الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ:"أحْسَنُهَا الفَألُ. وَلَا تَرُدُّ مُسْلِماً فإذا رَأى أحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ، فَليْقلْ: اللَّهُمَّ لَا يَأتِي بِالحَسَناتِ إلَاّ أنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلَاّ أنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَاّ بِكَ" حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح (1) .
305- باب في تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم أو مخدة أو دينار أو وسادة وغير ذلك وتحريم اتخاذ الصور في حائط وسقف وستر وعمامة وثوب ونحوها والأمر بإتلاف الصورة
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطيرة فقال: "اصدقها الفأل". قال البغوي: لا أدري أله صحبة أم لا.
وقال أبي هو: تابعي، روى عن ابن عباس وعبيد بن رفاعة. قلت ذكره غير واحد في الصحابة اهـ. قلت وكان مستند المصنف إذا قال رضي الله عنه الظاهر في أنه صحابي (قال ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنها الفأل) لما فيه من حسن الظن بالله عز وجل، عن الأصمعي قال: سألت ابن عوف عن الفأل قال: هو أن يكون مريضاً، فيسمع يا سالم، أو يكون طالباً فيسمع يا واجد، قال في النهاية: فيقع في ظنه أنه يبرأ من علته ويجد ضالته.
وإنما أحب صلى الله عليه وسلم الفأل الحسن، لأن الناس إذا أملوا فائدة الله، ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف أو قوي، فهم على خير، ولو غلطوا في جهة الرجاء، فإن الرجاء لهم خير، وإذا قطعوا أملهم ورجاءهم من الله كان ذلك من الشر. وأما الطيرة فإن فيها سوء الظن بالله، وتوقع البلاء. والطيرة في هذا الخبر بمعنى الجنس، والفأل بمعنى النوع اهـ. ملخصاً (ولا ترد مسلماً) نفي بمعنى النهي، أي: شأن المسلم ألا يرجع عما عزم عليه من أجلها، لعلمه أن لا أثر لغير الله تعالى أصلاً (فإذا رأى) أي: علم (أحدكم ما يكره) مما يتطير به (فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات) المكروهات للأنفس (إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك حديث حسن صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح) رواه في الطب عن أحمد بن حنبل، وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة.
باب تحريم تصوير الحيوان
أل فيه للجنس (في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم أو دينار أو مخدة) بكسر الميم
(1) أخرجه أبو داود في كتاب: الطب، باب: الطيرة (الحديث: 3919) .
1676-
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الَّذينَ يَصْنَعُونَ هذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ". متفق عليه (1) .
1677-
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَدِمَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرامٍ فِيهِ تَمَاثيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وقالَ:"يَا عائِشَةُ، أشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِندَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ! " قَالَتْ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنهُ وِسَادَةً أوْ
ــ
وفتح المعجمة: ما توضع تحت الخد (أو وسادة) بكسر الواو قال في المصباح: هي المخدة. والجمع جمع وسادات ووسائد، فعطفها على ما قبلها من عطف الرديف (وغير ذلك وتحريم اتخاذ الصورة في حائط) بالمهملة بناء (وسقف) معروف، وجمعه سقوف، كفلس وفلوس، وسقف بضمتين أيضاً. وهذا فعل جمع على فعل بضمتين، وهو نادر وقال الفراء: إنه جمع سقيف مثل بريد وبرد (وستر وعمامة) بكسر المهملة جمعها عمائم (وثوب ونحوها) من كان ما فيه تعظيم للمرفوع (والأمر بإتلاف الصورة) مطلقاً، بكسرها إن كانت من نحو حجر أو خشب، وشقها إن كانت بنحو ثوب.
1676-
(عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الذين يصنعون هذه الصور) أي: صور ذات الروح، كما يدل عليه قوله (يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) والجملة الثاني يحتمل كونها تفسيراً للتعذيب، أي: يبكتون ويلزمون بإحياء ما صوروه، ولا قدرة لهم على ذلك البتة، ويحتمل أن يكون خبراً بعد خبر، أو حالاً من مرفوع الفعل قبله (متفق عليه) .
1677-
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي) جملة حالية (بقرام فيه تماثيل) أي: أمثال ذي روح (فلما رآه) أي: أبصره (رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون وجهه وقال: يا عائشة أشد الناس) أي: من أشد الموحدين عذاباً، أو أشد الكفار، لجمعه بين الكفر والتصوير، (عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله) أي: بما يكون بتصويرهم خلق الله (قالت: فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو
(1) أخرجه البخاري في كتاب: اللباس، باب: عذاب المصورين (10/323) .
وأخرجه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان
…
(الحديث: 97) .
وِسَادَتَيْنِ. متفق عليه.
"القِرامُ" بكسرِ القاف هو: السِّتْرُ. "وَالسَّهْوَةُ" بفتح السينِ المهملة
وهي: الصُّفَّةُ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ البَيْتِ، وقيلَ: هِيَ الطَّاقُ النَّافِذُ في الحائِطِ (1) .
1678-
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "كُلُّ مُصَوِّرٍ في النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ فَيُعَذِّبُهُ في جَهَنَّمَ". قال ابن عبَّاسٍ:
ــ
وسادتين) أي: وزال به الصورة المحرمة، إن كان بقاؤها مطلقاً، يمنع من دخول ملائكة الرحمة، لأن ذلك لا يرضى به صلى الله عليه وسلم، وإن كان لا تحريم باستعمال الصورة في ممتهن، وإن كان المانع من دخولهم، اتخاذ الصورة على الوجه المحرم، بأن ترفع ما هي فيه على جدار.
أو سقف، فلا يحتاج إلى أن يقيد حديثها بإزالة الصورة المحرمة، لأنها حينئذ اتخذت للامتهان. واتخاذ الصور كذلك جائز. والحديث سبق بطوله في باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع (متفق عليه. القرام بكسر القاف) وتخفيف الراء (وهو الستر والسهوة بفتح السين المهملة) وسكون الهاء (وهي الصفة) بضم المهملة وتشديد الفاء: البيت أمام البيت.
كما قال المصنف (تكون بين يدي البيت وقيل: هي الطاق النافذ في الحائط) فإن لم يكن نافذاً فهي المشكاة.
1678-
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل مصور في النار) أي: إن استحل ذلك، مع علمه بتحريمه والإجماع عليه، وإنه من المعلوم من الدين بالضرورة. أو هذا جزاؤه إن لم يكن كذلك، وهو كغيره من سائر الكبائر، تحت خطر المشيئة (يجعل له بكل صورة) أي: بسببها أو بدلها (صورها نفس فيعذبه) أي: الله (في جهنم) الظاهر أن المراد بإيراد النار، الشامل لسائر طباقها، لا خصوص الطبقة الأخرى (2) المعدة للمنافقين، هذا على أن يعذب بالتحتية، ويحتمل أن يكون بالفوقية، وإسناد التعذيب إلى النفس مجاز عقلي (قال ابن عباس) لمن قال له إنه لا يعرف من الحرف غير التصوير
(1) أخرجه البخاري في كتاب: اللباس، باب ما وطىء من التصاوير (10/325) .
وأخرجه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان
…
(الحديث: 92) مطولاً.
(2)
قوله (بإيراد) لعله (التعذيب بإيراد) ، وقوله (الأخرى) لعله (الأخيرة) . ع.
فإنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلاً، فَاصْنعِ الشَّجَرَ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ. متفق عليه (1) .
1679-
وعنه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يقول:"مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا، كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَومَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ". متفق عليه (2) .
1680-
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً يَومَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ". متفق عليه (3) .
ــ
(فإن كنت لا بد) أي: لا محالة (فاعلاً) أي: التصوير (فاصنع الشجر وما لا روح فيه) كالجبال والأرض والأمكنة (متفق عليه) .
1679-
(وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صور صورة في الدنيا) أي: من ذوات الروح (كلف) تعجيزاً له (أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة) ولما كان تكليفه بذلك، ربما يوهم إمكان ذلك منه، نفاه مؤكداً للنفي بالباء المزيدة، فقال:(وليس بنافخ متفق عليه) .
1680-
(وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أشد الناس عذاباً) أتى بالمؤكد هنا تأكيداً لمضمونه عند السامع، وتركه من حديث عائشة، كأنه كان ذلك أول ما أعلمهم به، فكان ابتداء، ولما اقتضى المقام التأكيد، لوجود من وقع منه سبب الوعيد السابق، وكان حاله كالمنكر، أتى به والله أعلم. (يوم القيامة) ظرف لعذابا (عند الله) كذلك، والعندية للمكانة لا للمكان، ففيه إيماء إلى عظم ذلك العذاب (المصورون) أي: لذي روح (متفق عليه) .
(1) أخرجه البخاري في كتاب: البيوع، باب: بيع التصاوير وكذلك أخرجه في باب: التصاوير من كتاب اللباس (4/345) .
وأخرجه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صور الحيوان
…
(الحديث: 99) .
(2)
أخرجه البخاري في كتاب: اللباس، باب: من صور صورة كلف
…
الخ (10/330) .
وأخرجه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان
…
(الحديث: 100) .
(3)
أخرجه البخاري في كتاب: اللباس، باب: عذاب المصورين يوم القيامة (10/321، 322) .
وأخرجه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم
…
(الحديث: 98) .
1681-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "قال اللهُ تَعَالَى: وَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي! فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً، أوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً". متفق عليه (1) .
1682-
وعن أبي طلحة رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال:"لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتاً فيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ". متفق عليه (2) .
ــ
1681-
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى ومن أظلم) أي: لا أظلم (ممن ذهب يخلق كخلقي) أي: باعتبار التصوير والتقدير وإلا فالخلق الذي هو الإِيجاد، لا يكون من غيره تعالى أصلاً (فليخلقوا ذرة) بفتح المعجمة وتشديد الراء: أي نملة، وصحفه بعض الرواة فضم المعجمة وخف الراء وغير قوله بعد (أو ليخلقوا حبة) أي: من القمح (أو ليخلقوا شعيرة) لأنها من أنواع الحبوب وأو: فيه للتنويع واللام بعد الفاء يجوز إسكانها تخفيفاً، وكسرها وهو الأصل، وفي هذه المواضع، اللام على سبيل التعجيز والتبكيت، تارة بتكليفهم خلق حيوان وهذا أشد، وأخرى في تكليفهم بخلق جماد، وهو أهون ومع ذلك لا قدرة لهم على ذلك (متفق عليه) ورواه أحمد.
1682-
(وعن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخل الملائكة) أي: ملائكة الرحمة، إذ الحفظة لا يفارقون بسبب ذلك (بيتاً) ومثله باقي الأمكنة غير البيت (فيه كلب) قال الشيخ ولي الدين العراقي، قيل: حكمته أنه لما نهى عن اتخاذها ثم اتخذها، عوقب بتجنب الملائكة صحبته، غضباً عليه لمخالفة الشرع، فحرم بركتها واستغفارها وإعانتها له على طاعة الله تعالى، وعلى هذا فلا تمتنع الملائكة من دخول بيت فيه كلب، أذن في اتخاذه بناء على أنه يجوز أن يستنبط من النص معنى يخصصه. وقيل: ذلك لنجاستها، وهم المطهرون المقدسون على مقاربتها. وقيل: لأنها من الشياطين على ما ورد، والملائكة أعداؤهم في كل حال. وقيل: لقبح رائحتها وهم يكرهون الرائحة الخبيثة، ويحبون الرائحة الطيبة (ولا صورة) ظاهر عمومه متناول للصورة المحرمة وغيرها، ولاتخاذ المحرم وغيره، ويحتمل التخصيص بالمحرم منها، على أن العلة في عدم دخولها عصيان المخالف بالاتخاذ لها بعد النهي عنه (متفق عليه) .
(1) أخرجه البخاري في كتاب: اللباس، باب: نقض الصور (10/324) .
وأخرجه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان
…
(الحديث: 101) .
(2)
أخرجه البخاري في كتاب: اللباس، باب: التصاوير (10/328) . =
1683-
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: وَعَدَ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلُ أنْ يَأتِيَهُ، فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ فَلَقِيَهُ جِبريلُ فَشَكَا إلَيهِ، فَقَالَ: إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ. رواهُ البُخاري.
"راث": أبْطَأَ، وهو بالثاء المثلثة (1) .
1684-
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: واعدَ رسولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم، جبريلُ عليه السلام، في سَاعَةٍ أنْ يَأتِيَهُ، فَجَاءتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأتِهِ! قَالَتْ: وَكَانَ بِيَدِهِ عَصاً، فَطَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ:"ما يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَا رُسُلُهُ" ثُمَّ التَفَتَ، فإذَا جَرْوُ كَلْبٍ
ــ
1683-
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم) قدم المفعول به على فاعله، اهتماماً (جبريل عليه السلام أن يأتيه) أي: في وقت معين (فراث عليه) وأطال التأخر (حتى اشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: نفس تأخره أو ما لحقه لذلك من الهم (فخرج فلقيه جبريل) أي: عقب خروجه كما يومىء إليه (فشكا) أي: النبي صلى الله عليه وسلم ما لقي من تأخره، عن الوقت الذي وعد المجيء فيه (إليه فقال إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة) يؤخذ من، حديث القرام السابق، ما يزيد تخصيص امتناعها بالاتخاذ المحرم للصورة المحرمة عقوبة له، إذا فعل ذلك، بمنعهم من بركتهم (رواه البخاري) في أبواب الملائكة (راث أبطأ) وألفه منقلبة عن ياء وهو من باب باع (وهو بالمثلثة) أي: ومصدره: ريث بفتح فسكون للتحتية.
1684-
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام فاعل، مؤخر عن المفعول المقدم للاهتمام (أن يأتيه في ساعة فجاءت تلك الساعة ولم يأته قالت: وكان بيده عصا) جملة معطوفة على واعد أو حال من فاعله (فطرحها) أي: ألقاها (من يده وهو يقول) جملة حالية من الضمير المضاف إليه بعضه (ما يخلف الله وعده) أي: لأحد من خلقه. ثم هو مخصوص بالخير، ويقال في الشر وعيد (ولا رسله) ويسكن الثاني تخفيفاً، جمع رسول ودخل فيهم الملائكة. قال تعالى:(جاعل الملائكة رسلاً)(2)(ثم التفت فإذا جرو) بالجيم والراء بوزن قنو (كلب) قال في المصباح: الجرو بالكسر ولد الكلب والسباع.
= وأخرجه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه
…
(الحديث: 83 و84) .
(1)
أخرجه البخاري في كتاب: اللباس، باب: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة (10/329) .
(2)
سورة فاطر، الآية:1.
تَحْتَ سَرِيرِهِ. فقالَ: "مَتَى دَخَلَ هَذَا الكَلْبُ هَهُنا؟ " فَقُلْتُ: واللهِ مَا دَرَيْتُ بِهِ، فَأمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَجَاءهُ جِبْرِيلُ عليه السلام، فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"وَعَدْتَنِي، فَجَلَسْتُ لَكَ وَلَمْ تَأتِني" فقالَ: مَنَعَنِي الكَلْبُ الَّذِي
كانَ في بَيْتِكَ، إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ. رواه مسلم (1) .
1685-
وعن أبي الهَيَّاجِ حَيَّانَ بِن حُصَيْنٍ، قال: قال لي عَليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: ألَا أبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
ــ
والفتح والضم لغة فيه. قال ابن السكيت: والفتح أفصح. قال في البارع: الجرو الصغير من كل شيء (تحت سريره فقال متى دخل هذا الكلب فقلت والله ما دريت به) هو ظاهر في أن ذلك كان في بيتها (فأمر به) بالبناء للفاعل (فأخرج) بالبناء للمفعول وحذف المفعول به في الأولى، والفاعل في الثانية، لعدم تعلق العناية بقصته؛ (فجاءه جبريل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدتني) أي: الساعة المعينة (فجلست لك) أي: منتظراً لك أو لأجلك؛ فالظرف على الأول مستقر حال، وعلى الثاني صلة جلس (ولم تأتني فقال: منعني الكلب الذي كان في بيتك) هذا يؤيد الاحتمال الثاني السابق، في كلام الولي العراقي" من أنهم لا يدخلون البيت الذي فيه كلب، وإن لم يعص أهله باتخاذه، لأنه إذا منع وجوده من دخولهم البيت، مع ولوجه عن غير علم، فلأن يمنع منه مع العلم بالأولى. وإن كان نقص الثواب الآتي في حديث الباب بعده مقيداً باتخاذه، في غير ما أذن فيه، لأن ذلك أقوى من هذا؛ فاعتبر فيه قوة المخالفة عن قصد. والله أعلم (إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة) أي يحرم تصويرها، أو اتخذت على وجه يحرم اتخاذها لما تقدم (رواه مسلم) .
1685-
(وعن أبي التياح) بفتح الفوقية وتشديد التحتية آخره مهملة (حيان) بفتح المهملة وتشديد التحتية (ابن حصين) بضم المهملة الأولى، وفتح الثانية، وسكون التحتية، آخره نون. أبو الهياج بالتحتية والجيم: الأسدي الكوفي. قال الحافظ: ثقة من أوساط التابعين (قال قال لي علي) بن أبي طالب رضي الله عنه ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف استفتاح (أبعثك على ما) أي: الذي (بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثم أبدل من الموصول قوله
(1) أخرجه مسلم في كتاب: الجنائز، باب: الأمر بتسوية القبر، (الحديث: 93) .