الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو بواسطة العقل، كمعرفة الله تعالى، اهـ. ومن ذلك تعلم أن وجود الشيء في نفسه هو ضد عدمه، ووجود الناس له، هو غير وجوده في نفسه، فإذا نفينا وجوده فقلنا لا وجود له انتفى باللازم وجود الناس له، أي إدراكهم إياه.
وأركان التشبيه في الكاف الاستعمارية لا وجود لها في نفسها، ولا يدركها أحد، فوجود الناس لها معدوم، ولعل المعترض لا يفهم هذا المعنى، وهو متلهف إلى الطعن، فتوهم أنه وجد مطعنا، فارتد طعنه عليه في هذا كما وقع له في الأولى.
فلا تحفرن بئراً تريد بها أخاً
…
فإنك فيها أنت من دونه تقع
كذاك الذي يبغى على الناس ظالما
…
تصبه على رغم عواقب ما صنع
قوله (إن الفصحاء لم يستعملوا كلمة (عدم) هذا الاستعمال) الخ، دعوى بلا دليل، ومتى نصبك الفصحاء قاضيا، ووضعوا زمام الفصاحة في يديك؟ ووكلوا أمرها إليك، تثبتها لمن تشاء وتنفيها عمن تشاء، ألا يحق لي أن أتمثل في حكمك هذا بالشطر الأول من قول الشاعر العربي القح:
ما أنت بالحكم المترضى حكومته
…
وأما الشطر الثاني فاتركه تكرها
3 - قال المعترض: وقد خالف الفصاحة العربية باستعماله جمع القلة المنكر (أنفسا)
مع أن مقتضى الحال يوجب استعمال (النفوس) أعني جمع الكثرة، فذوو الظلم كثيرون، أو كثير على الأفصح، وإنما قلت المنكر، لأن المعرف (بأل) أو الإضافة من هذا الجمع يجوز أن يستعمل للكثرة، الخ. يا أيها الناس: اقرءوا واسمعوا وتعجبوا من هذا المعترض الذي يصدر الأحكام واحدا بعد واحد بدون دليل ولا برهان، ولا استناد على قاعدة، ولا عزو إلى إمام فكأنه يظن أن القراء أطفال في المدرسة الابتدائية،
يتقبلون منه كلما حدثهم به، ودونكم ما قاله الأئمة في جمع القلة وجمع الكثرة، ونيابة أحدهما عن الآخر وضعا أو استعمالا.
قال الأزهري في التصريح ج 2 ص 300، ما نصه: وله رأي لجمع التكسير الذي يتغير فيه بناء مفرده لفظا سبعة وعشرون بناء منها أربعة موضوعة للعدد القليل وهو من الثلاثة إلى العشرة بدخول العشرة على القول بدخول الغاية في المغيا، ولو قال وهو الثلاثة والعشرة، وما بينهما لكان أولى وهي أفعُل، بضم العين، كأكلب، جمع كلب، وأفعال كأجمال بالجيم جمع جمل، وأفعِلة بكسر العين، كأحمرة، جمع حمار، وفِعْلة، بكسر الفاء وسكون العين، كصِبْية جمع صبى، وخصت هذه الأوزان الأربعة بالقلة، لأنها تصغر على لفظها، نحو أكيلب، وأجيمال وأحيمرة، وصبية، بخلاف غيرها من الجموع فإنها ترد إلى واحدها في التصغير، وتصغير الجمع يدل على التقليل، وإليها أشار الناظم بقوله:
أفعلة أفعل ثم فعلة
…
تمت أفعال جموع قلة
وليس من جموع القلة (فُعَل) بضم الفاء وفتح العين، كغرف، ولا (فعل) بكسر الفاء وفتح العين، كنعم، ولا فعلة بكسر الفاء وفتح العين، كقِرَدة خلافا للفراء.
وثلاثة وعشرون موضوعة للعدد الكثير، وهو ما تجاوز العشر، وقد يستغنى ببعض أبنية القلة عن بناء الكثرة وضعا أو استعمالا، اتكالا على القرينة، قاله في التسهيل:
قال الشاطبي: وحقيقة الوضع أن تكون العرب لم تضع أحد البناءين استغناء عنه بالآخر، والاستعمال أن تكون وضعتهما معا، ولكنها استغنت في بعض المواضع عن أحدهما بالآخر اهـ.
فالأول كأرجل، جمع رِجْل بسكون الجيم، وأعناق جمع
عُنُق، وأفئدة جمع فؤاد قال الله تعالى:(5، 6){وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (8 - 12){فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} (14، 43){وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} فاستغنى فيها ببناء القلة عن بناء الكثرة، لأنها لم يستعمل لها بناء كثرة.
والثاني: كأقلام جمع قلم، قال الله تعالى:(31 - رقم الآية 27){مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} والمقام مقام مبالغة وتكثير قطعا، وقد استعمل فيه وزن القلة، مع أنه سمع له وزن كثرة، وهو قلام، وقد يعكس، فيستغنى ببعض أبنية الكثرة عن بناء القلة وضعا أو استعمالا اتكالا على القرينة.
فالأول كرجال جمع رجل بضم الجيم، وقلوب جمع قلب، وصردان بكسر الصاد، جمع صُرد، بضمها وفتح الراء، اسما لطائر، تقول: خمسة رجال بخمسة قلوب معهم خمسة صردان، فيستغنى بجمع الكثرة عن جمع القلة لعدم وضعه وليس منه، أي من هذا القسم، وهو ما لم تضع العرب له بناء قلة ما مثل به الناظم وأنبه من قولهم في جمع صفاة، وهي الصخرة الملساء، صفي بضم الصاد وكسر الفاء وتشديد الياء لقولهم في جمع قلتها، اصفاء حكاه الجوهري وغيره، بل هو من القسم الثاني، وهو ما وضعت العرب له بناء قلة، ولكنها استغنت ببناء الكثرة عنه كقوله تعالى (2 - 228){يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} نفسر ثلاثة بجمع الكثرة، مع وجود جمع القلة، كقوله صلى الله عليه وسلم:(دعي الصلاة أيام إقرائك) وعلى ذلك يحمل قول الناظم:
وبعض ذي بكثرة وضعا يفي
…
كأرجل والعكس جاء كالصفي
انتهى - وقد طالعت ما عندي من شرح الألفية كالأشموني بحاشية الصبان وابن عقيل وبحاشية الخضري وألفية ابن بونا بحاشيته، فوجدتهم لا يختلفون فيما نقلته عن التصريح،
واخترت كلامه، لأنه أوسع وأوضح. ومنه تعلم أن ما زعمه المعترض من أن جمع القلة لا يستعمل في موضع جمع الكثرة إلا إذا كان مضافا أو معرفا بالألف واللام، لا وجود له في كلام أولئك الأعلام ومحال أن يهملوه لو كان ثابتا في القواعد الصحيحة المسلمة.
فنحن نطالبه بتصحيح النقل، إن كان ناقلا، وإن لم يكن ناقلا، فقد كذب على النحاة، واخترع قاعدة من عنديته، فإن جاء بالنقل عن بعض علماء اللغة قابلنا نقله بتلك النقول، وهي أكثر فيسقط نقله، أو يكون مرجوحا، ولو ثبتت القاعدة التي ادعاها ما أغنته شيئا، لأن جمع القلة المنكر قد استعمل في موضع جمع الكثرة في أفصح الكلام وأبلغه، وهو كتاب الله، قال تعالى في سورة لقمان:(27){وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} والمقام يقتضي استعمال جمع الكثرة، ومع ذلك عدل عنه إلى التعبير بجمع القلة، اكتفاء بالقرينة، هذا مع أن للقلم جمع كثرة على (قلام).
قال ابن منظور في لسان العرب، القلم: الذي يكتب به، والجمع أقلام وقلام، قال ابن بري: وجمع أقلام أقاليم، وأنشد ابن الأعرابي:
كأنني حين آتيها لتخبرني
…
وما تبين لي شيئا بتكليم
صحيفة كتبت سرا إلى رجل
…
لم يدر ما خط فيها بالأقاليم
وقال أيضا في مادة: ط. ل. ح - وطلحة الطلحات، طلحة ابن عبيد الله بن خلف الخزاعي، ثم نقل عن ابن الأعرابي في طلحة هذا أنه، إنما سمي طلحة الطلحات بسبب أمه، وهي صفية بنت الحارث بن طلحة بن أبي طلحة، زاد الأزهري، ابن عبد مناف، قال وأخوها أيضا طلحة بن الحارث، فقد تكنفه