الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل المعرفة بأنباء الأمم، وبما كان ويكون. قال أبو عبيد: وأحسب الكلمة ليست بعربية، إنما هي عبرانية أو سريانية، وذلك أن أبا عبيدة زعم أن العرب لا تعرف الربانيين، قال أبو عبيد، وإنما عرفها الفقهاء وأهل العلم اهـ.
أقول: لله در أبي عبيد وأبي عبيدة فقد أصابا شاكلة الصواب. قال كروسمن Crossmann في معجمه العبراني الإنكليزي في تفسير الرباني ما معناه: هو العالم المتقي، لكن كل ما جاء في القرآن فهو عربي، سواء أكان عربيًا غير مشترك، أي خاصا باللغة العربية، أم كان لفظا مشتركا بين العربية وأخواتها الساميات، أم كان لفظًا غير عربي في الأصل، ولكن العرب تكلمت به فصار عربيًا بالاستعمال ككلمتي جبريل وميكائيل، فكل ما بين دفتي المصحف فهو عربي، إلا أن عامة العرب لا تعرف الألفاظ العلمية، وإنما يعرفها علماؤها كورقة ابن نوفل، وأمية بن أبي الصلت.
ومن ذلك تعلم أن قولهم: علماني هو أمر عدواني على اللغة العربية، وما أشبهه من السخافات كالعقلاني والشخصاني فهو مثله، فأين المجامع العلمية في بغداد ودمشق والقاهرة؟
لماذا لا تذب عن اللغة العربية، وتسعى في تطهيرها، وإخراج القذى من طرفها، وترويق شرابها، ليكون عذبًا سائغًا للشاربين.
3 - كم هو جميل وكم أنا مسرور وما أشبه ذلك:
وهذا من التراكيب الأعجمية الخالصة، فإن الذي تستعمله العرب في هذا المعنى هو: ما أجمله، وأجمل به، وهما صيغتا التعجب، ولا مكان لاستعمال (كم) هنا، سواء أكانت خبرية أم استفهامية. ويحسن هنا أن أتكلم باختصار في الاستعمال الصحيح (لكم)، وإنما أترك الإطناب، لأنه يستلزم ذكر
اختلاف النحويين، وذلك يشوش على كثير من القراء، ويعسر عليهم الاستفادة. وأسهل العبارات في ذلك وأجملها عبارة أبي محمد القاسم بن علي الحريري رحمه الله في المُلحة: باب كم الخبرية:
واجرر بكم ما كنت عنه مخبرا
…
معظما لقدره مكثرا
تقول كم مال أفادته يدي
…
وكم إماء ملكت وأعبد
قال الحريري في الشرح: اعلم أن (كم) اسم موضوع للعدد المبهم جنسا ومقدارا، ولها موضعان: الاستفهام والخبر المقترن بالتكثير. ولما كان العدد نوعين: أحدهما مجرور، والآخر منصوب، شبه كل واحد من موضعيها بأحد من نوعي العدد، فنصبوا ما بعدها على التمييز في الاستفهام، على ما نبينه في شرح نوع التمييز، وجروا ما بعدها بالإضافة في الأخبار.
ويجوز أن يقع الاسم الذي بعد (كم) الخبرية واحدا وجمعا، كقولك: كم عبد ملكت، وكم عبيد ملكت؟ كما أن العدد المجرور قد يكون واحدا في مثل قولك: مائة ثوب، ويكون جمعا في مثل قولك: ثلاثة أثواب، إلا أن من شرط جرها الاسم أن يكون الاسم يليها، فان فصل بينهما فاصل انتصب على التمييز كما ينتصب في الاستفهام، فتقول في الخبر: كم لي عبدا، كما تقول في الاستخبار: كم عبدا لك؟
وقال في المنصوبات: باب كم الاستفهامية:
وكم إذا جئت بها مستفهما
…
فانصب وقل كم كوكبا تحوي السما
قد ذكرنا في شرح باب الإضافة أن كم الخبرية يجر ما بعدها، وكم الاستفهامية ينصب ما بعدها على التمييز، تشبيها لها بالعدد المنصوب على التمييز، ولهذا جاء مفسرها واحدا