الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس: الأحاديث الواردة في النهي عما يلحق الضرر والغبن بأحد المتبايعين أو كان النهي لأمر آخر مما هو خارج عقد البيع
الفصل الأول: ما ورد في النهي عن النجش
…
الفصل الأول: ما ورد في النهي عن النجش
181 -
(1) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش".
رواه مالك1، ومن طريقه البخاري2، ومسلم3، والنسائي4، وابن ماجه5، وأحمد6، عن نافع عنه به.
وسوف يأتي ذكر النهي عن بيع النجش من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أيضاً في فصل: النهي عن تلقي الركبان - إن شاء الله تعالى -.
182 -
(2) عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: "أقام رجلٌ سلعته فحلف بالله لقد أُعطي بها ما لم يعطها، فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً
…
} الآية7. قال ابن أبي أوفى: الناجش آكل رباً خائن".
1 الموطأ (2/527) .
2 صحيح البخاري [كتاب البيوع (4/رقم 2142) ، كتاب الحيل (12/رقم 6963) ] .
3 صحيح مسلم [كتاب البيوع (3/1156) ] .
4 سنن النسائي [كتاب البيوع (7/258) ] .
5 سنن ابن ماجه [كتاب التجارات (2/734) ] .
6 المسند (2/108) .
7 سورة آل عمران، آية (77) .
رواه البخاري1 واللفظ له، وابن أبي شيبة2 - مختصراً -، وابن أبي حاتم3، والحاكم4. كلهم من طرقٍ عن العوام بن حوشب عن إبراهيم بن عبد الرحمن أبو إسماعيل السكسكي عنه به.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقد سبق أن البخاري قد رواه.
ورواه البزار5، ومن طريقه الطبراني في الكبير6 من طريق إبراهيم بن يوسف الكوفي الصيرفي، حدثنا حفص بن غياث عن العوام بن حوشب به مرفوعاً، بلفظ:"الناجش آكل الربا ملعون"، وسقط من إسناد الطبراني ذكر إبراهيم الصيرفي، وهو موجود في إسناد البزار في المسند، ولم يعزُ الهيثمي هذا الحديث إلى البزار، وهو على شرطه7.
قال البزار: "هذا الحديث قد رواه غير واحدٍ عن ابن أبي أوفى موقوفاً، ولا نعلم أحداً أسنده عن حفص إلا إبراهيم بن يوسف".
وإبراهيم بن يوسف الصيرفي قال فيه النسائي: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في الثقات8. وجعله ابن حجر في مرتبة: "صدوق فيه لين"9.
1 صحيح البخاري - مع الفتح -[كتاب الشهادات (5/رقم 2675) ، كتاب التفسير (8/رقم (4551) ] .
2 المصنف (5/238) .
3 تفسير ابن أبي حاتم (ص355) ، رقم (822) .
4 المستدرك (2/8) .
5 مسند البزار (8/282-283) .
6 ذكر إسناده الحافظ ابن كثير في جامع المسانيد (7/305-306) .
7 مجمع الزوائد (4/86) .
8 تهذيب التهذيب (1/185) .
9 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (276) .
وقد خالف إبراهيم بن يوسف غيره في هذا الحديث - كما أشار البزار -، وذلك أن المحفوظ عن العوام بن حوشب هذا الحديث موقوف.
فعلى هذا فإن رواية إبراهيم بن يوسف شاذة. والله أعلم.
183 -
(3) عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلب والجنب، ونهى عن النجش واللمس في البيع، ونهى أن يبتاع الرجل على بيع أخيه، أو يخطب على خطبة أخيه".
رواه إبراهيم بن طهمان في مشيخته1، ومن طريقه الطبراني في الكبير2، من طريق مطر الورّاق عن رجاء بن حيوة عنه به.
ومطر الورّاق ضعفه يحيى بن سعيد، وأحمد، وابن معين في عطاء خاصة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن سعد: كان فيه ضعف في الحديث. وقال البزار: ليس به بأس. وقال أبو داود: ليس هو عندي بحجة ولا يقطع به في حديثٍ إذا اختلف3.
وخلص فيه الحافظ ابن حجر إلى أنه "صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف"4.
وفي الإسناد علة أخرى وهي الانقطاع بين رجاء بن حيوة وعمران بن حصين رضي الله عنه، ومما يدل على ذلك أن عمران بن حصين رضي الله عنه توفي سنة اثنتين
1 مشيخة إبراهيم بن طهمان (ص81-82-83) ، رقم (31) .
2 المعجم الكبير (18/242) .
3 تهذيب التهذيب (10/168-169) .
4 تقريب التهذيب: رقم الترجمة (6699) .
وخمسين1، بينما توفي رجاء بن حيوة سنة اثنتي عشرة ومائة2. فبين وفاتيهما ستون سنة. وقد قال يحيى بن معين في رجاء بن حيوة:"أدرك رجاء بن حيوة معاوية"3.
والظاهر من هذه العبارة أنه قد أدرك آخر خلافة معاوية رضي الله عنه وقد توفي معاوية رضي الله عنه سنة ستين من الهجرة4. ويضاف إلى هذا أن عمران ابن حصين رضي الله عنه كان في البصرة، وكان رجاء بن حيوة في الشام. وقد حدث رجاء بن حيوة عن بعض الصحابة ولم يسمع منهم5.
فمما سبق يتبين أن إسناد هذا الحديث ضعيف. وأما متن الحديث فمعروف عن عمران بن حصين رضي الله عنه من طرقٍ وليس فيها ذكر النهي عن النجش واللمس في البيع، فإن هذا مما تفرد به مطرق الوراق عن رجاء بن حيوة. والله أعلم.
184 -
(4) عن عصمة بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حمى في الإسلام ولا مناجشة".
رواه الطبراني في الكبير6 من طريق أحمد بن رشدين المصري عن خالد بن عبد السلام الصدفي عن الفضل بن المختار عن عبد الله بن موهب عنه به.
1 الإصابة في تمييز الصحابة (3/27) .
2 تهذيب التهذيب (3/266) .
3 سير أعلام النبلاء (4/561) .
4 الإصابة في تمييز الصحابة (3/434) .
5 سير أعلام النبلاء (4/557)
6 المعجم الكبير (17/178) .
وأحمد بن رشدين المصري شيخ الطبراني كذبه أحمد بن صالح المصري. وقال ابن عدي: كذبوه، وأُنكرت عليه أشياء1.
والفضل بن المختار هو أبو سهل البصري. قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة يحدث بالأباطيل. وقال ابن عدي: أحاديثه منكرة، عامتها لا يتابع عليها2.
فمما سبق يتبين أن هذا الإسناد ضعيفٌ جداً، وقد يكون موضوعاً. والله أعلم.
ومما ورد في هذا الفصل أيضاً:
(5)
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد تقدم3.
(6)
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقد تقدم4.
(7)
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وسوف يأتي5.
(8)
حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وسوف يأتي6.
(9)
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وسوف يأتي7.
1 لسان لميزان (1/257-258) .
2 لسان الميزان (4/449) .
3 تقدم برقم (100) .
4 تقدم برقم (110) .
5 سيأتي برقم (212) .
6 سيأتي برقم (214) .
7 سيأتي برقم (219) .
دلالة الأحاديث السابقة:
يستفاد مما تقدم النهي عن النجش في البيع.
والنجش بنون وجيم مفتوحتين، وحكي سكون الجيم1. وهو أن يمدح السلعة لينفقها ويروجها، أو يزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها2.
والنجش حرام بالإجماع3.
ويقع بمواطأة البائع مع الناجش، فيشتركان في الإثم، ويقع ذلك بغير علم البائع فيختص ذلك بالناجش، وقد يختص بالبائع كمن يخبر بأنه اشترى سلعةً بأكثر مما اشتراها به ليغر غيره بذلك4.
وإنما نهي عن النجش؛ لأنّ فيه تغريراً للراغب في السلعة وتركاً لنصيحته التي هو مأمور بها5.
1 انظر: المُغْرِب (ص443) ، وشرح صحيح مسلم (10/159) .
2 النهاية في غريب الحديث (5/21) .
3 شرح صحيح مسلم (10/159) .
4 فتح الباري (4/416) .
5 معالم السنن (3/718) .