الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعوان الظلمة
لَمَّا قَدِم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه من البصرة وكان عاملاً عليها أقبل على أبي ذرٍّ الغِفَاري رضي الله عنه يحتضنه ويقول: مرحباً بأخي؛ فجعل أبو ذرٍّ رضي الله عنه يدفعه عن نفْسِه ويقول: (إليك عني؛ لست بأخيك!، إنما كنتُ أخاك قبل أن تُسْتَعْمل!) انتهى (1)؛ وأين هذا مِمَّا آلَتْ إليه الأحوالُ اليوم؟!.
وحينما أتى ابنُ نجيح إلى طاووس وكان عاملاً لمحمد بن يوسف أوْ أيوب بن يحيى، فقعد بين يديه فسلَّم عليه فلم يُجبْه، فكَلَّمَه فأعرض عنه، ثم عَدَل إلى الشِّقِّ الأيسر فأعرض عنه! (2).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (قال غيْرُ واحدٍ من السَّلَف: أعوانُ الظلمَةِ مَن أعانَهُم ولوْ أنه لَاقَ لهم دواةً أو برى لهم قَلَماً، ومنهم مَن يقول: بل من يغسل ثيابهم من أعوانهم، وأعوانهم هم أزواجهم المذكورون في الآية) انتهى (3).
ويريد بالآية قولَه تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا
(1) أخرجه ابنُ سَعد في «طَبَقاته» (4/ 230)، وابن عساكر في «تاريخه» (66/ 210 - 211).
(2)
«حلية الأولياء» ، (4/ 16).
(3)
«مجموع الفتاوى» ، (7/ 64).
يَعْبُدُونَ} (1)، وهي التي يقول فيها أهل التفسير أنهم النظراء والأشباه يعني وأزواجهم.
قال أحمد بن سعيد الرباطي - وكان عاملاً لعبد الله بن طاهر -، قال: قَدِمْتُ على أحمد بن حنبل، فجعل يرفع رأسه إلَيَّ، فقلت: يا أبا عبد الله .. إنه يُكتب عني بـ " خُرَاسَان " وإن عاملتني هذه المعاملة رَمَوْا حديثي!، قال:(يا أحمد! .. هل بُدٌّ يوم القيامة من أن يُقال: أين عبد الله بن طاهر وأتباعه؟!، فانظر أين تكون منه؟!) انتهى (2).
انظر مأخذ الإمام أحمد رحمه الله وأنه من الآية السابقة: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} ومعاملته للرباطي بالهجْر والإنكار!.
وقد قال أبو بكر المروذي رحمه الله في الإمام أحمد: (كان يحب في الله ويبغض في الله؛ وإذا كان في أمر الدين اشتدَّ له غضبه) انتهى (1).
وعن أبِي عيسَى الْخُرَاسَانِي عن سَعِيدِ بن الْمُسيِّبِ رحمه الله أنه قال: (لا تَمْلَؤُوا أعينكم من أعوان الظَّلَمَةِ إلَاّ بالإنكارِ مِنْ قلوبكم لكيلَا تحبط أعمالكم!) انتهى (2).
وقد سُئِلَ ابنُ تيمية رحمه الله عن الْمُعَاون لأعداءِ الله فقال: (حكمُه
حُكْم الْمُبَاشِر، وَبِهَذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد) (3).
وقال رحمه الله: (الْمُتلبِّس بِمَعصيةٍ لا يُسلَّمُ عليهِ حالَ تلبُّسِهِ بِهَا)(4).
(1)«سير أعلام النبلاء» ، (11/ 221).
(2)
«الكبائر» للذهبي، ص (112).
(3)
أنظر: «مجموعة التوحيد» ، ص (288).
(4)
«المستدرك على مجموع الفتاوى» ، (3/ 145).