الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
277 - (بخ م 4) إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله
.
قال ابن سعد: كان شريفا صارما، وكانت له عارضة ونفس شريفة، وإقدام بكلام الحق عند الخلفاء والأمراء وكان قليل الحديث.
وفي " كتاب البلاذري ": وهو أبو عمران ويعقوب.
وفي كتاب " أنساب قريش " للزبير: أخبرني عمي مصعب: أن هشاما قدم حاجا، وقد كان إبراهيم تظلم إلى عبد الملك في دار آل علقمة التي بين الصفا والمروة، وكان لآل طلحة شيء منها فأخذه نافع بن علقمة فلم ينصفهم عبد الملك بن نافع، فقال هشام لإبراهيم بن طلحة: ألم تكن ذكرت ذلك لعبد الملك. قال: بلى، وترك الحق وهو يعرفه، قال: فما صنع الوليد؟ قال: اتبع أثر أبيه، وقال بما قال القوم الظالمون:" إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ". قال: فما فعل فيها سليمان؟ قال: لا قفي ولا سيري. قال: فما فعل فيها عمر؟ قال: ردها يرحمه الله.
قال: فاستشاط هشام بن عبد الملك غضبا، وقال: أما والله أيها الشيخ لو كان فيك مضرب لأحسنت أدبك. قال: فقال إبراهيم: هو والله فيّ في الدين والحسب لا يبعدن الحق وأهله ليكونن لهذا بحث بعد اليوم.
وحدثني محمد بن إسماعيل قال دخل إبراهيم بن محمد بن طلحة على هشام فكلمه بشيء فيه لحن فيه، فقام فرد عليه إبراهيم الجواب ملحونا، فقال له هشام: أتكلمني وأنت تلحن. فقال له إبراهيم: ما عدوت أن رددت عليك نحو كلامك. فقال هشام: إن تقل ذاك فما وجدت للعربية طلاوة بعد أمير المؤمنين سليمان. فقال إبراهيم وأنا ما وجدت لها طلاوة بعد بني تماضر من بني عبد الله بن الزبير.
وذكره أبو حاتم بن حبان في " جملة الثقات ".
وصحح أبو عيسى حديثه
في " جامعه " والطوسي في " أحكامه " وزعم الجاحظ في كتاب " العرجان ": أنه كان أعرج، قال: ومات بالمدينة سنة عشر، وكان من الأشراف، وأهل العارضة واللسن والجلد.
وزعم الدارقطني في " العلل " أن معاوية بن هشام تفرد من دون الجماعة فسماه محمد بن إبراهيم بن طلحة وهو وهم منه. قال: والصواب قول الجماعة.
وفي " تاريخ البخاري ": روى عن عمران بن طلحة، وقيل عمر بن طلحة، والأول أصح.
وفي قول المزي: روى عن عمر ولم يدركه. نظر، لأنه لم ينص عليه إمام من أئمة الحديث، ولا مولده معروف فيستبعد سماعه منه، وقد ذكر ابن أبي
حاتم في كتاب " الجرح والتعديل " أنه روى عنه: " لأمنعن فروج ذوات الأنساب إلا من الأكفاء ". ولم يعترض على هذه الرواية، ولا ذكره في كتاب " المراسيل "، ولا " العلل " ولا " التاريخ "، فسكوته عنه في هذه المواضع إشعار منه بألا نظر فيه، إذ لو كان فيه نظر لما أهمله كجاري عادته، وإن كنا لا نرى سكوته كافيا لعدم التزامه ذلك، ولكنا لم نر أحدا نص عليه فتأنسنا بسكوته.
ويزيد ذلك وضوحا قول الزبير: بقي حتى أدرك هشاما، فهذا فيه بيان واضح أنه عمر عمرا طويلا فلا مانع على هذا إدراكه لعمر والله تعالى أعلم.
وأظن والله أعلم سلفه في ذلك صاحب " الكمال "، وصاحب " الكمال " سلفه فيه فيما أظن اللالكائي، فإنه قال: سمع عائشة وابن عمر وأبا أسيد، وروى عن عمر وأبي هريرة.
وفي " تاريخ أبي الفرج الأصبهاني الكبير ": لما ولي الحجاج بعد قتل ابن الزبير أشخص إبراهيم بن طلحة معه وقربه في المنزلة فلم يزل على حاله عنده معادلا له لا يترك من بره وتعظيمه وإجلاله شيئا، فلما حضر باب عبد الملك حضر به معه، فلما دخل الحجاج لم يبد بشيء بعد السلام إلا أن قال: يا أمير المؤمنين قدمت عليك برجل أهل الحجاز لم أدع له والله فيها نظير في كمال المروءة والديانة والأدب والستر وحسن المذهب والطاعة والنصيحة مع القرابة ووجوب الحق: إبراهيم بن محمد بن طلحة، وقد أحضرته ببابك ليسهل عليه إذنك وتلقاه ببرك وتفعل به ما يفعل بمثله.
فقال عبد الملك: ذكرتنا واجبا حقا ورحما قريبا يا غلام أيذن له، فلما دخل عليه قربه حتى أجلسه على فرشه، ثم قال: يا ابن طلحة إن أبا محمد ذكرنا لم نزل نعرفك به من الفضل وحسن المذهب ووجوب الحق فلا تدعن حاجة في خاصة أمرك ولا عام إلا ذكرتها. فقال: يا
أمير المؤمنين إن أولى الأمور أن تفتح بها الحوائج ويرجى بها الزلف ما كان لله عز وجل رضى، ولحق نبيه صلى الله عليه وسلم أداؤه، ولك فيها ولجماعة المسلمين نصيحة. وعندي نصيحة لا أجد بدا من ذكرها فأخلني. قال: دون أبي محمد. قال: نعم. فأخلاه. فقال: قل. فقال: يا أمير المؤمنين إنك عمدت إلى الحجاج مع تغطرسه وتعترسه وتعجرفه وبعده عن الحق وركونه إلى الباطل فوليته الحرمين وفيهما من فيهما وبهما من بهما من المهاجرين والأنصار والموالي المنتسبة إلى الأخيار، يسومهم الخسف ويقودهم بالعسف ويحكم فيهم بغير السنة ويطردهم بطغام من أهل الشام ورعاع، لا روية له في إقامة حق ولا إزاحة باطل، ثم ظننت أن ذلك فيما بينك وبين الله ينجيك، وفيما بينك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلصك، لا والله فابق على نفسك أو دع.
فاستوى عبد الملك جالسا وكان متكئا، وقال: كذبت لعمر الله رمت ولؤمت فيما جئت به، قد ظن بك الحجاج ما لم يجده فيك، وربما ظن الخير بغير أهله، قم فأنت الكاذب المائن الحاسد. قال: فقمت والله ما أبصر طريقا، فلما خلفت الستر لحقني لاحق من قبله فقال للحاجب: احبس هذا وأدخل الحجاج، فلبثت مليا لا أشك أنهما في أمري، ثم خرج الإذن فقال: قم يا بن طلحة فادخل، فلما كشف الستر لقيني الحجاج فاعتنقني وقبل ما بين عيني ثم قال جزاك الله عني أفضل الجزاء، والله لئن سلمت لك لأرفعن ناظرك ولأعلين كعبك ولأبيعن الرجال غبار قدميك، قال: فقلت في نفسي: يهزأ بي فلما وصلت إلى عبد الملك أدناني، ثم قال: يا ابن طلحة لعل أحدا من الناس أشركك في نصيحتك؟ قال: قلت لا والله ولا أعلم أحدا كان أظهر عندي معروفا ولا أوضح يدا من الحجاج، ولو كنت محابيا أحدا بدين لكان هو، ولكني والله آثرت الله ورسوله والمسلمين، قال: قد علمت، ولو أردت الدنيا لكان لك في الحجاج أمل، وقد أزلته عن الحرمين لقولك وأعلمته أنك [استنزلتني له عنهما استصغارا لهما ووليته العراقين، وأعلمته أنك استعهدت مني ذلك استزادة له] فاخرج معه فإنك غير ذام صحبته.