الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دعوتهم وهي في مهدها بلون غير لونها وبظهورها في صورة غير صورتها، فتقلب الحكومات وتغيرت الدويلات، والإخوان يجاهدون مع المجاهدين ويعملون مع العاملين، منصرفين إلى ميدان مثمر منتج هو ميدان تربية الأمة وتنبيه الشعب ، وتغيير العرف العام، وإذاعة مبادئ الجهاد ، والعمل والفضيلة بين الناس ..
هذه مرحلة من مراحل الإخوان التي اجتزناها بسلام ، وفق الخطة الموضوعة لها وطبق التصميم الذي رسمه توفيق الله .. والآن أيها الإخوان - وقد حان وقت العمل وَآنَ أَوَانُ الجِدِّ ، ولم يعد هناك مجال للإبطاء .. فإن الخطط توضح والمناهج تطبق، وكلها لا يؤدي إلى غاية ، ولا ينتج ثمرة والزعماء حائرون والقادة مذبذبون متأرجحون ..
وَلَكِنْ مَا هِي الخُطْوَةُ الثَّانِيَةُ فِي إِيضَاحٍ
؟
يقول الإمام الشهيد: هي الانتقال من خير دعوة العامة ، إلى خير دعوة الخاصة من دعوة لكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال .. والتوجه بالدعوة إلى المسؤولين من قادة البلد وزعمائه .. سندعوهم إلى مناهجنا ونضع بين أيديهم برنامجنا ، وسنطالبهم بأن يسيروا بهذا البلد المسلم - بل زعيم الأقطار الإسلامية -
في طريق الإسلام في جرأة لا تردد معها وفي وضوح لا لبس فيه ومن غير مواربة أو مداورة، فالوقت لا يتسع لمناورات فإن أجابوا الدعوة وسلكوا السبيل إلى الغاية آزرناهم، وإن لجأوا إلى المواربة والزوغان وتستروا بالأعذار الواهية والحجج المردودة فنحن حرب على كل زعيم، أو رئيس حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام ولا تسير في الطريق لاستعادة حكم الإسلام ونجدة الإسلام سنعلنها خصومة لا سلم فيها ، ولا هوادة معها حتى يفتح بيننا وبين قومنا بالحق ، وهو خير الفاتحين ..
أيها الإخوان: إلى الآن لم تخاصموا حزبًا ولا هيئة كما أنكم لم تنضموا إليهم كذلك، ولقد تقول الناس عليكم فمن قائل: إنكم وفديون تحاسبون، ومن قائل: إنكم سعديون ماهريون
…
ومن
…
ومن
…
والله يعلم - والعارفون بكم - أنكم من كل ذلك بريئون .. فما اتبعتم غير رسوله زعيمًا وما ارتضيتم غير كتابه منهاجًا وما اتخذتم سوى الإسلام غاية .. فدعوا كلام الناس جانبًا ، وخذوا في الجد ، والزمن كفيل بكشف الحقائق .. {كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143].
إذن فقد كانت المرحلة السابقة مرحلة انتقالية وكان لا بد منها .. بل لقد اعتبرها الإمام الشهيد مرحلة سلبية أما بعد هذه المرحلة،
فالموقف - كما يقول: إيجابي واضح لا يعرف التردد، ولا يتوسط بين الحب والبغض فإما ولاء وإما عداء ، ولسنا في ذلك نخالف خطتنا أو ننحرف عن طريقتنا أو نغير مسلكنا بالتدخل في «السياسة» كما يقول الذين لا يعلمون ولكنا بذلك ننتقل خطوة ثانية في طريقتنا الإسلامية وخطتنا المحمدية ومنهاجنا القرآني ولا ذنب لنا أن تكون السياسة جزءًا من الدين وأن يشمل الإسلام الحاكمين والمحكومين فليس في تعاليمه أعط ما لقيصر لقيصر .. وما لله لله .. ولكن في تعاليمه: قيصر وما لقيصر لله الواحد القهار ..
لم تقم دعوة الإخوان المسلمين لتكون جمعية دينية بحتة لأنها دعوة قامت على فكرة ومبدأ ومنهج وخطة عمل فما أكثر الجمعيات الدينية في جميع الدول الإسلامية بلا استثناء ولكن معظم هذه الجمعيات تدور في حلقة مفرغة ، وأقل القليل منها استطاع أن يترك أثرًا متواضعًا في المحيط الذي يعيشه وهو في حد ذاته مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإقليمية .. لكن دعوة الإخوان دعوة شاملة وإن اتخذت مصر مركزًا رئيسيًا لها ، لكي تكون المنطلق إلى العالم الإسلامي والعجيب أن المدخل الوحيد إلى الهجوم على دعوة الإخوان
كانت السياسة أو اشتغال الإخوان بالسياسة كأن المفروض في الإخوان أن تظل دعوتهم قابعة في المساجد والزوايا لا يتجاوزها إلى المجتمع .. ومعنى هذا أن تترك سياسة الدولة المسلمة من حق القوى الاستعمارية تخطط ، ومن حق أدواتها في الداخل تنفذ، ويظل الإسلام في معزل عن سياسة دولته يعيش - فحسب - في وجدان الشعوب المسلمة نظريًا في حدود أذهانهم وعمليًا في حدود أداء الشعائر ..
كان لزامًا على الإخوان المسلمين أن يعلنوها صراحة أن السياسة جزء لا يتجزأ من الإسلام تابعة له وليس هو جزءًا منها ولا تابعًا لها وتحت عنوان: «نحن والسياسة» يقول الإمام الشهيد في رسالته إلى أي شيء ندعو الناس:
ويقول قوم آخرون: إن الإخوان المسلمين قوم سياسيون ودعوتهم دعوة سياسية ولهم من وراء ذلك مآرب أخرى ولا ندري إلى متى تتقارض أمتنا التهم ، وتتبادل الظنون ، وتتنابز بالألقاب وتترك يقينًا يؤيده الواقع في سبيل ظن توحيه الشكوك؟؟
يا قومنا: إننا نناديكم .. والقرآن في يميننا والسنة في شمالنا وعمل السلف الصالحين من أبناء هذه الأمة قدوتنا .. وندعوكم إلى الإسلام وتعاليم الإسلام وأحكام الإسلام وهدي الإسلام.
فإن كان هذا من السياسة عندكم فهذه سياستنا وإن كان من يدعوكم إلى هذه المبادئ سياسيًا فنحن أعرق الناس - والحمد لله - في السياسة .. إن شئتم أن تُسَمُّوا ذلك سياسة فقولوا ما شئتم، فلن تضرنا الأسماء متى وضحت المسميات، وانكشفت الغايات
…
إن للإسلام لسياسة في طيها سعادة الدنيا وصلاح الآخرة .. وتلك هي سياستنا لا نبغي بها بديلاً فسوسوا بها أنفسكم، واحملوا عليها غيركم تظفروا بالعزة الأخروية ولتعلمن نبأه بعد حين .. !
* * *