.
(2)
. راجع ج 13 ص 254.
(3)
. راجع ج 10 ص 105.
(4)
. راجع ج 15 ص 296.