الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الماضي وكسرها في المضارع قال تعالى في سورة البقرة: «لَهَا مَا كَسَبَتْ» بفتح السن، وقال تعالى في سورة النساء:{وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِه} [النساء: 111] فقوله سبحانه وتعالى لها ما كسبت أي لكل نفس جزاء ما عملت من خير، وعليها عقاب ما اكتسبت من شر، وقال صاحب القاموس كسَبه بفتح السين يكسِبه بكسرها كسباً وتكسب واكتسب طلب الرزق أو كسب أصاب واكتسب تصرف وبإنعام النظر في ما نقلته هنا يظهر لك خطأ آخر وهو استعمال لهم كسب بمعنى ربح كأنه يقابل خسر فيقولون ليس في هذه الصفقة كسب بل فيها خسارة وقد عرفت فساد ذلك.
8 - ومن الأخطاء التي يقع فيها كثير من المذيعين والقراء كسر الذال من كذب
وهذا الفعل لفظه مشهور جدا مذكور في القرآن وهو بفتح الذال من الباب الثاني من الفعل الثلاثي كضرب يضرب بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع ومن ضعف اللغة العربية في هذا الزمن أن أكثر المدرسين والطلبة المتخرجين في الجامعات لا يعرفون الأبواب الستة التي أولها فعَل يفعُل بفتح العين في الماضي وضمها في المضارع وثانيها فعَل يفعِل بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع كضَرب يضرِب وكسب يكسب، وثالثها فعَل يفعَل بفتح العين في الماضي والمضارع كنصح ينصح وقطع يقطع وهذا الباب لا بد أن يكون عينه أي الحرف الثاني منه أو لامه الحرف الثالث منه حرف حلق، ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا فعل واحد وهو أبَى يأبى فإن عينيه وهي الباء مفتوحة في الماضي والمضارع مع أن عينه ولامه ليستا من حروف الحلق، فهذا الباب محصور في كون عينه أو لامه حرف حلق إلا ما استثنى.
غير أن الأفعال التي عينها أو لامها من أحرف الحلق لا تنحصر في هذا الباب بل تكون فيه وفي غيره كدخل يدخل فإنه من باب نصر ينصر، وصحب يصحب فإنه من الباب الرابع
الذي سنذكره بعد وكنت أشبه ذلك في زمن الاستعمار حين أقرر هذه القاعدة للطلبة بالدولة المستعمرة بكسر الميم، والشعب المستعمَر بفتحها ففعَل يفعَل بفتح العين في الماضي والمضارع شبيه بالشعب المستعمر لا يجوز له أن يخرج من الحلق فإن الشعب الذي تستعمره فرنسا مثلا لا يجوز لأحد من أهله وإن كان ملكا أن يتصل بدولة غير فرنسا والشعب الذي تستعمره بريطانيا لا يجوز لأحد من أهله وإن كان ملكا أن يتصل بدولة أخرى كفرنسا مثلا، وقد وقع لي مثل ذلك حين كنت ضيفا على ملكة (بهوبال) في زمن الاستعمار الإنكليزي في الهند فقد جاءها بعض المتعصبين المبغضين لأهل الحديث، نضر الله وجوههم في الدنيا والآخرة وبالخصوص العالم المحدث الشيخ محمد بن حسين بن محسن الحديدي الأنصاري اليمني إلى الملكة وقال لها إن هذا الشخص الذي في ضيافتك وهو محمد تقي الدين الهلالي ليس عربيا من جزيرة العرب كما أخبرك به شيخه، ولكنه من عرب المغرب، ومن شروط الحماية البريطانية التي يجب عليك التزامها أن لا تتصلي بدولة أجنبية ولا برعاياها فراجت هذه المكيدة على الملكة وأرسلت إلي تعتذر وأمرت رئيس الضيافة الكرنل عبد القيوم خان أن ينقلني من دار الضيافة الملكية إلى بيته ويكرمني ولم يأذن له في ذلك شيخنا المذكور رحمه الله ونقلني إلى ضيافته تغمده الله برحمته.
أما الأفعال التي يوجد فيها حرف الحلق عينا أو لاماً فهي كالدولة المستعمرة حرة تخالط أهل مستعمراتها وتخالط من تشاء من الدول.
الرابع: فعِل يفعَل بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع وهذا قياس مطرد سواء أكان متعديا كعلِم يعلَم أو لازما كفرح يفرح.
الخامس: فعُل يفعُل بضم العين في الماضي والمضارع معا كحسن يحسن وعظم يعظم وكرم يكرم.
السادس: فعِل يفعِل، بكسر العين في الماضي والمضارع معا كورث يرث وولي يلي وعدد هذا القسم لا يزيد على ستة أفعال وهي على هذا الترتيب في الكثرة والقلة في كلام العرب، والباب الأول والثاني سماعيان لا ينضبطان إلا بالحفظ، والثالث كثير في كلام العرب يقرب أن يكون قياسيا، أما الرابع والخامس فهما قياسيان، والسادس قليل عدده، سهل حفظه، فإن قيل هذه الأفعال غير القياسية التي تحتاج إلى الحفظ هي مما جعل اللغة العربية صعبة التعلم، وجعل الشباب يعرضون عنها ويقبلون على اللغات الأوربية، أقول في جوابه: من جهل شيئا عاداه، إن اللغة العربية أسهل من اللغات الأوربية الشائعة، فالفرنسية فيها أفعال وتصاريف خارجة عن القياس، تزيد على الألف وفيها صعوبات أخرى ليس هذا مقام بسطها واللغة الإسبانية مثلها في صعوبة معرفة الأفعال، واللغة الألمانية فيها صعوبات كثيرة جدا في أفعالها وأسمائها ومعرفة المبني والمعرب من الأسماء وإعرابها أصعب، من إعراب اللغة العربية لأن المعربات في اللغة الألمانية، لا يتغير إعرابها لا في الوقف، ولا في الوصل، وفيها صعوبات أخرى، ليس هذا محل بسطها، وأما الإنكليزية فإن أكثر كلماتها تكتب بخلاف ما تقرأ وقد عكف أحد كبار العلماء البريطانيين على دراسة هذه المسألة فخرج بنتيجة وهي أن التلميذ الإنكليزي لو كتب اللغة الإنكليزية كما ينطق بها لوفر ذلك عليه سنتين كاملتين يتفرغ فيهما لدراسة علوم أخرى وطرح بحثه أمام مجلس العموم الإنكليزي فاختلف النواب فأخذت الآراء وذلك ما يسمى بالاقتراع أو أخذ الأصوات فكان أكثر الآراء مع المانعين لتغيير كتابة اللغة الإنكليزية القائلين نكتبها
كما كتبها أسلافنا وإن كانت معرفة الكلمات على ما هي عليه يكلف أبناءنا دراسة سنتين كاملتين، والحق أن السبب الذي بغَّض الناس في اللغة العربية ليس إعرابها ولا صعوبة قواعدها ولكن خذلان أهلها لها، وعدم شعورهم بواجب خدمتها فضيعوها كما ضيعوا
غيرها من الواجبات.
وإلى اللقاء في المقال التالي بعون الله.
كتب بالمدينة النبوية
في ليلة سابع رمضان المبارك سنة 1391