الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الجَاهِليَّةِ، فَتَكَلَّمَتْ. رواه البخاري (1)
367- باب في تحريم انتساب الإنسان إِلَى غير أَبيه وَتَولِّيه إِلَى غير مَواليه
1800-
عن سعد بن أَبي وقاص رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "مَنِ ادَّعَى
ــ
فيه شرعاً المحتاج إليه (لا يحل) حلاً مستوى الظرفين وعلل ذلك بقوله (هذا من عمل الجاهلية) وجاء الأمر بمخالفتهم لعدم ابتناء عملهم على أصل شرعي، إلا ما جاء الأمر ببقائه (فتكلمت) فيه الإِيماء إلى مبادرتها إلى الامتثال وعدم توانيها فيه عند تدبر الأمر لها. وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني ليس من شريعة الإِسلام الصمت عن الكلام وظاهر الأخبار تحريمه، واحتج بحديث أبي بكر وحديث علي المذكور قال: وإن نذر ذلك لم يلزمه الوفاء به، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفاً اهـ. قال الشيخ أبو إسحاق في التنبيه: ويكره صمت يوم إلى الليل، قال ابن الرفعة في شرحه إذ لم يؤثر ذلك بل جاء في حديث ابن عباس النهي عنه، ثم قال: نعم ورد في شرع من قبلنا فإن قلنا إنه شرع لنا لم يكره بل يستحب، قاله ابن يونس قال: وفيه نظر لأن الماوردي قد روى عن ابن عمر موفوعاً "صمت الصائم تسبيح" قال: فإن صح دل على مشروعية الصمت، وإلا فحديث ابن عباس أقل درجاته الكراهة، قال: وحيث قلنا إن شرع من قبلنا شرع لنا فذاك إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه اهـ. وهو كما قال وقد ورد النهي، والحديث المذكور لا يثبت، وقد أورده صاحب ْمسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند فيه راو ساقط ولو ثبت لما أفاد المقصود لأن لفظه "صمت الصائم تسبيح ونومه عبادة ودعاؤه مستجاب". فالحديث مساق في أن أفعال الصائم كلها محبوبة لا أن الصمت بخصوصه مطلوب، قال في الفتح: والأحاديث الواردة في فضل الصمت، لا تعارض ما جزم به في التنبيه من الكراهة لاختلاف المقاصد في ذلك.
والصمت المرغب فيه ترك الكلام في الباطل، وكذا المباح إن جر إلى شيء من ذلك، والصمت المنهي عنه ترك الكلام في الحق لمن يستطيعه وكذا المباح المستوى الطرفين اهـ. ملخصاً (رواه البخاري في باب أيام الجاهلية) .
باب تحريم انتساب الإِنسان إلى غير أبيه
حراً كان أو رقيقاً (وتوليته غير مواليه) أي: معتقيه.
1800-
(عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى) بتشديد الدال
(1) أخرجه البخاري في كتاب: مناقب الأنصار، باب: أيام الجاهلية، (7/112، 113) .
الإبِلِ، وَأشْيَاءُ مِنَ الجَرَاحَاتِ، وَفِيهَا: قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "المَدينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً، أَوْ آوَى مُحْدِثاً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفاً وَلَا عَدْلاً. ذِمَّةُ المُسْلِمينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِماً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفاً
ــ
الإِبل وأشياء من) مسائل (الجراحات) وأحكامها (وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حرام) كمكة لكن لا ضمان في المتلف من صيدها، بخلاف صيد الحرم المكي (ما بين عير) بفتح المهملة وسكون التحتية (إلى ثور) بفتح المثلثة وسكون الواو وآخره راء. قال المصنف جبل صغير وراء جبل أحد، يعرفه أهل المدينة (فمن أحدث فيها حدثاً) كائن ابتدع فيها بدعة في الدين أو تسبب لإِحداث أذى المسلمين من مكس أو ظلامة (أو آوى) بالمد (محدثاً) بصيغة الفاعل أي: فاعل الحدث المذكور وبفتح الدال مصدر ميمي فيكون في الحديث مضاف مقدر أي: إذا أحدث (فعليه لعنة الله) بمنعه له من الرحمة (والملائكة والناس أجمعين) سؤالهم ذلك من الله تعالى، وفيه عظم المعصية بالمدينة. قال السيد السمهودي: الصغيرة من الذنب إذا فعلت بالمدينة صارت كبيرة للوعيد المذكور (لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً) قيل الصرف الفريضة، والعدل النافلة قاله الجمهور، وعكسه الحسن. وقال الأصمعي: الصرف التوبة والعدل الفدية. وقال يونس: الصرف الاكتساب، والعدل الفدية. وقال أبو عبيد: العدل الحيلة وقيل العدل المثل. وقيل: الصرف الدية والعدل الزيادة. قال القاضي وقيل: معناه لا تقبل فريضته ولا نافلته قبول رضاً، وإن قبلت قبولاً آخر. وقيل: يكون القبول هنا بمعنى تكفير الذنب منهما، قال: وقد يكون معنى الفدية هنا أنه لا يجد في يوم القيامة فداء يفتدي به، بخلاف غيره من المذنبين الذين يتفضل الله عز وجل على من يشاء منهم، بأن يفديه من النار بيهودي أو نصراني، كما ثبت في الصحيح اهـ. ملخصاً من شرح المصنف على مسلم (وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم) ولو عبداً أو امرأة فإيمانهما صحيح قاله إمامنا الشافعي، والحديث شاهد له (فمن أخفر) بالخاء المعجمة والفاء (مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً) قال المصنف: معناه من نقض أمان مسلم، فتعرض لكافر أمنه مسلم، فعليه ذلك (ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) قال المصنف: هذا تصريح في تغليظ تحريم الانتساب إلى غير أبيه، وانتماء
وَلَا عَدْلاً. وَمَن ادَّعَى إِلَى غَيرِ أَبيهِ، أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيرِ مَوَاليهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ؛ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفاً وَلَا عَدْلاً" متفق عَلَيْهِ. "ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ" أيْ: عَهْدُهُمْ وأمَانَتُهُمْ. "وأخْفَرَهُ": نَقَضَ عَهْدَهُ. "وَالصَّرْفُ": التَّوْبَةُ، وَقِيلَ الحِيلَةُ. "وَالعَدْلُ": الفِدَاءُ (1) .
1803-
وعن أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه: أنَّه سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَاّ كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، وَلَيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ
ــ
المعتق إلى غير مواليه، لما فيه من كفر النعمة، وتضييع حقوق الإِرث والولاء والعقل وغير ذلك، مع ما فيه من القطيعة والعقوق (لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً) زيادة في إذلاله وإبعاده عن الرحمة (متفق عليه ذمة) بكسر المعجمة وتشديد الميم (المسلمين أي: عهدهم وأمانتهم) بيان لها بالمراد بها في الحديث أي: أن أمان المسلمين للكافر صحيح بشروطه المعروفة، فإذا وجدت حرم التعرض له كما قاله فمن أخفره إلخ. (وأخفره) بالضبط السابق (نقض عهده) أي: نقض أمانه وتعرض للكافر الذي أمنه. قال أهل اللغة: أخفرت الرجل إذا نقضت عهده، وخفرته إذا أمنته (والصرف التوبة) تقدم أنه قول الأصمعي وأنه جاء مرفوعاً (وقيل: الحيلة) هو قول أبي عبيد (والعدل الفدية) هو قول يونس.
1803-
(وعن أبي ذر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس من) زائدة للتأكيد (رجل ادعى) بتشديد الدال أي انتسب (لغير أبيه وهو يعلمه) أي: وقصده نفي نسب أبيه عنه، وإلا فلو اشتهر بالنسب إلى جده أو من تبناه مثلاً، فانتسب لذلك لشهرته غير قاصد انتفاءه من نسبه، فلا يشمله الوعيد الآتي (إلا كفر) أي: إن استحله، وقد علم بالتحريم المعلوم من الدين بالضرورة والإِجماع. هذا إن حمل على الكفر المضاد للإِيمان، وإن أريد منه الكفران المقابل للشكر، فالأمر ظاهر (ومن ادعى ما ليس له) عامداً عالماً (فليس منا) أي: على هدينا وطريقنا (وليتبوأ مقعده من النار) أي: فلينزل أو فليتخذ منزله منها. قال الخطابي:
(1) أخرجه البخاري في كتاب: الفرائض، باب: إثم من تبرأ من مواليه وفي الجزية والاعتصام (4/73، 74) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة
…
، (الحديث: 467، 468) .
وَمَنْ دَعَا رَجُلاً بالكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُو اللهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَاّ حَارَ عَلَيْهِ". متفق عَلَيْهِ، وهذا لفظ رواية مسلم (1) .
368-
باب في التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل أَو رسوله صلى الله عليه وسلم عنه قال الله تعالى (2) : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
وقال تعالى (3) : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) .
ــ
وأصله من تباة الإِبل. وهي أعطانها. ثم إنه دعي بلفظ الأمر أي بوأه الله ذلك، وقيل: خبر بلفظ الأمر أي: فقد استوجبها. ثم معناه هذا جزاؤه وقد يجازى به وقد يعفو الله الكريم عنه، ولا يقطع عليه بدخول النار، قال المصنف (ومن دعا رجلاً بالكفر) كائن قال له يا كافر (أو قال عدو الله) بالنصب على تقدير حرف النداء وبالرفع: خبر مبتدأ، أي: هو عدو الله، وليس المدعو أي: المقول له (كذلك) أي: متلبساً بما رماه به القائل (إلا حار) المهملة والراء أي: رجع (عليه) قوله وصار القائل كما قال في أخيه أي: إن اعتقد أن الإِيمان القائم بذلك المقول له كفر، وأن المؤمن القائم به ذلك كافر، وإلا فهو محمول على الزجر والتنفير (متفق عليه وهذا لفظ رواية مسلم) .
باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه وسلم عنه
سواء كان النهي على وجه الجزم والاقتضاء، فيكون للتحريم. أولاً، وسواء كان الثاني بنهي مقصود، وهو المكروه أو غير مقصود. وهو خلاف الأولى، وذلك لشمول النيه لكلٍ وإن كان الأول أغلظ لحصول الإِثم بفعل المنهى عنه فيه لا في الثاني (قال الله تعالى: فليحذر الذين يخالفون) معرضين (عن أمره أن تصيبهم فتنة) في الدنيا (أو يصيبهم عذاب أليم) في الآخرة وإذا ورد هذا الوعيد في مخالفة أمر الرسول والإعراض عنه، فعن أمر الحق أحق (وقال تعالى: ويحذركم الله نفسه) أي: عن عقاب يصدر عن نفسه، وهذا غاية
(1) أخرجه البخاري في كتاب: المناقب، باب: حدثنا أبو معمر عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع
…
، (الحديث: 6/393) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الأيمان، باب: حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، (الحديث: 112) .
(2)
سورة النور، الآية:63.
(3)
سورة آل عمران، الآية:30.