الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإدغام
هو لغة الإدخال، واصطلاحًا: رفع اللسان بالحرفين دفعة واحدة، والوضع بهما موضعًا واحدًا، إذا التقى المثلان في كلمة، والأول ساكن وكانا همزتين، والأولى تلي الفاء، فالإدغام نحو: سأال، أو غيرهما كقمطر من «قرأ» فلا إدغام، بل تبدل الثانية ياء، فتقول: قرأى، أو غير همزتين، والأولى مدة في غير آخر كـ «مغزوو» فالإدغام تقول: مغزو؛ إلا إن كانت مبدلة من غيرها دون لزوم كـ «فوعل» من «قاول» ومن فعول وفوعل، فالإظهار وجوبًا نحو:«قوول» لإلباسه لو أدغم «بفعل» فإن لم يلبس جاز نحو: «وربيا» في الوقف لحمزة، فيدغم فيقول:«وريا» أو تفك فتقول: (وربيا).
فإن لزم البدل فالإدغام، كأن تبنى من (الأوب) اسمًا على وزن «أبلم» فتقول: أوب، أو متحرك بفتحة في اسم، فالإظهار نحو:«طلل» أو في
«فعل» فالإدغام كانت حركة الثاني فتحة كرد، أو كسرة «كسف» أو ضمة كـ «لب» وكذا «فعل» و «فعل» اسمان تقول فيهما رد، خلافًا لابن كيسان، فإنه يوجب الفك، فيقول:«ردد» و «وردد» ، وشذ الفك في «صكك» ولحح و «قطط» ، وألل، و «ضبب» و «مشش» ، ومن الاسم:«ضفف» ، وقصص، و «محبب» ، و «شملل» ، وفي الشعر:«الأجلل» ، و «أظلل» .
فإن تصدر المثلان أصلين أول كلمة، ففي الاسم نحو:«ددن» لا في الفعل، أو الثاني زائد نحو «تتذكر» فلا إدغام، ويجوز حذف الثانية على مذهب البصريين والأولى على مذهب الكوفيين، أو أصل، وأدى إلى اجتلاب همزة الوصل في المضارع نحو:«تتابع» فلا يجوز الإدغام، والمحذوف الثانية أي تتابع وتتبع، جاز الإظهار وجاز الإدغام، باجتلاب همزة الوصل فتقول: اتابع واتبع.
أو كان مضارعًا لا يحتاج إلى همزة الوصل جاز الإدغام كقراءة [ولا تناجوا] قال سيبويه «إن شئت أسكنت الأولى للمد، وإن شئت أخفيت وكان بزنته متحركًا انتهى» ويعني بالإخفاء اختلاس الحركة، وقال غيره بعد مدة نحو:[ولا تيمموا] أو حركة نحو: [تكاد تميز] ويمنع من الإدغام أن يسبقهما مزيد للإلحاق نحو: «ألندد» ، أو يعرض التحريك في ثانيهما: نحو: لن يحيى، واردد القوم، أو يدغم في أولهما نحو
مردد، أو يكون أحدهما للإلحاق نحو: قردد.
وتقول في (فعلول) من «الرد» : «رددود» ، وفي «فعليل»:«ردديد» ، وفي «افعللت» من «الرد» ارددت، تجعل حكم الدالين الأولين حكم تاء افتعل في جواز الإظهار والإدغام، وإذا بنيت من «الرد» على وزن «اقشعر» على قول أبي الحسن قلت:«اردددت» ، وبغير الضمير:«ارددد» وعلى قول المازني «ارددد» ، وإن بنيت منه مثل «اغدودن» قلت:«اردود» وتقدم قول المعري: أنه يفك فتقول: «اردودد» ومثل «دمكمك» : «رددد» ومثل «دحرج» : رددد.
ويمنع من الإدغام أيضًا أن يوازن ما هما فيه بجملته فعلا: كـ «طلل» ، و «فعل» كـ «درر» وفعل كـ «درر» و «فعل» كـ «شلل» ، أو مصدره كـ «شجن» ، وخششاء، والدججان؛ فتاء التأنيث وعلامة التثنية،
وجمع السلامة، وياء النسب، والألف والنون المزيدتان، وألف التأنيث زيادة كلا زيادة، فلو بنيت من الرد فعلان قلت: رددان هذا مذهب الخليل وسيبويه، وذهب الأخفش إلى الإدغام فتقول ردان، وفعلان كظربان وفعلان كسبعان، فمذهبه الفك والإدغام، ومثل: إبل قلت: ردد، أو مثل دئل قلت: ردد بالفك، ومن رأى فعل أصلاً في الفعل ينبغي أن يدغم فيقول: رد، وفي مذهب ابن كيسان حيث أظهر في فعل وفعل يكون هذا أولى بالإظهار.
وإذا كان ما قبل المدغم ساكنًا، نقلت حركة المدغم إليه نحو: يرد ويقر، ومقر أصله: يردد، ويقرر، ومقرر، إلا إن كان حرف مد نحو: راد و «تمود» و «تميدا» ، أو ياء تصغير نحو: أصيم، و «مديق» ، ودويبة، فلا نقل.
ويجوز كسره إن كان المدغم تاء الافتعال، فيسكن الثاني وينقل حركتها إلى
الساكن قبلها، فتذهب همزة الوصل فتقول: قتل، ومضارعه يقتل واسم الفاعل: مقتل و «مقتل» ، واسم المفعول: مقتل و «مقتل» ومن هذه اللغة من يكسر حرف المضارعة اتباعًا لحركة القاف، وعلى لغة من يقول في «يفتعل» «يفتعل» ويجوز كسر القاف لالتقاء الساكنين فتقول: قتل يقتل واسم الفاعل: مقتل واسم المفعول مقتل ويجوز اتباع حركة التاء لحركة القاف، فتقول: قتل وقياس مضارعه يقتل ويقتل واسم الفاعل واسم المفعول مقتل ومقتل، لا فرق، والقرينة تبين.
وقياس مصدر: قتل: قتالاً، وقتل: قتالاً، وقد قيل: قتيلاً، والمسموع في
المصدر: فعالا فقط، وقياس فعل، وفعل فعالا، وفعل فعيل.
وإذا سكن ثاني المدغمين في أفعل للتعجب، فالفك نحو: احبب بزيد، وأجاز الكسائي، والإدغام، أو لاتصاله بضمير مرفوع نحو: رددت، ورددت، ورددت، ورددنا، وارددن، فالفك، وناس من بكر بن وائل يدغمون فيقولون: ردت وكذا باقيها.
وحكى بعض الكوفيين في ردن في هذه اللغة: ردن، يزيد نونًا ساكنة قبل نون الإناث، ويدغمها فيها، وحكى بعضهم في ردت: ردات أو جزمًا، أو بناء نحو: لم يردد، واردد فالحجاز يظهرون، وتميم، قيل وغير الحجاز تدغم، فتنقل الحركة إلى الساكن، فتقول: رد واطمأن، وتحذف همزة الوصل إن جيء بها للابتداء بالساكن، ولم يحك أحد من البصريين بإقرارها.
وحكى الكسائي أنه سمع من عبد القيس: أرد، وأعض، وأقر في أردد، وأغضض، واقرر، وهذا نظير ما حكى أبو الحسن في إسأل: اسل وإذا أدغم فالتقى ساكنان، حرك الثاني، فحكى سيبويه أربع لغات.
الأولى: تحريكه بأقرب الحركات إليه فتقول: «رد» و «غض» و «فر» إلا فيما اتصل بضمير المؤنث، أو المذكر من الغائبين، فبحركة الضمير: رده، غضه، فره، وغضها، وردها، وفرها، وإلا ما بعد ساكن من كلمة أخرى لام تعريف، أو غيرها، فيكسرون نحو:
فغض الطرف
ورد ابنك.
الثانية: الفتح مطلقًا إلا إذا لقيه ساكن بعده وهي لغة أسدية.
الثالثة: الفتح مطلقًا من غير استثناء شيء.
الرابعة: الكسر على أصل التقاء الساكنين؛ وهي لغة كعب وعنبر.
ومن ألحق الضمائر هلم؛ فقال: هلما وهلموا؛ فجعلها فعلا أجمعوا على فتح الميم من هذه في «هلم» مدغمة، وحكى الفارسي في الإيضاح: هذه اللغات كما حكى سيبويه، فقال: منهم من يتبع ومنهم من يفتح، ومنهم من يكسر، ثم قال:«وإذا اتصل به ضمير المؤنث فتحوا جميعًا، وإذا اتصل به ضمير المذكر ضموا جميعًا» .
وقال الزجاجي: «فإن ثنيت أو جمعت لم يكن إلا الإدغام يعني في اللغات كلها، فلا يجوز امددا، ولا «امددوا» وكذلك أيضًا علامة المؤنث لا يجوز نحو: «ارددى» وكذلك لم يردا، ولم يردوا ولم تردى، وكذلك إذا لحقته نون التوكيد نحو:«ردن» لا يظهره الحجازيون بخلاف «اردد الرجل» ولم يردد الرجل، فإنهم يظهرونه»
وإن كانت العين واللام ياءين، والثانية ساكنة لم يجز الإدغام نحو: عييت،
وحييت.
أو متحركة وما قبلها مفتوح قلبت ألفًا نحو: «أحيا» واستحيا.
أو غير مفتوح، وحركتها حركة إعراب فلا إدغام نحو: رأيت محييًا، ولن يحيى، وأجاز الفراء لن يعي.
أو حركة بناء والياء متطرفة نحو: عيى، وحيى، فالإظهار أكثر ويجوز الإدغام.
فإن اتصل به الواو فمن أدغم قال: حيوا، واستقبحه الفراء، وهو عند البصريين حسن ومن أظهره قال: حييوا، أو غير متطرفة بعدها علامة تثنية نحو: محييان، وحييان، ومعييان.
أو علامة جمع نحو: محييات فالإظهار فقط، أو ألف ممدودة نحو: أعيياء أو ألف ونون زائدتان نحو محييان على وزن مسجلان، أو تاء تأنيث لاحقة للجمع نحو:«أحيية، وأعيية» ، فالفك والإدغام.
أو لاحقة لمفرد غير عوض من محذوف، فالإظهار فقط نحو: أعيية، ومعيية أو عوضًا، فالإدغام نحو: تحية، خلافًا للمازني، فإنه يجيز فيه الإظهار، وهو ظاهر قول سيبويه، وفي الإيضاح أكثر النحويين على أنه لم يجز التضعيف فيها، ولا فيما هو بمنزلتها، وقال أبو عثمان: يجوز ذلك، ويعني بالتضعيف: إظهار الياءين، وإخفاء الحركة من الياء الأولى إذا ظهرتا أفصح من إشباعها.
وإذا ولى المثلان فاء الافتعال نحو: «اقتتل» جاز الإظهار والإدغام، أو فاء افعلان نحو:«احوواء» مصدر «احووى» فمن أدغم وقال: «قتالا» قال: «حواء» ؛ وهو «قول أبي الحسن» ، وقال غيره «حياء» وتقدم ذلك.
وإذا بنيت من «غزى» و «رمى» مثل: «احمر واحمار» قلت: «ارميا» ، و «ارمايا» ، و «اغزوى» و «اغزاوى» أصلهما «ارميى» وارمايى،
والمضارع: يرميى ويرمايى، وقال الكوفيون تقول: ارمى، واغزو، و «ارماى» ، و «اغزاو» .
المتقاربان
إن اجتمعا في كلمة، وألبس الإدغام، فالإ؟ هار نحو:«أنملة» وصنوان، وبنيان، ودنيا، وزنماء، وزنم، أو لم يلبس جاز الإدغام والإظهار نحو:«انمحى» و «اهرنمع» ، فيجوز: امحى، واهرمع.
وقد قال الخليل في «انفعل» من «الوجل» : «اوجل» ، وقياسه من «يئس»:«إيأس» .
وأجاز سيبويه في «همرش» أن يكون فنعللاً، ولو بنيت من «كسر» أو «عسل» فعلا، على وزن «افعنلل» ، فمنهم من منع، ومنهم من أجاز، وأدغم
النون، فقال:«اكسرر» و «اعسلل» ، ولا يجوز إدغام الراء في الراء، ولا اللام في اللام لئلا يلتبس بوزن اقشعر.
وإذا اجتمعا في «افتعل» نحو: «اختصم» فيجوز الإظهار، ويجوز الإدغام، وفيه اللغات الثلاث التي في «افتعل» ، أو في تفاعل وتفعل نحو: تطاير، وتطير، فالإظهار، ويجوز الإدغام، فتجتلب همزة الوصل في الماضي، والمضارع والمصدر، والأمر فتقول:«اطير» ، واطاير، واطيروا واطايرا، وتقول في المضارع تطاير، وتطير.
ويقارب تاء تفعل، وتفاعل الدال والطاء، والذال والثاء، والظاء والصاد والسين والزاي والجيم الشين والضاد نحو: قوله تعالى: [فادارءتم]، و [فاطهروا] و [لعلهم يذكرون]، و [اثاقلتم] و [يظهرون][أن يصلحا]، [لا يسمعون] و [وازينت]«واجمعوا» و «اشايعوا» ، و «اضاربوا» الأصل: تدرأتم ويتطهرون، ويتذكرون، وتثاقلتم، ويتظهرون، ويتصالحا، ويتسمعون، وتزينت، وتجمعوا، وتشايعوا، وتضاربوا.
ومن المتقاربين قولهم: «ست» أصله سدس، ولم ينطق به في العدد، وأبدلوا من السين تاء، وأدغموا فيها الدال، و «ود» أصله «ويد» ، وقد نطق فيه بالأصل، وهو أكثر من الإدغام والإظهار لغة الحجازيين، وبعض تميم، والإدغام لغة بعض تميم، وبعضهم قال:«وت» قلب الثاني إلى الأول، ويقال: وتد بالسكون في «الوتد» قاله أبو بكر بن ميمون، فأما «وتد ووطد» فلا يدغم، وهما مصدر وتد ووطد، وبعض العرب التزم بناءه على «فعله» فقال: وتده ووطده، وعتدان جمع عتود، ويجوز فيه الإظهار والإدغام.