الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نواقض التوحيد
الشرك الأكبر
تعريفه وحكمه
…
الباب الثاني: نواقض التوحيد
وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: الشرك الأكبر
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تعريفه، وحكمه:
قبل أن نبدأ في تعريف الشرك نذكر الفرق بين نواقض التوحيد ومنقصاته:
فنواقض التوحيد: هي الأمور التي إذا وجدت عند العبد خرج من دين الله بالكلية، وأصبح بسببها كافراً أو مرتداً عن دين الإسلام، وهي كثيرة، تجتمع في الشرك الأكبر، والكفر الأكبر، والنفاق الأكبر "الاعتقادي".
أما منقصات التوحيد: فهي الأمور التي تنافي كمال التوحيد ولا تنقضه بالكلية، فإذا وجدت عند المسلم قدحت في توحيده ونقص إيمانه، ولم يخرج من دين الإسلام، وهي المعاصي التي لا تصل إلى درجة الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر أو النفاق الأكبر، وعلى رأسها: وسائل الشرك الأكبر، والشرك الأصغر، والكفر الأصغر، والنفاق الأصغر، والبدعة.
أما تعريف الشرك الأكبر: فهو في اللغة يدل على المقارنة، التي هي ضد الانفراد، وهو أن يكون الشيء بين اثنين، لا ينفرد به أحدهما. يقال "لا تشرك بالله" أي لا تعدل به غيره فتجعله شريكاً له، فمن عدل بالله أحداً من خلقه فقد جعله له شريكاً"1".
وفي الاصطلاح: أن يتخذ العبد لله نداً يسوِّيه به"2" في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته.
أما حكمه:
فإن الشرك هو أعظم ذنب عصي الله به، فهو أكبر الكبائر، وأعظم الظلم؛ لأن الشرك صرف خالص حق الله تعالى - وهو العبادة - لغيره، أو وصف أحد من خلقه بشيء من صفاته التي اختص بها عز وجل، قال تعالى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] ، ولذلك رتّب الشرع عليه آثاراً وعقوبات عظيمة، أهمها:
1-
أن الله لا يغفره إذا مات صاحبه ولم يتب منه، كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48، 116] .
"1" معجم مقاييس اللغة 3/365، ولسان العرب "مادة: شرك ".
"2" مدارج السالكين "منزلة التوبة" 1/368، النونية مع شرحها لابن عيسى 2/263، 266، أعلام السنة المنشورة ص52، سلم الوصول "مطبوع مع شرحه معارج القبول" 2/475. وينظر حجة الله البالغة للدهلوي باب أقسام الشرك 1/183، 184، الدين الخالص 1/78، 79.
2-
أن صاحبه خارج من ملة الإسلام، حلال الدم والمال، قال الله تعالى:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة: 5] .
3-
أن الله تعالى لا يقبل من المشرك عملاً، وما عمله من أعمال سابقة تكون هباءً منثوراً "1"، كما قال تعالى عن المشركين:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان: 23]، وقال سبحانه:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] .
4-
يحرم أن يتزوج المشرك بمسلمة، كما يحرم أن يتزوج المسلم مشركة"2"، كما قال تعالى:{وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة:221] .
5-
إذا مات المشرك فلا يُغسل، ولا يُكفن، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، وإنما يحفر له حفرة بعيدة عن الناس
"1" الجواب الكافي ص 210، إغاثة اللهفان: فصل فيما في الشرك من الخبث 1/60 - 62، التيسير باب الخوف من الشرك ص 89، فتح المجيد 1/173، 174، معارج القبول 2/475 - 482، 486.
"2" ويستثنى من ذلك نساء أهل الكتاب – اليهود والنصارى - كما قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] . وينظر تفسير الآية 221 من سورة البقرة في تفسير ابن كثير.