المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌276- باب في النهي عن الغش والخداع - دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - جـ ٨

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌16- كتَاب الأمُور المَنهي عَنْهَا

- ‌254- باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان

- ‌255- باب: في تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً محرمةً بردها والإِنكار علي قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه

- ‌257- باب في تحريم النميمة وهي نقل الكلام بَيْنَ الناس عَلَى جهة الإفساد

- ‌258- باب في النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إِلَى ولاة الأمور إِذَا لَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ حاجة كخوف مفسدة ونحوها

- ‌259- باب في ذمِّ ذِي الوَجْهَيْن

- ‌260- باب: في تحريم الكذب

- ‌261- باب في بيان مَا يجوز من الكذب

- ‌264- باب في تحريم لعن إنسان بعينه أَو دابة

- ‌265- باب في جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين

- ‌266- باب في تحريم سب المسلم بغير حق

- ‌267- باب في تحريم سب الأموات بغير حق ومصلحةٍ شرعية

- ‌268- باب في النهي عن الإيذاء

- ‌269- باب في النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر

- ‌270- باب في تحريم الحسد وَهُوَ تمني زوالُ النعمة عن صاحبها، سواءٌ كَانَتْ نعمة دينٍ أَوْ دنيا

- ‌272- باب في النهي عن سوء الظنّ بالمسلمين من غير ضرورة

- ‌273- باب في تحريم احتقار المسلمين

- ‌274- باب في النهي عن إظهار الشماتة بِالمُسْلِم

- ‌275- باب في تحريم الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع

- ‌276- باب في النهي عن الغش والخداع

- ‌279- باب في النهي عن الافتخار والبغي

- ‌283- باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حَتَّى النملة ونحوها

- ‌284- باب في تحريم مطل الغني بحقٍّ طلبه صاحبه

- ‌289- باب فيمَا يتوهم أنَّه رياء وليس هُوَ رياء

- ‌292- باب في تحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذَلِكَ

- ‌293- باب في النهي عن التشبه بالشيطان والكفار

- ‌294- باب في نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد

- ‌295- باب في النهي عن القَزَع وَهُوَ حلق بعض الرأس دون بعض، وإباحة حَلْقِهِ كُلّهِ للرجل دون المرأة

- ‌297- باب في النهي عن نتف الشيب من اللحية والرأس وغيرهما، وعن نتف الأمرد شعر لحيته عند أول طلوعه

- ‌299- باب في كراهة المشي في نعل واحدة أو خف واحد لغير عذر وكراهة لبس النعل والخف قائماً لغير عذر

- ‌300- باب في النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره

- ‌301- باب في النهي عن التكلف وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة

- ‌302- باب في تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب ونتف الشعر وحلقه والدعاء بالويل والثبور

- ‌305- باب في تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم أو مخدة أو دينار أو وسادة وغير ذلك وتحريم اتخاذ الصور في حائط وسقف وستر وعمامة وثوب ونحوها والأمر بإتلاف الصورة

- ‌306- باب في تحريم اتخاذ الكلب إلا لصيد أو ماشية أو زرع

- ‌307- باب في كراهية تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب وكراهية استصحاب الكلب والجرس في السفر

- ‌308- باب في كراهة ركوب الجَلَاّلة وهي البعير أو الناقة التي تأكل العَذِرَة فإنْ أكلت علفاً طاهراً فطاب لَحمُهَا، زالت الكراهة

- ‌309- باب في النهي عن البصاق في المسجد والأمر بإزالته منه إذا وجد فيه والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار

- ‌310- باب في كراهة الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشد الضالة والبيع والشراء والإجارة ونحوها من المعاملات

- ‌313- باب في نهي من دخل عَلَيْهِ عشر ذي الحجة وأراد أنْ يضحي عن أخذ شيء من شعره أَوْ أظفاره حَتَّى يضحّي

- ‌314- باب في النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والملائكة والسماء والآباء والحياة والروح والرأس وحياة السلطان ونعمة السلطان وتربة فلان والأمانة، وهي من أشدها نهياً

- ‌317- باب في العفو عن لغو اليمين وأنَّه لا كفارة فِيهِ، وَهُوَ مَا يجري عَلَى اللسان بغير قصد اليمين كقوله عَلَى العادة: لا والله، وبلى والله، ونحو ذَلِكَ

- ‌319- باب في كراهة أن يسأل الإنسان بوجه الله عز وجل غير الجنة، وكراهة منع من سأل بالله تعالى وتشفع به

- ‌320- باب في تحريم قوله: شاهنشاه للسلطان وغيره لأن معناه ملك الملوك، ولا يوصف بذلك غير الله سبحانه وتعالى

- ‌321- باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بِسَيِّد ونحوه

- ‌323- باب في النهي عن سب الريح، وبيان ما يقال عند هبوبها

- ‌326- باب في تحريم قوله لمسلم: يا كافر

- ‌328- باب في كراهة التقعير في الكلام والتشدُّق فيه وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللُّغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم

- ‌329- باب في كراهة قوله: خَبُثَتْ نَفْسي

- ‌330- باب في كراهة تسمية العنب كرماً

- ‌331- باب في النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلَاّ أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه

- ‌332- باب في كراهة قول الإنسان: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ بل يجزم بالطلب

- ‌333- باب في كراهة قول: ما شاء اللهُ وشاء فلان

- ‌334- باب في كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة

- ‌338- باب في كراهة وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌339- باب في كراهة الصلاة بحضرة الطعام ونفسه تتوق إِلَيْهِ أَوْ مَعَ مدافعة الأخبثين: وهما البول والغائط

- ‌340- باب في النهي عن رفع البصر إِلَى السماء في الصلاة

- ‌342- باب في النهي عن الصلاة إِلَى القبور

- ‌343- باب في تحريم المرور بَيْنَ يدي المصلِّي

- ‌345- باب في كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أَوْ ليلته بصلاة من بين الليالي

- ‌346- باب في تحريم الوصال في الصوم وَهُوَ أنْ يصوم يَومَينِ أَوْ أكثر وَلَا يأكل وَلَا يشرب بينهما

- ‌350- باب في تحريم الشفاعة في الحدود

- ‌351- باب في النهي عن التغوط في طريق الناس وظلِّهم وموارد الماء ونحوها

- ‌354- باب في تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام

- ‌366- باب في النهي عن صمت يوم إلَى الليل

- ‌367- باب في تحريم انتساب الإنسان إِلَى غير أَبيه وَتَولِّيه إِلَى غير مَواليه

- ‌369- باب فيما يقوله ويفعله من ارتكب منهياً عنه

- ‌18- كتَاب الاستغفار

- ‌371- باب في فضل الاستغفار

الفصل: ‌276- باب في النهي عن الغش والخداع

‌276- باب في النهي عن الغش والخداع

قَالَ الله تَعَالَى (1) : (والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وإثْماً مُبِيناً) .

1577-

وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا". رواه مسلم. وفي رواية لَهُ: أنَّ

ــ

المعجمة مصدر خادعه. وفي القاموس: خدعه كمنعه خدعاً، ويكسر ختله، وأراد به المكروه، من حيث لا يعلم والاسم الخديعة. (قال الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين، والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) ومن أشد الإِيذاء الغش، لما فيه من تزيين غير المصلحة، والخديعة لما فيها من إيصال الشر إليه من غير علمه.

1577-

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حمل علينا السلاح) كناية عن البغي، الخروج عن جماعة المسلمين وبيعتهم (فليس منا) أي: على هدينا ومن أهل طريقتنا، وإلا فذلك لا يخرج عن الإسلام، عن أهل الحق (ومن غشنا فليس منا) ومن الغش خلط الجيد بالرديء، ومزج اللبن بالماء، وترويج النقد الزغل (رواه مسلم) وكذا رواه ابن ماجه بجملته، وروى الجملة الأولى من الحديث مالك والشيخان والنسائي والحاكم في المستدرك، من حديث ابن عمر، والأخيرة الترمذي من حديث أبي هريرة، ولكن قال:"غش" بلا ضمير. ورواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن مسعود بلفظ "غشنا" وزاد في آخره "والمكر والخداع في النار" كذا في الجامع الصغير. وفي الجامع الكبير روى البخاري من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "من حمل علينا السلاح فليس منا ولا راصد بطريق". وقال في حديث: "من حمل علينا السلاح فليس منا" زيادة في مخرجيه على من ذكر في الجامع الصغير. ورواه أبو داود والطيالسي وعبد بن حميد عن ابن عمر رواه الشيخان والترمذي وابن ماجه عن أبي موسى، ورواه ابن نافع والطبراني عن سلمة بن الأكوع والطبراني عن ابن الزبير (وفي رواية له) أي: مسلم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام) بضم الصاد المهملة وسكون الموحدة، جمع صبر، كغرفة وغرف. وعن أبي زيد اشتريت الشيء صبرة أي: بلا كيل ولا وزن. قال في المصباح نقلاً عن التهذيب للأزهري: إذا أطلق أهل الحجاز لفظ الطعام، عنوا به البر خاصة. وفي العرف اسم لما يؤكل،

(1) سورة الأحزاب، الآية:58.

ص: 422

رسول الله صلى الله عليه وسلم، مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أصابِعُهُ بَلَلاً، فَقَالَ:"مَا هذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ " قَالَ: أصَابَتهُ السَّمَاءُ يَا رسول الله. قَالَ: "أفَلَا جَعَلْتَهُ فَوقَ الطَّعَامِ حَتَّى يرَاهُ النَّاسُ! مَنْ غشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا"(1) .

1578-

وعنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَنَاجَشُوا" متفق عَلَيْهِ (2) .

1579-

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، نَهى عن النَّجْشِ

ــ

كالشراب لما يشرب (فأدخل يده فيها فنالت) أي: أصابت (أصابعه بللاً) مستوراً بالطعام اليابس (فقال ما هذا) أي: البلل المنبىء غالباً عن الغش. (يا صاحب الطعام) يحتمل أن ترك نداءه باسمه، لعدم العلم به؛ أو أنه للتسجيل عليه، بإضافته إلى ما غش به زيادة في زجره وتنكيله (قال أصابته السماء) أي: المطر لأنه ينزل منها، فهو من مجاز التعبير، بالمحل عن الحال فيه وقوله:(يا رسول الله) أتى به تيمناً وتلذذاً به (قال) أسترت ما ابتل غشاً (أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس) فتسلم من الغش الذي هو أقبح الأوصاف، القاطعة لرحم الإِسلام، الموجبة لكون المسلم للمسلم، كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ومن قطع رحم الإِسلام خشي عليه الخروج من عدادهم، كما ينشأ عن ذلك ما هو مقرر في شرعنا (من غشنا فليس منا) المراد بالغش هنا، كتم عيب المبيع أو الثمن، والمراد بعيبه هنا: كل وصف يعلم من حال آخذه، أنه لو اطلع عليه لم يأخذه بذلك الثمن، الذي يريد بدله فيه.

1578-

(وعنه) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تناجشوا) الأولى ولا تناجشوا، ليعلم أنه بعض من حديث (متفق عليه) تقدم قريباً.

1579-

(وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش) بفتح فسكون أو بفتحتين، في المصباح نجش الرجل نجشاً، من باب قتل، إذا زاد في سلعته أكثر من ثمنها، وليس قصده أن يشتريها، بل يغر غيره فيوقعه فيها، وكذا في النكاح. وغيره النجش

(1) أخرجه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم "من غشنا فليس منا"، (الحديث: 164) .

(2)

أخرجه البخاري في كتاب: أبواب متفرقة كالنكاح والوصايا والإِكراه والمظالم (10/404) .

وأخرجه مسلم في كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه

(الحديث: 11) .

ص: 423

متفق عَلَيْهِ (1) .

1580-

وعنه، قَالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: أنَّهُ يُخْدَعُ في البُيُوعِ؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَايَعْتَ، فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ". متفق عَلَيْهِ.

"الخِلَابَةُ" بخاءٍ معجمةٍ مكسورةٍ وباءٍ موحدة، وهي: الخديعة (2) .

1581-

وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ، أَوْ مَمْلُوكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا". رواهُ أَبُو داود.

"خَبب" بخاءٍ معجمة، ثُمَّ باءٍ

ــ

بفتحتين، وأصل النجش الاستتار، لأنه يستر قصده؛ (متفق عليه) ورواه النسائي وابن ماجه.

1580-

(وعنه قال ذكر رجل) وهو حبان بفتح الحاء ابن منقذ (لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع) بصيغة المجهول أي: يغبن (في البيوع) أي: يغلب فيها لعدم فطانته للدسائس فيها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بايعت فقل لا خلابة. متفق عليه) قال في الوشيح: زاد الدارقطني والبيهقي "ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال فإن رضيتها فأمسك". فبقي حتى أدرك زمن عثمان، فكان إذا اشترى شيئاً فقيل له إنك غبنت فيه، رجع فيشهد له الرجل من الصحابة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعله بالخيار ثلاثاً، فيرد له دراهمه اهـ. (والخلابة بخاء وبالموحدة) حقيقة اسم مصدر، من خلب من باب قتل وضرب إذا خدعه، ولذا قال المصنف إنها (الخديعة) .

1581-

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خبب زوجة امرىء) أفسدها عليه، أو أوقع بينهما الشقاق والتنافر، فحملها على الخروج عن طاعته (أو مملوكه) ذكراً كان أو أنثى (فليس منا) أي: على هدينا، لأن شأن المؤمن التعاون والتناصر؛ وهذا بخلافه (رواه أبو داود) ورواه أحمد والدارقطني من حديث أبي هريرة "من خبب خادماً على أهلها فليس منا، ومن أقسر امرأة على زوجها فليس منا". ورواه الشيرازي في الألقاب من حديث ابن عمر بلفظ "من خبب عبداً على مولاه فليس منا". كذا في الجامع الكبير (خبب

(1) أخرجه البخاري في كتاب: البيوع باب النجش (4/298) .

وأخرجه مسلم في كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرجل على بيع أخيه

(الحديث: 13) .

(2)

أخرجه البخاري في كتاب: البيوع، باب: ما يكره من الخداع (4/283) .

وأخرجه مسلم في كتاب: البيوع، باب: من يخدع في البيع، (الحديث: 48) .

ص: 424

وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ". متفق عَلَيْهِ (1) .

1583-

وعن ابن مسعودٍ، وابن عمر، وأنس رضي الله عنهم قالوا: قَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ غادِرٍ لِواءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فلانٍ". متفق عَلَيْهِ (2) .

1584-

وعن أَبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يومَ القِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدَرِ غَدْرِهِ، ألَا وَلَا غَادِرَ أعْظَمُ غَدْراً مِنْ

ــ

حقها أن تكون قائمة بالمنافق، كما هو شأنهم، فينبغي للمؤمن التباعد منها والتنزه عنها (إذا ائتمن) بصيغة المجهول (خان) أي: في الأمانة (وإذا حدث كذب) أي: أخبر بما لا يطابق الواقع (وإذا عاهد غدر) أي: نقض عهده (وإذا خاصم فجر) أي: دفع الحق ولم ينقد إليه، وخرج عنه بالإِيمان الكاذبة، والقول الباطل (متفق عليه) .

1583-

(وعن ابن مسعود وابن عمر وأنس رضي الله عنهم قالوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لكل غادر لواء يوم القيامة) ينشر زيادة في فضيحته، وشناعة أمره، وشهرته بذلك، في ذلك الملأ العام (يقال هذه غدرة) بفتح المعجمة، المرة من الغدر (فلان، متفق عليه) ظاهر كلام المصنف متفق عليه، عند كل من الثلاثة، لكن في الجامع الصغير أنه كذلك من حديث أنس، ولفظه رواه أحمد والشيخان عن أنس وأحمد، ومسلم عن ابن مسعود، ومسلم عن ابن عمر.

1584-

(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لكل غادر لواء عند استه) بوصل الهمزة وسكون المهملة بعدها فوقية أي: دبره (يوم القيامة يرفع له) في ذلك الموقف ْ (بقدر غدره) ليكون التشهير بقدر الجرم (ألا) بتخفيف اللام (ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة) قال المصنف، قال: أهل اللغة: اللواء الراية العظيمة، لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش، ويكون الناس تبعاً له، قالوا فمعنى لكل غادر لواء أي: علامة يشهر بها في الناس، لأن موضع اللواء الشهرة، وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق، الحفلة لغدر الغادر، ليشتهر بذلك. وأما الغادر فهو الذي يعاهد، ولا يفي. يقال غدر يغدر من باب ضرب. وفي هذه الأحاديث بيان غلظ تحريم الغدر، ولا سيما من

(1) سبق تخريجه أخرجه البخاري في كتاب: الإيمان، باب: علامات المنافق (1/84) .

وأخرجه مسلم في كتاب: الإِيمان، باب: بيان خصال المنافق، (الحديث: 106) .

(2)

أخرجه البخاري في كتاب: الجهاد، باب: إثم الغادر (10/464) .

وأخرجه مسلم في كتاب: الجهاد والسير، باب: تحريم الغدر، (الحديث: 9 و13، و14 و15) .

ص: 426

أمِيرِ عَامَّةٍ". رواه مسلم (1) .

1585-

وعن أَبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"قَالَ الله تَعَالَى: "ثَلَاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرَّاً فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأجَرَ أجيراً، فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ أجْرَهُ". رواه

ــ

صاحب الولاية العامة، لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثير؛ وقيل لأنه غير مضطر إلى الغدر، لقدرته على الوفاء. والمشهور أن هذا وارد في ذم الإِمام الغادر. وذكر القاضي فيه احتمالين، وهذا أحدهما. والثاني: أن يكون لذم غدر الرعية بالإِمام، ولا يشقون عليه العصا، ولا يتعرضون لما يخاف حصول فتنه بسببه. والأول هو الصحيح اهـ. وفي حمله اللواء على الكناية عن الشهرة، صرف اللفظ عن ظاهره، بلا صارف والله أعلم (رواه مسلم) .

1585-

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى ثلاثة) أي: من الأوصاف، أو أوصاف ثلاثة (أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه، ولم يعطه أجره) قال الشيخ تقي الدين السبكي: الحكمة في كون الله تعالى خصمهم، أنهم جنوا على حقه سبحانه وتعالى، فإن الذي أعطي به ثم غدر، جنى على عهد الله بالخيانة والنقض وعدم الوفاء، ومن حق الله أن يوفي بعهده. والذي باع حراً وأكل ثمنه جنى على حق الله، فإن حقه في الحر إقامته على عبادته، التي خلق الجن والإِنس لها. قال الله تعالى:(وما خلقت الجن والإِنس إلا ليعبدون)(2) فمن استرق حراً فقد عطل عليه العبادات المختصة بالأحرار، كالجمعة والحج والجهاد والصدقة وغيرها، وكثير من النوافل المعارضة لخدمة السيد، فقد ناقض حكم الله ْفي الوجود، ومقصوده عن عباده، فلذا عظمت الجريمة، والرجل الذي استأجر أجيراً، بمنزلة من استعبد الحر، وعطله عن كثير من نوافل العبادات، فشابه الذي باع حراً وأكل ثمنه، فلذا عظم ذنبه اهـ. ملخصاً. وقال ابن بطال قوله:"أعطى بي ثم غدر" يريد نقض العهد الذي عاهد الله عليه، وقوله:"وأكل ثمنه". انتفع به على أي وجه كان، وذكر الأكل لأنه أخص المنافع؛ كما في قوله تعالى:(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً)(3) (رواه

(1) أخرجه مسلم في كتاب: الجهاد والسير، باب: تحريم الغدر، (الحديث: 16)

(2)

سورة الذاريات، الآية:56.

(3)

سورة النساء، الآية:10.

ص: 427