المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: ثمار المحبة في الحياة الدنيا - حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة - جـ ١

[محمد بن خليفة التميمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: وجوب الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وطاعته واتباع سنته

- ‌الفصل الأول: وجوب الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الأول: تعريف الإيمان وبيان معنى شهادة أن محمدا رسول الله

- ‌المطلب الأول: تعريف الإيمان عموما

- ‌المطلب الثاني: تعريف الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: معنى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الرابع: نواقض الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني: وجوب الإيمان بنبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: معنى النبوة والرسالة

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من القرآن والسنة على وجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثالث: وجوب الإيمان بعموم رسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن على عموم رسالته

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة على عموم رسالته

- ‌المطلب الثالث: دليل الإجماع على عموم رسالته

- ‌المبحث الرابع: وجوب الإيمان بأنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين

- ‌المطلب الأول: معنى ختم النبوة

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من القرآن الكريم على ختم النبوة

- ‌المطلب الثالث: الأدلة من السنة على ختم النبوة:

- ‌المطلب الرابع: ما ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم في تأكيد عقيدة ختم النبوة

- ‌المطلب الخامس: إجماع الأمة

- ‌‌‌المبحث الخامس: وجوب الإيمان بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وأكملها

- ‌المبحث الخامس: وجوب الإيمان بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وأكملها

- ‌المبحث السادس: وجوب الإيمان بعصمته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: تعريف العصمة

- ‌المطلب الثاني: الجوانب التي عصم فيها النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: مسألة وقوع الخطأ منه

- ‌الفصل الثاني: وجوب طاعته ولزوم سنته والمحافظة عليها

- ‌المبحث الأول: الأدلة على وجوب طاعته

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: دليل الإجماع على وجوب طاعته

- ‌المبحث الثاني: منهج السلف في اتباعه وطاعته

- ‌المطلب الأول: منهجهم في الاتباع

- ‌المطلب الثاني: محاربة السلف لما يناقض الاتباع

- ‌المبحث الثالث: التحذير من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم وحكم من خالفه

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم على التحذير من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم وحكم من خالفه

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة على التحذير من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم وحكم من خالفه:

- ‌الباب الثاني: وجوب محبته صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الأول: بيان المعنى الصحيح لمحبته والأدلة على وجوبها

- ‌المبحث الأول: المعنى الصحيح لمحبته

- ‌المطلب الأول: تعريف المحبة

- ‌المطلب الثاني: أقسام المحبة:

- ‌المطلب الثالث: حقيقة المحبة الشرعية:

- ‌المطلب الرابع: المعنى الصحيح لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وانقسام الناس فيها:

- ‌المبحث الثاني: الأدلة على وجوب محبته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن على وجوب محبته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة على وجوب محبته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: ما جاء عن الصحابة في شأن محبته صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثاني: علامات محبته صلى الله عليه وسلم والثواب المترتب عليها

- ‌المبحث الأول: علامات محبته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: من علامات محبته اتباعه والأخذ بسنته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: من علامات محبته الإكثار من ذكره صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: من علامات محبته صلى الله عليه وسلم تمني رؤيته والشوق إلى لقائه

- ‌المطلب الرابع: من علامات محبته صلى الله عليه وسلم النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين عامتهم

- ‌المطلب الخامس: من علامات محبته صلى الله عليه وسلم تعلم القرآن الكريم

- ‌المطلب السادس: من علامات محبته صلى الله عليه وسلم محبة من أحبهم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب السابع: من علامات محبته صلى الله عليه وسلم بغض من أبغض الله ورسوله

- ‌المطلب الثامن: من علامات محبته صلى الله عليه وسلم الزهد في الدنيا

- ‌المطلب التاسع: التحذير من علامات المحبة البدعية

- ‌المبحث الثاني: ثواب محبته صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: ثمار المحبة في الحياة الدنيا

- ‌المطلب الثاني: ثواب المحبة في الآخرة

الفصل: ‌المطلب الأول: ثمار المحبة في الحياة الدنيا

‌المبحث الثاني: ثواب محبته صلى الله عليه وسلم

‌المطلب الأول: ثمار المحبة في الحياة الدنيا

يؤمن المسلم أنه بفعله للطاعات وسائر العبادات يفعل ذلك كله ابتغاء مرضاة الله ورجاء ما عنده من الثواب العاجل في الدنيا والآجل في الآخرة.

ذلك لأن كل عمل صالح مشروع له ثمرة، فالله سبحانه كريم يجود على أهل طاعته وعبادته، ويمن عليهم بفضله في فيضاعف لهم درجات أعمالهم. قال تعالى:{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} 1.

وقال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} 2.

وقال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} 3.

والمحبة من أفضل أعمال العباد وأحبها إلى الله عز وجل، فبها يذوق العبد حلاوة الإيمان كما في الحديث "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"4.

وبها يستكمل الإيمان كما في الحديث: "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان"5.

وهي من أفضل الإيمان كما في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه سئل

1 الآية (38) من سورة النور.

2 الآية (24) من سورة التوبة.

3 الآية (84) من سورة القصص.

4 تقدم تخريجه ص 43.

5 تقدم تخريجه ص 311.

ص: 371

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان؟

قال: "أفضل الإيمان أن تحب لله وتبغض لله في الله وتعمل لسانك في ذكر الله

" 1. فهذه الأحاديث تبين اكتساب المحبة لهذه الدرجة الرفيعة من الدين فمن أعظم الواجبات على المؤمن محبة الله ومحبة ما يحبه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة وما يحبه من الأشخاص كالأنبياء والملائكة وصالحي بني آدم وموالاتهم، وبغض ما يبغضه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. مع وجوب تقديم محبة الله تعالى على جميع المحاب وإيثار مرضاته على حظوظ النفس.

ولقد دلت النصوص على عظم ثواب المحبة ومدى نفع ثمرتها.

والحديث هنا عن ثمرة المحبة يتناول محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك لما بين الأمرين من التلازم.

فمحبة الله لا تتم إلا بمحبة ما يحبه الله وكراهة ما يكرهه.

ولا طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إلا بإتباع ما أمر به واجتناب ما نهي عنه، فصار من لوازم محبته سبحانه وتعالى محبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته، ولهذا قرن الله محبته ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} 2.

وورد مثل ذلك في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث: "ثلاث من كن فيه وجد

1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/ 247) .

2 الآية (24) من سورة التوبة.

ص: 372

بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما 000" الحديث. ومما تجدر الإشارة إليه كذلك أن كلا من الحب، والإيمان والتصديق هي حقوق مشتركة بين الله ورسوله. فالله سبحانه وتعالى كما أوجب الإيمان به على خلقه أوجب كذلك عليهم الإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} .

تال تعالى: {

أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

وكذا الحال بالنسبة للتصديق قال تعالى: {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} 1

وقد نظم ابن القيم رحمه الله هذا في نونيته حيث قال:

والحب والإيمان والتصديق لا يختص بل حقان مشتركان2

وثمار محبة الله ورسوله منها ما هو دنيوي، ومنها ما هو أخروي. وسنعرض لكلا النوعين ليعلم المسلم عظم فضل الله على عباده المحبين له ولرسوله.

1 الآية (22) من سورة الأحزاب.

2 شرح النونية لابن عيسى (2/ 347) وتكميلا للفائدة: فإن الحق الذي يختص الله به على عباده دون سواه هو: عبادته بأمره لا بهوى النفس، وذلك كالحج والصلاة والذبح والنذر واليمين والتوبة والتوكل والإنابة والرجاء ونحوها من العبادات فهي حق لله لا يشاركه فيه غيره.

وأما الحق الذي يختص بالرسول صلى الله عليه وسلم فهو التعزير والتوقير كما في قوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} الآية (9) من سورة الفتح.

انظر: شرح النونية لابن عيسى (2/ 348) .

ص: 373

المطلب الأول: ثمار المحبة في الحياة الدنيا

من أعظم ثمار المحبة في هذه الحياة الدنيا هو ما تورثه في الجوارح من فعل للطاعات والقربات مما يرضي الله عز وجل ويكسب محبته.

فمتى ما تمكنت المحبة من القلب واستغرق بها واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إلا إلى رضا الرب وطاعته، وصارت النفس مطمئنة حينئذ بإيرادة مولاها عن مرادها وهواها، فمن أحب الله لم يكن شيء عنده آثر من رضاه.

وهذا هو معنى الحديث الإلهي "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشى بها "الحديث1.

فالمحبة الصادقة شجرة في القلب عروقها الذل للمحبوب، وساقها معرفته، وأغصانها خشيته، وورقها الحياء منه، وثمرتها طاعته، ومادتها التي تسقيها ذكره2.

فالمحبة تملأ القلب ذلا لله وتكسبه معرفة وخشية وخوفا وحياء من الله تبارك وتعالى، لتثمر بذلك طاعته وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وخشيته في السر والعلانية، وثمار الطاعة لا تعد ولا تحصى وأعظمها: محبة الله للعبد وهذا أشرف مقصود وأرفع درجة وأعظم مقام يناله العبد. ثوابا وثمرة لمحبته لله عز وجل.

1 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب التواضع. فتح الباري (11/ 340- 341) ح 6502.

2 روضة المحبين (ص 409) .

ص: 374

وقد يظن البعض أن الغاية هي أن تحب لله، ولكن الأمر خلاف ذلك، فالغاية أن يحبك الله عز وجل وليست الغاية أن تحب الله عز وجل، فالمؤمن يسعى لهذه الغاية ويتمنى تحققها والفوز بها قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} 1.

فالآية هنا إشارة إلى ثمرة المحبة {يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} قال ابن القيم عند هذه الآية "فجعل سبحانه متابعة رسوله سببا لمحبتهم له، وكون العبد محبوبا لله أعلى من كونه محبا لله، فليس الشأن أن تحب الله ولكن الشأن أن يحبك الله"2.

وقد وصف الله سبحانه نفسه في كتابه العزيز بأنه يحب عباده المؤمنين، ويحبونه، وأخبر أنهم أشد حبا لله {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} 3. ووصف نفسه بأنه الودود {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} 4 والودود هو الحبيب، والود خالص الحب، فهو يود عباده المؤمنين ويودونه5.

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً} 6 قال بعض السلف في تفسيرها يحبهم ويحببهم إلى عباده7.

فالفوز بمحبة الله فيه الخير كله فعن أنس بين مالك رضي الله عنه قال: قال

1 الآية (9) من سورة آل عمران.

2 روضة المحبين ص (266) .

3 الآية (165) من صورة البقرة.

4 الآية (14) من سورة البروج.

5 روضة المحبين (409) .

6 الآية (96) من سورة مريم.

7 روضة المحبين ص (412) .

ص: 375

رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: "من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترقا عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشى، ولئن سألني لأعطنه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولابد له منه"1.

فتأمل كمال الموافقة في الكراهة كيف اقتضى كراهة الرب تعالى لمساءة عبده بالموت لما كره العبد مساخط ربه، وكمال الموافقة كيف اقتضى موافقته في قضاء حوائجه وإجابة طلباته وإعاذته مما استعاذ به، كما قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم:"ما أرى ربك إلا يسارع في هواك"2.

وتأمل "الباء" في قوله "فبي يسمع وبي، يبصر وبي يبطش وبي يمشي" كيف تجدها مبينة لمعنى قوله "كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به

الخ " فإن سمع سمع بالله، وإن أبصر أبصر به، وإن بطش بطش به، وإن مشى مشى به، وهذا تحقيق قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} 3 وقوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} 4 وقوله تعالى:

1 تقدم تخريجه (ص 374)

2 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، تفسير سورة الأحزاب باب (7) . فتح الباري (8/ 524- 525) ح 4788، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الرضاع، باب القسم بين الزوجات (4/ 174) .

3 الآية (128) من سورة النحل.

4 الآية (69) من سورة العنكبوت.

ص: 376

{وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} 1

وتأمل كذلك كيف جعل محبته لعبده متعلقة بأداء فرائضه، والتقرب إليه بالنوافل بعدها لا غير، وفي هذا تعزية لمدعي محبته بدون ذلك أنه ليس من أهلها، وإنما معه الأماني الباطلة والدعاوي الكاذبة2.

ومما يناله العبد كذلك من محبة الله له محبة من في السماء له ووضع القبول له في أهل الأرض.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض "3.

وفي لفظ لمسلم: "إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه " قال: فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء. قال: ثم يوضع له القبول في الأرض

" الحديث4.

وفي لفظ آخر لمسلم عن سهيل بن أبي صالح قال: كنا بعرفة فمر عمر بن عبد العزيز وهو على الموسم فقام الناس ينظرون إليه. فقلت لأبي: يا أبت إني أرى الله يحب عمر بن عبد العزيز.

قال: وما ذاك؟

1 الآية (19) من سورة الأنفال.

2 روضة المحبين (ص 411) .

3 أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب المقة (المحبة) من الله تعالى.

انظر: فتح الباري (10/ 461) ح 6040

4 أخرجه مسلم كتاب البر والصلة والآداب، باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده (8/ 40، 41) .

ص: 377

قلت: لما له من الحب في قلوب الناس.

فقال: إني سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الحديث1

1 أخرجه مسلم كتاب البر والصلة والآداب، باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده (8/ 41) .

ص: 378