الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه مسلم (1) .
314- باب في النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والملائكة والسماء والآباء والحياة والروح والرأس وحياة السلطان ونعمة السلطان وتربة فلان والأمانة، وهي من أشدها نهياً
1705-
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّ الله تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً، فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ". متفق عَلَيْهِ.
ــ
الحاجة، فيزيل الشعر له في الأيام المذكورة. نعم إذا توقف إزالة الأوساخ على ذلك فهو حاجة فلا يكره (رواه مسلم) .
باب النهي عن الحلف بمخلوق
(كالنبي والكعبة والملائكة والسماء والآباء والحياة والروح والرأس) أي: السلطان (2) أو غيره (وحياة السلطان ونعمة السلطان وتربة فلان والأمانة وهي من أشدها نهياً) النهي على سبيل التحريم، إن قصد الحالف بها تعظيماً لها في الجملة. فإن قصد تعظيمها كتعظيم الله تعالى كفر. وإن جرى على لسانه القسم بها بقصد ادغام الكلام كره، وإن جرى عليه من غير قصد فلا كراهة بل هو من لغو اليمين وسيأتي زيادة في الأحاديث.
1705-
(عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا) أي: عن أن تحلفوا (بآبائكم) اختلف في النهي، هل هو للتحريم أو للكرهة قولان: المشهور عند المالكية والراجح عند الشافعية الكراهة، ما لم يعتقد في المحلوف به من التعظيم، ما يعتقده في الله تعالى، وإلا فيكفر. والمشهور عند الحنابلة وبه جزم الظاهرية: التحريم (فمن كان حالفاً) أي: مريد الحلف (فليحلف بالله) قال الفقهاء ومثل لفظ الجلالة
(1) أخرجه مسلم في كتاب: الأضاحي، باب: نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية
…
، (الحديث:42) .
(2)
كذا، ولعله (مؤلفنا) . ع.
وفي رواية في الصحيح: "فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلَا يَحْلِفْ إِلَاّ بِاللهِ، أَوْ لِيَسْكُتْ"(1) .
1706-
وعن عبد الرحمان بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي، وَلَا بِآبَائِكُمْ". رواه مسلم. "الطَّواغِي": جَمْعُ طَاغِيَةٍ، وهِيَ الأصنَامُ. وَمِنْهُ الحَدِيثُ:"هذِهِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ" أيْ: صَنَمُهُمْ وَمَعْبُودُهُمْ
ــ
ذات الله وصفاته العلية. قال الحافظ ويمكن أن يراد منه الذات لا خصوص لفظ الجلالة فيتناول ما ذكر (أو ليصمت) بضم الميم أي: يسكت بالقصد عن الحلف بغير الله تعالى، أي: مريد اليمين مخير بين الحلف بالله تعالى وترك الحلف بغيره والام فيهما للأمر ويجوز كسرها على الأصل وإسكانها تخفيفاً (متفق عليه) ورواه الترمذي والنسائي (وفي رواية في الصحيح) هي عند مسلم في الإِيمان والنذر، لكن ليس فيه قوله أو ليسكت (فمن كان حالفاً فلا يحلف) بالجزم على النهي وبالرفع خبر يعني النهي (إلا بالله أو ليسكت) الروايتان متلازمتان لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده وكذا عكسه أي: يستلزم كل الآخر.
1706-
(وعن عبد الرحمن بن سمرة) بضم الميم تقدمت ترجمته رضي الله عنه في باب النهي عن سؤال الإِمارة (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم) النهي عن الحلف بالأول على سبيل التحريم، وعن الثاني على سبيل التنزيل. ففيه استعمال اللفظ الموضوع للنهي في حقيقته ومجازه، ومن منع إطلاقه عليهما يقول: إنه مستعمل في معنى مجازي عام لهما هو طلب الترك لذينك (رواه مسلم) قال في الجامع الكبير: بعد أن أورده بلفظ "لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت" رواه أحمد والنسائي وابن ماجة من حديث عبد الرحمن بن سمرة وفيه حديث "لا تحلفوا بالطواغيت ولا تحلفوا بآبائكم واحلفوا بالله وإنه أحب إليه أن تحلفوا به ولا تحلفوا بشيء من دونه" رواه الطبراني عن حبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن جده، سكت فيه عن عز وحديث مسلم إليه في شرح مسلم للمصنف. قال أهل اللغة والغريب (الطواغي) بالطاء المهملة والغين المعجمة (جمع طاغية وهي الأصنام ومنه الحديث هذه طاغية دوس أي: صنمهم ومعبودهم) هذا لفظ النهاية بعينه ودوس بالدال والسين المهملتين بوزن قوس قبيلة معروفة، منها أبو هريرة قال في النهاية ويجوز أن يكون المراد بالطواغي من طغى في الكفر وجاوز القدر في الشر، وهم عظماؤهم
(1) أخرجه البخاري في كتاب: الأيمان، باب: لا تحلفوا بآبائكم وفي الشهادات وغيرها (11/461، 462) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله تعالى، (الحديث: 4) .
وَرُوِيَ في غير مسلم: "بِالطَّوَاغِيتِ" جَمعُ طَاغُوت، وَهُوَ الشَّيْطَانُ وَالصَّنَمُ (1) .
1707-
وعن بُريدَةَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ حَلَفَ بِالأمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا" حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح (2) .
1708-
وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنِّي بَرِيءٌ مِنَ الإسْلَامِ، فَإنْ كَانَ كَاذِباً، فَهُوَ كمَا قَالَ، وإنْ كَانَ صَادِقاً، فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإسْلَامِ سَالِماً"
ــ
ورؤساؤهم (وروى في غير مسلم بالطواغيت) كما تقدم عن الجامع الكبير والطواغيت (جمع طاغوت وهو الشيطان) أو ما يزين لهم أن يعبدوه من دون الله (والصنم) قال في النهاية الطاغوت يكون واحداً وجمعاً.
1707-
(وعن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لمن حلف بالأمانة) بفتح الهمزة وتخفيف الميم (فليس منا) أي: من ذوي طريقتنا. قال السيوطي نقلاً عن الخطابي: سببه أن اليمين لا تنعقد إلا بالله تعالى أو بصفاته، وليست منها الأمانة وإنما هي أمر من أمره وفرض من فروضه، فنهوا عنه لما يوهمه الحلف بها من مساواتها لأسماء الله وصفاته. وقال ابن رسلان أراد بالأمانة الفرائض أي: لا تحلفوا بالحج والصوم ونحوهما (حديث صحيح رواه أبو داود) في الإِيمان والنذور (بإسناد صحيح) رواه عن أحمد بن يونس عن زهير عن الوليد بن ثعلبة الطائي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، وهو عند أحمد بلفظ "ليس منا من حلف بالأمانة" الحديث - قال السيوطي في الجامع الكبير: ورواه ابن حبان والحاكم في المستدرك.
1708-
(وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف فقال إني بريء من الإِسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً فلن يرجع إلي الإِسلام سالماً) المراد به التهديد والتشديد، وهذا يمين عند بعض الأئمة، فيه الكفارة. وعند الشافعي ومالك ليس بيمين، فلا تجب به كفارة. لكن قائله آثم. قال أصحابنا: إن قصد العزم على الكفر فهو كافر في
(1) أخرجه مسلم في كتاب: الأيمان، باب: من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله (الحديث: 6) .
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب: الأيمان والنذور، باب: في كراهية الحلف بالأمانة، (الحديث: 3253) . وأحمد (5/352) .
رواه أَبُو داود (1) .
1709-
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يقُولُ: لَا وَالكَعْبَةِ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: لَا تَحْلِفْ بَغَيْرِ اللهِ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يقولُ:"مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ، فقد كَفَرَ أَوْ أشْرَكَ". رواه الترمذي، وقال:"حديث حسن".
وفَسَّرَ بَعْضُ العُلَمَاءِ قولَهُ: "كفَرَ أَوْ أشْرَكَ" عَلَى التَّغْلِيظِ، كما روي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الرِّياءُ شِرْكٌ"(2) .
ــ
الحال، وإن قصد الامتناع من ذلك المحلوف عليه أبداً ولم يقصد شيئاً فلا كفر، لكنه لفظ شنيع قبيح يستغفر الله تعالى من إثمه ويأتي بالشهادتين ندباً (رواه أبو داود) قال في الجامع الكبير رواه أحمد وأبو يعلى الموصلي والحاكم في المستدرك والدارقطني وسعيد بن منصور من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه.
1709-
(عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رجلاً يقول لا والكعبة. فقال ابن عمر: لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد كفر أو) شك من الراوي (أشرك. رواه الترمذي وقال حديث حسن) قال في الجامع الكبير بعد إيراده بلفظ: "فقد أشرك من غير شك" رواه أبو داود الطيالسي وأحمد والشاشي أبو يعلى والطبراني والحاكم في المستدرك والدارقطني وابن منصور عن ابن عمر (قال) أي: الترمذي (وفسر بعض العلماء قوله كفر أو أشرك) أي: ليس المراد منه في الحديث ظاهره، وأنه ليس على حقيقته، لأن المعصية ولو كبيرة غير الكفر لا تخرج عن الإِيمان بل هو محمول (على التغليظ) من ترك ذلك والتنفير عنه (كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرياء) بالتحتية (شرك) فإنه معصية لا تخرج عن الإِيمان، بل هو محمول على التنفير عنه وتقدم أول الباب حمل آخر لهذا الحديث أي: من اعتقد في المحلوف به من العظمة مثل العظمة التي لله عز وجل ذكره الحافظ في فتح الباري.
(1) أخرجه أبو داود في كتاب: الأيمان والنذور، باب: ما جاء في الحلف بالبراءة وبمله غير الإسلام، (الحديث: 3258) .
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب: النذور والأيمان، باب: ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، (الحديث: 1535) .
وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الجَنَّةَ" فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإنْ كَانَ شَيْئاً يَسِيراً يَا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: "وإنْ كَانَ قَضِيباً مِنْ أرَاكٍ" رواه مسلم (1) .
1712-
وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الكَبَائِرُ: الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ"
ــ
بحق ليعم المال والاختصاص؛ ومثل المسلم فيما ذكر الذمي. (بيمينه) أي: من أخذ حق من ذكر، بيمين هو فيه "فاجر مستحلاً لذلك. وقد علم الحرمة والإِجماع عليها (فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، فقال له: رجل وإن كان) أي: المقتطع باليمين (شيئاً يسيراً) أي: يشمله هذا الوعيد الشديد (يا رسول الله قال وإن) بكسر الهمزة وسكون النون شرطية وصلية، والواو الداخلة عليها حالية. وقيل عاطفة، وجوابها محذوف لدلالة ما تقدم عليه؛ (قضيباً) فاعل فعل الشرط المقدر (2) أي: وإن اقتطع قضيباً (من أراك) والقضيب بالضاد المعجمة والتحتية والموحدة: الغصن المقطوع، فعيل بمعنى مفعول، جمعه قضبان: والأراك بفتح الهمزة وبالراء: شجر من الحمض يستاك بقضبانه، الواحدة أراكة.
ويقال: هي شجرة طويلة ناعمة كثيرة الورق والأغصان، خوارة العود، ولها ثمر في عناقيد يسمى البرير، يملأ العنقود الكف. كذا في المصباح (رواه مسلم) في الإِيمان. ورواه النسائي في القضاء، وابن ماجة فيه أيضاً قاله المزي في الأطراف.
1712-
(وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكبائر) الحصر إضافي، والسكوت على ما ذكره لدعاء الحال إليها وشدة أمرها وغلظه، وهي على الصحيح ما توعد عليه بالعذاب أو الغضب في الكتاب أو السنة (الإِشراك بالله) أي: الكفر بإشراك أو بغيره، وذكر الإشراك لأنه كان الغالب في عصره صلى الله عليه وسلم؛ إذ كانوا يعبدون الأصنام، ويشركونها مع الله في الألوهية. (وعقوق الوالدين) أي: أن يفعل معهما أو مع أحدهما، ما يتأذى به عرفاً، تأذياً ليس بالهين (وقتل النفس) (3) أي: عدواناً (واليمين الغموس) بفتح الغين المعجمة: اسم فاعل لأنها تغمس صاحبها في الإِثم؛ لأنه حلف كاذباً على علم منه؛
(1) أخرجه مسلم في كتاب: الأيمان، باب: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فأجره بالنار (الحديث: 218 و219) .
(2)
في نسخ المتن (كان قضيباً) وعليه لا حذف. ع.
(3)
في بعض نسخ المتن (وقتل النفس التي حرم الله) . ع.