الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع عشر أزواج النبي
زينب بنت خزيمة وأم سلمة- قصة زينب بنت جحش وكلام المستشرقين فيها- وقائعها كما يرويها التاريخ الصحيح.
صيحة المستشرقين في مسألة زينب بنت جحش في الفترة التي وقعت فيها حوادث الفصلين السابقين تزوّج محمد زينب بنت خزيمة، ثم تزوج أمّ سلمة بنت أبي أميّة بن المغيرة، ثم تزوج زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد بن حارثة، وزيد هذا هو الذي تبنّاه محمد وأعتقه منذ اشتراه يسار لخديجة. هاهنا يصيح المستشرقون ويصيح المبشرون: انظروا! لقد انقلب محمد الذي كان بمكة داعية قناعة ومهد وتوحيد ورغبة عن شهوات هذه الحياة الدنيا، رجل شهوة يسيل منظر المرأة لعابه، ولا يكفيه ثلاث نسوة في بيته، بل يتزوج أولئك الثلاث اللائي ذكرنا، ويتزوّج من بعدهن ثلاثا أخريات غير ريحانة. وهو لا يكفيه أن يتزوج ممن لا بعولة لهن؛ بل هو يشغف حبّا بزينب بنت جحش وهي تحت زيد بن حارثة مولاه؛ لغير شيء إلا أنه مرّ ببيت زيد وهو غائب فاستقبلته زينب، وكانت في ثياب تبدي محاسنها، فوقع منها في قلبه شيء لجمالها، فقال: سبحان مقلب القلوب! ثم كرّر هذه العبارة ساعة انصرافه، فسمعتها زينب ورأت في عينيه وهج الحب، فأعجبت بنفسها وأبلغت زيدا ما سمعت فذهب من فوره إلى النبي يذكر له استعداده لتسريحها؛ فقال له: أمسك عليك زوجك واتّق الله. لكن زينب لم تحسن من بعد عشرته فطلقها؛ وأمسك محمد عن زواجها وقلبه في شغل بها حتى نزل قوله تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا)«1» . إذ ذاك تزوّجها فأطفأ بزواجها لاذع حبه ومتوهج غرامه. فأيّ نبيّ هذا! وكيف يبيح لنفسه ما حرّمه على غيره! وكيف لا يخضع للقانون الذي يقول إن الله أنزله عليه! وكيف يخلق هذا «الحريم» الذي يثير في النفس ذكر الملوك المترفين بدل أن يثير فيها ذكر الأنبياء الصالحين المصلحين! ثم كيف يبلغ منه الخضوع لسلطان الحبّ في شأن زينب حتى يصل بمولاه زيد إلى تطليقها ثم يتزوجها من بعده. وكان ذلك محرّما في الجاهليّة، فأباحه نبيّ المسلمين إرضاء لهواه، واستجابة لداعي حبه.
(1) سورة الأحزاب آية 37.