الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: دليل الإجماع على عموم رسالته
.
إن الإجماع منعقد من أئمة المسلمين وعامتهم على أن محمدا صلى الله عليه وسلم أرسل إلى جميع الأمم - أهل الكتاب وغير أهل الكتاب1 - فإن الذي يدين به المسلمون هو أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث رسولا إلى الثقلين الإنس والجن، أهل الكتاب وغيرهم، وأن من لم يؤمن به فهو كافر مستحق لعذاب الله، مستحق للجهاد، وهو مما أجمع أهل الإيمان بالله ورسوله عليه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء بذلك وذكره الله في كتابه، وبينه النبي أيضا في سنته.
وهذا الإجماع تواترت في نقله كتب أهل العلم وهو منقول عندهم نقلا متواترا يعلمونه بالضرورة. وكتب التوحيد السنة مليئة بهذا.
وبما تقدم إيراده من الأدلة والنصوص يعلم ثبوت عموم رسالته وشمولها كما يعلم كذلك انتفاء كل دعوى تخالف هذا الأمر أو تطعن فيه كدعوى أنه رسول للعرب خاصة، أو دعوى أن رسالته ليست ناسخة لما قبلها من الرسالات وأنه يسع الناس التدين بما جاء في قبله من الرسالات.
فنصوص القرآن والسنة والإجماع ترد هذه الدعاوى وتفندها وتبطلها. وبالنسبة إلى ما تعلق به أصحاب هذه الأقوال من شبه ظنوها أدلة لهم، فإنما مردها إلى سوء فهمهم وجهلهم بمعاني النصوص التي أوردوها وكما قيل:
وكم من عائب قولا صحيحا
…
وآفته من الفهم السقيم2
1 الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (1/ 124) .
2 ديوان أبي الطيب المتنبي (ص 232)
ولا يتسع المجال هنا لإيراد تلك الشبه وتفنيدها1 كما أن معرفة الحق تغني وكما قيل: بضدها تتميز الأشياء.
وإن الواجب على كل مسلم اعتقاد عموم رسالته وشموليتها وعالميتها لجميع المكلفين وإنه لا يسع أحدا الخروج عنها أو أن يدين لله بغيرها.
كما أنه لا يسع المسلم أن يجهل مثل هذا الأمر لأنه من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، ومن الواجب عليه كذلك أن يرد على كل من يطعن في هذا الأمر أو يشكك فيه سواء ممن ينتسبون إلى الإسلام أو من غيرهم، وبالخصوص أننا أصبحنا في زمان ظهرت فيه الدعوة إلى وحدة الأديان وتقاربها بدعوى أنها جميعا تدعو إلى عبادة إله واحد وأن مصدرها واحد إلى غير ذلك من الأمور التي يروج لها أصحاب هذه الدعوة والتي لا تنطلي إلا على ساذج لا يعي الأمور الضرورية من دينه.
1 لمزيد من التفصيل في هذا الموضوع: انظر كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (1/ 128) وما بعدها.