المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة - الأحاديث الواردة في البيوع المنهي عنها - جـ ٢

[سليمان بن صالح الثنيان]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب الخامس: الأحاديث الواردة في النهي عن البيوع الربوية

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن الربا والتحذير منه

- ‌الفصل الثاني: ما ورد في الربا في الذهب والفضة والبر والشعير والملح والتمر

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن المزابنة والمحاقلة

- ‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة

- ‌الفصل الخامس: ما ورد في النهي عن بيع اللحم بالحيوان

- ‌الفصل السادس: ما ورد في النهي عن بيع العينة

- ‌الباب السادس: الأحاديث الواردة في النهي عما يلحق الضرر والغبن بأحد المتبايعين أو كان النهي لأمر آخر مما هو خارج عقد البيع

- ‌الفصل الأول: ما ورد في النهي عن النجش

- ‌الفصل الثاني: ما ورد في النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه وأن يستام الرجل على سوم أخيه

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في النهي عن الغش في البيع

- ‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن اليمين الكاذبة في البيع

- ‌الفصل الخامس: ما ورد في النهي عن التصرية

- ‌الفصل السادس: ما ورد في النهي عن بيع الحاضر للباد وعن تلقي الركبان

- ‌الفصل السابع: ما ورد في النهي عن بيع المضطر

- ‌الفصل الثامن: ما ورد في النهي عن التفريق بين الأقارب في البيع

- ‌الفصل التاسع: ما ورد في النهي عن البيع في المسجد

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة

‌الفصل الرابع: ما ورد في النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة

171 -

(1) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة".

رواه أبو داود1، والترمذي2، والنسائي3، وابن ماجه4، وابن أبي شيبة5، وأحمد6، والدارمي7، كلهم من طرقٍ عن قتادة عن الحسن عنه به بهذا اللفظ.

قال الترمذي: "حديث سمرة حديث حسن صحيح، وسماع الحسن من سمرة صحيح، هكذا قال علي بن المديني وغيره".

وقد اختلف في سماع الحسن البصري من سمرة رضي الله عنه.

فقيل: إن أحاديثه عنه محمولة على السماع، وقد سمع منه كثيراً. وهذا ما نقله الترمذي عن علي بن المديني، وكذلك نقله عن البخاري، وصرَّح به الحاكم في المستدرك.

1 سنن أبي داود [كتاب البيوع (3/652) ] .

2 جامع الترمذي [كتاب البيوع (3/538) ] .

3 سنن النسائي [كتاب البيوع (7/292) ] .

4 سنن ابن ماجه [كتاب التجارات (2/763) ] .

5 المصنف (5/53) .

6 مسند أحمد (5/12،19،21،22) .

7 مسند الدارمي (2/331) .

ص: 555

القول الثاني: أنه لم يسمع منه شيئاً. قاله شعبة، ويحيى القطان، وبهز بن أسد، ويحيى بن معين، وابن حبان، والبرديجي. وبعضهم يذكر أن روايته عنه من كتابٍ، كيحيى القطان والبرديجي.

القول الثالث: أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، وباقي ما يروي عنه من كتاب. قاله النسائي، ومال إليه الدارقطني، والبيهقي، واختاره البزار، وعبد الحق الإشبيلي في أحكامه، وابن عساكر1.

والذي يترجح لي أنه سمع منه في الجملة، إلا أن الحسن موصوفٌ بالتدليس، فلا يقبل من حديثه إلا ما صرّح فيه بالسماع.

قال الذهبي: قال قائل: إنما أعرض أهل الصحيح عن كثيرٍ مما يقول فيه الحسن "عن فلان"، وإن كان مما قد ثبت لقيه فيه لفلانٍ المعيَّن، لأن الحسن معروف بالتدليس، ويدلِّس عن الضعفاء، فيبقى في النفس من ذلك، فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة، يجوز أن يكون لم يسمع فيه2 غالب النسخة التي عن سمرة3. والله أعلم.

وبهذا يتبين أن هذا الحديث ضعيف؛ لأن الحسن لم يصرِّح بالسماع من سمرة رضي الله عنه في هذا الحديث. والله أعلم.

1 هذه الخلاصة في رواية الحسن عن سمرة جمعتها من: نصب الراية (1/89) ، وجامع التحصيل (ص199) ، وتهذيب التهذيب (2/269) .

وكذلك استفدت مما كتبه حمدي السلفي في حاشية تحقيقه على المعجم الكبير للطبراني (7/193-194-195-196) .

2 هكذا في السير. ولعل الصواب: (منه) .

3 سير أعلام النبلاء (4/588) .

ص: 556

172 -

(2) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحيوان اثنان بواحدٍ لا يصلح نسيئاً، ولا بأس به يداً بيدٍ".

رواه الترمذي1 واللفظ له، وابن ماجه2، وعلي بن الجعد3، وأبو بكر بن أبي شيبة4، وأحمد5، والطحاوي6. كلهم من طرقٍ عن أبي الزبير عنه به.

قال الترمذي: حسن صحيح.

وأبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرُس الأسدي، مولاهم المكي، مشهور بالتدليس. وقد ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلِّسين7.

ولم يصرِّح بالسماع في هذا الحديث، فعلى هذا فإن الحديث بهذا الإسناد ضعيف لتدليس أبي الزبير. والله أعلم.

173 -

(3) عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة".

1 جامع الترمذي [كتاب البيوع (3/539) ] .

2 سنن ابن ماجه [كتاب التجارات (2/763) ] .

3 مسند علي بن الجعد (2/1170) .

4 المصنف (5/52،53) .

5 مسند أحمد (3/310،380) .

6 شرح معاني الآثار (4/60) .

7 تعريف أهل التقديس (ص108) .

ص: 557

رواه الترمذي في العلل الكبير1، والطحاوي2، والعقيلي3، والطبراني في الكبير4، وأبو الشيخ الأصبهاني5، وأبو نعيم الأصبهاني6، وأبو بكر بن المقرئ7. كلهم من طرقٍ عن محمد بن دينار الطاحي، عن يونس بن عبيد، عن زياد بن جبير به.

ومحمد بن دينار الأزدي الطاحي البصري، مختلف فيه. فقال فيه ابن معين: ليس به بأس. وقال مرّةً: ضعيف. وقال أبو زرعة: صدوق. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وقال أبو داود: تغيَّر قبل أن يموت. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال مرّةً: ضعيف. وقال العقيلي: في حديثه وهم. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال مرّةً: متروك. وقال ابن عدي: حسن الحديث وعامة حديثه يتفرد به8.

وجعله ابن حجر في مرتبة: "صدوق سيء الحفظ، ورمي بالقدر، وتغير قبل موته"9.

قال أبو داود: ذكرت له - أي لأحمد بن حنبل - حديث ابن عمر في الحيوان، فقال: ليس فيه ابن عمر، هو عن زياد بن جبير موقوف10.

1 العلل الكبير (1/490) . وسقط من الإسناد - في المطبوع - محمد بن دينار الطاحي، وهو موجود في الروايات الأخرى.

2 شرح معاني الآثار (4/60) .

3 الضعفاء الكبير (4/64) .

4 ذكر إسناده ابن كثير في جامع المسانيد (28/115) .

5 طبقات المحدثين بأصبهان (3/206) .

6 تاريخ أصبهان (1/304) .

7 معجم أبو بكر بن المقرئ (2/581-582) .

8 تهذيب التهذيب (9/155) .

9 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (5870) .

10 سؤالات أبي داود لأحمد بن حنبل (ص352) . وانظر: الضعفاء للعقيلي (4/64) .

ص: 558

ولعل الإمام أحمد يقصد بقوله هذا أنه مرسل. بدليل قوله "ليس فيه ابن عمر"، وبدليل ما يأتي عن البخاري. فقد قال الترمذي: سألت محمداً- يعني البخاري - عن هذا الحديث. فقال: إنما يرويه زياد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً1.

وعلى هذا فإن هذا الإسناد ضعيف لحال محمد بن دينار الطاحي، ولأن المحفوظ فيه الإرسال كما قال أحمد والبخاري.

وقد تقدم2 لحديث ابن عمر رضي الله عنهما طريق آخر، وذلك من طريق أبي جناب الكلبي عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما

" الحديث، وفيه: "أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس، والنجيبة بالإبل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا بأس إذا كان يداً بيد". رواه أحمد3.

وأبو جناب ضعيف مدلِّس.

وقد روى الإمام مالك في موطئه عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما "اشترى راحلةً بأربعة أبعرة مضمونةً عليه يوفيها صاحبها بالربذة"4، وهذا إسناد صحيح.

وهذا قد يعل به الحديث المرفوع عن ابن عمر رضي الله عنهما في النهي، إلا أن يحمل صنيع ابن عمر رضي الله عنهما على اختلاف المنافع كما سيأتي في الدراسة الفقهية. والله أعلم.

1 العلل الكبير (1/490) .

2 تقدم في الطريق الثانية من حديث ابن عمر رضي الله عنهما رقم (150) .

3 المسند (2/109) .

4 الموطأ (2/505) .

ص: 559

174 -

(4) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة".

جاء هذا الحديث من طريق معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عنه به. وقد اختلف على معمر في وصله وإرساله.

أولاً: من رواه عن معمر موصولاً:

1 - داود العطار. وذلك فيما رواه ابن الجارود1، والطحاوي2، والطبراني3. كلهم من طرقٍ عن شهاب بن عباد العبدي عنه به.

وداود بن عبد الرحمن العطار، وشهاب العبدي كلاهما ثقة4.

2 -

إبراهيم بن طهمان. رواه البيهقي5 بإسناده عن حفص بن عبد الله السُّلَمي عنه به.

وحفص صدوق6، وإبراهيم بن طهمان ثقة7.

3 -

محمد بن حميد اليشكري. رواه الترمذي8 عن سفيان بن وكيع عنه به.

ومحمد بن حميد ثقة إلا أن الراوي عنه وهو سفيان بن وكيع متكلم فيه. فقد اتهم بالكذب كما قال أبو زرعة. وقال النسائي:

1 المنتقى (2/185-186) .

2 شرح معاني الآثار (4/60) .

3 المعجم الكبير (11/354) ، المعجم الأوسط (5/188) .

4 انظر: تقريب التهذيب: رقم الترجمة (1798،2826) .

5 السنن الكبرى (5/288-289) .

6 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (1408) .

7 المرجع السابق: رقم الترجمة (189) .

8 العلل الكبير (1/489) .

ص: 560

ليس بثقة. وقال أيضاً: ليس بشيء. وكان لسفيان ورّاق أفسد حديثه وأدخل فيه ما ليس منه1.

فعلى هذا فلا يعتبر بهذه الرواية. والله أعلم.

ثانياً: من رواه عن معمر مرسلاً:

رواه عن معمر مرسلاً - ممن وقفت عليه - عبد الأعلى بن عبد الأعلى، ذكر ذلك البيهقي2.

وعبد الأعلى ثقة3.

ثالثاً: من اختلف عليه في وصله وإرساله:

1 - رواه سفيان الثوري عن معمر واختلف على سفيان. فرواه عنه أبو أحمد الزبيري4، وأبو داود الحفري5، وعبد الملك الذماري6 موصولاً.

وأبو أحمد الزبيري، وأبو داود الحفري ثقتان7، والإسناد إليهما صحيح.

وأما عبد الملك الذماري فهو صدوق8، والإسناد إليه ضعيف جداً؛ لأن فيه إسحاق بن إبراهيم الطبري. قال فيه الدارقطني:

1 انظر: تهذيب التهذيب (4/124) .

2 السنن الكبرى (5/289) .

3 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (3734) .

4 سنن الدارقطني (3/71) ، شرح معاني الآثار (4/60) .

5 الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان (11/401-402) .

6 سنن الدارقطني (3/81) ، المستدرك (2/57) .

7 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (4904، 6017) .

8 المرجع السابق: رقم الترجمة (4191) .

ص: 561

منكر الحديث. وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً، يأتي عن الثقات بالموضوعات ولا أحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب. وقال الحاكم: روى عن الفضل وابن عيينة أحاديث موضوعة1.

ورواه عن سفيان الثوري مرسلاً محمد بن يوسف الفريابي2، وهو ثقة، وقيل: يخطأ في حديث سفيان3.

2 -

رواه عبد الرزاق عن معمر مرسلاً، كذلك رواه ابن الجارود4 بإسناده عنه. وصرّح البيهقي5 وابن عبد البر6 بأن رواية عبد الرزاق مرسلة. إلا أن الحديث في مصنف عبد الرزاق7 موصول.

هذه هي الروايات التي وقفت عليها في هذا الحديث عن معمر. وذكر البيهقي أن علي بن المبارك الهُنائي قد تابع معمراً في الرواية المرسلة عنه8. وعلي بن المبارك ثقة تكلم في حديثه عن يحيى بن أبي كثير إذا روى عنه أهل الكوفة9.

1 لسان الميزان (1/344-345) .

2 ذكر ذلك البيهقي في السنن الكبرى (5/289) .

3 انظر: تقريب التهذيب: رقم الترجمة (6415) .

4 المنتقى (2/185-186) .

5 السنن الكبرى (5/289) .

6 الاستذكار (20/90) .

7 المصنف (8/20) .

8 السنن الكبرى (5/289) .

9 انظر: تقريب التهذيب: رقم الترجمة (4787) .

ص: 562

وقد رجح الأئمة المتقدمون رواية الإرسال على الوصل. فقد قال الترمذي: "سألت محمداً عن هذا الحديث. فقال: قد روى داود بن عبد الرحمن العطار عن معمر هذا وقال: عن ابن عباس. وقال الناس: عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً"1.

فظاهر كلام البخاري أن هناك جمعاً من الرواة كلهم يروون هذا الحديث عن معمر مرسلاً.

وقال أبو حاتم أيضاً: "الصحيح عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل"2. ورجح إرساله أيضاً ابن خزيمة3، والبيهقي4.

فعلى هذا فإن الراجح في هذا الحديث أنه مرسل. والله أعلم.

175 -

(5) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة".

رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند5، ومن طريقه الخطيب البغدادي6، بإسناده عن أبي عمر المقري، عن سماك بن حرب به.

وأبو عمر المقري قال فيه الهيثمي: "إن كان هو الدوري فقد وثق والحديث صحيح. وإن كان غيره فلم أعرفه"7.

1 العلل الكبير (1/489-490) .

2 علل الحديث (1/385) .

3 السنن الكبرى للبيهقي (5/289) .

4 المرجع السابق.

5 المسند (5/99) .

6 تاريخ بغداد (8/186) .

7 مجمع الزوائد (4/108) .

ص: 563

والصحيح أن أبا عمر المقري هو حفص بن سليمان صاحب عاصم. وقد ذكر الخطيب هذا الحديث في ترجمته وبيّن أنه هو أبو عمر المقري.

وحفص بن سليمان هو ابن المغيرة أبو عمر الأسدي البزار. قال فيه أحمد، وابن المديني، ومسلم، وأبو حاتم، والنسائي: متروك الحديث. وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال البخاري: تركوه1.

ولذا قال ابن حجر فيه: متروك الحديث مع إمامته في القراءة2.

فعلى هذا لا يعتبر بهذه الطريق لضعف حفص بن سليمان ضعفاً شديداً. والله أعلم.

وقد جاء الحديث من طريق أخرى أضعف منها، وذلك فيما رواه الطبراني في الكبير3، وابن عدي4، بإسنادهما عن إبراهيم بن راشد الأدمي ثنا داود بن مهران ثنا محمد بن الفضل بن عطية عن سماكٍ به.

وهذا الإسناد فيه محمد بن الفضل بن عطية، قال فيه أحمد: ليس بشيء، حديثه حديث أهل الكذب، وقال ابن معين: ضعيف. وقال مرّة: ليس بشيء ولا يكتب حديثه. وقال مرّةً: كان كذاباً لم يكن ثقة. وقال عمرو بن علي: متروك الحديث كذاب. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث تُرك حديثه. وقال مسلم والنسائي والدارقطني: متروك الحديث. وقال النسائي مرّةً: كذاب5.

1 تاريخ بغداد (8/187-188) ، تهذيب التهذيب (2/400-401) .

2 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (1405) .

3 المعجم الكبير (2/252) .

4 الكامل (6/164) .

5 تهذيب التهذيب (9/401-402) .

ص: 564

قال ابن حجر: كذبوه1.

وفي الإسناد أيضاً إبراهيم بن راشد الأدمي. قال فيه ابن أبي حاتم: صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الخطيب، واتهمه ابن عدي2. فعلى هذا فإن هذه الطرق لا يقوي بعضها بعضاً.

فمما سبق يتبين أن هذا الحديث عن جابر بن سمرة ضعيف جداً، فلا يعتبر به. والله أعلم.

1 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (6225) .

2 لسان الميزان (1/55-56) .

ص: 565

دلالة الأحاديث السابقة:

أحاديث هذا الفصل تدل على النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة. وبه قال أبو حنيفة1.

إلا أنه قد سبق أن هذه الأحاديث في جميعها مقال. إلا أن الراجح أنها بمجموعها تصلح للاحتجاج، وقد عارضها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة" 2، وقلاص جمع قلوص، وهي الناقة الشابة3.

1 مختصر الطحاوي (ص86) .

2 رواه أبو داود [كتاب البيوع (3/652-653) ] من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما به.

ورواه أحمد بإسناده عن جرير بن حازم عن محمد بن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن الحريش عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما به.

وقد تابع جرير بن حازم إبراهيمُ بن سعد كما عند أحمد أيضاً (2/216) . وقد رجح ابن حجر رواية جرير بن حازم وإبراهيم بن سعد على رواية حماد بن سلمة؛ لأنه رواية الأكثر، ولأن إبراهيم بن سعد مختصٌ بابن إسحاق أكثر من غيره. انظر: تعجيل المنفعة (ص400-401) .

فإذا تبيّن هذا فإن مسلم بن جبير وعمرو بن حريش مجهولان. تقريب التهذيب: رقم (6619) ، (5010) .

إلا أن الحديث جاء من وجه آخر، وذلك من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما به بنحوه.

رواه الدارقطني (3/69)، ومن طريقه البيهقي. السنن الكبرى (5/287-288) . وقد صححه من هذا الوجه البيهقي. وقال الحافظ ابن حجر: إسناده قوي. فتح الباري (4/489) . وقد حسن ابن القيم هذا الحديث (تهذيب السنن:9/151) .

3 النهاية في غريب الحديث (4/100) .

ص: 566

فهذا الحديث يدل على إباحة بيع الحيوان بالحيوان نسيئة. وإلى هذا ذهب الشافعي1 وأحمد في الصحيح من مذهبه2.

وقد حكى البخاري هذا المذهب عن ابن عمر، ورافع بن خديج، وابن المسيب، وابن سيرين3، ورواه مالك4 عن علي رضي الله عنه.

ولهذا القول أدلة أخرى غير هذا الحديث، إلا أن هذا الحديث هو أقواها.

وأما دعوى النسخ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما-5، فلا دليل عليها. والله أعلم.

وذهب مالك إلى جواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة بشرط ألا يتحدا في الجنس والمنفعة، فيجوز أن يبتاع البعير بالبعير نسيئة، أما إذا اختلفا في الجنس فيجوز مطلقًا، ويجوز أيضًا إذا اختلفا في المنفعة بيعهما مطلقًا، كما لو باع بعيرًا نجيبًا ببعيرين ليسا كذلك نسيئة، وهذا عند المالكية في الحيوان وغيره، فإنه لا يجوز السلم عندهم في شيئين من جنس واحد إلا متماثلين في العدد والصفة إلا أن تختلف المنفعة، وعندهم أن الشيء في مثله قرض6.

1 الأم (3/142) .

2 الإنصاف (5/42) .

3 صحيح البخاري [كتاب البيوع (4/ باب رقم (108) ] . وقد وصل الحافظ ابن حجر هذه الآثار في الفتح (4/489-490) .

4 الموطأ (2/505) .

5 شرح معاني الآثار (4/60) .

6 انظر الموطأ (2/505-506) ، وشرح منح الجليل (3/11-16،19) .

ص: 567

فخلاصة مذهب مالك أنه لا يجتمع التفاضل والنَّسَاء في الجنس الواحد، والجنس عنده ما اتفقت منافعه وأشبه بعضه بعضًا1، وهذا القول رجح شيخ الإسلام ابن تيمية2، وابن القيم3.

وهذا القول هو الذي تجتمع به الأدلة.

وحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يحمل على اختلاف المنافع والأغراض؛ فإن الذي كان يأخذه إنما هو للجهاد، والذي جعله عوضًا هو من إبل الصدقة قد يكون من بني المخاض ومن حواشي الإبل ونحوها4.

وهذا أولى ما يحمل عليه الحديث، وهو أولى من حمله على حاجة الجهاد5؛ لأن هذا وإن صلح جوابًا عن هذا الدليل فالأدلة الأخرى لا يتم فيها هذا الجواب.

وأما بيع الحيوان بالحيوان متفاضلاً، يدًا بيد فلم يرو فيه نهي، وقد روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: جاء عبد فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة ولم يشعر أنه عبد، فجاء سيده يريده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"بعنيه" فاشتراه بعبدين أسودين" 6.

1 تهذيب السنن (9/150) .

2 تفسير آيات أشكلت (2/679) .

3 تهذيب السنن (9/150) .

4 تهذيب السنن (9/151) . وانظر الكافي لابن عبد البر (2/660) .

5 انظر زاد المعاد (3/488) .

6 صحيح مسلم، كتاب المساقاة (3/1225) .

ص: 568