الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرية الرأي والتعبير
إنَّ مِنْ أعجَب مَا يَجْعَل أكثر مَن يَتركُونَ إنكارَ المنكَر والبُغْضَ في الله والْهَجْرَ فيه هو أنَّ (حريةَ الرأي والتعبير) من حقِّ الجميع!، وطالَمَا أنَّ الأمرَ كذلك عند هؤلاءِ فمَا الفائدة مِنْ هجْرِ الْمُخالِفِ الذي هو حرٌّ في رأيه وتعبيره؟!.
إنَّها عظائم قد ظَهرَت في عصْرنا لَم يُعهَد لَها مَثيلٌ!، ومنها مَا يُردِّده بعض الأفَّاكيِن مِن قوْلِهِم:(حُرِّية التعبير) و (حرية الرأي)، ومَن اعتقد ذلك فهو كافر لأنَّ معناه أنَّ لكل أحدٍ أن يعتقد ما يشاء ويقول ما يشاء بلَا ضابط شرعي والله سبحانه يقول:{وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} (1)، وقال سبحانه:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (2).
والْمُسلم يَكْفُرُ بِكَلِمَةٍ يقولها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصَّحِيحِ:(إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ)(3)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ
(1) سورة التوبة، من الآية:74.
(2)
سورة ق، آية:18.
(3)
أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (6113) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) (1)، فهَذِه الكَلمةُ أوْرَدَتْ قائلَها النارَ فانظر حصائدَ الألْسُنِ كيف كانت عواقبها؟!.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: «كَلٌّ يَعْمَلُ فِي دِينِهِ الَّذِي يَشْتَهِي» فَهِيَ كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ مِنْهَا وَإِلَاّ عُوقِبَ؛ بَلْ الإصْرَارُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ يُوجِبُ الْقَتْلَ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الدِّينِ إلَاّ مَا شَرَعَهُ الله وَرَسُولُهُ دُونَ مَا يَشْتَهِيهِ وَيَهْوَاهُ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} (2)، وَقَالَ تَعَالَى:{وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (3)، وقال {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (4)، وَقَال:{وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (5)).
وذَكَر رحمه الله آيات أخرى كثيرة بِهَذا الشَّأنِ، ثم قالَ: (فَتَبَيَّنَ أَنَّ
(1) أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (6112)، ومسلم برقم (2988) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
سورة القَصَص، من الآية:50.
(3)
سورة الأنعام، من الآية:119.
(4)
سورة ص، من الآية:26.
(5)
سورة المائدة، من الآية:77.
عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَتَّبِعَ الْحَقَّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَلَا يَجْعَلَ دِينَهُ تَبَعًا لِهَوَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) انتهى (1).
فتأمَّل ذلك تعلَمْ أنَّ مُرادَ القومِ من (حرية الرأيِ والتعبير) هو الفِرَارُ من الْحِسَاب الشَّرْعِي واتباع الْهَوى!، وذلك في حقيقته دعوة إلى الكفر بحيث مَن أراد أن يتكلم بالكفر فله ذلك باعتبار أنَّ دين إبليس هو (حُرِّية الرأيِ والتعبير) حتى لو قال شَخْصٌ:(الله والشيطانُ وجهانِ لِعُمْلَةٍ واحدة!) - قطع الله لسانه وبَطَشَ به - فله حرية التعبير!، أيْ ينوب عن إبليس!؛ وهؤلاء هُم أهلُ هذا البيتِ الذي قاله ابن القيِّم:
هَرَبُوا مِنَ الرِّقِّ الَّذِي خُلِقُوا لَهُ
…
فَبُلُوا بِرِقِّ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ! (2)
وهؤلاء إنَّما نادَوْا بِمَا يُسمونه (حرية الرأيِ والتعبير) بعد أنْ نَبَذوا القرآنَ وَرَاء ظهُورِهمْ لِفِتنتهم بالغَرْب الكافِرِ وخوارقه الشَّيطَانية؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله: (فَعَدَلَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الإِسْلَامِ إلَى أَنْ نَبَذَ الْقُرْآنَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَاتَّبَعَ مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ، فَلَا يُعَظِّمُ أَمْرَ الْقُرْآنِ وَنَهْيَهُ وَلَا يُوَالِي مَنْ أَمَرَ الْقُرْآنُ بِمُوَالَاتِهِ وَلَا يُعَادِي مَنْ أَمَرَ الْقُرْآنُ بِمُعَادَاتِهِ؛ بَلْ يُعَظِّمُ مَنْ يَأْتِي بِبَعْضِ الْخَوَارِقِ؛ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّهُ مِنْ الشَّيَاطِينِ؛ لَكِنْ يُعَظِّمُهُ لِهَوَاهُ
(1)«مجموع الفتاوى» ، (22/ 240 - 241).
(2)
«الكافية الشافية بشرح ابن عيسى " توضيح المقاصد "» ، (2/ 466).
وَيُفَضِّلُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْقُرْآنِ؛ وَهَؤُلَاءِ كُفَّارٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالى فِيهِمْ: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ .. } (1)) انتهى (2).
ويُوضِّح مقاصدَ مَن أحدثوا ما سَمَّوْه (حريةَ التعبيرِ) أنه لا مُقَابل له إلَاّ التقيُّد بالشريعة، وهم يقصدون التفَلُّت منها بألَاّ تكون ميزان أقوالهم وأفعالهم، وتأمَّل:(أَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ) وجوابه صلى الله عليه وسلم على ذلك حيث جاء في حديث معاذ بن جَبل، وفي آخره قال مُعاذ رضي الله عنه: فأخَذَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلِسَانِهِ فقال (كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا)، فقلتُ: يا نبي الله: وإنا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نتكَلَّمَ بِهِ؟!؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ!، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَاّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ!)(3).
وآخِرُ ما بَلَغني عَمَّن يَحتج بِحُرية التعبير أنَّ ضَالاًّ يُترْجِم
(1) سورة النساء، الآية:50.
(2)
«مجموع الفتاوى» (14/ 227)؛ وأورد ذلك الإمام محمد بن عبد الوهاب في «135 فائدة من فتاوى شيخ الإسلام» ص (27).
(3)
أخرجه النسائي في «سننه الكبرى» برقم (11394)، وابن ماجه «سننه» برقم (3973)، وأحمد في «مسنده» برقم (22 069)، وعبد الرزاق في «مصنفه» برقم (20302)، وأخرجه الترمذي في «سننه» برقم (2621) وقال:(هذا حديث حسَن صحيح)، وصحَّحه ابن القيم في «أعلام الموقعين» (4/ 259).
(روايةً) تتضمَّن ترويج نظريةَ القِرْد «داروين» الكُفرية الْمَسْخِيَّة (1) بدعوى حرية التعبير!.
ومِن هذا البابِ ما زعَمَهُ بعضُ الضُّلَاّلِ وأهلِ النِّفَاق أنَّ مَن كتَب قِصَّةً خَيَالية يُسمُّونَهَا (رِوَايةً) وجعْل بعض شَخصِيَّاتها يَتكَلَّم بكلامِ كُفْرٍ ولَوْ كان سَب الإله سُبحانه أنه لَا يَكْفُر لأنَّ الشَّخْصِيَّةَ هي التي تَتَحَدَّث مَع أنه ليس هناك شَخْصية بل الرَّاوي هُو الذي تَحَدَّثَ!، فكَانَ كَمَن جَمَع حَشَفاً وسُوءَ كَيْلَةٍ حيثُ اقترف الكَذِب فِي ذِكرِهِ شَخصياتٍ وَهْمِيَّةٍ لَا حقيقة لَهَا وحَسْبك أنَّ من آياتِ الْمُنافق أنه إذا حدَّثَ كذَبَ! (2)، وجَمَع مَع كَذِبِهِ سبَّه لله {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً} (3)!، ومع ذلك يأتِي بعضُ الْمُنافقين ويزعم بأنه لا بأسَ بذلك طَالَمَا أنَّ كاتِبَه لَا
(1) والقائمة على أنَّ أصل الإنسان من قرد!، وقد فندَنا - بحمد الله تعالى - مزاعمه بالأدلة النقلية والعقلية في كتابنا «وِحْدة الوجود العصرية» .
(2)
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آيَة المنافق ثلاث: إذا حَدَّث كَذَب، وإذا وَعَد أخلَف، وإذا اؤتمن خَانَ) أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (33) ومسلم برقم (59) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصِّدق فإنَّ الصدق يهدي إلى البِرِّ، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صِدِّيقاً؛ وإياكم والكَذِب فإنَّ الكَذِب يَهدي إلى الفجُور، وإن الفجورَ يهدي إلى النار، وإن الرَّجُل لَيكْذِب ويتحرَّى الكَذِب حتى يُكتب عند الله كَذاباً) أخرجه مسلم في «صحيحه» برقم (2607) وغيره من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(3)
سورة الإسراء، آية:43.
يَنسب ذلك لنفْسِه!؛ ولَا عَجَبَ فَزَمَاننا زمن العجائبِ والغَرائب!؛ وجوابُ هذا أنَّ الكاتب إذا ساقَ ذلك الكلام الكُفْري عن شخصية حقيقيةٍ مُنْكِراً على مَن قاله بحيث يَذكره على سبيل الإنكار فهذا صحيحٌ ومُثابٌ عليه إنْ شاء الله، وأمَّا إنْ أورده على غير سبيل الإنكار ولَم يُنْكِرْه فهو كافرٌ لاسِيَّمَا إذا كَانَ صَادراً عنه ومِنْ نَسيج خيَالِهِ حيثُ طَرحَه كأيِّ كلامٍ لا بأس به!.
ويوضِّحُ ذلك أنه لو كَتَبَ إنسَانٌ قِصَّةً خَيالية كَالَّتِي يُسمُّونَها بـ (الرَّاوية) بِحيثُ يكْتُبُ بأنَّ اثنين اختصَمَا في (محمد) صلى الله عليه وسلم فقال أحَدُهُمَا: (هو رسولُ اللهِ وأكمَل الناسِ عَقْلاً وأهدَاهُم سَبِيلاً)، فقال الآخر:(بل هو مجنون ولا فرق بينه وبين المجانين)، وأنهى الكاتب القصة أوْ أتى بكلامٍ بعده ولكن لَمْ يَرُدَّ كلام الآخر ويبين أنه كفر فهو بمنزلة الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالجنون لأنه منتحل لِهَذا الكلام قاصِداً تَروِيِجَه، وهذا بِخَلافِ مَا لوْ أوْرد قصة كافرٍ معلوم كُفره مثل أبي جَهْلٍ وأضرابه وذِكر ما يتكلم به من الكفر، فهذا شيءٌ وذلك شيءٌ آخَر.
وَمِثَالٌ آخر: فلو أنَّ اثنين قال أحدهما: (الله حيٌّ موجود)، وقال آخر:(لا وجود لله)، وروى إنسانٌ ذلك كقصة هكذا دون إنكار لقول الثاني فهو إمَّا أنه يُقرِّر هذا الكفر ويروِّجه أو أنه شاكٌّ في هذا
الكفر، والشَّكُّ في هذا كُفْرٌ؛ فما عُذْرُ مَن انتحل قصة صاغها في مُخيَّلته وأنطق بعض شخصياتها الوهمية بالكفر دون بيان أنَّ هذا كُفْر ثُمَّ يقوم بِبَثِّهَا وَنَشْرها؟!، وهذه حيَلٌ خبيثة!.
وهل يرضى مَن يُدافِع عن مِثل هذا أن يَكتُب إنسانٌ (رِوايةً) ويَجعله هو أحَد شَخصِيَّاتِهَا ويذكر عنه أنه يتكلم بكلامٍ قبيح أو يعمل عملاً قبيحاً؛ فهل يشفع لهذا الكاتب وينفعه إذا قال: (هذه رواية وشخصياتها هي التي تتحدث)؟!، فإنْ قال:(لا أرضى، وهذه جناية لأنه ذكرني باسمي) فحينئذٍ يُقالُ له: هلْ أنتَ وحتى الْخَلْق كلهم أعزُّ من الله ورسوله؟! .. وكيف إذَنْ تُجَادِل عن أولئك الرُّوَاة الكَذَبة السَّاخرين بالله وَدِينِه، وقد قال تعالى:{هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} (1)؟!.
والكلام على تلك الكلمة الكُفرية السَّاقطة (حُرِّية الرأي والتعبير) يحتاج إلى مُؤلَّفٍ مُستقِلٍّ لأنَّ أدِلَّةَ بُطلَانِهَا وضلالِ قائلِهَا أكثر مِنْ أنْ تُحصَر!، ولكنَّ الْمُراد هنا أنه كيف يَتَّفِق حُبٌّ في الله وبغضٌ فيه وموالاةٌ ومعاداةٌ مع هذه الكلمة الإبليسية؟!، وكيف يَتَّفِق معَها إسْلَامٌ؟!.
ولكَ أنْ تتصوَّر مَجْلِساًَ حَضَرَه النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة من الصحابة
(1) سورة النساء، آية:109.
- رضي الله عنهم وغيرهم ثم قال أحدُ الحاضرين: " لَا بأس بِعِبَادَةِ اللَاّتِ والعُزَّى "، وقال الآخر:" دِينُ اليهودِ حَقٌّ، وَدِينُ النصارى حَقٌّ " وقال ثالثٌ: " قَطْعُ يَدِ السارق وحْشِيَّة فلوْ سُجِن أوْ غُرِّم غَرَامة " ونحو ذلك مِنْ مُعارضةِ التشريع السَّماوي الْمُحَمَّدي، فهَل سيَسْكتُ النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء أمْ أنه سيغضب ويُنكر عليهم ويُعاقبهم؟!؛ والْجَوَاب: أنه لَا يقول مُسْلِمٌ: " إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لا يَغضب ولا يُنكر عليهم كلهم ويُعاملهم بِمَا يستحقون "؛ فهذا ظاهر، لكن هُمْ سَوف يقولون:" لنا حرية الرأي والتعبير "، فهل تَجِد في شريعتِهِ الْمُطهَّرة أنه صلى الله عليه وسلم يُقِرِّهم على هذه الْحُجَّةِ الشيطانية الْهادِمَةِ للمِلِّةِ الإبراهيمية الْمُحمَّدِية أوْ أنه يفعل صلى الله عليه وسلم ما يُرضي رَبَّه بِهِم؟!.
وعلى هذا فَقِسْ لِتَعْلَم الْمُراد بِهَذه الكلمة!، وَمَعلُومٌ أنَّ هؤلاء المتشدقين بكلمة (حرية الرأي والتعبير) ينقضون أصلَهم لوْ نِيل منهم أوْ سُبُّوا ولَا يَقبلون عُذْرَ مَن يَحتج بِحُرية التعبير لأنَّ المرادَ منها فقط الهجومُ على الدِّينِ وانتهاكِ حُرُمَاتِهِ .. {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (1)، ومَن شاء فلْيشْتُم أحدَهم أوْ ينْتَقِصه!، فإذا ثَارَت ثائرته وَغَضِب فليقل له:(هذه حرية تعبير) فهلْ يَقبلْ ويُسَلِّم؟!، فهُنا تعلم أنهم يُريدون
(1) سورة الشعراء، من الآية:227.
بِهَذه الكَلِمَة إلغاءَ الأحكام الشرعية!، ولذلك فإنهم يحتجون بهذه العبارات إذا أُنكِرَ عليهم ما خالف الشريعة!.
ثُمَّ إنَّهُم يُوهِمون الْجُهَّالَ بِهَذِهِ العِبَاراتِ بأنَّ الدِّينَ كَبْتٌ للحُرِّياتِ وتكميمٌ للأفواهِ وحَجْرٌ على العقول، وهذا كلُّه يُمْلِيهِ عليهم إبليسُ لِيُزَيِّن لَهُم سُوءَ أعمالِهِم، ولِيُنَفِّرُوا الناسَ عن دِين خَالِقِهِمْ عز وجل ويوُحشونَهم مِنْ أحكامِهِ وكأنه ليس في الدين أن يُعَبِّر الإنسانُ عمَّا فِي نَفْسِه ليهتدي إلى الحقِّ وكأنه يُؤَاخَذ ويُعاقَب دون سَمَاعِ قَوْلِهِ والنظرِ في أمْرِه!، وغير ذلك مِن التشنيع على الدِّين، والله المستعان.
وإنَّ أدنَى نَظَرٍ في أحكام الشريعةِ والقضاءِ والقُضَاةِ لَيَدْحَض زيغَ هؤلاء الزائغين ويكشف زَيْفَهَم - وللهِ الحمدُ والْمِنَّةُ -.