المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في التعليم العام - حصوننا مهددة من داخلها

[محمد محمد حسين]

الفصل: ‌في التعليم العام

- 1 -

‌في التعليم العَام

لم يعد دعاة الشر يقنعون بالكلام في هذه الأيام، ولم يعد شرهم مقصوراً على محاولة نشر سمومهم بالدعاية لها. فقد انتقلوا الآن من مرحلة الكلام إلى مرحلة العمل، بعد أن نجحوا في التسلل إلى مناصب تمكنهم من أن يدسوا برامجهم ومناهجهم على المسؤولين من رؤسائهم وينفذوها في صمت. ودعاة الشر هؤلاء يعملون في ميادين كثيرة لا يكاد يخلو منهم ميدان. ولكن أخطر ما يكون إفسادهم إذا تسلل إلى ميدان التعليم. لذلك رأيت أن أكشف في هذا المقال عن بعض أساليبهم في هذا الباب.

كان الناس يناقشون الاختلاط، هل هو جائز أو غير جائز وهل هو مفيد أو ضار. وكانت تثيرهم فوضى الجنس التي يروجها القوصي في مطبوعات فرانكلين تحت ستار الدراسات النفسية. فإِذا هذا الاختلاط يصبح حقيقة واقعة بطريق ملتو خفي لم يكد يتنبه إليه أحد، بعد أن طالت المرحلة الابتدائية إلى ست سنوات يتجاور فيها الذكور والإِناث. ومن المعروف أن الإِناث في بلادنا يدخلن سن المراهقة في وقت مبكر لا يتجاوز السنة الحادية عشرة في كثير من الأحيان. بل لقد أصبحنا أمام بعض المدارس المختلطة في مرحلة التعليم الإِعدادي، بعد أن تكشفت تجربة الاختلاط في الجامعة عن مآسٍ لا يستطيع تجاهلها إلَّا مكابر أو مدلس. وأصبح هذا النظام ضرباً من ضروب الِإلزام لا يستطيع والد أن يفر منه أو يتفاداه، لأن عليه أن يختار بين

(*) نشرت في عدد شهري ربيع الآخر وجمادى الأولى سنة 1378 من مجلة الأزهر.

ص: 163

أن يبعث بابنه وبابنته إلى هذا الوسط وبين أن يحرمهم من التعليم ويحجبهم في ظلمات الجهل. بل إنه لا يستطيع اختيار الطريق الثاني - على ظلمه وظلامه - لأن قوانين الدولة تجبره على أن يعلم أولاده حتى نهاية هذه المرحلة الأولى على الأقل.

وكان الشعوبيون يروجون اللهجات السوقية المحلية التي يسمونها العامية بمختلف الأساليب، وكان أعداء العروبة والإِسلام يتحايلون في انتزاع الدراسات العربية من حضانة الدين والقرآن، حتى قال قائلهم "فالذين يزعمون لنا أننا نتعلم العربية ونعلمها لأنها لغة الدين فحسب، ثم يرتبون على ذلك ما يرتبون من النتائج العلمية والعملية إنما يخدعون الناس، وليس ينبغي أن تقوم حياة الأمم على الخداع، فإِن اللغة العربية ليست ملكاً لرجال الدين، يؤمنون وحدهم بها ويقومون وحدهم من دونها، ويتصرفون وحدهم فيها. لكنها ملك للذين يتكلمونها جميعاً من الأمم والأجيال. وكل فرد من هؤلاء الناس حر في أن يتصرف في هذه اللغة تصرف المالك متى استوفى الشروط التي تبيح له هذا التصرف. وإذاً فمن السخف أن يظن أن تعليم اللغة العربية وقف على الأزهر الشريف والأزهريين، وعلى المدارس والمعاهد التي تتصل بينها وبين الأزهر والأزهريين أسباب طوال أو قصار. هذا سخف لأن الأزهر لا يستطيع أن يفرض نفسه على الذين يتكلمون اللغة العربية جميعاً وفيهم المسلم وغير المسلم (1) " والغرض الذي يرمي إليه صاحب هذا الكلام من قطع الصلات التي تربط الدراسات العربية بالدراسات الإِسلامية هو أن ينزع عن العربية قداستها ويحرمها من حماية الدين وحضانته ليكشفها أمام أعدائها ويعينهم على الِإجهاز عليها بعد أن يجردها من كل نصير أو معين. ولم يستح صاحب هذا الكلاِم وشيعته أن يتخذوا مجمع اللغة الربية في القاهرة ومكاتب جامعة الدول العربية ومؤتمراتها ميداناً لنشاطهم، فدعا أحدهم في المؤتمر الأول لمجامع اللغة العربية بدمشق إلى تأليف معاجم محلية لا يُثبت فيها إلَّا ما بقي من لهجات العرب حياً في عامية كل إقليم. ودعا آخر إلى إعادة النظر

(1) الفقرة 36 من كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" لطه حسن ص 230 من مطبعة المعارف سنة 1944.

ص: 164

في تبويب النحو وتدوينه من جديد. وكان ذلك كله كلاماً في كلام. فإِذا بنا الآن أمام هذه المشاريع جميعاً منفذة في كتب القوصي وشركاه المشهورة بكتب "شرشر" أو "جلاجلا"، وفي كتب النحو الجديد التي يتولى إبراهيم مصطفى توجيهها. ولم يثنهم عن عزمهم ما قرره مؤتمر مجامع اللغة العربية - الأول في دمشق من أن مشاريعهم تحتاج إلى مزيد من الدرس والمراجعة والتمحيص، بل لقد استصدر قسم اللغة العربية في إحدى كليات الآداب منذ ثلاث سنوات قراراً بإِنشاء شعبة سماها "شعبة الدراسات العربية الحديثة"، أخلى الدراسة فيها من النحو والصرف والبلاغة ومن الشعر العربي ونصوص الفصحى ومن الأدب العربي والتاريخ الإِسلامي ومن القرآن والحديث، وجعل مكان ذلك كله "دراسات لغوية حديثة" و "التطور اللغوي العربي في العصر الحديث" و "اللهجات العربية الحديثة" و "الأدب الشعبي" و "المذاهب الكبرى في الآداب الأوروبية" و "مدارس القصة" و "تطوير الفكر الإِسلامي في العصر الحديث".

وكان أعداء الإِسلام من عمال الاستعباد والتبشير وسماسرة الصهيونية الهدامة يشنعون بجمود علماء الشريعة الإِسلامية أو من يسمونهم خطأ (رجال الدين الإِسلامي)، وينددون بتخلف الأزهر عن ركب الحياة بزعمهم. فإِذا بنا نفاجأ بأحد أعضاء (لجنة التربية الدينية) بوزارة التربية والتعليم يقترح إنشاء شعبة للدراسات الإِسلامية في كليات الآداب لتخريج مدرس الدين الإِسلامي المرن الذي يستطيع أن يساير الزمن.

هذه بعض أمثلة تصور الأسلوب الجديد الذي يعتمد على (الغزو من الداخل) - إن جاز لي أن أستعير تعبير المستر دالاس - الذي لم يعد أصحابه يقتنعون بالدعاية وباجتذاب الأنصار والاستكثار منهم عن طريق الإِقناع أو الإِغراء أو الإِرهاب. إنهم يعتمدون في أسلوبهم الجديد على أفراد عصابتهم الذين نجحوا في التسلل إلى مراكز القيادة، فأصبح في استطاعتهم أن يجعلوا من أوهامهم التي لم ينجحواً في إقناع الناس بها حقيقة واقعة بقرار أو بجرَّة قلم كما يقولون. ولأوضح بعض ما في كلامي السابق في إجمال.

ص: 165

كُتُب (القراءة الجديدة) المتداولة في الاقليم المصري (*)، التي وضعتها لجنة تعمل بتوجيه عبد العزيز القوصي وسعيد العريان تعتمد على أسلوب جديد لا يمكن أن نصفه بأنه عربي مهما اجتهد أصحابه في تبريره، بما يزعمونه من أن كلماته التي تبدو من عامية مصر يمكن أن تجد سَنَدَاً من معاجم اللغة يصلها بإِحدى لهجات العرب. هذه الكتب لا تتجنب الفصيح الذي أجمع عليه العرب والمسلمون لغرابته أو لثقله، لكنها تتعمد إهماله لأنها تريد أن تهمله وأن تجعل استعمال لهجة الأسواق في الكتب المدرسية أمراً واقعاً مقرراً. وهم يعلمون حق العلم أن هذه الكلمات الملتقطة من أسواق مصر وطرقاتها - مهما جاءوا بأشجار للأنساب تثبت عروبتها - ليست عامة في بلاد العرب جميعاً. فهي مجهولة في بعضها وهي مستعملة بمعنى آخر في بعض آخر، لأن الفصحى التي تجمع العرب بل المسلمين اليوم هي فصحى قريش بخاصة التي نزل بها القرآن والتي دُوِّن بها الحديث والفقه والأدب وكل ما أثمرته الحضارة العربية والِإسلامية من علوم وفنون، وهي أفصح لهجات العرب وأسلمها دون نزاع، فرضتها صلاحيتها ونشرتها قبل أن ينزل بها القرآن، فكان العرب على اختلاف قبائلهم يكتبون شعرهم بها. ولا يستعملون لهجات قبائلهم إلَّا في ضرب من ضروب الأدب المحلي المُسِفّ الذي يقرب مما يسميه بعض الناس اليوم الأدب الشعبي، وهو الرجز. فهذه الكتب الجديدة التي يراد بها تقرير لغة جديدة للتدوين، وإحقاق باطل فشل أصحابه في إقناع الناس به رغم ما بذلوا له من دعاية طوال نصف قرن أو يزيد، تريد في ضحى القومية العربية أن ترد العرب إلى ما قبل الجاهلية.

على أن الكلمات السوقية (الملتقطة من أسواق مصر وطرقاتها) التي يُصر القوصي والعريان وشركاؤهما على استعمالها لها ما يقابلها من الفصيح المستعمل المأنوس. بل إنهم يعدلون في أكثر الأحيان عن الفصيح السمح الجميل إلى السوقي السَّمِج الثقيل، في مثل:(العسكري، حَلَّقَ عليه جـ2 ص 29)(حَطَّت اللحم في الحلة 2: 38)(مبسوط 2: 40)(شاف 2: 50)(زيطة 1: 60)(استغرب 2: 72)(زعلان 3: 10)(ابن الحلال 3: 11)

(*) ألغيت هذه الكتب من بعد، بعد أن ثبت فشلها وخطرها.

ص: 166

(بص 3: 14)(حطها في القفص 3: 43)(ينظرون إلى القمر فيتهيأ لهم أشكال غريبة 4: 65)(المخدة 4: 89)(زاحني في البحر 4: 91)(يتزحلق 4: 92) فمقابل هذه الكلمات من الفصيح مشهور خفيف شائع، وهو - على الترتيب السابق: الشرطي - اعترضه أو وقف في وجهه (أو في طريقه) - وضعت اللحم في القدر - مسرور - رأى - ضوضاء أو ضجيج أو لغط - دهش أو عجيب - غضبان - ابنِ الكرام - نظر - وضعها في القفص - يتخيلون (أو يتوهمون) أشكالاً غريبة - الوسادة - دفعني إلى البحر - ينزلق.

هل يرى القارئ مبرراً لإِهمال هذه الكلمات الفصحى التي هي قدر مشترك بين سائر العرب وأصحاب الثقافات العربية من المسلمين؟ أليست هذه الكتب هي التنفيذ العملي لاقتراح أحمد عبد السلام مندوب حكومة تونس - ولا أقول مندوب تونس - في مؤتمر مجامع اللغة العربية الذي دعا فيه إلى (أن نؤلف لكل قطر معجمًا صغيراً لا يتضمن إلَّا الألفاظ العربية الفصيحة التي بقيت مستعملة بمعناها الأصلي في لغة ذلك القطر، وأن يوصى معلمو الأحداث والعامة بالاقتصار عليها قدر المستطاع)؟

وإني لأتساءل: كيف السبيل إلى إخراج هذه الكلمات من عقول الصغار بعد أن تُنقَش في حافظتهم الغضة الحساسة؟ ثم إني أتساءل: أين يتعلم صبية العرب وشبابهم فُصحاهم الجامعة لشملهم إذا لم يتعلموها في المدارس؟ ثم إني أتعجب لما تحويه هذه الكتب - وكتب المطالعة في عمومها - من تفاهات غثة تبدد أعمار التلاميذ في سخافات لا تفيد أسلوباً ولا ثقافة ولا خلقاً. فهي لا ترتفع في معظم محتوياتها عن تسجيل الواقع اُلمسِفِّ، المنافي للدين وللخلق المهذب في كثير من الأحيان، من مثل وصف (الحاوي) وسائس القرود، وعادات الناس - وجهالهم خاصة - في زيارات الأضرحة وفي الأذكار، ووصف مجتمعاتهم في الموالد وفي المناسبات وفي الأسواق، وتسجيل أساليب الباعة المتجولين في ترويج بضائعهم ولفت المشترين إليها. لماذا نفوِّت على التلميذ فرصة التحصيل المثمر أنشطَ ما تكون حافظتهُ وأحدَّ ما تكون ذاكرتهُ قدرةً على الاستيعاب السريع العميق؟ كنا نشِبُّ على جملة من نصوص

ص: 167

رائعة لأعلام الشعر والأدب في مختلف العصور ومن شتى بلاد العرب، وكنا نروض أذواقنا وأخلاقنا على طائفة من قصص نافعة تمجد ضروباً من البطولة العربية والإِسلامية، فاستبدلوا بذلك كله هذه السخافات الغثة، التي لا تعين على تكوين الملكة العربية أو الذوق العربي.

وحجة أصحاب هذه المناهج تنحصر في أنهم لا يقدمون للنشء إلَّا ما يلائم عقولهم وتفكيرهم، وأنهم يتجنبون تكليفهم حفظ ما لا يستطيعون تدبره وفهمه، ومن المسلم به أن الصبي لا يعي كل ما يحفظه وعياً كاملاً، ولكن لا ينبغي أن يفوتنا أنه يختزنه إلى أن ينضج عقله فيستخرج هذا المدخر آناً فآناً ليتدبره. ولو سلمنا باستبعاد كل ما لا يستطيع الصبي أن يتدبره في صباه لا نبني على ذلك استبعاد تعليمه أن الأرض كرة وأنها تدور، واستبعاد تعليمه أن الله سبحانه وتعالى أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وَلمَا كان هناك محل لحفظ القرآن أو تعليم الدين والعبادات - وإن كان ذلك هو فِعْلاً مذهب لبعض التربويين الذين نقعوا أدمغتهم في الثقافة اللادينية. والحقيقة التي ينبغي أن يقوم عليها تصورنا لهذه الأمور - بقطع النظر عن كل ما يستورده التربويون من قواعد عرجاء لا يعرف أحد مصدرها ولا الأغراض التي صُنِعت من أجلها - هو أن الصبا زمن نشاط الذاكرة وحِدتها، وما أصدق ما كان يردده آباؤنا من أن (التعلم في الصغر كالنقش في الحجر). فيجب أن تستغل هذه الحدة إلى أبعد حدود الطاقة وبقدر ما يسع الجهد. ثم يجيء وقت ينمو فيه التفكير وتضعف الذاكرة في الوقت نفسه، وعند ذلك يتدبر الرجل ما حفظ في صباه، وُيصبح لكثير مما كان يردده من غير وعي معنى جديد. والِإنسان من هذه الناحية يشبه في تفكيره الحيوان المجتر في طعامه، يختزن مادة التفكير حين تتاح له فرصة الاختزان، ثم يعيد استخراجها في وقت متأخر لكي يهضمها ويتدبرها، ولو أنه تَرك في صباه حفظ ما لا يدرك كل معناه، لما أمكنه أن يحفظه عند نضج تفكيره، لأن التفكير ينمو على حساب الذاكرة.

وهناك حقيقة ينبغي أن لا نغفل عنها أو نهملها، وهي أن الشخصية العربية هي القاعدة التي تستند إليها القومية العربية. والشخصية العربية تقوم

ص: 168

على تشابه أذواق العرب وملكاتهم. وهذا التشابه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتراثنا الثقافي العريق وبعمالقة الشعر والأدب بخاصة، الذين سجلوا مُثُلنا العليا إيجاباً وسلباً في شعر الحماسة والأدب والرثاء والهجاء، وفي الخطب وفي الرسائل بمختلف صنوفها، بين ديوانيه وإخوانيه ووصفية ووعظية وأخلاقية. فإِهمال أدبنا القديم وتوجيه أكثر العناية إلى الأدب الحديث، بل التافه منه في الأعم الأغلب، وتجنب ما كان منه على منوال القديم جزالة وروعة وفخامة أسلوب واحتفالاً بالمعاني الكبار، خليق أن يعين على تدعيم ما يدبره بعض المفسدين فيسلكون إليه مختلف المسالك ويعالجونه بشتى الأساليب، حين يسعون إلى فصل حياتنا الراهنة والمستقبلة عن مصادرها القديمة حتى تتفرق جماعتنا ويتشتت شملنا، وحتى لا تكون أخلاقنا امتداداً لخلق آبائنا، ولا تكون أذواقنا امتداداً لأذواقهم، ولا تكون لغتنا وأساليبنا امتداداً للغتهم وأساليبهم. وحتى لا يكون إسلامنا إمتداداً لإِسلامهم. فإِذا نجحت هذه العصابة في أن يجعلوا (المجتمع العصري) الذي يتحدثون عنه مقطوع الصلة بماضينا في الدين وفي اللغة وفي العادات وفي الذوق الفني وفي المزاج وفي التقنين الخلقي. فأي جامعة يمكن أن تجمعنا عند ذاك؟ وأي طابع يمكن أن يميزنا عن غيرنا من سائر خلق الله ويجعل لنا الحق في أن نقول إننا قوم، إننا عرب؟ ما أيسر أن نكون عند ذلك تبعاً لسادة الشرق أو الغرب وذيلاً لكائن من كان ممن يريد أن يستلحقنا كما كان السادة يستلحقون العبيد في عصور الرق.

أقول ذلك وأنا أعلم أن هذه الأساليب الفاسدة كلها حائلة زائلة إن شاء الله، وأنها لن تقوى على مقاومة مد القومية العربية الذي لا يزال يعلو ويرتفع. وبوادر ذلك وطلائعه واضحة في كثير من كتب هذا العام الدراسي لم التي خضعت برامجها للاتفاقية الثقافية (*). ولكني انتهزت الفرصة لأنبه في هذا المقام إلى أساليب يعتمد مروجوها أكثَر ما يعتمدون على غفلة الناس عنهم وجهلهم حقائق ما يهدفون إليه، ولألقي الضوء على بعض ما يدبره المفسدون في الظلام.

وأصحاب النحو الجديد، أو ما يسمون (تيسير النحو) شعبة من تلك

(*) كان ذلك في فترة الوحدة بين مصر وسوريا تحت اسم (الجمهورية العربية المتحدة).

ص: 169

الفرقة الموكلة بهدم تراثنا وقطع كل صلة تربطنا به. فهم لا يهدمون لأن الهدم هو وسيلتهم إلى البناء من جديد كما يزعمون، ولكنهم يهدمون في حقيقة الأمر لأن الهدم هو هددفم وغايتهم. وهم بهذا الهدم يمهدون الأرض ويسوونها لبناء جديد ولكنه للأجنبي لا لنا، ويمحون كل ما في صحفنا لتصبح صحفاً بيضاء يسطرون فيها أو يسطر فيها الذين يسخرِّونهم لما يعملون من بُعد ما يشاءون. نعم أصحاب القواعد الجديدة شعبة من هذه الفرقة. وقواعدهم الجديدة ليست إلَّا أسلوباً في الهدم.

زعم أصحاب القواعد الجديدة أن قواعد النحو التي صنعها اثنا عشر قرناً سخيفة معقدة. وزعم لهم صاحبهم أنه سيلخص لهم هذه القواعد في كلمات، فقسم الكلام إلا مسند ومسند إليه وتكملة، وسمى كلامه هذا تيسيراً. والوصف الصحيح له أنه تعقيد، لأن الاصطلاحات المتداولة - ولا أقول القديمة - أدق إلى عقل الناشىء وتصوره. ومن الذي يخطئ في فهم مدلول كلمة "فعل" و "فاعل"؟ إن الأمي الجاهل الساذج الذي لا حظً له من الثقافة النحوية يستعمل هذه الكلمات بمدلولاتها النحوية في حديثه اليومي المألوف. الخفير والشرطي يسأل: من (الفاعل)؟ ويقول: قُبِض على (الفاعل)، يقول:(الفاعل معلوم) أو (الفاعل مجهول). والفلاح في حقله يقول: ذا (فعل) الكرام وذا (فعل) اللئام، ويسأل: ما (الخبر)؟ هذه هي المصطلحات التي استبدلوا بها (المسند) و (المسند إليه)، فسموا الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ مسنداً إليه، وسموا الفعل والخبر مسنداً. وإدراك معنى هاتين الكلمتين يحتاج إلى تصور الإِسناد، وهو فكرة عقلية لا يمكن بحال أن توصف بأنها أقرب إلى أفهام الصبية من المصطلحات الجارية المتداولة. فإِذا كان المقصود هو التبسيط والتيسير حقاً كما يزعمون فلا شك أن الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر أقرب إلى عقول الصبية في هذه السنن وأيسر تصوراً وأسلس نطقاً وأخف وقعاً في الألسن وفي الآذان من المسند والمسند إليه.

على أن أصحاب التيسير المزعوم قد احتاجوا بعد ذلك إلى تفصيل المنصوبات وتبيينها، ولم يروا إطلاق اسم (التكملة) عليها جميعاً وافياً بالغرض، لم فتكلموا عن (التكملة بالزمان) و (التكملة بالمكان) و (التكملة بالحال) و (التكملة بالمفعول). ففي الذي بسَّطوه؟ وأي شيء صنعوه سوى أنهم أضافوا

ص: 170

كلمة (التكملة) فعقدوا الاصطلاح وصعبوه وطولوه بدل أن ييسروه ويختصروه؟.

ثم إنهم بعد أن تحاشوا اصطلاح (الفعل) و (الفاعل) لغير سبب واضح أو مبرر معقول احتاجوا للكلام عن (المفعول). ألم يكن بناء (المفعول) على (الفعل) و (الفاعل) أيسر في العقل وأقوم في الترتيب وأنسق في التسلسل من بنائه على (السند)(والمسند إليه)؟.

وقد يحتج أصحاب التيسير المزعوم لصنيعهم بأن البلاغيين وأصحابَ علم المعاني على الخصوص، قد اتخذوا هذا التقسيم واستعملوا بعض هذه المصطلحات. ومن المعروف المشهور أن الاصطلاحات تختلف باختلاف العلوم والفنون، وأنها تتبع احتياجاتها وتَصدُرُ عن طبيعة كل منها وعما يهدف إليه وما يريد أن يؤديه من غرض. وطبيعةُ النحو وهدفهُ يختلف عن طبيعة علم المعاني وهدفه. فالنحو هَمُّهُ ضبطُ أواخر الكلمات وتفصيلُ ذلك على ما يقوم في ذهن المتكلم من تصور، بحيث يكون هذا الضبط وسيلة لتصوير المعنى بحسب اصطلاح أصحاب هذه اللغة وما جرى عليه عُرْفُهم. أما علم المعاني فهو يتناول الأسلوب ولا شأن له بالمفردات. وهدفه هو أن يكون الكلام ترجماناً دقيقاً صادقاً في نقل تصور المتكلم بكل ما يشتمل عليه وما يحف به من أحاسيس ومن ملابسات ومن ظلال إلى نفس السامع. فهو مرحلة تالية لمرحلة النحو الذي يتعلق غرضه بالصحة والفساد، بينما يتعلق غرض المعاني بفرق ما بين الصحيح والبليغ، والدقيق والأدق. لذلك كان اصطلاح البلاغيين على تقسيم الكلام إلى مسند ومسند إليه وفضلة لا يجدي شيئاً في إفادة ضبط أواخر الكلمات ومطابقته للمعنى بحسب ما جرى عليه عرف العرب. فالمسند إليه مثلاً لا يفيد الرفع على ما يزعمه أصحاب التيسير. وهم يعرفون ذلك كما يعرفه الناس. ولذلك احتاجوا في كتابهم الذي حيرَّ المعلمين والتلاميذ على السواء إلى أن يتكلموا عن كان وأخواتها وإن وأخواتها، وعلى ذلك أصبح كل من المسند والمسند إليه يقبل الرفع والنصب. ولم يستغنوا عن أن يقولوا إن المسند قد يكون فعلاً وقد يكون اسمًا. ولم يستغنوا حين تكلموا عن المطابقة بين المسند والمسند إليه في الإِفراد والجمع عن أن يستثنوا من ذلك الجمل التي يكون المسند فيها فعلاً متقدماً. فهل هذا تيسير أم تعقيد؟

ص: 171

هذه أمثلة مما أدركوه من وجوه النقص في تقسيمهمِ. وبقي كثير مما لم يدركوه، مما أشير إليه ولا أحصيه في مثل (والقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنَازِلَ) الذي ينتصب فيه (القمر) مع أنه ليس اسمًا لإِن أو إحدى أخواتها، الذي زعموه استثناءاً وحيداً من رفع المسند إليه. وبقي أن نسأل أصحاب التيسير: كيف يصنع الناس بكتب التفسير والحديث والفقه وشروح دواوين الشعر التي تمتلىء صفحاتها باصطلاحات النحو المتداولة التي حكموا عليها بالإِعدام، والتي لا تستغني عنها هذه الكتب حين تَعْرِض لتوضيح المعنى أو بيان الفرق ما بين قراءة وقراءة - ورواية ورواية؟ وبقي أن نسألهم أيضاً: هل استشرتم العرب جميعاً فيما صنعتموه؟ بل هل استشرتم المسلمين الذين لا يستغنى فقهاؤهم عن تلك الكتب التي لا تِستعمل غير اصطلاحات النحو الذي يريدون أن يلحقوه بكل ما يريدون إعدامه والقضاءَ عليه من (قديم)؟ أم أنهم لا يعرفون أن هذه اللغة ليست مِلْكاً لطه حسين وإبراهيم مصطفى، والقوصي ومن شايعهم ممن يخافهم أو يرجوهم أو يُضله شيطانهم. بل هي ليست مِلْكاً للمصريين وحدهم. بل هي ليست مِلْكاً للعرب وحدهم ولا للمسلمين وحدهم من أهل هذا الجيل. وإنما هي أمانة يتحتم علينا أن نحفظها للأجيال من بعدنا كما تلقيناها عمن قبلنا. أقول هذا وأنا أعلم ما سيرُدُّ هذا النفر به عليَّ. سيقولون: كلما حدثناكم في شىِء أقحمتم فيه الإِسلام وقلتم القرآن القرآن، لا حجة لكم إلَّا هذا ولا تعِلّة لكم سواه! ونحن نقول: نعم. القرآن والإِسلام في تقديركم شيء هين يسير وهو في تقديرنا كبير خطير. ونحن لا نبالي شيئاً مما تزينونه وتزخرفونه إذا أبعدنا عن القرآن والإِسلام. فإِن كان القرآن والإِسلام عندكم لوناً من الألوان، وواحداً من اعتبارات كثار فهو عندنا كل شيء، به نحيا وعليه نموت. ذلك بأن الحياة عندكم نعيم وزخرف ومتاع ثم لا شيء بعد ذلك إلًا الفناء، فلا قيمة عندكم لشيء لايتحول إلى لذة أو شهوة أو أرقام. أما نحن فالحياة عندنا مَعْبَرٌ للآخرة وطريق إليها، ومن أجل ذلك نبني فيها ونعمل ونكافح ونجاهد. لذلك كان الأدب عندكم لهواً ومتاعاً، وخرافات وأوهاماً، لذةً للشذَّاذ والفارغين، وكان عندنا أسمى من ذلك وظيفةً وأعزَّ مكاناً. ومع ذلك كله فالقرآن والإِسلام هو سبيلنا إلى العزة في الدنيا التي تطلبونها ولا ترون سواها، لأن الذي يفقدهما يفقد الضمير

ص: 172

ومراقبة النفس ومحاسبنها في الصغير والكبير، ويفقد الدافع القوي الصادق إلى العمل المثمر النافع، ويفقد الحصانة والمناعة التي تجعله يتماسك ولا ينهار أمام الشهوات والمغريات. ومن فقد ذلك كله فقد الدنيا، لأنه لا يُترَك للهوه ولعبه كما كان يظنه ويشتهيه، بل يسلِّط الله عليه من يستعبده ويُشقيه، فيصبح عبداً رقيقاً في مزارع السيد الجديد، يزرع لغيره بعد أن كان يزرع لنفسه، خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.

بقي كذلك أن نقول لأصحاب التيسير المزعوم: إن ما أطلقتموه من أسماء لما توهمتموه من أقسام لا تصبح (اصطلاحاً) حتى يجتمع عليها الناس. وقد عرفتم رأي العرب فيها، سمعتموه في مؤتمر مجامع اللغة العربية الأول في دمشق سنة 1376 هـ. وسمعتموه من قبل ذلك ومن بعده.

ومع ذلك كله فقد يبدو لي أن أصحاب التيسير كانوا يضعون أمام أعينهم التقسيم الغربي في نحو بعض اللغات الأوروبية الذي يقسم الجملة إلى (Subject) و (Predicate) والدليل على ذلك أن أصحاب التيسير آثروا استعمال (تكملة) وهي الترجمة الحرفية لكلمة (Complement) على اصطلاح البلاغيين المشهور وهو (فَضْلة). والدليل عليه أيضاً أنهم قد نظروا في تقسيم الفعل الجديد إلى النحو الأوروبي حين قسَّموه إلى ماضي وحاضر ومستقبل، وحذفوا (الأمر) فجعلوه صيغة مستقلة سموها صيغة الطلب، جمعوا فيها بينه وبين النهى، لكي يطابقوا ما يطلق عليه في النحو الإِنجليزي (Imperative mood). ومَثَلٌ ثالث لهذا التقليد الجَهول نجده فيما اختاره هؤلاء الهدامون من جمع بعض الأبواب مثل (الإِغراء والتحذير) و (الاختصاص) تحت قسم من النحو سموه الأساليب، ليطابقوا بهذا الصنيع تقسيم النحو الإِنجليزي إلى (Grammar) و (Syntax). وفات هؤلاء القرود أن اللغات الأوروبية التي نقلوا عنها هذا التقسيم كالإِنجليزية لا تحتاج لعلم يقابل علم النحو عندنا لأنها غير معربة. أما المعرب من لغاتهم مثل الألمانية ومثل (الفعل) في الفرنسية فهو لا يزال يحتاج في ضبطه إلى قواعد تفوق قواعد النحو العربي في أقسامها وفروعها. ومن شاء فليرجع إلى أي كتاب إبتدائي في الألمانية ليرى إلى كم مجموعة يقسمون الأسماء، وليرى ما يطرأ على كل مجموعة من تغير وإضافة في حالات الإِعراب المختلفة التي تبلغ ثماني حالات إفراداً وجمعاً، مما

ص: 173

يختلف في كل مجموعة عنه في المجموعة الأخرى، وليرى كذلك أن علامات التعريف التي تقابل (ال) في عربيتنا تتبع الاسم الذي تلحقه في إعرابه، وتختلف مع ذلك باختلاف نوعه بين مذكر ومؤنث وجماد، مما لا سبيل إلى تمييز بعضه من بعض بغير السماع، وليرى أن الاسم النكرة تسبقه أيضاً أداة تخضع لكل هذه التقلبات السابقة، وهي أداة لا وجود لها في عربيتنا، إلى آخر ما هنالك مما أكتفي بالإِشارة إليه ولا أُحصيه.

ولست أظن أن طه حسين قد غفل عن شيء من ذلك، أو هو على الأقل لم يغفل عما يقابل ما قدمتُه من أمثلة في الفعل الفرنسي، حين قدَّم تقريره المشهور إلى وزير المعارف سنة 1935 م، فألقاه الوزير في سلة المهملات، وطلب منه ألَّا يعيد الحديث فيه حين حاول أن يفاتحه فيه مَرَّةً من المرات، وذلك حسب رواية طه حسين نفسه. ولا بأس من أن أنقل فقرة من ذلك التقرير، ليعرف القارئ من أين جاء (التيسير). زعم طه حسين في تقريره ذاك أن:"الناس مجمعون على أن تعلم اللغة العربية وآدابها في حاجة شديدة إلى الإِصلاح". ورد نفور الطلبة من الدراسات العربية إلى "أن اللغة العربية وما يتصل بها من العلوم والفنون ما زال قديماً في جوهره بأدق معاني هذه الكلمة. فالنحو والصرف والأدب تُعلَّم الآن كما كانت تُعلَّم منذ ألف سنة .. ولست أزعم أن الأمر يقضي بإِحداث ثورة عنيفة على القديم، وتغيير العلوم اللغوية والأدبية فجأة وفي شيء يشبه الطفرة، وإنما أزعم أن قد آن الوقت الذي يجب فيه أن نؤمن بأن العلوم اللسانية، كغيرها من العلوم، يجب أن تتطور وتنمو وتلائم عقول المعلمين والمتعلمين وبيئتهم التي يعيشون فيها وحاجاتهم التي يُدفَعون إليها، ومتى آمنا بذلك فإِن التطور سيأتي وسيتحقق شيئاً فشيئاً، ولكن لا بد أن تمهَّد له الطريق. وهنا يظهر السبب الثاني الذي أشرت إليه آنفاً، وهو أن معلم اللغة العربية الذي يستطيِع أن ينهض بتعليمها كما ينبغي لم يوجد بعد، فإِن القديم لا ينتج إلَّا قديماً مثله ما دام التطور لم يمسَّه- الفقرة 42 من كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" ص 288 - 289 من طبعة العارف سنة 1944".

ولم يمض على هذا التقرير الذي أسقطه الوزير يومذاك وأهمله سوى

ص: 174

سنتين حتى صدر كتاب في النحو نسّقه إبراهيم مصطفى على ما تخيله طه حسين في تقريره ذاك، وقدَّم له طه حسين نفسه واقترح له اسمًا ضخمًا عريضاً فيه كثير من التبجح والادعاء، فسمَّاه (إحياء النحو). والمقول بأنه إحياء النحو هو الحلقة الثانية في سلسلة تيسير النحو، وهو الصورة التنفيذية لمذكرة طه حسين. ولعل القارئ لا ينسى ما تحدثت به المذكرة من أن هذه الخطوة الأولى ليست إلَّا تمهيداً لما يجيء بعدُ من التطور الذي "سيأتي وسيتحقق شيئاً فشيئاً". فهي صريحة فصيحة في الكشف عن نية صاحبها وعن أسلوبه في استدراج الناس، والبدءِ بالهين اليسير الذي لا يفاجئهم، ليتدرج منه إلى الخطير. إنه لا يسقيهم السم الزعاف القاتل لساعته لأنه يلفت الأنظار ويثير الشكوك، ولكنه يسقيهم سمًا بطيئاً يصل به إلى غرضه دون أن يكشف عن الجريمة. فليعرف الناس إذن أن (تيسير النحو) ليس هو منتهى ما يريدون ولكنه أول طريقٍ طويل يدفعون الناس فيه إلى قرار سحيق.

ومن أعجب العجب أن مؤلفي (تيسير النحو) رتَّبوا هذا الذي يزعمونه (تجديداً) على الثورة، فقالوا في مقدمة الكتاب "

إلى أن جاءت الثورة المصرية سنة 1952 ومعها العزم الصادق على الِإصلاح، والرأي الماضي على تذليل الصعاب فهُيِّءَ السبيل للتنفيذ". فلما شأن الثورة والعلم، وطبيعةُ العلم المحافظة والاتزان، وهو أبعد شيء عن الثورة، بل إن الثورة تفسده؟ فهل هذا إلَّا ملق سخيف رخيص!؟ وهل جاءت الثورة للهدم أم للبناء؟ وهل جاءت لتُعِز تراث العرب وتدعمه أم جاءت لتمحوه وتَعفي عليه؟ ألا ترى أن هذا هو نفسه ما تحدثتُ عنه في مقال سابق حين قلت: إن أصحاب هذه الدعوات يعرفون أن الثورات هي أكثر الظروف ملاءمة لبث سمومهم، إذ يلبسون ثياب الناصحين، ويندسون في غمار الثائرين الذين يريدون أن يستبدلوا بأسباب الضعف والفساد أسباباً للحياة والقوة والبناء، كما يندس المخربون والمأجورون من عملاء العدو وسط جموع المظاهرات، يحطمون المصابيح ويحرقون المنشآت، فيقلدهم غيرهم في صنيعهم دون تمييز بين ما يصلح تحطيمه وما يضر تحطيمه، يخربون بيوتهم بأيديهم ويحسبون أنهم يطهرونها وأنهم يصلحون!

ص: 175

ذلك هو ما يفعله أحد شِقَّي المقراض فيما يمارَس مع النشء من المتعلمين. أما الكلام عن شق المقراض الآخر الذي يتناول إعداد مدرس اللغة العربية ومدرس الدين فذلك ما أرجئه إلى حديثي المقبل إن شاء الله؟

ص: 176