الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1533-
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قالت هِنْدُ امْرَأةُ أَبي سفْيَانَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفيني وولَدِي إِلَاّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ، وَهُوَ لا يَعْلَمُ؟ قَالَ:"خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلدَكِ بِالمَعْرُوفِ". متفق عَلَيْهِ (1) .
257- باب في تحريم النميمة وهي نقل الكلام بَيْنَ الناس عَلَى جهة الإفساد
قَالَ الله تَعَالَى (2) : (هَمَّازٍ
ــ
1533-
(وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قالت هند) هي بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية (امرأة أبي سفيان) وهي أم معاوية، أسلمت عام الفتح بعد إسلام زوجها بليلة وبايعت (للنبي صلى الله عليه وسلم إن أبا سفيان رجل شحيح) من الشح بتثليث أوله، وهو البخل والحرص، كما في القاموس (وليس) اسمها يعود إليه وجملة (يعطيني) في محل الخبر، وثاني مفعول يعطي. قوله (ما يكفيني) بفتح التحتية من الكفاية (وولدي) عطف على المفعول به الضمير (إلا ما أخذت منه) استثناء منقطع أي: لكن الذي أخذت منه (وهو لا يعلم) جملة حالية، وخبر ما محذوف أي: فهو يكفيني (فقال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) أي: من غير سرف ولا تقتير (متفق عليه) والقصد من الحديث الترجمة: للاستدلال بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لها في قولها إن أبا سفيان رجل شحيح: لما أنه على وجه الاستفتاء.
باب تحريم النميمة
(وهو نقل الكلام بين الناس على جهة الإِفساد)
في القاموس: النم التوريش والإِغراء، ورفع الحديث إشاعة له وإفساداً، وتزيين الكلام بالكذب اهـ. وبه يعلم، أن ما عرفه الصنف، به، هو أحد معانيه المراد بما عقد له الترجمة. (قال الله تعالى) في وصف المنهي عن إطاعته، قيل وهو الوليد بن المغيرة (هماز)
(1) أخرجه البخاري في كتاب: النفقات، باب: نفقة المرأة إذا غاب زوجها والبيوع، باب: من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون وغيرهما (9/444 و445) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الأقضية، باب: قضية هند، (الحديث: 7) .
(2)
سورة القلم، الآية:11.
مَشَّاءٍ بِنَميمٍ) .
وقال تَعَالَى (1) : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) .
وعن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ". متفق عَلَيْهِ (2) .
1535-
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بِقَبْرَيْنِ
فَقَالَ: "إنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ! بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ: أمَّا أَحَدُهُمَا، فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ". متفق عَلَيْهِ. وهذا لفظ إحدى روايات البخاري،
ــ
مغتاب غياب (مشاء بنميم) نقال للكلام سعاية وإفساداً. وقال تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) تقدم ما يتعلق بها قريباً.
1534-
(وعن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة) أي: مع الفائزين، أو مطلقاً، إن استحل ذلك، وعلم أنه مجمع على تحريمه معلوم من الدين بالضرورة، أو نزل منزلة العالم به: لكونه قديم الإِسلام بين أظهر العلماء (نمام) أتي فيه بصيغة المبالغة: لعظيم الوعيد، وإلا فأصل النمّ منهى عنه، من الكبائر، كما يدل عليه الحديث بعده (متفق عليه) أورده في الجامع الكبير بلفظ "قتات" بدل "نمام"، وقال في لفظ "نمام" ثم قال رواه الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي والطبراني في الكبير.
1533-
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين) جاء في رواية أنهما من المشركين (فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير بلى إنه كبير. أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر) بفتح المعجمة (فكان لا يستبرىء من بوله) أي: لا يطلب البراءة منه، فأخذ بعضهم منه وجوب الاستبراء، وأن تركه من الكبائر، وهو قويّ من حيث الدليل، لكن الذي عليه أصحابنا ندبه، وحمل الحديث ونحوه على من تيقن عدم انقطاع البول إلا بالتنحنح فيجب، والاستحباب على من لم يكن كذلك (متفق عليه وهذا لفظ إحدى روايات
(1) سورة ق، الآية:18.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب: الأدب، باب: ما يكره من النميمة (10/394) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الإِيمان، باب: بيان غلظ تحريم النميمة، (الحديث: 168) .
قَالَ العلماءُ معنى: "وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ" أيْ: كَبيرٍ في زَعْمِهِمَا. وقِيلَ: كَبيرٌ تَرْكُهُ عَلَيْهِمَا (1) .
1536-
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ مَا العَضْهُ؟
ــ
البخاري) رواه هكذا في أبواب الطهارة إلا أن في نسخة، يستتر من البول بتاءين من الاستتار. قال القلقشندي: وهو أكثر الروايات وفي رواية يستنزه، بنون ساكنة بعدها زاي من النزاهة. وهاتان في الصحيح، وفي رواية لا يستبرىء، بموحدة بعد الفوقية وهي عند البخاري، وقال الإِسماعيلي: إنه أشبه بالروايات. وقوله لا يستتر بالفوقيتين محتمل لا يستتر عن الأعين، فيكون العذاب على كشف العورة، أو لا يتنزه عن البول، فيكون في الكلام مجاز. والعلاقة أن التستر عن الشيء فيه، بعد عنه واحتجاب، وذلك شبيه بالبعد عن البول (قال العلماء وما يعذبان في كبير أي كبير في زعمهما) أي: أنهما لاستخفافهما بأمور الديانة، يريان ذلك غير كبير. (وقيل كبير تركه عليهما) وقد جاء أن المنافق يرى ذنبه كذباب، وقع على أنفه فدفع فاندفع، وأن المؤمن يراه كالجبل يخشى أن يقع عليه.
والحاصل أنهما لاستخفافهما يريان ذلك غير كبير، فلا يريان بتعاطيه حرجاً، أو لا يريان بتركه مشقةً: لخفة ذلك عندهما؛ وهو عند الله كبير، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم بلى في كبير أي: باعتبار ما عند الله وباعتبار إثمه وتبعته. وقال القلقشندي في شرح العمدة، واختلفوا في معنى قوله "وإنه لكبير" فاستدرك، ويحتمل أن ضمير وأنه عائد إلى العذاب فقد ورد عند أبي حيان "عذاباً شديداً في ذنب هين ". وقيل الضمير عائد إلى أحد الذنبين. وهو النميمة، فإنها كبيرة، بخلاف ستر العورة وضعف، وقيل معنى كبير المنفي أكبر أي: ليس في أكبر الكبائر، ومعنى المثبت واحد الكبائر. فعليه يكون الحديث، بيان أن التعذيب لا يخص أكبر الكبائر بل يكون في الكبائر، وقيل معناه ليس كبيراً صورة، إذ تعاطيه يدل على الزبانة والحقارة، وهو كثير في الإثم وقيل غير ذلك.
1536-
(وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أنبئكم ما العضه) سكت عن
(1) أخرجه البخاري في كتاب: الوضوء، باب: الذي بعد باب ما جاء في غسل البول والجنائز باب: عذاب القبر من الغيبة والبول، وباب: الجريد على القبر وغيرهما (10/273) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الطهارة، باب: الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، (الحديث: 111) .