الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
بَابُ الحُرُوفِ الَّتِي تَنْصِبُ الأَفْعَالَ المُسْتَقْبِلَةَ
قَالَ المُصَنِّفُ: «وَهِيَ: (أَنْ، وَلَنْ، وَلِئَلَّا، وَكَيْ، وَكَيْلَا، وَلِكَيْ، وَلِكَيْلَا، وَحَتَّى، وَحَتَّى لَا، وَإِذَنْ، وَلَامُ الجُحُودِ، وَلَامُ كَيْ، وَوَاوُ الصَّرْفِ، وَ (أَوْ) فِي مَعْنَى (حَتَّى)، وَالفَاءُ فِي جَوَابِ سِتَّةِ أَشْيَاءَ: الأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالاسْتِفْهَامُ وَالتَّمَنِّي وَالجَحْدُ وَالدُّعَاءُ.
تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: (أَرَدْتَ أَنْ تَذْهَبَ يَا فُلَانُ)؛ نَصَبْتَ (تَذْهَبَ) بِـ (أَنْ).
وَفِي التَّثْنِيَةِ: (أَرَدْتُ أَنْ تَذْهَبَا)، وَفِي الجَمَاعَةِ:(أَرَدْتُ أَنْ تَذْهَبُوا)، وَفِي التَّأْنِيثِ:(أَرَدْتُ أَنْ تَذْهَبِي)؛ حَذَفْتَ النُّونَ مِنَ الفِعْلِ فِي التَّثْنِيَةِ وَالجَمَاعَةِ وَالتَّأْنِيثِ لِلنَّصْبِ.
وَمِثْلُهُ: (أَتَيْتُكَ لِتُحْسِنَ إِلَيَّ)؛ نَصبْتَ (تُحْسِنَ) بِلَامِ (كيْ)، وَ (مَا كَانَ عَبْدُ اللهِ لِيَشْتُمَكَ)؛ نَصَبْتَ (يَشْتُمَكَ) بِلَامِ الجُحُودِ.
وَتَقُولُ: (لَا تَضْرِبْ زَيْدًا وَتَأْخُذَ مَالَهُ)؛ نَصَبْتَ (تَأْخُذَ) بِوَاوِ الصَّرْفِ.
وَتَقُولُ: (لَا أُكْرِمُكَ أَوْ تُعْطِيَنِي نَصِيبًا)؛ نَصَبْتَ (تُعْطيَنِي)؛ بِمَعْنَى (حَتَّى تُعْطِيَنِي) وَ (إِلَى أَنْ تُعْطِيَنِي)».
(الشَّرْحُ): هَذَا بَابٌ لِلْحُرُوفِ الَّتِي تَنْصِبُ الفِعْلَ المُضَارِعَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَهَا، وَهِيَ:(أَنْ)، وَ (لَنْ)، وَ (كَيْ)، وَ (حَتَّى)، وَ (إِذَنْ)، وَ (لَامُ الجُحُودِ)، وَ (لَامُ كَيْ) - وَتُسَمَّى بِلَامِ التَّعْلِيلِ -، وَ (وَاوُ الصَّرْفِ) - وَتُسَمَّى بِوَاوِ المَعِيَّةِ -، وَ (أَوْ) - فِي مَعْنَى (إِلَى) أَوْ (حَتَّى) -، وَالفَاءُ السَّبَبِيَّةُ.
فَتَقُولُ فِي (أَنْ): (أَرَدْتَ أَنْ تَذْهَبَ)؛ فَـ (تَذْهَبَ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِـ (أَنْ) قَبْلَهُ.
وَتَقُولُ فِي (لَنْ): (زَيْدٌ لَنْ يَذْهَبَ إِلَى المَدْرَسَةِ)؛ فَـ (يَذْهَبَ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِـ (لَنْ) قَبْلَهُ.
وَتَقُولُ فِي (كَيْ): (أَدْرُسُ كَيْ أَنْجَحَ)، وَمِنْهَا:(كَيْلَا، وَلِكَيْ، وَلِكَيْلَا).
وَتَقُولُ فِي (حَتَّى): (عَاقِبِ المُجْرِمَ حَتَّى يَرْتَدِعَ)، وَمِنْهَا:(حَتَّى لَا).
وَتَقُولُ فِي (إِذَنْ): (إِذَنْ أُكْرِمَكَ)؛ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَكَ: (أَزُورُكَ غَدًا)، وَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ شُرُوطٍ لِتَحَقُّقِ النَّصْبِ فِيهَا، وَهِيَ:
الأوَّلُ: أَنْ تَكُونَ (إِذَنْ) فِي أَوَّلِ جُمْلَةِ الجَوَابِ.
الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ (إِذَنْ) مُتَّصِلَةً مَعَ الفِعْلِ المُضَارِعِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَّصِلَةً لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهَا النَّصْبُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ: وُقُوعُ القَسَمِ بَيْنَهُمَا أَوْ لَا (النَّافِيَةِ)؛
كَقَوْلِكَ: (إِذَنْ وَاللهِ أُكْرِمَكَ) وَ (إِذَنْ لَا أُقَصِّرَ فِي إِكْرَامِكَ)، فَتَحَقَّقَ النَّصْبُ فِي مِثْلِ هَاتَيْنِ الحَالَتَيْنِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الفِعْلُ المُضَارِعُ دَالًّا عَلَى الاسْتِقْبَالِ مِنَ الزَّمَانِ؛ أَيْ: سَيَقَعُ مُسْتَقْبَلًا.
وَتَقُولُ فِي لَامِ الجُحُودِ: (مَا كَانَ عَبْدُ اللهِ لِيَشْتُمَكَ)، وَسُمِّيَتْ كَذَلِكَ لِمُلَازَمتِهَا الجَحْدَ وَالنَّفْيَ.
وَتَقُولُ فِي لَامِ (كَيْ): (أَتَيْتُكَ لِتُحْسِنَ إِلَيَّ)، وَمِنْهَا (لِئَلَّا)، وَتُسَمَّى
- أَيْضًا - بِلَامِ التَّعْلِيلِ.
وَتَقُولُ فِي (وَاوِ الصَّرْفِ): (لَا تَضْرِبْ زَيْدًا وَتَأْخُذَ مَالَهُ)، وَتَكُونُ مَسْبُوقَةً بِنَفْيٍ أَوْ طَلَبٍ، وَتُسَمَّى - أَيْضًا - بِوَاوِ المَعِيَّةِ.
وَتَقُولُ فِي (أَوْ) - الَّتِي بِمَعْنَى (حَتَّى) أَوْ (إِلَى) -: (لَا أُكْرِمُكَ أَوْ تُعْطِيَنِي نَصِيبًا)؛ نَصَبْتَ (تُعْطِيَنِي) بِتَقْدِيرِ: (لَا أُكْرِمُكَ حَتَّى تُعْطِيَنِي) أَوْ (لَا أُكْرِمُكَ إِلَى أَنْ تُعْطِيَنِي).
أَمَّا الفَاءُ السَّبَبِيَّةُ فَقَدْ جَعَلَهَا المُصَنِّفُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَوْضِعِهِ.
وَإِنْ كَانَ الفِعْلُ المُضَارِعُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ - وَهِيَ: (تَفْعَلَانِ وَيَفْعَلَانِ
وَتَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ وَتَفْعَلِينَ) -؛ فَيُنْصَبُ فِيهَا الفِعْلُ بِحَذْفِ النُّونِ - كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ -، فَتَقُولُ:(أَرَدْتُ أَنْ تَذْهَبَا)، وَ (أَرَدْتُ أَنْ تَذْهَبُوا) وَ (أَرَدْتُ أَنْ تَذْهَبِي).