المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: "إذا كان فاء الافتعال حرف لين - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ٣

[ابن أم قاسم المرادي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌تابع القسم الثاني: تحقيق شرح الفية ابن مالك

- ‌الجزء الرابع

- ‌أسماء لازمت النداء:

- ‌الاستغاثة:

- ‌الندبة:

- ‌الترخيم:

- ‌الاختصاص:

- ‌التحذير والإغراء:

- ‌أسماء الأفعال والأصوات:

- ‌نونا التوكيد:

- ‌ما لا ينصرف:

- ‌إعراب الفعل:

- ‌عوامل الجزم:

- ‌فصل لو:

- ‌فصل أمَّا ولَوْلا ولَوْمَا:

- ‌الإخبار بالذي والألف واللام:

- ‌العدد:

- ‌تمييز المركب:

- ‌كم وكأين وكذا:

- ‌الحكاية:

- ‌الجزء الخامس:

- ‌التأنيث:

- ‌المقصور والممدود:

- ‌كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا:

- ‌جمع التكسير:

- ‌التصغير:

- ‌النسب:

- ‌الوقف:

- ‌الإمالة:

- ‌التصريف:

- ‌فصل في زيادة همزة الوصل:

- ‌الجزء السادس:

- ‌الإبدال:

- ‌فصل "إذا اعتلت لام فَعْلَى

- ‌فصل "إذا اجتمعت الواو والياء وسكن ما قبلها

- ‌فصل "إذا كانت عين الفعل واوا أو ياء وقبلهما ساكن صحيح

- ‌فصل: "إذا كان فاء الافتعال حرف لين

- ‌فصل: في الإعلال بالحذف

- ‌فصل: في الإدغام

- ‌الفهارس

- ‌محتويات المجلد الثالث:

- ‌فهرست الأبيات والشواهد:

- ‌مراجع الكتاب:

- ‌المحتويات:

الفصل: ‌فصل: "إذا كان فاء الافتعال حرف لين

‌فصل: "إذا كان فاء الافتعال حرف لين

":

ذو اللين فا تا في افتعال أبدلا

وشذ في ذي الهمز نحو ائتكلا

إذا كان فاء الافتعال حرف لين -أعني واوًا أو ياءً- وجب في اللغة الفصحى إبدالها تاء في الافتعال وفروعه، أعني الفعل واسمى الفاعل والمفعول.

مثال ذلك في الواو: اتّعد يتّعدا اتّعادًا فهو متعد، ومثاله في الياء: اتّسر يتّسر اتّسارًا فهو متّسر.

وإنما أبدلوا الفاء في ذلك تاء؛ لأنهم لو أقروها لتلاعبت بها حركات ما قبلها فكانت تكون بعد الكسرة ياء، وبعد الفتحة ألفًا، وبعد الضمة واوًا، فلما رأوا مصيرها إلى تغيرها لتغير أحوال ما قبلها أبدلوا منها حرفا جلدًا لا يتغير لما قبله، وهو التاء، وهو أقرب الزوائد من الفم إلى الواو، وليوافق ما بعده فيدغم فيه.

تنبيهات:

الأول: قال بعض النحويين البدل في اتّعد، إنما هو من الياء؛ لأن الواو لا تثبت مع الكسرة في اتّعاد وفي اتّعد وحمل المضارع واسم الفاعل واسم المفعول منه على الماضي والمصدر.

الثاني: قوله "ذو اللين" يشمل الواو والياء كما تقدم، وأما الألف فلا مدخل لها في ذلك؛ لأنها لا تكون فاء ولا عينًا ولا لامًا.

الثالث: من هل الحجاز قوم يتركوا هذا الإبدال، ويجعلون فاء الكلمة على حسب الحركات قبلها، فيقولون: ايتَعَد ياتَعِد فهو مُوتَعِد، وايتَسَر ياتَسِر فهو مُوتَسِر.

الرابع: حكى الجرمي أن من العرب من يقول ائتسر وائتعد -بالهمز- وهو غريب. وقوله: "وشذ في ذي الهمز" أي: وشذ إبدال فاء الافتعال تاء فيما أصله الهمزة والقياس فيه ألا يبدل، وذلك نحو ايتكل ياتكل ايتكالًا؛ لأنه افتعل من الأكل، ففاء الكلمة همزة ولكنها خففت بإبدالها حرف لين لاجتماعها مع الهمزة

ص: 1618

التي قبلها فأقرت على ما يقتضيه التصريف، ولم تبدل لأنها ليست بأصل، وإنما هي بدل من همزة، والهمزة لا تدغم، فينبغي أن يكون بدلها كذلك، وأيضًا فلأن إبدالها وهي بدل من الفاء يؤدي إلى توالي إعلالين وشذ إبدال الياء والواو في هذا تاء، كقول بعضهم اتزر، أي: لبس الإزار، فالتاء في هذا بدل من الياء المبدلة من الهمزة "وقال بعضهم: اؤتُمِن اتَّمِن، فالتاء في هذا بدل من الواو المبدلة من الهمزة" واللغة الفصيحة في ذلك عدم الإبدال.

تنبيهات:

الأول: قوله "وشذ" يقتضي أن الإبدال في ذي الهمز ليس بلغة فلا يصح القياس عليه، وهذا هو المعروف، وحكى عن البغداديين أنهم أجازوا الإبدال في ذي الهمزة، وحكوا من ذلك ألفاظًا وهي: اتَّزر واتَّمن، من الإزار والأمانة، واتَّهل من الأهل، ومنه عندهم اتَّخذ من الأخذ، وقال بعضهم: هي لغة رديئة متنازع في صحة نقلها، قال أبو علي: هذا خطأ في الرواية، فإن صحت فإنما سمعت من قوم غير فصحاء لا ينبغي أن يؤخذ بلغتهم، ولم يحك هذا سيبويه، ولا الأئمة المتقدمون العارفون بالصيغة وتحري النقل.

قلت: وفي الحديث "وإن كان قصيرًا فليتزر به" كذا الجميع رواه الموطأ بالإبدال والإدغام، وفي حديث عائشة رضي الله عنها "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني إذا حضت أن أتزر" -بالإدغام.

فإن قلت: فما يصنع أبو علي بقولهم: اتخذ وهو من الأخذ؟.

قلت: خرجه على أن تاءه الأولى أصلية؛ لأن العرب قالت: تخذ بمعنى اتخذ، قال الله تعالى:{لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} 1 وأنشد2:د

وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها

نسيفًا كأُفْحُوصِ القطاةِ الْمُطَرِّق

1 من الآية 77 من سورة الكهف.

2 قائله: هو الممزق العبدي -واسمه شاس بن نهار العبد -وهو من الطويل.

اللغة: "تخذت" بمعنى اتخذت "لدى جنب" ويروى إلى جنب "غرزها" الغرز -بفتح الغين وسكون الراء- ركاب الرجل من جلد، وإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب =

ص: 1619

ونازع الزجاجي في وجود مادة تَخِذَ، وزعم أن أصله اتخذ، وحذف، وصحح ما ذهب إليه الفارسي بما حكاه أبو زيد من قولهم: تَخِذَ يتخذ تَخَذًا، وذهب بعض المتأخرين إلى أن اتّخذ مما أبدلت فاؤه تاء على اللغة الفصحى؛ لأن فيه لغة وهي وخذ بالواو، وهذه اللغة وإن كانت قليلة إلا أن بناءه عليها أحسن؛ لأنهم نصوا على أن اتّمن لغة رديئة.

الثاني: ظاهر تمثيله بائتكل -أنه مما سمع فيه الإبدال شذوذًا، ويحتمل أن يريد أن الإبدال سمع فيما هو من جنسه، وإن كان لم يسمع فيه، ونص الشارح على هذا قال: ولا يريد أنه يقال في افتعل من الأكل ايتكل.

قلت: وفي كلام بعضهم ما يدل على أنه مسموع.

طا تا افتعال رد إثر مطبق

......................

يعني أنه إذا بنى الافتعال وفروعه مما فاؤه أحد الحروف المطبقة -وهي الصاد والضاد والطاء والظاء- وجب إبدال تائه طاء، كقولك في بناء افتعل من طعن وظلم وصبر وضرب، اطعنوا واظلموا واصطبروا، واضطرب، والأصل في ذلك اطتعنوا واظتلموا واصتبروا واضترب، ولكن استثقل اجتماع التاء مع الحرف المطبق لما بينهما من تقارب المخرج وتباين الصفة إذا التاء مهموسة مستقلة، والمطبق مجهور مستعل، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها وهو الطاء.

="نسيفًا" بفتح النون وكسر السين -أثر ركض الرجل بجنبي البعير إذا انحسر عنه الوبر "كأفحوص" -بضم الهمزة وسكون الفاء وضم الحاء، مجثم القطاة، أي: مبيتها؛ سمي بذلك لأنها تفحصه، "القطاة" طائر مشهور "المطرق" -بضم الميم وفتح الطاء وتشديد الراء المكسورة، من طرقت القطاة إذا حَانَ خروج بيضها.

الإعراب: "وقد" للتحقيق "تخذت" فعل ماضٍ "رجلي" فاعل والياء مضاف إليه "لدى" منصوب على الظرف "جنب" مضاف إليه وأيضًا جنب مضاف إلى غرزها "نسيفًا" مفعول تخذت "كأفحوص" الكاف للتشبيه والأفحوص مجرور بها "القطاة" مضاف إليه "المطرق" صفة للقطاة.

وإنما ذكره مع أن القطاة مؤنث؛ لأنه لا يقال ذلك في غير القطاة على رأي أبي عبيد، وأما على رأي غيره فيكون على إرادة النسبة، والتقدير: ذات التطريق، وأما على رواية من رواه بفتح الراء فيكون صفة للأفحوص بمعنى المعدل.

الشاهد: قوله: "تخذت" فإن أصله أتخذت.

ص: 1620

تنبيه:

إذا أبدلت الياء طاء بعد الطاء وجب الإدغام لاجتماع المثلين، وإذا أبدلت بعد الظاء في نحو اظَّلم ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: البيان فيقال اضطلم، والثاني: إدغام الظاء في الطاء فتقول اطلَّم بطاد مشددة، والثالث: أن تجعل موضع الطاء ظاء معجمة ثم تدغم فيقال اظّلم.

وينشد بالأوجه الثلاثة قول زهير1:

هو الجواد الذي يعطيك نائله

عفوًا ويظلم أحيانًا فيظطَلِم

وإذا أبدلت بعد الصاد ففيه وجهان: البيان فيقال اصطبروا، والإدغام بقلب الثاني إلى الأول فيقال: اصبروا -بصاد مشددة. قال سيبويه: وحدثنا هارون أن بعضهم قرأ: "أَنْ يُصَّلحَا"2 يريد أن يصطلحَا.

1 قائله: هو زهير بن أبي سلمى في مدح هرم بن سنان -وهو من البسيط.

اللغة: "نائله" النائل: العطاء "فيظلم" يقبل الظلم ويحتمله لكن لا ضعفًا ولا استكانة.

المعنى: أن هرمًا هو الجواد الذي يجزل لك العطاء بسهولة من غير منٍّ ولا إبطاء ويحمله الناس مغارمهم فيتحملها ويقبل القيام بها تفضلًا منه -لا ضعفًا ولا خوفًا.

الإعراب: "هو" ضمير منفصل مبتدأ "الجواد" خبره "الذي" صفة للجواد "يعطيك" فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل وفاعله ضمير مستتر وكاف الخطاب مفعول أول "نائله" مفعول ثانٍ ليعطي وضمير الغائب مضاف إليه، وجملة يعطي وفاعله ومفعوليه لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، "عفوا" مفعول مطلق عامله يعطي وأصله صفة لمصدر محذوف وتقدير الكلام: إعطاء عفوًا "ويظلم" الواو حرف عطف "يظلم" فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه "أحيانًا" ظرف زمان منصوب بيظلم "فيظطلم" الفاء حرف عطف ويظطلم معطوف بالفاء على يظلم المبني للمجهول.

الشاهد: قوله "فيظطلم" أصله فيظتلم ثم قلبت تاء الافتعال طاء فصار يظطلم ويجوز قلب المعجمة طاء وإدغامهما فيصير يطلم وروي الأوجه الثلاثة.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية الأشموني 873/ 3، وابن هشام 294/ 4، وسيبويه 421/ 2.

2 من الآية 128 من سورة النساء.

ص: 1621

وإذا أبدلت بعد الضاد فتلاثة أوجه: البيان والإدغام بوجهيه، فيقال اضطجع واضجع واطجع، وهذا الثالث، قال ابن هشام الخضراوي: هو نادر شاذ، وقد استثقل بعضهم اجتماع الضاد والطاء لما بينهما من التقارب، فقلب الضاد لامًا فقال: الطجع، وبالأوجه الأربعة ينشد قوله1:

.....................

مال إلى أرطاة حقق فالطجع

......................

في ادَّان وازدد وادَّكر دالًا بقي

يعني أنه إذا بنى الافتعال مما فاؤه دال نحو دَانَ، أو زاي نحو زاد، أو ذال نحو ذكر، وجب إبدال تائه دالًا فيقال: ادّان وازداد، وادَّكر، والأصل: ادتان، وازتاد، واذتكر، فاستثقل مجيء التاء بعد هذه الأحرف، فأبدلت دالًا.

تنبيهات:

الأول: إذا أبدلت تاء الافتعال دالًا بعد الدال وجب الإدغام، لاجتماع المثلين، فليس في ادَّان إلا وجه واحد.

وإذا أبدلت دالًا بعد الزاي فوجهان: الإظهار والإدغام بقلب الثاني إلى الأول فيقال: ازّجَّر، ولا يجوز العكس؛ لأن الزاي لا تدغم فيما ليس من

1 قائله: هو منظور بن حية الأسدي -يصف ذئبًا- وهو من الرجز.

وصدره:

لما رأى أن لادعه ولا شبع

.......................

اللغة: "دعه" الدعة: الراحة وسعة العيش "مال" انحاز وركز "أرطأة" واحدة الأرطي، وهو شجر من شجر الرمل له ثمر كالعناب "حقف" هو ما اعوج وانحنى من الرمل والجمع أحقاف "الطجع" اتكأ على الأرض.

المعنى: أن هذا الذئب لما رأى أنه لم يجد راحة من التعب، ولم يشع بأكل ركن إلى شجر من الأرطي في منحنى، واتكأ على جنبه ليستريح.

الإعراب: "لما" شرطية "رأى" فعل الشرط وفاعله يعود على الذئب "أن" مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن "دعه" اسم لا وخبرها محذوف "مال" فعل ماضٍ جواب الشرط والفاعل ضمير يعود إلى الذئب "إلى أرطاة" متعلق بمال "حقف" مضاف إليه "فالطجع" الفاء عاطفة والطجع فعل ماضٍ وفاعله ضمير مستتر.

الشاهد: قوله "فالطجع" وأصله اضتجع قلبت التاء طاء ثم الضاد لامًا.

مواضعه: ذكره الأشموني 873/ 3، وابن هشام 247/ 4، وابن يعيش 46/ 10.

ص: 1622

مخرجها وإذا أبدلت دالًا بعد الذال فثلاثة أوجه: الإظهار، والإدغام بوجهيه فيقال: ازدكر، وادكر، واذكر، بذال معجمة.

الثاني: مقتضى اقتصار النظم على إبدال تاء الافتعال طاء بعد الأحرف الأربعة المذكورة، ودالًا بعد الثلاثة أنها تقر بعد سائر الحروف ولا تبدل، وقد ذكر في التسهيل أنها تبدل ثاء بعد الثاء فيقال: أثرد -بثاء مثلثة- وهو افتعل من ثرد أو تدغم فيها الثاء فيقال: اترد -بتاء مثناة، وقال سيبويه: والبيان عندي جيد -يعني الإظهار، فيقال اثترد، ولم يذكر المصنف هذا الوجه، وذكر في التسهيل أيضًا أنها قد تبدل دالًَا بعد الجيم كقولهم في: اجتمعوا: اجدمعوا، وفي احتز: اجدز، قال الشاعر1:

فقلت لصاحبي: لا تحبسانا

بنزع أصوله واجدزّ شِيحًا

وهذا لا يقاس عليه، وظاهر كلام المصنف في بعض كتبه أنه لغة لبعض العرب، فإن صح أنه لغة جاز القياس عليه.

وهذا آخر ما ذكره الناظم من باب الإبدال وما يتعلق به من أوجه الإعلال.

وقد علم مما ذكره أن الهمزة تبدل من ثلاثة أحرف وهي: الألف والواو والياء.

1 قائله: قال الجوهري يزيد بن الطثرية، وقال ابن بري: قاله: مضرس بن ربعي. وهو من الوافر.

اللغة: "لا تحبسنا" من الحبس، ورواية الجوهري: لا تحبسانا ثم قال: وربما خاطبت العرب الواحد بلفظ الاثنين يعني: لا تحبسنا عن شي اللحم بأن تقلع أصول الشجر، بل خذ ما تيسر من قضبانه وعيدانه، وأسرع لنا في الشي.

والضمير في أصوله يجرع إلى الكلأ "اجدز" أصله اجتز من جزرت الصوف "شِيحًا" -بكسر الشين- نبت مشهور.

الإعراب: "فقلت" قال فعل وفاعل "لصاحبي" جار ومجرور متعلق بالفعل "لا تحبسنا" مفعول القول "بنزع" جار ومجرور متعلق به "أصوله" مضاف إليه "اجدز" أمر من جز يجز وفاعله ضمير مستتر فيه "شِيحًا" مفعوله.

الشاهد: قوله: "اجدز" فإن أصله اجتز فقلبت التاء دالًا.

مواضعه: ذكره الأشموني 784/ 3، وابن يعيش 49/ 10.

ص: 1623

والياء تبدل من ثلاثة أحرف، هي: الهمزة والألف والواو.

والواو تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الهمزة والألف والياء.

والألف تبدل من ثلاثة أحرف، وهي الهمزة والواو والياء.

والميم تبدل من النون، والتاء تبدل من حرفين وهما: الواو والياء.

والطاء تبدل من التاء، والدال تبدل من الباء، على ما سبق ذكره من التفصيل.

وقد تبدل بعض هذه الحروف من غير ما ذكر، وإنما قصد هنا ذكر الضروري، ولذلك لم يتكلم على إبدال الهاء مع أنه ذكرها في حروف البدل؛ لأن ذكر الهاء ليس بضروري؛ ولهذا قال في التسهيل: والضروري في التصريف هجاء "طويت دائمًا" وأسقط الهاء، وقد تقدم أول الباب الإعلام بأن حروف الإبدال الشائع اثنان وعشرون حرفًا، وهي المجموعة في قوله:"لجدٍّ صَرْفُ شَكس آمن طيَّ ثوب عزَّتِه" وأن الإبدال قد وقع في غيرها أيضًا، ولكنه ليس بشائع، وقد رأيت أن أذيل ما سبق ذكره باستيفاء الكلام على إبدال جميع الحروف على سبيل الإيجاز مرتبًا للحروف على ترتيبها في المخارج، فأقول وبالله التوفيق:

الهمزة، أبدلت من سبعة أحرف، وهي الألف، والياء، والواو، والهاء، والعين، والغين، والخاء، أما إبدالها من أحرف اللين فمنه مطرد كإبدال الهمزة من الألف في حمراء ومن الواو في كساء ومن الياء في رداء، وقد تقدم بيانه مستوفًى.

ومنه غير مطرد كإبدال الهمزة من الألف في الخاتم والعالم، وفي الواو في إشاح واحد، خلافًا للمازني في إشاح فإن إبدال الهمزة من الواو فيه مطرد عنده ومن الياء في قولهم: قطع الله أديه، في أسنانه ألل -أي: يلل وهي قصر الأسنان العليا، وقيل: انعطافها إلى داخل الفم.

وأما إبدالها من الهاء وما بعدها فمقصور على السماع، فمثال إبدالها من الهاء قوله: ماء وأصله ماه، ومن العين قولهم: أباب بحر والأصل عباب بحر، ومن الخاء قولهم: صَرَأ. أي صرخ، حكاه الأخفش عن الخليل، ومن الغين

ص: 1624

قولهم: رَأْنَة بمعنى رَغْنَة حكاه النضر بن شميل1 عن الخليل، وإبدالها من هذين الحرفين غريب جدًّا.

الألف: أبدلت من أربعة أحرف، وهي الياء نحو باع، والواو نحو قال، والهمزة نحو كاس في كأس، والنون الخفيفة نحو {لَنَسْفَعًا} 2.

والهاء أبدلت من خمسة أحرف، وهي: الهمزة نحو هياك في إياك وهو كثير، والألف كقوله من ها هنا ومن هُنْة أي من هنا، والواو في حرفين محتملين: أحدهما هنية تصغير هنة أصله هنيوة، ويحتمل أن تكون الهاء مبدلة من الياء المبدلة من الواو، والآخر: قولهم: يا هناء عند أبي الفتح، وفيه أقوال مشهورة، والياء في هذه وهنية على أحد الوجهين، والتاء في طلحة في الوقف على مذهب البصريين، وإبدال الهاء في جميع ذلك غير مطرد إلا في نحو طلحة.

العين: أبدلت من حرفين: الحاء في قولهم: ضَبَعَ بمعنى ضبح والهمزة في نحو "عَنَّ زيدًا قائم" أعني أن زيدًا قائم، وهي عنعنة تميم.

والغين: أبدلت من حرفين لخاء كقولهم: "غَطَر بيديه يغطر" بمعنى خطر يخطر حكاه ابن جني، والعين كقولهم: لَغَنَّ في لَعَنَّ.

الحاء: أبدلت من العين قالوا: "ربح" في ربع، وذلك قليل.

الخاء: أبدلت من حرف واحد، وهو الغين في قولهم:"الأخنّ" يريدون الأغنّ3 فقد وقع التكافؤ بينهما، وذلك في غاية القلة.

القاف -أبدلت من حرف واحد وهو الكاف كقولهم: وقنة في وكنة الطائر- وهي مأواه من الجبل، حكاه الخليل.

1 هو النضر بن شميل بن حرشة بن كلثوم. أخذ عن الخليل والعرب، وأقام بالبادية أربعين سنة، وكان أحد الأعلام وله من رواية الأثر والسنن والأخبار منزلة، وصف غريب الحديث، والشمس والقمر، وخلق العرش، والمدخل في كتاب العين. مات سنة ثلاثة وقيل: أربع ومائتين.

2 من الآية 15 من سورة العلق.

3 الأغن: الذي يخرج صوته من خيشومه.

ص: 1625

والكاف -أبدلت من حرفين: القاف في قولهم "عربي كحّ" أي: قحّ، وفسر الأصمعي القح فقال: وهو الخالص من اللؤم، وإبدال الكاف من القاف أكثر من عكسه والتاء في قول الراجز1:

يا ابن الزبير طالما عَصَيْكَا

.......................

أي: عصيت. أنشده أبو علي.

الجيم -أبدلت من الياء مخففة ومشددة، والأكثر كون الياء المبدل منها الجيم مشددة أو مسبوقة بعين، وهي عجعجة قضاعة.

الشين: أبدلت من ثلاثة أحرف: كاف المؤنث في نحو أكرمتك قالوا:

اكرمتش، والجيم، قالوا مدمش في مدمج قال2:

إذ ذاك إذ حبل الوصال مدمش

أي: مدمج، والسين قالوا: جعشوش في جعسوس، وهو القميء الذليل، يجمع بالمهملة دون المعجمة، وبذلك علم الإبدال.

1 قائله: هو راجز من حمير -وهو من الرجز.

وتمامه: وطالما عنيتنا إليكا. لنضربن بسيفنا قفيكا.

وأراد بابن الزبير -عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.

الإعراب: "يا" حرف نداء "ابن" منادى منصوب "الزبير" مضاف إليه "طالما" فعل ماضٍ وما كافة عن طلب الفعل أو مصدرية وهي وما دخلت عليه فاعل أي: طال عصيانك "عصيكا" عصى فعل ماض والكاف المنقلبة عن التاء فاعل.

الشاهد: قوله "عصيكا" فإن أصله عصيت، فأبدلت الكاف من التاء؛ لأنها أختها في الهمس.

مواضعه: ذكره الأشموني 823/ 3، وشواهد المغني ص153.

2 قائله: لم أقف على اسم قائله -وهو من الرجز.

اللغة: "حبل الوصال" رابطته "مدمش" مثل مدمج وزنًا ومعنى، أي: موثق متين.

الإعراب: "إذا" ظرف "ذاك" مبتدأ والخبر محذوف تقديره حاصل والجملة من المبتدأ والخبر أضيف إليها إذ "إذ" ظرف "حبل" مبتدأ "الوصال" مضاف إليه "مدمش" خبره، والجملة مضاف إليها إذ.

الشاهد: قوله: "مدمش" حيث أبدل الشين فيه من الجيم؛ لأن أصله مدمج.

مواضعه: ذكره الأشموني 878/ 3.

ص: 1626

الياء: وهي أوسع حروف الإبدال، ذكروا أنها أبدلت من ثمانية عشر حرفًا: وهي: الألف نحو دنينير في تصغير دينار، والواو نحو أعزيت وما يتصرف منه، والهمزة نحو بير في بئر، والهاء نحو دهديت في دهدهت، والسين في سادي وخامي ودساها وأصلها سادس وخامس ودسسها، والباء في الأراني والثعالي، والأصل الأرانب والثعالب، والراء في قيراط وشيراز عند بعضهم، والنون في أناسي وظرابي جمع إنسان وظربان وفي تظنيت وهو من الظن، والصاد في قصَّيت أظفاري والضاد في قولهم"1:

.......................

تقضِّي البازِي إذا البازِي كَسَرْ

واللام في أمليت وأصله أمللت، والميم في ائتميت وأصله ائتممت، والعين في ضفادي أي ضفادع، والدال في تصدية2، والتاء في ايتصلت، والثاء في الثالي أي: الثالث، والجيم في دياجي، وشيرة في شجرة، والكاف في مكاكي3.

1 قائله: هو العجاج يمدح به عمر بن عبد الله بن معمر -وهو من الرجز.

وصدره:

إذا الكرام ابتدروا البالغ بدر

..........................

اللغة: "الباغ" المراد به هنا الشرف والكرام "بدر" أسرع والضمير في بدر يرجع إلى الممدوح "تقضي البازي" في القاموس: انقض الطائر هوى ليقع.

الإعراب: "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان "الكرام" فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده "ابتدروا" فعل وفاعل "الباغ" مفعول به "بدر" فعل ماضٍ جواب الشرط والفاعل ضمير مستتر "تقضي" مفعول مطلق "البازي" فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده "كسر" فعل ماضٍ والفاعل ضمير مستتر فيه.

الشاهد: قوله: "تقضي البازي" إذ أصله تقضّض البازي. فاجتمع ثلاث ضادات فأبدلوا من إحداهن ياء.

مواضعه: ذكره الأشموني 879/ 3، والهمع 157/ 2.

2 التصدية: التصفيق والصوت.

3 مكاكي، والأصل مكاكيك، وهو مكيال.

ص: 1627

والصاد: أبدلت من اللام في قولهم: رجل جصد -أي: جلد.

اللام -أبدلت من حرفين- وهما النون في أصيلان والضاد في الطجع بمعنى اضطجع.

والراء -أبدلت من اللام في قولهم: نثرة- بمعنى نثلة، ورعل بمعنى لعل.

النون: أبدلت من ثلاثة أحرف: وهي اللام كقولهم لعن في لعل "ونابن فعلت كذا" في لا بل فعلت كذا، والميم كقولهم للحية: أيم وأين -بالنون والميم- حكاه الأصمعي، وقالوا: أسود قاتم وقاتن، والهمزة كقوله في النسبة إلى صنعاء وبهراء صنعاني وبهراني، وحكى الفراء: حنان في حناء، وهو الذي يخضب به.

الطاء: أبدلت من حرفين: التاء في الافتعال بعد حروف الإطباق، وقد تقدم ذكره، والدال حكى يعقوب عن الأصمعي "قط الحرف" ومده والإبعاط في الإبعاد.

والدال: أبدلت من أربعة أحرف: وهي التاء في الافتعال بعد الدال والذال والزاى والجيم في نحو اجدمعوا. والطاء كقولهم: المردى في المرطى وهو حيث يمرط الشعر حول السرة، والذال في قولهم: ذكر في جمع ذكرة.

التاء: أبدلت من ستة أحرف وهي: الطاء في فستاط والأصل فسطاط كقولهم في الجمع: فساطيط دون فساتيط، والدال في قولهم:"ناقة تربوط" والأصل دربوط، أي: مذللة؛ لأنه من الدربة، والواو في "تراث وتُجاه" ونحوهما، والياء في ثنتين وكيت وذيت، والصاد في لصت والسين في ست1.

1 ست: والأصل سدس لقولهم سديسة ثم أبدلت الدال تاء وأدغمت.

ص: 1628

قال في التسهيل: وربما أبدلت من هاء السكت، ومثاله ما تأوله بعضهم في قوله1:

العَاطِفُونَةَ حين ما من عَاطِفٍ

..........................

أنه أراد العاطفونه -بهاء السكت، ثم أبدلها تاء وحركها للضرورة، ومثله بعضه بنحو "جنت ونعمت" لأنه جعل الهاء أصلًا.

الصاد: أبدلت من السين في نحو "صراط".

والزاى: أبدلت من السين نحو يزدل في يسدل، والصاد نحو يزدق في يصدق.

والسين: أبدلت من ثلاثة أحرف: التاء في استخذ على أحد الوجهين وأصله اتخذ، والشين في نحو مشدود قالوا: مسدود، واللام في "استقطه" أي: التقطه، وهو في غاية الشذوذ.

الظاء -لم أجد في إبدالها شيئًا.

1 قائله: أبو وجزة السعدي، مدح بها آل الزبير بن العوام. وهو من الكامل.

وتمامه:

......................

نعم الذَّرَا في النائبات لنا هم

اللغة: "الذَّرَا" بالفتح، كل ما استتر به. يقال: أنا في ظل فلان وفي ذراه أي: في كنفه وستره "النائبات" شدائد الدهر وحوادثه.

الإعراب: "تحين" ظرف للعاطفون والتاء زائدة أو أنها متصلة بما قبلها على أنها هاء السكت، وعلى هذين القولين ما نافية وحين مضافة إلى الجملة المنفية فإن من زائدة "عاطف" مبتدأ خبره محذوف. أي: يوجد ونحوه، أو أنها بقية لات وحين خبرها واسمها محذوف، وفيه غرابة حيث يحذف العامل ويبقى منه حرف واحد. وهو مع ذلك عامل، وهذا لا نظير له "نعم" فعل ماضٍ لإنشاء المدح "الذَّرَا" فاعل "في النائبات" جار ومجرور "لنا" جار ومجرور "هم" مخصوص بالمدح.

الشاهد: قوله: "العطفون تحين" حيث أبدل هاء السكت تاء.

مواضعه: ذكره السيوطي في الهمع 126/ 1، والشاهد 281 في الخزانة.

ص: 1629

الذال: أبدلت من الدال في قراءة من قرأ "فَشَرِّذْ بِهِمْ"1 بالمعجمة، وفيه احتمال، ومن الثاء في قولهم:"تلعذم الرجل" أي: تلعثم، إذا أبطأ في الجواب.

الثاء: أبدلت من الفاء في مغثور وأصله مغفور، ومن الذال في قولهم في الجذوة من النار: جثوة.

الفاء: أبدلت من الثاء في قولهم: "قام زيد فُمَّ عمرو" أي: ثم عمرو، حكاه يعقوب. وقولهم:"فوم" بمعنى ثوب، ومن الباء في قولهم "خذه بإفانه" أي بإبانه.

الباء: أبدلت من الميم في قولهم: "با اسمك؟ " يريدون: ما اسمك؟ وهي لغة بني مازن، ومن الفاء قولهم:"البسكل" في الفسكل2.

الميم: أبدلت من أربعة أحرف وهي: الواو في فم عند أكثرهم، والنون في نحو عمبر، والبنام في البنان، ومن الباء في قولهم:"ما زلت راتِمًا على هذا" أي: راتبًا، أي: مقيمًا، ويدل على البدل أنهم قالوا: رتب ولم يقولوا رتم، واللام التي للتعريف في لغة حمير.

الواو: أبدلت من ثلاثة أحرف: الألف نحو ضويرب تصغير ضارب والياء نحو موقن، والهمزة نحو مومن. والله أعلم.

1 من الآية 57 من سورة الأنفال.

2 الفسكل: -بزنة قنفد أو زبرج- الفرس الذي يجيء في السباق آخر الخيل.

ص: 1630