الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
بَابُ أَقْسَامِ العَرَبيَّةِ
قَالَ المُصَنِّفُ: «اعْلَمْ أَنَّ العَرَبِيَّةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًى» .
(الشَّرْحُ): تَنْقَسِمُ الكَلِمَةُ فِي اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ - لَا رَابِعَ
لَهَا -: اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفُ مَعْنًى.
القِسْمُ الأَوَّلُ: الاسْمُ: هُوَ كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ - مِنْ مَاضٍ أَوْ حَاضِرٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ -.
فَمِنْ ذَلِكَ: رَجُلٌ، وَشَجَرَةٌ، وَالضَّرْبُ، وَالأَكْلُ، وَعَالِمٌ، وَمُجْتَهِدٌ.
فَكُلُّ هَذِهِ الأَلْفَاظِ: كَلِمَاتٌ دَلَّتْ عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهَا.
مِثَالٌ: لَوْ قُلْتَ: (رَجُلٌ) مِنْ غَيْرِ أَنْ تَضَعَهَا فِي جُمْلَةٍ؛ لَوَجَدْتَ لَهَا مَعْنًى فِي مُخَيِّلَتِكَ، وَهُوَ: الذَّكَرُ البَالِغُ مِنْ بَنِي آدَمَ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَحْقِيقِ هَذَا المَعْنَى إِلْحَاقُ كَلِمَةِ (رَجُلٍ) بِكَلَامٍ آخَرَ، فَالمَعْنَى مُسْتَقِلٌّ بِالكَلِمَةِ نَفْسِهَا.
وَالأَسْمَاءُ لَا تَتَعَلَّقُ بِزَمَانٍ مَخْصُوصٍ؛ أَيْ: بِحَدَثٍ، فَـ (رَجُلٌ) كَلِمَةٌ لَا تَدُلُّ عَلَى حَدَثٍ وَقَعَ أَوْ يَقَعُ أَوْ سَيَقَعُ.
القِسْمُ الثَّانِي: الفِعْلُ، وَيُرَادُ بِهِ: كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى مَعْنًى مُسْتَقِلٍّ فِي
نَفْسِهِ مَعَ اقْتِرَانِهِ بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ - مِنْ مَاضٍ أَوْ حَاضِرٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ -.
فَمِنْ ذَلِكَ: قَامَ، وَيَقُومُ، وَقُمْ، وَضَرَبَ، وَيَضْرِبُ، وَاضْرِبْ.
فَكُلُّ هَذِهِ الأَلْفَاظِ: كَلِمَاتٌ دَلَّتْ عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهَا.
مِثَالٌ: لَوْ قُلْتَ: (قَامَ) مِنْ غَيْرِ أَنْ تَضَعَهَا فِي جُمْلَةٍ؛ لَوَجَدْتَ لَهَا مَعْنًى فِي مُخَيِّلَتِكَ، وَهُوَ: الانْتِصَابُ وَاقِفًا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَحْقِيقِ هَذَا المَعْنَى إِلْحَاقُ كَلِمَةِ (قَامَ) بِكَلَامٍ آخَرَ، فَالمَعْنَى مُسْتَقِلٌّ بِالكَلِمَةِ نَفْسِهَا.
وَهِيَ بِذَلِكَ تُشَابِهُ الأَسْمَاءَ، إِلَّا أَنَّهَا تَخْتَلِفُ عَنْهَا بِاقْتِرَانِهَا بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ؛ أَيْ: بِحَدَثٍ وَقَعَ أَوْ يَقَعُ أَوْ سَيقَعُ، فَهِيَ بِتَعَلُّقِهَا بِالزَّمَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:
1 -
المَاضِي، وَهُوَ: مَا دَلَّ عَلَى حَدَثٍ مَضَى وَوَقَعَ؛ كَقَوْلِكَ: (ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا).
2 -
المُضَارِعُ، وَهُوَ: مَا دَلَّ عَلَى حَدَثٍ يَقَعُ فِي الزَّمَنِ الحَاضِرِ أَوْ سَيَقَعُ فِي المُسْتَقْبَلِ؛ كَقَوْلِكَ: (يَضْرِبُ زَيْدٌ عَمْرًا)، وَهُنَا يُنْظَرُ فِي القَرَائِنِ اللَّفْظِيَّةِ وَالمَعْنَوِيَّةِ لِتَحْدِيدِ مَا إِذَا كَانَ المُتَكَلِّمُ يُرِيدُ زَمَنَ الحَاضِرِ أَوْ المُسْتَقْبَلِ.
3 -
الأَمْرُ: هُوَ مَا دَلَّ عَلَى حَدَثٍ يُطْلَبُ وُقُوعُهُ فِي المُسْتَقْبَلِ؛ كَقَوْلِكَ: (اضْرِبْ عَمْرًا)، فَلَمْ يَتَحَقَّقِ الضَّرْبُ بَعْدُ.
القِسْمُ الثَّالِثُ: حُرُوفُ المَعَانِي، وَهِيَ: كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى مَعْنًى فِي غَيْرِهِ؛ فَحُرُوفُ المَعَانِي - كَـ (ثُمَّ) وَنَحْوِهَا - لَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا.
فَمِنْ ذَلِكَ: (أَوْ) وَ (أَمْ) وَ (عَنْ) وَ (لَنْ) - وَغَيْرُهَا -.
فَكُلُّ هَذِهِ الأَلْفَاظِ: كَلِمَاتٌ دَلَّتْ عَلَى مَعْنًى فِي غَيْرِهَا، وَلَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا.
مِثَالٌ: لَوْ قُلْتَ: (ثُمَّ) دُونَ أَنْ تَضَعَهَا فِي جُمْلَةٍ؛ لَمَا وَجَدْتَ لَهَا مَعْنًى فِي مُخَيِّلَتِكَ - وَإِنْ كُنْتَ تُدْرِكُ وَظِيفَتَهَا وَفَائِدَتَهَا -، فَإِذَا أَلْحَقْتَهَا بِكَلِمَةٍ أُخْرَى فِي جُمْلَةٍ - كَقَوْلِكَ:(قَامَ زَيْدٌ ثُمَّ ذَهَبَ) - لَوَجَدْتَ كَلِمَةَ (ثُمَّ) دَلَّتْ عَلَى مَعْنَى الذَّهَابِ الَّذِي وَقَعَ بَعْدَ القِيَامِ، فَيُشْتَرَطُ فِي تَحْقِيقِ مَعْنًى لِـ (ثُمَّ) إِلْحَاقُهَا بِكَلَامٍ آخَرَ، فَالمَعْنَى غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالكَلِمَةِ نَفْسِهَا، إِنَّمَا بِغَيْرِهَا.
وَالحُرُوفُ - مِنْ حَيْثُ الاصْطِلَاحُ - تَنْقِسمُ إِلَى نَوْعَيْنِ:
الأَوَّلُ: حُرُوفُ الهِجَاءِ، وَهِيَ الَّتِي تَتَكَوَّنُ مِنْهَا الكَلِمَاتُ؛ كَنَحْوِ (أ ب ت ث ج) - وَغَيْرِهَا مِنَ الحُرُوفِ -، وَلَيْسَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ مَقَاصِدِ هَذَا البَابِ.
وَالثَّانِي: حُرُوفُ المَعَانِي، وَهِيَ الَّتِي يَتَحَقَّقُ المَعْنَى فِيهَا بِإِضَافَتِهَا إِلَى الاسْمِ أَوِ الفِعْلِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الحُرُوفِ هُوَ المُرَادُ - هُنَا - فِي هَذَا البَابِ،
وَقَدْ تَكُونُ أُحَادِيَّةً أَوْ ثُنَائِيَّةً أَوْ ثُلَاثِيَّةً أَوْ رُبَاعِيَّةً أَوْ خُمَاسِيَّةً؛ كَنَحْوِ (بَاءِ الجَرِّ)، وَ (عَنْ)، وَ (ثُمَّ)، وَ (لَعَلَّ)، وَ (لَكِنَّ).
قَالَ المُصَنِّفُ: «فَالاسْمُ: مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا، أَوْ مَفْعُولًا، أَوْ صَلَحَ فِيهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الخَفْضِ؛ مِثْلُ: (رَجُلٍ، وَفَرَسٍ، وَزَيْدٍ، وَعَمْرٍو) - وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ -» .
(الشَّرْحُ): للاسْمِ عَلَامَاتٌ كَثِيرَةٌ، ذَكَرَ مِنْهَا المُصَنِّفُ ثَلَاثًا:
الأُولَى: كَوْنُهُ فَاعِلًا؛ كَقَوْلِكَ: (قَامَ زَيْدٌ)، فَـ (زَيْدٌ) فَاعِلٌ، وَهُوَ اسْمٌ، فَإِذَا قُلْتَ:(أَكَلَ يَقْرَأُ)، فَهُنَا فِعْلَانِ، وَلَا بُدَّ مِنْ فَاعِلٍ فَعَلَ فِعْلَ الأَكْلِ وَالقِرَاءَةِ، فَلَا يَصِحُّ الفِعْلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا.
الثَّانِيَةُ: كَوْنُهُ مَفْعُولًا؛ كَقَوْلِكَ: (فَهِمَ زَيْدٌ الدَّرْسَ)، فَـ (الدَّرْسَ) مَفْعُولٌ بِهِ، فَهِيَ المَفْهُومُ، وَهِيَ اسْمٌ، فَإِذَا قُلْتَ:(فَهِمَ زَيْدٌ يَقُومُ)، فَلَا يَصِحُّ المَعْنَى فِي الجُمْلَةِ؛ لأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ المَفْهُومُ - فِي المِثَالِ - هُوَ (يَقُومُ).
الثَّالِثَةُ: دُخُولُ حَرْفِ الخَفْضِ - أَيِ الجَرِّ - فِي أَوَّلِهِ؛ كَقَوْلِكَ: (مَرَرْتُ بِزَيْدٍ)، فَـ (زَيْدٌ) اسْمٌ دَخَلَتْ عَلَيْهِ بَاءُ الجَرِّ، وَصَحَّ المَعْنَى، فَإِذَا قُلْتَ:(مَرَرْتُ بِيَذْهَبُ)، فَلَا يَصِحُّ المَعْنَى؛ لأَنَّ بَاءَ الجَرِّ فِي (بِيَذْهَبُ) دَخَلَتْ عَلَى
فِعْلٍ.
قَالَ المُصَنِّفُ: «وَالفِعْلُ: مَا دَلَّ عَلَى المَصْدَرِ، وَحَسُنَ فِيهِ الجَزْمُ وَالتَّصَرُّفُ؛ مِثْلُ: (قَامَ يَقُومُ، وَقَعَدَ يَقْعُدُ) - ومَا أشْبَهَ ذَلِكَ -» .
(الشَّرْحُ): ذَكَرَ المُصَنِّفُ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ مِنْ عَلَامَاتِ الفِعْلِ:
الأُولَى: كَوْنُهُ مُشْتَقًّا مِنَ المَصْدَرِ.
فَالأَفْعَالُ لَيْسَتْ مُشْتَقَّةً مِنْ كُلِّ اسْمٍ، بَلْ مِنَ المَصْدَرِ الَّذِي هُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الأَسْمَاءِ المُتَعَلِّقَةِ بِالزَّمَانِ المُطْلَقِ غَيْرِ المُعَيَّنِ؛ كَـ (الضَّرْبِ)؛ فَـ (الضَّرْبُ) مَصْدَرٌ؛ لأَنَّهُ اسْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِزَمَانٍ غَيْرِ مَخْصُوصٍ، فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى حَدَثِ الضَّرْبِ فِي وَقْتٍ دُونَ تَعْيِينِهِ عَلَى زَمَنِ المَاضِي أَوِ الحَاضِرِ أَوِ المُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا عَيَّنْتَ زَمَانَهُ قُلْتَ:(ضَرَبَ) أَوْ (يَضْرِبُ) أَوِ (اضْرِبْ).
الثَّانِيَةُ: مَا صَلَحَ فِيهِ الجَزْمُ.
هَذهِ هِيَ العَلَامَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا المُصَنِّفُ فِي تَمْيِيزِ الفِعْلِ عَنْ غَيْرِهِ، وَهِيَ الجَزْمُ؛ كَقَوْلِكَ:(لَمْ يَأْكُلْ)، وَلَا يَصِحُّ الجَزْمُ لِلاسْمِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا صَلَحَ فِيهِ التَّصَرُّفُ؛ بِمَعْنَى: أَنَّهُ يَتَبَدَّلُ وَيَتَقَلَّبُ مِنْ صُورَةٍ إِلَى أُخْرَى بِحَسَبِ الزَّمَانِ، فَالفِعْلُ الوَاحِدُ يَكُونُ فِي صُورَةٍ لِلْمَاضِي وَأُخْرَى لِلْمُضَارِعِ وَأُخْرَى لِلْمُسْتَقْبَلِ؛ كَـ (كَتَبَ) فِي الماضِي، وَ (يَكْتُبُ) فِي
المُضَارِعِ، وَ (اكْتُبْ) لِلْأَمْرِ.
قَالَ المُصَنِّفُ: «وَالحَرْفُ: مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى فِي غَيْرِهِ، وَخَلَا مِنْ دَلِيلِ الاسْمِ وَالفِعْلِ؛ مِثْلُ: (هَلْ، وَبَلْ، وَمِنْ، وَإِلَى، وَمَتَى، وَقَدْ) - وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ -» .
(الشَّرْحُ): أَمَّا الحَرْفُ؛ فَهُوَ الَّذِي لَا يَقْبَلُ شَيْئًا مِنْ عَلَامَاتِ الاسْمِ وَالفِعْلِ؛ كَـ (بَلْ)، وَ (مِنْ)، وَ (إِلَى)، وَ (مَتَى)، وَ (قَدْ)، وَ (لَمْ).
فَلَا يَصِحُّ دُخُولُ حَرْفِ الجَرِّ عَلَيْهَا؛ كَقَوْلِكَ (بِلَمْ).
وَلَا تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا؛ كَقَوْلِكَ (ذَهَبَ لَمْ إِلَى المَدْرَسَةِ)، أَوْ (ضَرَبَ زَيْدٌ لَمْ)، فَهَذَا لَا يَصِحُّ.
وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ اشْتِقَاقُهَا مِنَ المَصَادَرِ، فَلَا يُوجَدُ لِـ (لَمْ) مَصْدَرٌ.
وَكَذَلِكَ فَإِنَّ الحَرْفَ لَا يَتَصَرَّفُ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَيْسَ كَالفِعْلِ فإِنَّهُ - كَمَا تَقَدَّمَ - يَتَغَيَّرُ مِنْ صُورَةِ المَاضِي إِلَى المُضَارِعِ إِلَى الأَمْرِ.
وَكَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ فِي الحُرُوفِ الجَزْمُ؛ وَأَمَّا السَّاكِنَةُ مِنْهَا فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى السُّكُونِ وَلَيْسَتْ مَجْزُومَةً بِالإِعْرَابِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي البَابِ التَّالِي.