الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث في سكان دار الكفر
يسكن دار الكفر الحربية نوعان من الناس:
الأول: الكفار وهم الأصل وهم غير معصومي الدم والمال، فدماؤهم وأموالهم مباحة للمسلمين، ما لم يكن بينهم وبين المسلمين عقد عهد، وموادعة لأنه العصمة في الشريعة الإسلامية لا تكون إلا بأحد أمرين بالإيمان، أو الأمان، والأمر الأول منتفي بالنسبة للكفار، وبقي الأمر الثاني فإن وجد لهم وهو الأمان فقد عصم أموالهم ودمائهم.
الثاني: من سكان دار الكفر المسلمون: والمسلم الذي يسكن في دار الكفر إما أن يكون مستأمناً أي دخل دارهم بإذنهم، وكانت بين دار الإسلام ودارهم عقود ومعاهدات، وعلاقات دولية.
وإما أن لا يكون مستأمناً، أي دخل دارهم بدون إذنهم ورضاهم، وهو في كلتا الحالتين معصوم الدم والمال بالإسلام، حتى ولو لم يهاجر إلى دار الإسلام فهو عند الجمهور كأي مسلم من أهل دار الإسلام يعصم بإسلامه دمه وماله، ولو كان مقيماً في دار الكفر إقامة مؤبدة، وإذا أراد دخول دار الإسلام فله ذلك متى شاء ولا يمنع من دخولها.1
1 أسهل المدارك 2/135، وروضة الطالبين 10/148، والمسائل الفقهية من كتاب الراويتين والوجهين 2/370.
بينما يرى الحنفية أن المسلم المقيم في دار الكفر ولم يهاجر إلى دار الإسلام غير معصوم بالإسلام.
لأن العصمة عندهم ليست بالإسلام وحده وإنما يعصم المسلم عندهم بعصمة الدار، ومنعة الإسلام المستمدة من قوة المسلمين وجماعتهم.
والمسلم في دار الكفر لا منعة له ولا قوة، فلا عصمة، ولكن لا بأس أن يدخل دار الإسلام في أي وقت شاء، فإذا دخلها استفاد العصمة.1
وما ذهب إليه الجمهور هو الصحيح فالمسلم بمجرد إسلامه عصم دمه وماله، في أي مكان في دار الإسلام أو في دار الكفر، وفي أي زمان، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله".2
ففي هذا الحديث يبين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن من نطلق بالشهادتين فهو معصوم الدم والمال، في أي وقت كان، وإن كان في دار الإسلام أو في دار كفر.
1 بدائع الصنائع 7/252. والتشريع الجنائي الإسلامي 1/375 – 276.
2 أخرجه البخاري 4/196 كتاب استتابة المرتدين. ومسلم 1/52 كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله حديث رقم 34 وهذا لفظه.
أما ما تشمله دار الكفر: فهي تشمل جميع البلدان الني ليس للإسلام فيها سلطان ولا تظهر ولا تغلب فيها أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك أيا كانت أنظمتها القانونية الوضعية أو السياسية.
فدور أهل الكفر تعتبر داراً واحدة، وإن تعددت وصارت دوراً شتى فهي بلاد كفر لتسلط الكفار عليها ونفوذ أحكامهم فيها، ويجب على المسلمين دعوة أهلها إلى دين الله وقتالهم إن أصروا على الكفر حتى يخضعوا لسلطان الإسلام وأحكامه أو يمحو من الأرض.