الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السابع: من علامات محبته صلى الله عليه وسلم بغض من أبغض الله ورسوله
ومعاداة من عاداه، ومجانبة من خالف سنته، وابتدع في دينه واستثقاله كل أمر يخالف شريعته1
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "على المؤمن أن يعادي في الله، ويوالي في الله. فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه - وإن ظلمه - فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية.
فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي، وأمر بالإصلاح يينهم.
1 الشفا (2/575) .
2 الآية (22) من سورة المجادلة.
3 الآيتان (9، 10) من سورة الحجرات.
فالمؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك.
والكافر تحب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك.
فإن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله فيكون الحب والإكرام والثواب لأوليائه. ويكون البغي والإهانة والعقاب لأعدائه. وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة. استحق الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير. واستحق المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر. فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والخيانة، فيجتمع له من هذا وهذا: كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته. هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة1.
فالناس باعتبار الحب والبغض والولاء والبراء ينقسمون إلى ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: من يحب جملة:
وهو من آمن بالله ورسوله، وقام بوظائف الإسلام ومبانيه العظام علما وعملا واعتقادا، وأخلص أعماله وأفعاله وأقواله لله، وانقاد لأوامره وانتهي عما نهي الله عنه ورسوله، وأحب في الله، ووالى في الله وأبغض في الله، وعادى في الله وقدم قول رسول الله لا على قول كل أحد كائنا من كان.
الصنف الثاني: من يحب من وجه ويبغض من وجه.
وهو المسلم الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا.
فيحب ويوالي على قدر ما معه من الخير، ولا يبغض أكثر مما يصلح وإذا أردت الدليل على ذلك: فهو في قصة ذلك الرجل من الصحابة والذي كان
1 مجموع الفتاوى (28/ 208-209) .
يشرب الخمر، فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعنه رجل وقال: ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله "1.
الصنف الثالث: من يبغض جملة.
وهو من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولم يؤمن بالقدر خيره وشره وأنه كله بقضاء الله وقدره، وأنكر البعث بعد الموت، أو أنكر أحد أركان الإسلام الخمسة، أو أشرك الله في عبادته أحدا من الأنبياء والأولياء والصالحين، وصرف لهم نوعا من أنواع العبادة: كالحب والدعاء والخوف والرجاء والتعظيم والتوكل والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر والإنابة والذل والخضوع والخشية والرغبة والرهبة والتعلق.
أو ألحد في أسمائه وصفاته واتبع غير سبيل المؤمنين، وانتحل ما كان عليه أهل البدع والأهواء المضلة، وكذلك من قامت به نواقض الإسلام العشرة أو أحدها"2.
فعلى هذا التقسيم تتضح صورة الحب والبغض، والولاء والبراء.
فيوالي ويحب المؤمن المستقيم على دينه ولاء وحبا كاملين.
ويتبرء ويعادي الكفرة والملحدين والمشركين، والمرتدين ويعادون عداوة وبغضا كاملين.
وأما من خلط عملا صالحا وآخر سيئا فيوالي بحسب ما عنده من الإيمان، ويعادى بحسب ما هو عليه من الشر.
1 تقدم تخريجه ص 303.
2 إرشاد الطالب لابن سحمان (ص 19) .