المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب محال البدل والقلب والنقل - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ١

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌باب محال البدل والقلب والنقل

‌باب محال البدل والقلب والنقل

البدل لأجل الإدغام لا ينظر فيه في هذا الباب، وجميع حروف المعجم جاء فيها البدل على ما سنذكره إلا الخاء، والحاء، والذال، والظاء، والضاد، والعين، والقاف، فالضروري في التصريف جمعت في قولك:(طال يوم أنجدته) وجمعها ابن مالك، في قولك:«طويت دائمًا» أسقط منها الهاء، واللام، والنون، والجيم، ويعرف الأصلي من المبدل بالرجوع إليه في بعض التصاريف وجوبًأ كجدث قالوا: جدف حين جمعوا قالوا: أجداث فقط أو غلبة كأفلت، وأفلط، وإلا فهما أصلان كجذب، وجبذ.

الهمزة: أبدلت وجوبًا من حرف لين لام، أو ملحق يلي ألفًا زائدة - متطرف نحو: كساء، ورداء، واسلنقاء، أو متصل بهاء تأنيث عارضة كعطاءة، وصلاءة، وقيل هي بدل من ألف منقلبة عن حرف؛ فإن بنيت الكلمة على الهاء لم تبدل كهداية، وعلاوة، وربما صححت مع العارضة كصلاية، وشقاوة، وأبدلت مع اللازمة كقولهم في المثل:«اسم [رقاش] فإنها سقاية» ومنهم من يقول في هذا سقاءة بالهمزة على ما كان له قبل المثل.

ص: 255

ومن ياء وواو عين في اسم فاعل، أو فاعلة اعتلت في فعله بانقلابها ألفًا نحو: قائم وبائع أو اسم لا فعل له: «كحائر» ، وجائزة، وقيل: البدل فيهما من ألف منقلبة عن الحرف، ومن أول واوين تصدرتا لم يبدل من ثانيهما، ولا كانت الثانية مدة عارضة وذلك في نحو: أواصل جمع واصلة، و «أوعد بناء مثل كوكب من الوعد» ؛ إذ أصله ووعد، وأويصل تصغير واصل، والأول جمع الأولى، (والأولى) تأنيث الأول، وإن أبدل من ثانيهما «كالوولى» تأنيث الأوأل، أبدل من همزتها واوًا صار «الؤولى» جاز إبدال الواو الأولى همزة، ولا يجوز همزهما معًا، وهذا جار على مذهب المازني قال: إذا بنيت من الوأى اسمًا على وزن فعل قلت: وؤى فإذا سهلت الهمزة بإبدالها واوًا، فقلت ووى، جاز إبدال الأولى همزة.

وقال الخليل، وسيبويه: يجب الإبدال همزة، وقال المبرد: يمتنع الإدغام، وقال من تقدم غير الخليل وى أو أى، وإن كانت الثانية مدة عارضة،

ص: 256

لكونها في الأصل ألف فاعل نحو: وارى، أو واو فوعل كبنائه من الوعد، أو ياء (فيعل) كبنائه من ويس: وورى، ووعد، وويس جاز الإبدال؛ إن كانت الثانية زائدة، والأولى مضمومة في أصل البناء كالبناء من الوعد مثل طومار فتقول: ووعاد فتقول: أو عاد على وجوب البدل وهو اختيار ابن عصفور، وقيل على الجواز، وهو اختيار ابن هشام وابن مالك.

فإن عرض اتصال الواوين بحذف همزة كانت فاصلة بينهما كبناء افعوعل من وأيت فتقول: إيأوأى بنقل حركة الهمزة الأولى إلى الياء، فتزول ألف الوصل، وتعود الياء واوًا لزوال موجب قلبها فتصير: ووأى، فإن نقلت حركة الثانية إلى الواو والحالة هذه قلت: ووى، فالفارسي يجيز إبدال الواو الأولى في المثالين همزة، وتبعه ابن مالك، وغير الفارسي يوجبه وفي غير ما تقدم يجوز إبدال الواو المضمومة ضمة لازمة همزة نحو: أجوه، وأعد، وأنؤر، وغؤور، وفؤوج، وقؤول، في وجوه، ووعد، وأنور، وغوور، وفوج، وقوول.

ص: 257

وجاء شيء من هذا لازم البدل قالوا: أجنة ولم يقولوا: وجنة، وهو من الوجنة، وأثن جمع (وثن) ولم يقولوا: وثن قاله أبو حاتم.

وزعم المازني: أن همز «أدؤر» أكثر، وقال المبرد: تركه أحسن، قيل: واتفقوا على أن همز (وجوه) أحسن وأكثر، ولا يصح هذا الاتفاق؛ لأن لغة القرآن الواو من غير إبدال؛ فإن عرضت الضمة نحو: اخشوا الله، و [لنبلون] وهذا غزو أو كانت الضمة يمكن تخفيفها بالإسكان كـ «نور وسور» جمع نوار، وسوار أو زائدة كهي في «الترهوك» مصدر «ترهوك» أو مشددة كتعوذ فلا يجوز البدل، خلافًا لأبي الفتح في الزائدة نحو: الترهوك، وخلافًا لابن طاهر في المشددة، فإنهما يجيزان الهمزـ فتقول: ترهؤك وتعؤذ.

وقراءة من قرأ [يلؤون] بالهمز شاذة، وهمز واوا «ورقاؤون» جمع

ص: 258

«ورقاء» مسمى به مذكر، ظاهر مذهب سيبويه أنه لا يجوز، وجوزه بعضهم، ويجوز إبدال الياء المسكورة الواقعة بين ألف وياء مشددة همزة، فتقول في النسب إلى نحو: راية: رائى، وراوى، ورايى، فمن أبدل فرمن اجتماع الياءات، ويجوز إبدال الواو المكسورة المصدرة همزة فتقول:«إشاح» في «وشاح» وقال ابن مالك: هو مطرد على لغة، ولا أعلم أحدًا نص على أن ذلك لغة، وظاهر كلام سيبويه أن ذلك مقيس، وهو مذهب الجمهور، وقال المبرد: لا يطرد، والقولان عن الجرمي، والمازني، ولو عرض كسر الواو، فقيل: وى على قول من أبدل، وأدغم، وكسر كما كسر في رية الذي أصله: رؤية فأبدل، وأدغم، وكسر، فمذهب سيبويه، جواز إبدال هذه الواو، العارض كسرها همزة فتقول: إي، وقال بعض أصحابنا: لا يجوز إبدالها همزة.

وإذا اكتنف ألف الجمع واوان، ووليت الثانية الطرف، وجب قلبها همزة نحو: أوائل، وحوائل، أصلهما أواول، وحواول جمع «أول» و «حول» ، فلو اكتنفها

ص: 259

ياءان، أو ياء، وواو فكذلك نحو: عيائل، وخيائر، وسيائد، وصوائد في جمع عيل، وخير، وسيد، وصائدة، خلافًا للأخفش، في إقرار الياء، والواو، فلو فصل بين الحرف، والطرف ضرورة فكما لو لم يفصل، فلو اكتنفا غير ألف الجمع كالبناء من القول مثل: عوارض قلت: قوائل، خلافًا للأخفش، والزجاج في إقرار الواو، وندر «ضياون» جمع (ضيون)، ولا يقاس عليه لو بنيت من القول اسمًا على وزن «ضيغم» وصححته فقلت:«قيول» ثم جمعته، وهمزته فقلت قيائل، خلافًا لمن قال: إذا صح في المفرد صح في الجمع، فإن لم يل الحرف الطرف، فالتصحيح نحو: عواوير، وطواويس جمع عوار، وطاووس فلو كان مما يلي الألف بدلاً من همزة لم تقلب همزة نحو: حوايا، وزوايا، وخبايا جمع حوية، أو حاوية، أو حاوياء، وجمع زاوية، وخبية، فإذا كان في المفرد مدة ثالثة نحو: رسالة، وكتيبة، وحلوبة، أبدلت في الجمع همزة فقيل: رسائل، وكتائب، وحلائب، وفي الترشيح، عجائز، وقبائل، ورسائل بالهمزة ولا تحرك الياء؛ لأنه لا أصل لها

ص: 260

في الحركة، وقد يجوز تخفيف الهمزة في هذا كله، وقلبها ياء، أجازه أبو إسحاق الزجاج، وتخفيف الهمزة قياس ماض في هذا وشبهه انتهى.

وقرأ ابن كثير في رواية [شعاير]، بالياء، فلو كانت المدة عينًا أو صحت في المفرد، لم تهمز نحو: معاون، ومعايش، ومثاوب، ومطايب جمع معونة، ومعيشة، ومثوبة، ومطيبة، وشذ الهمز في معائش، ومنائر، ومصائب، شبهوها بصحائف، وسمع التصحيح فقيل: مصاوب على القياس، وهو قول أكثر العرب، وحكى الزجاج عن الأخفش أن الهمزة في «مصائب» بدل من الواو التي اعتلت في «مصيبة» قال: وهذا رديء، ويلزمه أن يقول: مقائم في جمع المقام، ومعائن في جمع المعونة انتهى.

ص: 261

فأما «مسائل» جمع «مسيل» ، فذهب الزبيدي إلى أن الميم أصلية، فهمزها قياس، وذهب الأعلم، وغيره إلى أن «مسيلا» مفعل من سال، فالهمز في جمعه شاذ، وفي الترشيح: مسيل الماء جمعه «مسايل» بلا همزة؛ لأنه من سال يسيل قال زهير:

..............

بمستأسد القريان حو مسايلة

وإن شئت همزت تجعل الميم أصلية؛ لأن الجمع مسل، وحكى يعقوب في مسيل الماء أن جمعه: أمسله، ومسل، ومسلان، ومسايل قال، ويقال للمسيل: مسل، وقوله يدل على أن الميم أصلية كأنه من مسل يمسل، انتهى.

فلو كان بعد ألف الجمع ياء، أو واو أصليتان، وليستا بمدة، ولا من باب أول، وعيل لم تبدلا همزة نحو: أقاويل، وأباييت جمع أقوال، وأبيات، وشذ أقائم جمع أقوام، وقالوا في جمع

ص: 262

«هراوة» مما صحت لامه، وهي واو «هراوى» قالوا فأصله: هرائو، فتحت الهمزة، وقلبت الواو ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها أجروه مجرى رسالة، فإن اعتلت كـ (مطية)، أو كانت ياء كهدية، أو همزة كخطيئة، أبدلت ياءً قالوا: مطايا، وهدايا، وخطايا، وشذ «مطاوى» وهداوى، وخطاء، ومناء، وخطاءى وقالوا: في «مرآة» مراء على القياس، و «مرايا» عاملوا الهمزة الأصلية معاملة العارضة للجمع، وقياس الأخفش على «هراوى» ضعيف؛ إذ لم يسمع إلا هذه اللفظة، ولو ذهب ذاهب إلى أن وزن هذه كلها فعالى لكان مذهبًا، فـ «علاوى» صحت فيه الواو كما صحت في مفرده، ومطايا اعتلت كما اعتلت في مفرده، وهدايا جاء على الأصل، وخطايا جاء على خطية، بإبدال الهمزة ياء، وإدغام ياء المد فيها، والمعتل، والصحيح تختلف أوزانهما وأحكامهما كثيرًا.

وفي كتاب الإنصاف: «أن خطايا عند الكوفيين وزنها: «فعالى» : وإليه ذهب الخليل، وقال البصريون وزنها «فعائل» ، وأبدلت الهمزة من الهاء في «ماء وأماواء» والأصل:«ماه، وأمواه» ، وفي «آذا» وأصله هذا وفي «آل»

ص: 263

عند الجمهور، وأصله «أهل» ، فأبدلوا من الهاء همزة ثم منها ألفًا، وذهب الكسائي، وتبعه ابن الباذش إلى أن أصله «أول» تحركت الواو وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا، ونقل الكسائي أن تصغير «آل» أويل، ووافقه يونس على تصغيره، ولم يذكر سيبويه أن الهاء تبدل همزة، و «تدرأ» و «تدره» أصلان جاءت التصاريف عليهما قال ابن عصفور، والأولى جعل الهمزة أصلاً، لفقد الهاء في بعض التصاريف، وأبدلت الهاء من الهمزة في إياك (بفتح الهمزة وكسرها)، وفي «أرحت» ، و «أرقت» ، و «أنرت» ، و «أثرت» «وأردت» قالوا: هياك، وهياك، وهرحت، وهرقت، وهنرت، وهثرت، وهردت.

ص: 264

وأثبتوا الهاء ف يالمضارع، واسم الفاعل، واسم المفعول قالوا: يهريق، ومهريق، ومهراق، ومن همزة الاستفهام قالوا: هزيد منطلق؟ أي أزيد منطلق، وفي النداء قالوا: هيا في «أيا» ، وأبدلت العين من الهمزة في «عباب» قالوا: أباب، وقال أبو الفتح: الهمزة أصل من (أب)[إذا] تهيأ. وقالوا: لهنك أي «لإنك» على أحد القولين، وقرئ {طه} أي طأ الأرض قدميك، وعند طيئ (هن) في إن الشرطية، وأبدلت العين من الهمزة في «مؤثل» ، وفي «أما» قالوا «معثل» ، و «عما». وعند تميم قال أبو الطيب الحلبي: وقبائل من قيس أبدلوا من همزة إن، وأن عينا. قالوا: عن، وعن، وقال الخليل: تميم تبدل الهمزة من العين، والعين من الهمزة يقولون: عنى، وخبع، وعدر بمعنى: أنى، وخبأ، وأدر، ويقولون: نزأ بمعنى (نزع)،

ص: 265

وقالوا: أثكول أي: (عثكول)، ولم يذكر سيبويه إبدال العين من الهمزة لقلته، وذكر ابن مالك أنه كثير، ولا يحفظ منه إلا ما ذكرناه، أو ما شذ عنه إن كان شذ.

ص: 266