المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذم الباطل وأهله - إمعان النظر في مشروعية البغض والهجر

[عبد الكريم الحميد]

الفصل: ‌ذم الباطل وأهله

‌ذمُّ الباطل وأهله

إنَّ أكثرَ أهلِ الوقت لا يرضون بِذَمِّ الباطل ولا ذَم أهله وسِرُّ ذلك هو المشاركة إمَّا في الباطل المذموم نفْسِه أو مَا هُو مِن جِنْسِه!، ولَا يستقيمُ الدِّينُ بالآرَاءِ العَوْجَاء والفهوم الْهَوْجَاء!.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد كلام له في سورة (العَصْر) قال رحمه الله: (وأولُ ذلك أنَّ تُذكر الأقوال والأفعال على وجه الذَّمِّ لَهَا والنهي عنها وبيان ما فيها من الفسَاد، فإنَّ الإنكارَ بالقلب قبل الإنكار باليَدِ، وهذه طريقةُ القرآن فيما يذكره تعالى عن الكفار والفُسَّاق والعصاة من أقوالهم وأفعالهم يذكر ذلك على وجه الذم والبغض لَهَا ولأهلها وبيان فسادها وضدها والتحذير منها، كمَا أنَّ مَا يذكره من أهل العلم والإيمان ومَن فيهم من أنبيائه وأوليائه على وجه المدح والْحُبِّ وبيان صلاحه ومنفعته والترغيب فيه) إلى آخر كلامه رحمه الله (1).

تأمل قوله: (وهذه طريقة القرآن فيما يذكره تعالى عن الكفار والفساق والعصاة من أقوالهم وأفعالهم يذكر ذلك على وجه الذم والبغض لها ولأهلها وبيان فسادها وضدها والتحذير منها) واقرأ

(1)«مجموع الفتاوى» ، (15/ 338).

ص: 117

القرآن بِقَلب حاضر تعرف هذا، وتأمَّلْ حالَ زماننا وغالب أهله تعرف أيَّ وادٍ سَلَكُوا!.

وإذا تبين ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله من طريقة القرآن فاعلم أنَّ أغلب أهل الوقتِ ينكرونه ويَدْفعونه بِشِدَّة بِحُجَّةِ أنه أسلوب (غير حضاري) وهي معارضة جاهلية!، وقد قال تعالى:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (1)، ولَمْ يقل سبحانه:(إلى الحضارة)!، وقال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (2)، وقال تبارك وتعالى:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (3).

فعَلى الْمُسْلم أنْ يكون مَرْجِعُه وَرَدُّه فِي كُلِّ أموُرِه وشأنه ما أمره الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم بالرجوع والردّ إليه.

وقد تقدم الكلام على (حرية التعبير والرأي) فَالْحَذَر الْحَذَر، فالسؤال في القبر وفي القيامة إنما هو عن محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به، وهذا هو الصراط المستقيم ..

(1) سورة الشورى، من الآية:10.

(2)

سورة النساء، من الآية:59.

(3)

سورة النساء، آية:65.

ص: 118