المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبادئ في صياغة جديدة: - حسن البنا - الرجل والفكرة

[محمد عبد الله السمان]

الفصل: ‌المبادئ في صياغة جديدة:

‌المَبَادِئُ فِي صِيَاغَةٍ جَدِيدَةٍ:

كتب المفكر الفرنسي «أرنست رينان» أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بالسوربون - باريس ، وهو حفيد الكاتب الفرنسي الكبير الذي دخل معه الأستاذ الإمام محمد عبده في حوار نشرته الصحف وسجل في كتاب، حول بعض المعاني الإسلامية كتب تعليقًا على عقيدة الإخوان المسلمين يقول:

«إن هذه الكلمات عميقة البحث والقصد وهي لا شك مستمدة من نفس المنهج الذي رسمه محمد - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - ونجح في تنفيذه فأسس به أمة ودولة وَدِينًا وقد زيد فيها بما يناسب روح العصر مع التقيد بروح الإسلام .. وفي عقيدتي: أنه لا نجاح للمسلمين اليوم إلا باتباع نفس السبيل التي سلكها محمد وصحبه غير أن تحقيق هذا على الحال التي عليها المسلمون بعيد .. وليس معنى هذا، القنوط والقعود عن العمل» .

ويعلق الإمام الشهيد حسن البنا على كلمة المفكر الفرنسي:

«أعرب الأستاذ عن رأيه في (عقيدتنا) بجلاء ووضوح ، وقد كان

ص: 67

صريحًا في إبداء رأيه بقدر ما كان موفقًا في هذه الدقة أيضًا ويمكنك أن تخرج من هذا الرأي الدقيق الذي ألقي من وراء البحار في عقيدة الإخوان المسلمين بعدة نقاط.

أولاً: عقيدة الإخوان المسلمين مستمدة من نفس المنهج الذي وضعه محمد - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - هذا هو التعبير الفرنسي الذي استطاع الأستاذ الذي لا يتصل بالإسلام إلا بصلة العلم أن يعرب به عن رأيه .. ومعني هذا أن الأستاذ " أرنست رينان " يري أن عقيدة الإخوان المسلمين إسلامية بحتة ، لم تخرج عن الإسلام قيد شعرة لقد استطاع بدقة بحثه وصفاء فكرته أن يصور الإخوان المسلمين وأن يفهمهم ويفهم أنهم للإسلام .. وللإسلام وحده على بعد الشقة وانقطاع الصلة فيما بيننا وبينه .. على حين يظن الناس الظنون بالإخوان المسلمين ويتساءلون عن ماهية مناهجهم وكنة مقاصدهم ، ويتشككون في عقيدتهم ومسالكهم ..

ثانيًا: هذا المنهج قد استطاع به محمد صلي الله عليه وسلم أن يكون دينًا وأمة ودولة .. والعبرة في هذا أن يسمع زعماء الشعوب الشرقية الذين أرادوا أو يريدون أن يتلمسوا

ص: 68

لأممهم منهجًا أوفى من الإسلام ليشيدوا عليه النهضة، ويكونوا به الدين والأمة والدولة ..

ثالثًا: لا نجاح للمسلمين اليوم إلا بإتباع نفس السبيل التي سلكها محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه ذلك رأي الفيلسوف - رينان- وهو ما سبقه به ذلك الإمام الإسلامي الكبير الذي قال من قبل:"إنه لا يصلح آخر هذه الأمة ، إلا بما صلح به أولها " وقد أيدت ذلك التجارب وأكدته الحوادث ..

رابعًا: تحقيق هذا المنهج على الحالة التي عليها المسلمون اليوم يراه الفيلسوف الفرنسي بعيدًا لأنه يعلم الهوة السحيقة التي أوجدتها الحوادث السياسية والاجتماعية بين المسلمين ودينهم، ويعلم الوسائل الذاتية الفعالة التي استخدمها خصوم الإسلام في إبعاد المسلمين عن الإسلام في العصر الحديث، ويعلم بأن المسلمين أنفسهم صاروا الآن حربًا على دينهم يكسرون سيفهم بيدهم ويسلمون المدية لمن يريد أن يذبحهم بها باختيارهم ويتصدعون بالهدم مع من يهدمون دينهم، وهو معقد أنظمتهم ، وأساس دينهم ..

ص: 69