المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الإيضاح (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ - تفسير المراغي - جـ ٢٦

[المراغي، أحمد بن مصطفى]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الأحقاف

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 1 الى 6]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 7 الى 9]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 10 الى 14]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 15 الى 16]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 17 الى 20]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 21 الى 28]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 29 الى 32]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 33 الى 35]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌خلاصة ما اشتملت عليه هذه السورة الكريمة

- ‌سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 1 الى 3]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 4 الى 9]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 10 الى 14]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة محمد (47) : آية 15]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 16 الى 19]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 20 الى 23]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 24 الى 31]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 32 الى 35]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 36 الى 38]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌اشتملت هذه السورة الكريمة على ثلاثة مقاصد

- ‌سورة الفتح

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 1 الى 3]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 4 الى 7]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌خلاصة ما سلف

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 8 الى 10]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌بيعة الرضوان- بيعة الشجرة

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 11 الى 14]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفتح (48) : آية 15]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 16 الى 17]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 18 الى 19]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 20 الى 24]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 25 الى 26]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 27 الى 28]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الفتح (48) : آية 29]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌خلاصة مقاصد هذه السورة

- ‌سورة الحجرات

- ‌[سورة الحجرات (49) : الآيات 1 الى 3]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الحجرات (49) : الآيات 4 الى 5]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الحجرات (49) : الآيات 6 الى 8]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الحجرات (49) : الآيات 9 الى 10]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الحجرات (49) : آية 11]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الحجرات (49) : آية 12]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الحجرات (49) : آية 13]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الحجرات (49) : الآيات 14 الى 18]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌خلاصة ما تضمنته السورة الكريمة

- ‌سورة ق

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 1 الى 5]

- ‌تفسير المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 6 الى 11]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 12 الى 15]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 16 الى 22]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 23 الى 30]

- ‌تفسير المفردات

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 31 الى 35]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 36 الى 45]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌موجز لما تضمنته السورة الكريمة من الموضوعات

- ‌سورة الذاريات

- ‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 1 الى 14]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 15 الى 23]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 24 الى 30]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الفصل: ‌ ‌الإيضاح (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ

‌الإيضاح

(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) أي واذكر أيها الرسول لقومك المكذبين ما جئتهم به من الحق- هودا أخا عاد، فقد كذبه قومه بالأحقاف حين أنذرهم بأس الله وشديد عذابه، وقد مضت رسل من قبله ومن بعده منذرة أممها ألا تشركوا مع الله شيئا فى عبادتكم إياه، بل أخلصوا له العبادة، وأفردوا له الألوهة، وقد كانوا أهل أوثان يعبدونها من دون الله، فقال لهم ناصحا: إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم الهول «يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» .

وحين نصحهم بذلك أجابوه:

(قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا؟ فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أي قال قومه له: أجئتنا لتصرفنا عن عبادة آلهتنا إلى عبادة ما تدعونا إليه، وإلى اتباعك فيما تقول؟ هلمّ فهات ما تعدنا به من العذاب على عبادة ما نعبد من الآلهة إن كنت صادقا فى قولك وعدتك.

والخلاصة- أتزيلنا بضروب من الكذب عن آلهتنا وعبادتها؟ فأتنا بما تعدنا من معالجة العذاب على الشرك إن كنت صادقا فى وعيدك، وقد استعجلوا عذاب الله وعقوبته استبعادا منهم لوقوعه كما قال تعالى. «يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها» .

فردّ هود عليهم مقالهم:

(قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ) أي قال: إنما العلم بوقت نزوله عند الله وحده لا عندى، فلا أستطيع تعجيله ولا أقدر عليه، ثم بين وظيفته فقال:

ص: 29

(وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) إليكم من ربكم من الإنذار والإعذار، لا أن آتى بالعذاب، فليس ذلك من مقدورى، بل هو من مقدورات ربى.

ثم بين لهم أنهم جاهلون بوظيفة الرسل فقال:

(وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) أي وإنى لأعتقد فيكم الجهل، ومن ثم بقيتم مصرّين على كفركم، ولم تهتدوا بما جئتكم به، بل اقترحتم علىّ ما ليس من شأن الرسل، وهو الإتيان بالعذاب.

ثم ذكر مجىء العذاب إليهم وانتقامه منهم واستئصال شأفتهم فقال:

(فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) أي فلما جاءهم عذاب الله الذي استعجلوه، فرأوا سحابا يعرض فى أفق السماء متجها إلى أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا، ظنا منهم أن غيثا قد أتاهم وفيه حياتهم.

روى أنه قد حبس عنهم المطر أياما، فساق الله إليهم سحابة سوداء، فخرجت عليهم من واد لهم يقال له المعتّب، فلما رأوها تستقبل أوديتهم استبشروا بها خيرا.

ولما سمع هود مقالهم وشام العارض مليا قال:

(بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) من العذاب إذ قلتم «فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» .

ثم فسر هذا العارض وبين حقيقته فقال:

(رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) أي بل هو ريح فيها عذاب يهلككم ويجعلكم كأمس الدابر.

ثم وصف هذه الريح فقال:

(تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) أي تهلك كل شىء مرت به من نفوس عاد وأموالها بإذن ربها.

ونحو الآية قوله تعالى: «ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ» أي كالشىء البالي الخلق.

ص: 30

ثم ذكر مآل أمرهم بعدها فقال:

(فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) أي فجاءتهم الريح فدمرتهم، فصاروا بعد الهلاك لا يرى إلا آثار مساكنهم، إذ قد اجتاحت الأموال، وأذهبت الأنفس، وجعلتها أثرا بعد عين.

روى عن ابن عباس: أن أول ما عرفوا أنه عذاب أليم أنهم رأوا ما كان فى الصحراء من رحالهم ومواشيهم تطير به الريح بين السماء والأرض فدخلوا بيوتهم وغلّقوا أبوابهم، فقلعتها الريح وصرعتهم: وأحال الله عليهم الرمال فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام، ثم كشفت الريح عنهم الرمال فاحتملتهم فطرحتهم فى البحر.

أخرج مسلم والترمذي والنسائي عن عائشة رضى الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إنى أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به، فإذا أخيلت السماء تغير لونه صلى الله عليه وسلم وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سرّى عنه، فسألته فقال عليه السلام لا أدرى لعلّه كما قال قوم عاد (هذا عارض ممطرنا) » .

وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت: «ما رأيت رسول الله مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته «1» وإنما كان يبتسم، وكان إذا رأى غيما وريحا عرف ذلك فى وجهه، قلت يا رسول الله: الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف فى وجهك الكراهية، قال: يا عائشة وما يؤمّننى أن يكون فيه عذاب، عذّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا» .

وفى صحيح مسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدّبور. «2» »

(1) واحدها لهاة: وهى اللحمة المشرفة على الحلق فى أقصى سقف الفم.

(2)

الصبا: ريح الشمال، والدبور: ريح الجنوب. [.....]

ص: 31

قال شاعرهم يحكى هذا القصص فيما رواه ابن الكلبي:

فدعا هود عليهم

دعوة أضحوا همودا

عصفت ريح عليهم

تركت عادا خمودا

سخّرت سبع ليال

لم تدع فى الأرض عودا

(كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) أي كما جازينا عادا بكفرهم بالله ذلك العقاب فى الدنيا، فأهلكناهم بعذابنا، كذلك نجزى كل مجرم كافر بالله متماد فى غيّه.

ولا يخفى ما فى هذا من التهديد والوعيد الشديد.

ثم أخبر سبحانه عن قوة عاد بقوله:

(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) أي ولقد مكنا عادا الذين أهلكناهم بكفرهم فيما لم نمكنكم فيه من الدنيا، وأعطيناهم منها ما لم نعطكم مثله ولا قريبا منه، من الأموال الكثيرة، وبسطة الأجسام، وقوة الأبدان- وهم على ذلك ما نجوا من عقاب الله، فتدبروا أمركم، وفكروا فيما تعملون قبل أن يحل بكم العذاب، ولا تجدون منه مهربا.

ونحو الآية قوله «كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ» .

(وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) أي إنا فتحنا عليهم أبواب نعمنا، فأعطيناهم سمعا فما استعملوه فى سماع الأدلة والحجج ليعتبروا ويتذكروا، وأعطيناهم أبصارا ليروا ما نصبناه من الشواهد الدالة على وجودنا فما انتفعوا بها، وأعطيناهم قلوبا تفقه حكمة الله فى خلق الأكوان فما استفادوا منها ما يفيدهم فى آخرتهم ويقرّبهم من جوار ربهم، بل صرفوها فى طلب الدنيا ولذاتها، لا جرم لم ينفعهم ما أعطيناهم من السمع والأبصار والأفئدة، إذ لم يستعملوها فيما خلقت له من شكر من أنعم بها ودوام عبادته.

ص: 32

ثم بين العلة فى عدم إغناء ذلك عنهم فقال:

(إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ) أي لأنهم كانوا يكذبون رسل الله، وينكرون معجزاتهم.

(وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي ونزل بهم ما سخروا به فاستعجلوه من العذاب.

وفى هذا تخويف لأهل مكة حتى يحذروا من عذاب الله، ويخافوا عقابه، فإنّ عادا لما اغتروا بدنياهم، وأعرضوا عن قول الحق- نزل بهم العذاب، ولم تغن عنهم قوتهم ولا كثرتهم شيئا- فأهل مكة مع عجزهم وضعفهم أولى.

ولما أخبر بهلاكهم على ما لهم من المكنة العظيمة، ليتعظ بهم من سمع أمرهم، أتبعه بذكر من كان مشاركا لهم فى التكذيب، فأدركه سوء العذاب كما أدركهم فقال:

(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) أي ولقد أهلكنا يا أهل مكة ما حول قريتكم من القرى المكذبة للرسل كعاد، وقد كانوا بالأحقاف بحضرموت، وثمود وكانت منازلهم بينهم وبين الشام، وسبإ باليمن، ومدين، وكانت فى طريقهم فى رحلاتهم صيفا وشتاء، بعد أن أنذرناهم بالمثلات، فلم يغن ذلك عنهم شيئا فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر.

(وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي وبيّنا لهم دلائل قدرتنا، وبديع حججنا ليرجعوا عن غيّهم الذي استمسكوا به لمحض التقليد، أو لشبهة عرضت لهم، فحلّ بهم سوء العذاب ولم يجدوا لهم نصيرا ولا دافعا لعذاب الله، وهذا ما عناه سبحانه بقوله:

(فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) أي فهلا نصرهم أوثانهم وآلهتهم التي اتخذوا عبادتهم قربانا يتقربون به إلى ربهم فيما زعموا، حين جاءهم بأسه فأنقذوهم من عذابه إن كانوا يشفعون عنده، لكنهم غابوا عنهم ولم يفيدوهم شيئا.

(3- مراغى- السادس والعشرون)

ص: 33