الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي الشَّجَرَةُ الكَبيرةُ. قَوْلهُ: " المَحْضُ " هُوَ بفتح الميم وإسكان الحاء المهملة وبالضَّادِ المعجمة، وَهُوَ: اللَّبَنُ. قَوْلهُ " فَسَمَا بَصَري " أيْ: ارْتَفَعَ. و" صُعُداً " بضم الصاد والعين، أيْ: مُرْتَفعاً. وَ" الربَابَةُ " بفتح الراءِ وبالباء الموحدة مكررةً، وهي: السَّحابَة (1)(2) .
261- باب في بيان مَا يجوز من الكذب
اعلَمْ أنَّ الكَذِبَ، وإنْ كَانَ أصْلُهُ مُحَرَّماً، فَيَجُوزُ في بَعْضِ الأحْوَالِ بِشُروطٍ قَدْ
ــ
شجره، وقال الخليل روضة غناء، كثيرة العشب (قوله دوحة هي بفتح الدال المهملة وإسكان الواو وبالحاء المهملة وهي الشجرة الكبيرة) أي: شجرة كانت قال في المصباح والجمع دوح و (قوله المحض هو بفتح الميم وإسكان الحاء المهملة وبالضاد المعجمة وهو اللبن) يفيد أن لا يخالطه ماء، والمحض: الخالص الذي لم يخالطه غيره. وأنت الضمير أولاً باعتبار أنها كلمة، وذكره ثانياً نظراً لأنه لفظ، أو لأن الخبر مذكر؛ و (قوله فسما بصرى) بالفاء العاطفة، وسها فعل ماض (أي: ارتفع وصعداً بضم الصاد والعين) بمهملات (أي: مرتفعاً) أي: إن صعداً بمعنى صاعد، وهو بمعنى مرتفع، فهو منصوب على الحال (والربابة بفتح الراء وبالباء الموحدة مكررة وهي السحابة) البيضاء، ويقال لكل سحابة منفردة عن السحاب، ولو لم تكن بيضاء، وقال الخطابي: الربابة السحابة التي ركب بعضها على بعض.
باب بيان ما يجوز من الكذب
للمصلحة المترتبة عليه: (اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرماً) أي: إذا كان على وجه التعمد (فيجوز) أي: لا يمتنع (في بعض الأحوال) وتارة يكون واجباً، وتارة يكون مندوباً، وأخرى مباحاً، (بشروط) جمع شرط، وهو لغة العلامة. وشرعاً ما يلزم من عدمه
(1) أخرجه البخاري في كتاب: التعبير، باب: تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح (3/200، 201) .
(2)
أخرجه البخاري في كتاب: الصلح، باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس (5/220) .
وأخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب. باب: تحريم الكذب، وبيان المباح منه (الحديث: 101) .
أوْضَحْتُهَا في كتاب: " الأَذْكَارِ "، ومُخْتَصَرُ ذَلِكَ: أنَّ الكلامَ وَسيلَةٌ إِلَى المَقَاصِدِ، فَكُلُّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِ الكَذِبِ يَحْرُمُ الكَذِبُ فِيهِ، وإنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ إِلَاّ بالكَذِبِ، جازَ الكَذِبُ. ثُمَّ إنْ كَانَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ المَقْصُودِ مُبَاحاً كَانَ الكَذِبُ مُبَاحاً، وإنْ كَانَ وَاجِباً، كَانَ الكَذِبُ وَاجِباً. فإذا اخْتَفَى مُسْلِمٌ مِنْ ظَالِمٍ يُريدُ قَتْلَهُ، أَوْ أَخذَ مَالِهِ وأخفى مالَه وَسُئِلَ إنْسَانٌ عَنْهُ، وَجَبَ الكَذِبُ بإخْفَائِه. وكذا لو كانَ عِندَهُ وديعَةٌ، وأراد ظالمٌ أخذها، وجبَ الكذبُ بإخفائها. وَالأحْوَطُ في هَذَا كُلِّهِ أن يُوَرِّيَ. ومعْنَى التَّوْرِيَةِ: أنْ يَقْصِدَ بِعِبَارَتِهِ مَقْصُوداً صَحيحاً لَيْسَ هُوَ كَاذِباً بالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وإنْ كَانَ كَاذِباً في ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وبالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَفْهَمُهُ المُخَاطَبُ، وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ وَأطْلَقَ عِبَارَةَ الكَذِبِ، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ في هَذَا الحَالِ.
وَاسْتَدَل العُلَمَاءُ بِجَوازِ الكَذِبِ
ــ
العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته (قد أوضحتها في كتاب الأذكار ومختصر ذلك) أي: ملخص ما فيه (إن الكلام وسيلة) أي: متوسلاً به (إلى المقاصد) فلذا كان من ألطاف وضع اللغة، ليعبر الإِنسان عن مقصوده؛ (فكل مقصود محمود) شرعاً (يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه) لأنه لا داعي إلى الإتيان والمقصود حاصل بدونه، فارتكابه حينئذ، ارتكاب محرم بلا داع (وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب) أي: لا يمتنع، وليس المراد به الجواز بمعنى الإباحة، حتى يشكل بأنه يكون حينئذ واجباً تارة، ومندوباً أخرى، كما قال (ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً كان الكذب مباحاً) لأنه وسيلة لمباح؛ وللوسائل حكم المقاصد (وإن كان واجباً كان الكذب واجباً فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله) أي: ظلماً، كما يومىء إليه لفظة ظالم (أو أخذ ماله) كذلك، (وسئل إنسان عنه، وجب الكذب بإخفائه) وأنه ما رآه (وكذا لو كان عنده وديعة، وأراد ظالم أخذها وجب الكذب باخفائها) ومحل وجوب الكذب فيهما، ما لم يخش التبين، ويعلم أنه يترتب عليه ضرر شديد، لا يحتمل (والأحوط في هذا كله أن يوري) من التورية، وهي إيراد لفظ له معنيان، قريب وبعيد، ويراد البعيد منهما كما قال (ومعنى التورية) المأخوذة من قوله يوري (أن يقصد بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً فيه بالنسبة إليه) أي: لذلك المقصود (وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ بالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب) لكونه المعنى القريب؛ كأن يريد بقوله: ما رأيته ما ضربت رئته، وبقوله ما له عندي مال دانقاً، أو نحوه بما ليس من جنس المسئول عنه (ولو ترك التورية وأطلق عبارة (الكذب) إضافة بيانية (فليس
فهل عَلَيَّ جُنَاحٌ إنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِيني؟ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "المُتَشَبِّعُ بِما لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ". متفق عَلَيْهِ. "وَالمُتَشَبِّعُ": هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الشَّبَعَ وَلَيْسَ بِشَبْعَان. ومعناهُ هُنَا: أنْ يُظْهِرَ أنَّهُ حَصَلَ لَهُ فَضيلَةٌ وَلَيْسَتْ حَاصِلَةً. "وَلابِسُ ثَوْبَي زُورٍ" أيْ: ذِي زُورٍ، وَهُوَ الَّذِي يُزَوِّرُ عَلَى النَّاسِ، بِأنْ يَتَزَيَّى بِزِيِّ أهْلِ الزُّهْدِ أَو العِلْمِ أَو الثَّرْوَةِ، لِيَغْتَرَّ بِهِ النَّاسُ وَلَيْسَ هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ. وَقَيلَ غَيرُ ذَلِكَ واللهُ أعْلَمُ. (1) .
ــ
ضرة) بفتح الضاد المعجمة، وتشديد الراء. قال في المصباح: وهي امرأة الزوج، والجمع ضرات على القياس، وسمع ضرائر، كأنها جمع ضريرة مثل كريمة وكرائم. ولا يكاد يوجد لها نظير (فهل عليّ جناح) بضم الجيم أي:(أن) بفتح الهمزة أي: في أن (تشبعت) بتشديد الموحدة (من زوجي غير الذي يعطيني) وذلك تفعله المرأة إظهاراً لرفعتها على ضرتها عند الزوج: لتغيظها به؛ (فقال صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط) بصيغة المجهول (كلابس ثوبي زور متفق عليه) . ورواه أحمد وأبو داود من حديثها. ورواه مسلم من حديث عائشة (المتشبع هو الذي يظهر الشبع وليس بشبعان) هذا معنى اللفظ لغة (ومعناه) أي: المراد منه (هنا أنه) أي: المتشبع (يظهر أنه يحصل له فضيلة) من علم، أو جاه، أو رفعة. (وليست حاصلة ولابس ثوبي زور) المشبه به، المتشبع، فيه مضاف مقدر (أي: ذي زور، وهو الذي يزور على الناس، بأن يتزيا بزي) بكسر الزاي، أي: الهيئة. وأصله زوي (أهل الزهد) من خشونة الملبوس، والترفع على أهل الدنيا (أو) أهل (العلم) بأن يلبس لباسهم المعروف بهم (أو) أهل (الثروة) بفتح المثلثة وسكون الراء كثرة المال (ليغتر به الناس) فيتبركوا به في الأول، ويعطوه وظائف أهل العلم في الثاني، ويأمنوه على أموالهم في الثالث. (وليس هو بتلك الصفة) جملة حالية من ضمير يتزيا (وقيل غير ذلك) وفي فتح الباري: وقيل المراد بالثوب النفس، لقولهم: فلان نقي الثوب، إذا كان بريئاً من الدنس، ودنس الثوب، إذا كان مغموصاً عليه في دينه. قال الخطابي: الثوب مثل، ومعناه أنه صاحب زور وكذب. كما يقال لمن يوصف بالبراءة من الأدناس، طاهر الثوب. والمراد به نفس الرجل. وقيل المراد أن
(1) أخرجه البخاري في كتاب: النكاح، باب: التشبع بما لم ينل (9/278، 279) .
وأخرجه مسلم في كتاب: اللباس والزينة، باب: النهي عن التزوير في اللباس وغيره والتشبع بما لم يُعط، (الحديث: 127) .