الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 -
بَابُ الحَالِ
قَالَ المُصَنِّفُ: «اعْلَمْ أَنَّ الحَالَ نَصْبٌ أَبَدًا، وَهُوَ كُلُّ اسْمٍ نَكِرَةٍ جَاءَ بَعْدَ اسْمٍ مَعْرِفَةٍ قَدْ تَمَّ الكَلَامُ دُونَهُ.
تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: (جاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا)؛ نَصَبْتَ (رَاكِبًا) عَلَى الحَالِ؛ أَيْ جَاءَ فِي حَالِ رُكُوبِهِ.
وَمِثْلُهُ: (أَقْبَلَ زَيْدٌ ضَاحِكًا) وَ (هَذَا أَخُوكَ مُنْطَلِقًا) وَ (ذَاكَ عَبْدُ اللهِ هَارِبًا)(وَعِنْدَكَ عَمْرٌو جَالِسًا)، وَقِسْ عَلَيْهِ».
(الشَّرْحُ): هُوَ الاسْمُ الفَضْلَةُ الَّذِي يُذْكَرُ لِبَيَانِ حَالِ صَاحِبِهِ، وَيُرَادُ بِهِ: إِظْهَارُ الهَيْئَةِ وَكَيْفِيَّتُهَا.
وَلَا يَكُونُ الحالُ إِلَّا نَكِرَةً وَمَنْصُوبًا، أَمَّا صَاحِبُ الحَالِ وَالهَيْئَةِ فَلَا يَكُونُ إِلَّا مَعْرِفَةً، وَقَدْ يَكُونُ مَرْفُوعًا أَوْ مَنْصُوبًا أَوْ مَجْرُورًا.
وَيُرادُ بِالفَضْلَةِ: أَنَّ الحَالَ لَا يَكُونُ فِي الجُمْلَةِ مِنْ تَمَامِ تَرْكِيبِ الكَلَامِ؛ إِنَّمَا يَقَعُ مَوْقِعَ الفَضْلَةِ؛ أَيْ: يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ فِي الجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ التَّرْكِيبُ.
فَمِنْ أَمْثِلَةِ الحَالِ: (جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا)؛ فَكَلِمَةُ (رَاكِبًا) عَلَى النَّصْبِ لأَنَّهَا
حَالٌ؛ أَيْ: هِيَ بَيَانٌ لِحَالِ زَيْدٍ عِنْدَ مَجِيئِهِ، فَصَاحِبُ الحَالِ هُوَ:(زَيْدٌ).
وَ (رَاكِبًا): نَكِرَةٌ، وَ (زَيْدٌ): مَعْرِفَةٌ لأَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ.
وَ (رَاكِبًا): فَضْلَةٌ فِي تَرْكِيبِ الكَلَامِ؛ لأَنَّكَ لَوْ حَذَفْتَ (رَاكِبًا) وَأَبْقَيْتَ العِبَارَةَ دُونَهَا لَكَانَ الكَلَامُ تَامًّا مِنْ غَيْرِهَا، فَتَقُولُ:(جَاءَ زَيْدٌ)، فَهَذِهِ العِبَارَةُ أَفَادَتْ مَجِيءَ زَيْدٍ.
وَلِهَذَا يُحْكَمُ عَلَى الحَالِ بِأَنَّهُ فَضْلَةٌ؛ بِخِلَافِ قَوْلِكَ: (زَيْدٌ ضَاحِكٌ)؛ فَـ (ضَاحِكٌ) خَبَرٌ - هُنَا -، وَلَا تُعْرَبُ بِأَنَّهَا حَالٌ؛ لأَنَّهَا فِي الجُمْلَةِ مِنْ تَمَامِ الكَلَامِ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا؛ بِدَلِيلِ أَنَّكَ لَوْ حَذَفْتَهَا مِنَ الجُمْلَةِ وَقُلْتَ:(زَيْدٌ)؛ لَمَا ظَهَرَتْ لَكَ فَائِدَةٌ مِنَ العِبَارَةِ؛ إِلَّا بِإِضَافَةِ كَلِمَةِ (ضَاحِكٌ) مَعَهَا؛ فَأَفَادَتِ الجُمْلَةُ مَعْنًى تَامًّا، وَهُوَ ضَحِكُ زَيْدٍ.
فَالكَلَامُ التَّامُ هُوَ: أَنْ يَكُونَ مَعَ الفِعْلِ فَاعِلُهُ، وَمَعَ المُبْتَدَإِ خَبَرُهُ.
وَقَدْ عَرَّفَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ الحَالَ بِأَنَّهُ جَوَابُ (كَيْفَ)؛ فَفِي قَوْلِكَ السَّابِقِ: (جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا)؛ فَـ (رَاكِبًا) حَالٌ؛ لأَنَّهُ جَوَابُ (كَيْفَ)؛ بِمَعْنَى أَنَّكَ إِذَا جَعَلْتَ الجُمْلَةَ بِصِيغَةِ السُّؤَالِ فَقُلْتَ: (كَيْفَ جَاءَ زَيْدٌ؟) لَصَحَّ أَنْ تَقُولَ: (رَاكِبًا)، فَبِذَلِكَ يُحْكَمُ عَلَى كَلِمَةِ (رَاكِبًا) بِأَنَّهَا حَالٌ؛ لأَنَّهَا جَوَابُ (كَيْفَ).
وَمِنَ الأُمُورِ الَّتِي تُقَرِّبُ مَعْرِفَةَ الحَالِ وَتُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ: تَغْيِيرُ سِيَاقِ الجُمْلَةِ فِي مُخَيِّلَتِكَ بِإِضَافَةِ (وَهُوَ) قَبْلَ الكَلِمَةِ الَّتِي تَعْتَقِدُ أَنَّهَا حَالٌ وَتَنْظُرْ فِي المَعْنَى؛ فَإِنْ صَحَّ كَانَتِ الكَلِمَةُ حَالًا، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ المَعْنَى لَمْ تَكُنْ حَالًا.
فَقَوْلُكَ السَّابِقُ: (جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا)؛ فَلَوْ جَعَلْتَهَا فِي مُخَيِّلَتِكَ عَلَى: (جَاءَ زَيْدٌ وَهُوَ يَرْكَبُ) لَصَحَّ المَعْنَى.
أَمَّا فِي المِثَالِ السَّابِقِ: (زَيْدٌ ضَاحِكٌ)؛ فَلَوْ جَعَلْتَهَا فِي مُخَيِّلَتِكَ عَلَى: (زَيْدٌ وَهُوَ يَضْحَكُ)؛ لَمَا كَانَ لِلْكَلَامِ مَعْنًى، مِمَّا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ (ضَاحِكٌ) لَيْسَتْ حَالًا.
وَمِنْ أَمَثِلَةِ الحَالِ:
1 -
(أَقْبَلَ زَيْدٌ ضَاحِكًا)؛ فَـ (ضَاحِكًا) حَالٌ؛ لأَنَّ المَعْنَى يَصِحُّ فِي
قَوْلِكَ: (أَقْبَل زَيْدٌ وَهُوَ يَضْحَكُ).
2 -
وَ (هَذَا أَخُوكَ مُنْطَلِقًا)؛ فَـ (مُنْطَلِقًا) حَالٌ؛ لأَنَّ المَعْنَى يَصِحُّ فِي قَوْلِكَ: (هَذَا أَخُوكَ وَهُوَ يَنْطَلِقُ).
3 -
وَ (ذَاكَ عَبْدُ اللهِ هَارِبًا)؛ فَـ (هَارِبًا) حَالٌ؛ لأَنَّ المَعْنَى يَصِحُّ فِي
قَوْلِكَ: (ذَاكَ عَبْدُ اللهِ وَهُوَ يَهْرُبُ).
4 -
وَ (عِنْدَكَ عَمْرٌو جَالِسًا)؛ (فَجَالِسًا) حَالٌ؛ لأَنَّ المَعْنَى يَصِحُّ فِي
قَوْلِكَ: (عِنْدَكَ عَمْرٌو وَهُوَ يَجْلِسُ).
وَقِسْ عَلَى تَقَدَّمَ كُلَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْكَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الحَالِ وَغَيْرِهِ.