المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الندبة: هي نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه، وهي من كلام - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك - جـ ٣

[ابن أم قاسم المرادي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌تابع القسم الثاني: تحقيق شرح الفية ابن مالك

- ‌الجزء الرابع

- ‌أسماء لازمت النداء:

- ‌الاستغاثة:

- ‌الندبة:

- ‌الترخيم:

- ‌الاختصاص:

- ‌التحذير والإغراء:

- ‌أسماء الأفعال والأصوات:

- ‌نونا التوكيد:

- ‌ما لا ينصرف:

- ‌إعراب الفعل:

- ‌عوامل الجزم:

- ‌فصل لو:

- ‌فصل أمَّا ولَوْلا ولَوْمَا:

- ‌الإخبار بالذي والألف واللام:

- ‌العدد:

- ‌تمييز المركب:

- ‌كم وكأين وكذا:

- ‌الحكاية:

- ‌الجزء الخامس:

- ‌التأنيث:

- ‌المقصور والممدود:

- ‌كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا:

- ‌جمع التكسير:

- ‌التصغير:

- ‌النسب:

- ‌الوقف:

- ‌الإمالة:

- ‌التصريف:

- ‌فصل في زيادة همزة الوصل:

- ‌الجزء السادس:

- ‌الإبدال:

- ‌فصل "إذا اعتلت لام فَعْلَى

- ‌فصل "إذا اجتمعت الواو والياء وسكن ما قبلها

- ‌فصل "إذا كانت عين الفعل واوا أو ياء وقبلهما ساكن صحيح

- ‌فصل: "إذا كان فاء الافتعال حرف لين

- ‌فصل: في الإعلال بالحذف

- ‌فصل: في الإدغام

- ‌الفهارس

- ‌محتويات المجلد الثالث:

- ‌فهرست الأبيات والشواهد:

- ‌مراجع الكتاب:

- ‌المحتويات:

الفصل: ‌ ‌الندبة: هي نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه، وهي من كلام

‌الندبة:

هي نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه، وهي من كلام النساء غالبا، والمندوب هو المذكور بعد "يا" أو "وا" تفجعا لفقده حقيقة؛ كقول جرير يرثي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه1:

..........................

وقُمتَ فيه بأمر الله يا عُمَرا

أو حكما؛ كقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "واعمراه واعمراه" حين أُعلم بجدب شديد أصاب قوما من العرب.

أو توجعا؛ لكونه محل ألم، نحو قوله2:

فواكبدا من حب من لا يحبني

ومن عبرات ما لهن فناء

1 البيت من البسيط وصدره:

حُمِّلتَ أمرا عظيما فاصطبرت له

اللغة: "حملت" بالبناء للمجهول مع تشديد الميم -أي: كلفت أمرا عظيما، أراد به الخلافة "اصطبرت" بالغت في الصبر والاحتمال.

المعنى: كلفت الخلافة وعهد إليك بشئون المسلمين في وقت عم فيه الظلم وفشا الجور فصبرت على تلك المشاق وقمت بما أمرك به الله ونشرت العدل بين الناس.

الإعراب: "حملت" فعل ماض مبني للمجهول والتاء نائب فاعل مفعول أول "أمرا" مفعول ثان "فاصطبرت" معطوف على حملت "له" جار ومجرور متعلق في محل نصب مفعول فاصطبرت "يا عمرا" يا حرف نداء وندبة وعمرا منادى مندوب مبني على الضم المقدر منع ممن ظهوره فتحة مناسبة ألف الندبة.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 464/ 2، وابن هشام 260، 218/ 3.

2 قائله: لم أقف على قائله، وهو من الطويل.

الإعراب: "واكبدا" وا للندبة، كبدا مندوب "من حب" جار ومجرور "من" اسم موضول مضاف إليه "لا يحبني" لا نافية، ويحبني عل مضارع والنون للوقاية والياء مفعول والفاعل ضمير، والجملة لا محل لها صلة الموصول "ومن عبرات" جار ومجرور "ما" نافية للجنس "لهن" جار ومجرور خبرها مقدم "فناء" اسمها.

الشاهد: قوله "واكبدا" حيث ختم بألف الندبة للتوجع.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 464/ 2.

ص: 1120

أو سببه كقوله1:

وتقول سلمى وازيتيه

وحكم المندوب حكم المنادى، فلهذا قال: ما للمنادى اجعل لمندوب.

يعني: أنه يضم إذا كان مفردا نحو "وازيد" وينصب إذا كان مضافا أو مطولا نحو: "واعبد الله" و"واضربا عمرا"2.

وإذا اضطر شاعر إلى "تنوينه"3 جاز ضمه ونصبه كقوله4:

1 قائله: عبد الله بن قيس الرقيات يرثي قوما من قريش قتلوا بالمدينة يوم الحرة.

وصدره:

تبكيهم أسماء معولة

وهو من الكامل.

اللغة: "معولة" من أعولت المرأة إعوالا: الصياح "وارزيتيه" الرزية: المصيبة.

الإعراب: "تبكيهم" تبكي فعل مضارع والضمير مفعول "أسماء" فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة "معولة" -بالنصب- حال من أسماء "تقول" فعل مضارع "سلمى" فاعل مرفوع بضمة مقدرة "وارزيتيه" وا للندبة والهاء للسكت، مقول القول.

الشاهد: قوله: "وارزيتيه" حيث أغنى عن اسم المندوب ذكر لفظ الرزية.

مواضعه: ذكره سيبويه 321/ 1.

2 أ، ج. وفي ب "وضاربا عمرا".

3 ب، ج. وفي أ "تنويه".

4 قائله: لم اقف على اسم راجزه، ونسبه الكسائي إلى رجل من بنى أسد، وهو من الرجز.

وعجزه:

أإبلي يأخذها كرَوَّس

اللغة: "فقعس" اسم حي من أسد "كروس" -بفتح الكاف والراء وتشديد الواو- وفي الأصل الكروس الرجل الغليظ، وكان كروس أغار على إبل الشاعر؛ فلذلك ندب بقوله:"وافقعسا".

الإعراب: "وافقعسا" وا للندبة "أين" اسم استفهام خبر مقدم "مني" جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره: أين صار مني فقعس "فقعس" مبتدأ مؤخر "أإبلى" الهمزة للاستفهام، إبلى مبتدأ والياء مضاف إليه "يأخذها" فعل مضارع ومفعوله "كروس" فاعل مرفوع بالضمة، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.

الشاهد: قوله: "وافقعسا" حيث نونه بالنصب للضرورة ويجوز ضمه أيضا.

مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني 464/ 2، وابن الناظم.

ص: 1121

وافقْعَسا وأين مني فَقْعَسُ

.......................

ثم نبه على ما لا تصح ندبته بقوله:

وما نُكِّر لم يُندب ولا ما أُبهما

الغرض من الندبة الإعلام بعظمة المصاب؛ فلذلك لا يندب إلا المعرفة السالم من إبهام، فلا تندب النكرة.

وأجاز الرياشي ندبة اسم الجنس المفرد، وقد جاء في الأثر:"واجبلاه" وهو نادر.

ولا يندب المبهم كاسم الإشارة والموصول بصلة لا تعينه، لا يقال:"واهذاه"1.

ولا "وامن ذَهَباه" لأن ذلك لا يقع به العذر للمتفجع.

ويجوز أن يندب الموصول بصلة تعينه لشهرتها. وإلى هذا أشار بقوله:

ويُندب الموصول بالذي اشْتَهَرْ

كبئر زمزم يلي وامَنْ حَفَرْ

فتقول: "وامن حفر بئر زمزم" لأنه في الشهرة كالعلم.

ثم نبه على ما يلحق آخر المندوب فقال:

ومُنتهى المندوب صله بالألف

يشتمل منتهى المندوب آخر المفرد نحو: "وازيدا"، أو المضاف نحو:"واعبدا الملكا" وما طول به نحو: "واثلاثة وثلاثينا" والصلة نحو: "وامن حفر بئر زمزما" وعجز المركب نحو: "وامعدي كربا".

وقوله: "صله" يعني جوازا؛ لأن المندوب له استعمالان:

أحدهما: أن يجري مجرى غيره من المناديات كما تقدم.

والآخر: أن يوصل بالألف المذكورة.

فإن قلت: أطلق في وصل المندوب بالألف وقيده في التسهيل2 بألا يكون

1 ب، ج. وفي أ "يا هذاه".

2 التسهيل ص185.

ص: 1122

في آخره ألف وهاء، فلا يقال:"واعبد اللاهاه" ولا "واجهجاهاه في عبد الله" و"جهجاه"1.

قلت: إطلاقه هنا موافق لإطلاق النحويين، وصرح بعض المغاربة بجوازه وفي ألفية ابن معطي.

وفي المضاف: "يا عبيد اللاهاه".

ولا يخلو ما قبل ألف الندبة من أن يكون ساكنا أو مفتوحا أو مكسورا أو مضموما، فإن كان ساكنا فتح للألف نحو:"وامن يغزواه" و"وامن يرمياه" ما لم يكن ألفا أو تنوينا أو ياء ساكنة مضافا إليها المندوب أو واوا أو ياء لا يقبلان الحركة، فإن كان ألفا حذفت لتعذر تحريكها نحو:

"واموساه".

وأشار إليه بقوله:

مَتْلُوها إن كان مثلها حُذف

أي: متلو ألف الندبة، يعني: الحرف الذي قبلها إن كان ألفا مثلها حذف لما تقدم، وأجاز الكوفيون قياسا قلب الألف فقالوا:"وامُوسياه"، وإن كان تنوينا حذف أيضا؛ لأنه لاحظ له في الحركة وفتح ما قبله، فتقول:"واغلام زيداه" وهذا مذهب سيبويه والبصريين.

وأجاز الكوفيون فيه مع الحذف وجهين: فتحه، فتقول:"واغلام زيدناه" وكسره مع قلب الألف ياء فتقول: "واغلام زيدنيه".

قال المصنف: وما رأوه حسن لو عضده سماع، لكن السماع فيه لم يثبت.

وقال ابن عصفور: أهل الكوفة يحركون التنوين فيقولون: "واغلام زيدناه"، وزعموا أنه سُمع. انتهى.

1 ب، ج.

ص: 1123

وأجاز الفراء وجها ثالثا، وهو حذفه مع إبقاء الكسرة وقلب الألف ياء؛ فتقول:"واغلام زيديه".

ولا يجيز البصريون إلا الأول.

فإن كان الياء المشار إليها فسيأتي الكلام عليها.

وإن كان واوا لا تقبل الحركة كواو الصلة في نحو: "غلامه" أو ياء كذلك نحو: "غلامه" حذفا، وقلبت الألف إلى مجانس ما قبلها.

وإن كان ما قبل الألف مفتوحا استصحب فتحة نحو: "واعبد يغوثاه" وإن كان ما قبلها مكسورا أو مضموما، فإما أن يوقع فتحه في لبس أو لا، فإن لم يوقع فتحه في لبس وجب فتحه كقولك في عبد الملك:"واعبد الملكاه" وفي من اسمه "قام الرجل" وقام الرجلاه، وإنما فتح لتسلم الألف.

فإن أوقع "في لبس"1 قلبت ألف الندبة ياء بعد الكسرة، وواوا بعد الضمة. فتقول في ندبة "غلام" مضافا إلى ضمير المخاطبة. "واغلامكيه" وفي ندبته مضافا إلى ضمير الغائب "واغلامهوه"؛ إذ لو قلت:"واغلامكاه" لالتبس بالمذكر، ولو قلت:"واغلامهاه" لالتبس بالغائبة.

وذلك مفهوم من قوله:

والشكل حتما أوله مُجانسا

إن يكن الفتح بِوَهْمٍ لابسا

الشكل: الحركة، ومجانس الكسرة: الياء، ومجانس الضمة: الواو.

وأشار بقوله: "حتما" إلى وجوب ذلك دفعا للبس.

وفهم من الشروط أن الألف لا تغير إذا كان الفتح لا يلبس كما تقدم.

وهذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون إتباع الألف للكسرة في المثنى نحو:"وازيدانيه" وفي "المفرد"2 نحو: "واعبد الملكيه" وفي نحو: "رَقاش""وارقاشيه"3.

قوله:

1 أ، ج.

2 أ، وفي ب، ج "المعرب".

3 رقاش: اسم امرأة.

ص: 1124

وواقفا زِدْ هاء سَكْتٍ إن تُرِدْ

وإن تشأ فالمد والها لا تَزِدْ

إذا وقف على المندوب زيد بعد ألفه أو بدلها هاء السكت، وليست بلازمة بل غالبة؛ لأنه يجوز الاقتصار على المد فيقال:"وازيدا".

وهذا معنى قوله: "وإن تشأ فالمد والها لا تزد" أي: إن تشأ ألا تزيد الهاء فالمد كافٍ وهو كالتنصيص على ما فهم من قوله: "إن ترد" ولو قيل: فالمد بالنصب لأفاد جواز تجريده من المد أيضا، أي: وإن تشأ فلا تزد المد والهاء، بل تجعله كالمنادى غير المندوب وقد تقدم بيانه أول الباب. وقد فهم من قوله:"وواقفا" أن هذه الهاء لا تثبت وصلا، وربما ثبتت في الضرورة مضمومة ومكسورة، وأجاز الفراء إثباتها في الوصل بالوجهين. قوله:

وقائلٌ واعبديا واعبدا

مَن في الندا اليا ذا سكون أبدَى

تقدم أن "في"1 المنادى المضاف إلى ياء المتكلم "نحو: "يا عبد""2 ست لغات:

فإذا ندبت على لغة من يقول: "يا عبد" -بالكسر- أو "يا عبد" -بالفتح- أو "يا عبد" -بالضم- أو "يا عبدا" -بالألف.

قلت: "واعبدا" لما علمت، وإذا ندبت على لغة من أثبت الياء مفتوحة قلت:"واعبديا". وإذا "ندبت"3 على لغة من أثبتها ساكنة وهو المشار إليه في البيت فوجهان:

أحدهما: أن تحذفها لالتقاء الساكنين، وتفتح ما قبلها فتقول:"واعبدا".

والثاني: أن تفتحها لقبولها الحركة فتقول: "واعبديا".

والحذف مذهب المبرد، والفتح مذهب سيبويه.

1 ب، ج.

2 ب، ج.

3 ب. وفي أ، ج "قلت".

ص: 1125