الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أَبُو داود (1) .
1525-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ" رواه مسلم (2) .
255- باب: في تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً محرمةً بردها والإِنكار علي قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه
ــ
باغتيابهم فيه استعارة تصريحية تبعية، شبهت الغيبة بأكل اللحم بجامع التلذذ بكل، فاستعير أكل اللحم للغيبة، ثم سرت منه للفعل، وعطف عليه على وجه التفسير قوله:(ويقعون في أعراضهم) وفي هذه استعارة مكنية، شبهت أعراض الناس المعبر عنها، على وجه الاستعارة باللحوم بشفا جرف هار. فالتشبيه المضمر في النفس، استعارة مكنية، وإثبات الوقوع استعارة تحييلية "فائدة" روى الإمام أحمد أنه قيل يا رسول الله إن فلانة وفلانة صائمتان وقد بلغتا الجهد، فقال أدعهما فقال لإِحداهما قيئي، فقاءت لحماً ودماً غبيطاً وقيحاً، والأخرى مثل ذلك، ثم قال صلى الله عليه وسلم صامتاً عما أحل الله، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، أتت إحداهما الأخرى، فلم يزالا يأكلان لحوم الناس، حتى امتلأت أجوافهما قيحاً. وهذا الحديث شاهد لإجراء صدر الحديث على ظاهره وحقيقته (رواه أبو داود) .
1525-
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل المسلم على المسلم حرام) أي: محرم (دمه وعرضه وماله) بالجر بدل من المسلم المضاف، بدل اشتمال. والعرض بالكسر قال في المصباح: النفس والحسب اهـ وظاهر، أن المراد هنا الثاني، فتقدم الأول في قوله دمه. (رواه مسلم) .
باب تحريم سماع الغيبة
ومثلها سائر المحرمات القولية، من نميمة وقذف وكلام كذب (وأمر من سمع غيبة محرمة بردها) أي: بالإِبطال (والإِنكار على قائلها) ليرتدع عنه، وهذا لمن قدر عليه (فإن عجز عنه) لضعف مثلاً (أو) أنكر ولكن (لم يقبل منه) لقوة العناد وداعية الفساد (فارق ذلك المجلس) أي: المشتمل على ما ذكر (إن أمكنه) بأن أمن نفساً ومالاً محترمين، وسائر ما
(1) أخرجه أبو داود في كتاب: الأدب، باب: في الغيبة، (الحديث: 4878) .
(2)
أخرجه مسلم في كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله، (الحديث: 32) .
قال الله تعالى (1) : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) .
وَقَالَ تَعَالَى (2) : (والَّذينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) .
وَقَالَ تَعَالَى (3) : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) .
وَقَالَ تَعَالَى (4) : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آيَاتِنا فَأعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ) .
1526-
وعن أَبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أخيهِ، رَدَّ اللهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَومَ القيَامَةِ". رواه الترمذي، وقال:
ــ
يعتبر الخوف عليه شرعاً. (قال الله تعالى: وإذا سمعوا اللغو) أي: القبيح من القول (أعرضوا عنه) تكرماً وتنزهاً. (وقال تعالى: والذين هم عن اللغو) أي: كل ما لا يعنيهم من قول وفعل (معرضون) . (وقال تعالى: إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) تقدم ما يتعلق بها في الباب قبله (وقال تعالى: وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) أي: بالطعن والاستهزاء (فأعرض عنهم) بترك مجالستهم (حتى يخوضوا في حديث غيره) الضمير للآيات باعتبار القرآن (وإما ينسينك الشيطان) النهي عن مجالستهم لوسواسه (فلا تقعد بعد الذكرى) أي: بعد أن تذكر (مع القوم الظالمين) أي: منهم فإنهم ظلمة، بوضع التكذيب والاستهزاء موضع التصديق والتعظيم.
1526-
(وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رد عن عرض أخيه) أي: في الإيمان وهو المسلم، أي: بأن يمنع من يريد اغتياب المؤمن عنها، إما قبل الوقوع بالزجر والردع عنها، وإما بعده لرد ما قاله عليه. وإن كان ذلك الإِنسان بخلافه كما يأتي فيما بعد (رد الله عن وجهه النار يوم القيامة) وذلك: لأنه رد مريد الغيبة عن عذابها لو فعلها، فجوزي بردها عنه في الآخرة ورد عن المغتاب ما يلقاه مما رمى به ممن اغتابه، فردها الله
(1) سورة القصص، الآية:55.
(2)
سورة المؤمنون، الآية:3.
(3)
سورة الإِسراء، الآية:36.
(4)
سورة الأنعام، الآية:68.
حَدِيث حَسَنٌ (1) .
1527-
وعن عِتبَانَ بنِ مَالكٍ رضي الله عنه، في حديثه الطويل المشهور الَّذِي تقدَّمَ في بابِ الرَّجاء قَالَ: قام النبيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فَقَالَ: "أيْنَ مالِكُ بنُ الدُّخْشُمِ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لا يُحِبُّ اللهَ ولا رَسُولهُ، فَقَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُلْ ذَلِكَ ألَا تَراهُ قَدْ قَالَ: لا إلهَ إِلَاّ اللهُ يُريدُ بِذَلكَ وَجْهَ اللهِ! وإنَّ الله قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ
ــ
عنه (رواه الترمذي وقال حديث حسن) ورواه البيهقي في السنن من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أيضاً بلفظ من رد عن عرض أخيه، كان له حجاباً من النار. وفي الجامع الكبير للسيوطي بعد إيراده باللفظ الذي أورده المصنف رواه أحمد وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة.
وباللفظ الثاني رواه عبد بن حميد بن زنجويه والروياني والخرائطي في مكارم الأخلاق والطبراني وابن النجار في عمل يوم وليلة، ورواه الطبراني والخرائطي من حديث أبي الدرداء بلفظ:"من رد عن عرض أخيه كان له حجاباً من النار" وفي رواية: "كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة" ورواه ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة من حديث أم الدرداء بلفظ: "من رد عن عرض أخيه كان حقاً على الله أن يرد عن عرضه يوم القيامة". ورواه ابن أبي الدنيا، من حديث أسماء بنت يزيد بلفظ:"من رد عن عرض أخيه بالغيبة، كان حقاً على الله أن يعتقه من النار" اهـ.
1527-
(وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل المشهور) أي: بين الناس، وليس مراده المشهور اصطلاحاً ثلاثة عن ثلاثة إلى منتهاه (الذي تقدم في باب الرجاء) بجملته (قال قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فقال) أي: للحاضرين حينئذ (أين مالك بن الدخشم فقال رجل ذلك) أتي به إيماء إلى تحقيره وإبعاده عن ذلك المجلس السامي، كما أخبر عنه بقوله (رجل) توطئة لقوله (منافق) وقوله:(لا يحب الله ولا رسوله) صفة بعد صفة، أو حال، أو استئناف (فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تقل ذلك) نهي تحريم. وجاء باسم الاشارة المذكور إيماء إلى فخامة ما أتي به وعظمه في الإِثم (ألا تراه) بفتح الفوقية أي: تبصره حال كونه (قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه) أي: ذات (الله) جملة حالية من فاعل، قال ولعل القائل ما تقدم في مالك المخاطب بذلك كان من أكمل الصحابة أرباب القلوب، وصدر منه ما صدر من فلتات اللسان، فإن إرادة وجه الله بالشهادة، لا يطلع عليها إلا من أطلعه الله على بعض المغيبات، وكشف له عما في القلوب، (وإن الله) بكسر الهمزة والواو للاستئناف (قد حرم على النار)
(1) أخرجه الترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في الذب عن عرض المسلم، (الحديث: 1931) .
مَنْ قَالَ: لا إلهَ إِلَاّ اللهُ يَبْتَغي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ". متفق عَلَيْهِ.
"وَعِتْبان" بكسر العين عَلَى المشهور وحُكِيَ ضَمُّها وبعدها تاءٌ مثناة مِن فوق ثُمَّ باءٌ موحدة. و "الدُّخْشُم" بضم الدال وإسكان الخاء وضم الشين المعجمتين (1) .
1528-
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصةِ تَوْبَتِهِ وَقَدْ سبق في باب التَّوبةِ. قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جالِسٌ في القَومِ بِتَبُوكَ: "مَا فَعَلَ كَعبُ بن مالكٍ؟ " فَقَالَ رَجلٌ مِنْ بَنِي سَلمَةَ: يَا رسولَ الله، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ. فَقَالَ لَهُ مُعاذُ بنُ جبلٍ رضي الله عنه: بِئْسَ مَا قُلْتَ، والله يَا رسولَ الله مَا علمنا عَلَيْهِ إِلَاّ
ــ
أي: المعدة لعذاب الكفار أو على سبيل الخلود المؤبد، فلا ينافي ما ثبت من تعذيب بعض عصاة المؤمنين بها (من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) فيه تنبيه على أن العمل الصالح، لا ينفع منه إلا ما أريد به وجه الله تعالى، وأداء عبوديته، والتقرب به إليه (متفق عليه. وعتبان بكسر العين) أي: المهملة (على المشهور) ومقابله ما حكاه بقوله (وحكي ضمها وبعدها تاء مثناة من فوق) بالضم لقطعه عن الإِضافة لفظاً، والتاء ساكنة (ثم باء موحدة والدخشم بضم الدال) أي: المهملة واستغنى عنه المصنف، بوصف ما بعده بالإِعجام في قوله:(وإسكان الخاء وضم الشين المعجمتين) .
1528-
(وعن كعب بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصة توبته) عن تخلفه في غزوة تبوك (وقد سبق) أي: بجملتّه (في باب التوبة قال) أي: كعب (قال صلى الله عليه وسلم وهو جالس في القوم بتبوك) يجوز صرفه ومنعه لما تقدم فيهما (ما فعل كعب بن مالك فقال رجل من بني سلمة) بفتح فكسر (يا رسول الله حبسه برداه) بضم الموحدة (والنظر في عطفيه) بكسر المهملة الأولى (فقال له) أي: لذلك المغتاب (معاذ بن جبل) رداً عن كعب (بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً) جواب القسم، وجملة النداء، معترضة للاهتمام والاعتناء (فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: مقراً لإِنكار معاذ على من فعل غيبة، أو تلبس بها،
(1) انظر الحديث رقم (417) .
أخرجه البخاري في كتاب: الصلاة، باب: المساجد في البيوت (3/49، 50) .
وأخرجه مسلم في كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، (الحديث: 263) .
عَلَى تَغْيِيرِ المُنْكَرِ، وَرَدِّ العَاصِي إِلَى الصَّوابِ، فيقولُ لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتهُ عَلَى إزالَةِ المُنْكَرِ: فُلانٌ يَعْمَلُ كَذا، فازْجُرْهُ عَنْهُ ونحو ذَلِكَ ويكونُ مَقْصُودُهُ التَّوَصُّلُ إِلَى إزالَةِ المُنْكَرِ، فَإنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَانَ حَرَاماً.
الثَّالِثُ: الاسْتِفْتَاءُ، فيقُولُ لِلمُفْتِي: ظَلَمَنِي أَبي أَوْ أخي، أَوْ زوجي، أَوْ فُلانٌ بكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ وَمَا طَريقي في الخلاصِ مِنْهُ، وتَحْصيلِ حَقِّي، وَدَفْعِ الظُّلْمِ؟ وَنَحْو ذَلِكَ، فهذا جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، ولكِنَّ الأحْوطَ والأفضَلَ أنْ يقول: مَا تقولُ في رَجُلٍ أَوْ شَخْصٍ، أَوْ زَوْجٍ، كَانَ مِنْ أمْرِهِ كذا؟ فَإنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الغَرَضُ مِنْ غَيرِ تَعْيينٍ، وَمَعَ ذَلِكَ، فالتَّعْيينُ جَائِزٌ كَمَا
ــ
بالمهملة والنون (على تغيير المنكر ورد العاصي) بالمهملتين (إلى الصواب) شرعاً وهو إزالة المنكر في الأول، والطاعات في الثاني (فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر) من حاكم، أو قادر على ذلك الفاعل للمنكر، ومن نحو الأب، ولا يقول ذلك لمن لا يرجو قدرته على إزالتها، إذ لا فائدة فيه إلا إن كان متجاهراً، وقصد بإشاعة ذلك عنه زجره: ليرتدع وينزجر (فلان يعمل كذا) أي: المنكر الذي يراد إزالته (فازجره عنه ونحو ذلك) من العبارات المؤدية إلى زجره (ويكون مقصوده) أي: من ذلك الكلام الممنوع، لولا السبب المذكور (التوصل إلى إزالة المنكر فإن لم يقصد ذلك) سواء قصد شفاء نفسه منه: لإِشاعة َقبيح فعله: لكونه عدوه، أو لم يقصد شيئا (كان حراماً) : لما تقدم من تقرير ما أبيح لحاجة يقدر بقدرها. (الثالث الاستفتاء) أي: طلب الفتيا، أي: ذكر حكم الحادثة التي يكره فاعلها ذكرها عنه (فيقول للمفتي ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا) فهذه غيبة جوزت للاستفتاء المذكور بقوله (فهل له ذلك وما طريقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي ودفع الظلم ونحو ذلك فهذا جائز للحاجة) أي: إلى الاستفتاء (ولكن الأحوط) قال في المصباح: احتاط للشيء افتعال، وهو طلب الاحظ والأخذ بأوثق الوجوه. وبعضهم يجعل الاحتياط من الياء، وحاط الحمار عانته، والأمم الحيط حوطاً، في باب قال إذا ضمها وجمعها، ومنه قولهم إفعل الأحوط، والمعنى إفعل ما هو أجمع لأصول الأحكام، وأبعد عن شوائب التأويل، وليس مأخوذاً من الاحتياط: لأن أفعل التفضيل لا ينى من خماسي (والأفضل) أي: الأكثر ثواباً (أن يقول) أي: المستفتى (ما تقول) بالفوقية (في رجل أو شخص أو زوج كان من أمره كذا فإنه يحصل به الغرض) أي: بيان حكم الحادثة (من غير تعيين) : لأن الأحكام لا تتوقف عليه (ومع ذلك) أي: الحصول (فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث
سَنَذْكُرُهُ في حَدِيثِ هِنْدٍ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
الرَّابعُ: تَحْذِيرُ المُسْلِمينَ مِنَ الشَّرِّ وَنَصِيحَتُهُمْ، وذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
مِنْهَا جَرْحُ المَجْرُوحينَ مِنَ الرُّواةِ والشُّهُودِ وذلكَ جَائِزٌ بإجْمَاعِ المُسْلِمينَ، بَلْ وَاجِبٌ للْحَاجَةِ.
ومنها: المُشَاوَرَةُ في مُصاهَرَةِ إنْسانٍ أو مُشاركتِهِ، أَوْ إيداعِهِ، أَوْ مُعامَلَتِهِ، أَوْ غيرِ ذَلِكَ، أَوْ مُجَاوَرَتِهِ، ويجبُ عَلَى المُشَاوَرِ أنْ لا يُخْفِيَ حَالَهُ، بَلْ يَذْكُرُ المَسَاوِئَ الَّتي فِيهِ بِنِيَّةِ النَّصيحَةِ. ومنها: إِذَا رأى مُتَفَقِّهاً يَتَرَدَّدُ إِلَى مُبْتَدِعٍ، أَوْ فَاسِقٍ يَأَخُذُ عَنْهُ العِلْمَ، وخَافَ أنْ يَتَضَرَّرَ المُتَفَقِّهُ بِذَلِكَ، فَعَلَيْهِ نَصِيحَتُهُ بِبَيانِ حَالِهِ، بِشَرْطِ أنْ يَقْصِدَ النَّصِيحَةَ، وَهَذا مِمَّا يُغلَطُ فِيهِ،
ــ
هند إن شاء الله تعالى) وتعييبها لأبي سفيان وإقراره صلى الله عليه وسلم لها وعدم إنكاره (الرابع تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم وذلك) أي: المذكور (من وجوه منها جرح المجروحين من الرواة) للحديث (والشهود) على القضايا (وذلك جائز بإجماع المسلمين) : لما فيه من المصلحة والمنفعة (بل واجب) : لما في الأول من صون الشريعة، والذب عنها، وفي الثاني من حفظ الحقوق، ولذا قال المصنف:(للحاجة ومنها المشاورة في مصاهرة إنسان) أي: تزويجه موليته (أو مشاركته) في المعاملة (أو إيداعه أو معاملته) بمبايعة أو غيرها (أو غير ذلك) من أمور الأموال كالارتهان أو المساقاة (أو مجاورته) أي: السكنى بجواره (ويجب على المشاور) بصيغة المفعول (ألا يخفى حاله) أي: حال المسئول عنه، بل ذكر أصحابنا وجوب ذكر ذلك، لأحد هذه الأسباب، وإن لم يسأل عنه بذلاً للنصيحة (بل) إن لم يحصل المقصود، بنحو تركه أو لا يصلح لذلك (يذكر المساوي) التي يندفع بها، فإن لم يندفع إلا بالجميع ذكر المساوي (التي فيه بنية النصيحة) لا بقصد إيذائه وتنقيصه. قال في المصباح المساءة نقيض المسرة، وأصلها مسواة على مفعلة بفتح الميم والعين. لذا ترد الواو في الجمع فيقال المساوي، لكن استعمل الجمع مخففاً، وبدت مساويه، أي: نقائصه ومعايبه (ومنها إذا رأى متفقهاً) بتشديد القاف أي: أخذ الفقه بالتدريج (يتردد إلى مبتدع أو فاسق) يخفي ذلك (يأخذ عنه العلم وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك) أي: بأن يزيغ عن اعتقاد الحق بتزيين الأول: أو يقع في الفسوق بتسويل الثاني، وكل قرين بالمقارن يقتدي (فعليه نصيحته ببيان حاله بشرط أن يقصد النصيحة) لإِشفاء نفسه من المقول فيه: لكونه عدواً مثلاً، كما قال المصنف (وهذا مما) أي: من الأمر الذي (يغلط) بالبناء للمفعول (فيه
وَقَدْ يَحمِلُ المُتَكَلِّمَ بِذلِكَ الحَسَدُ، وَيُلَبِّسُ الشَّيطانُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، ويُخَيْلُ إِلَيْهِ أنَّهُ نَصِيحَةٌ فَليُتَفَطَّنْ لِذلِكَ.
وَمِنها: أنْ يكونَ لَهُ وِلايَةٌ لا يقومُ بِهَا عَلَى وَجْهِها: إمَّا بِأنْ لا يكونَ صَالِحاً لَهَا، وإما بِأنْ يكونَ فَاسِقاً، أَوْ مُغَفَّلاً، وَنَحوَ ذَلِكَ فَيَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ ولايةٌ عامَّةٌ لِيُزيلَهُ، وَيُوَلِّيَ مَنْ يُصْلحُ، أَوْ يَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ لِيُعَامِلَهُ بِمُقْتَضَى حالِهِ، وَلَا يَغْتَرَّ بِهِ، وأنْ يَسْعَى في أنْ يَحُثَّهُ عَلَى الاسْتِقَامَةِ أَوْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ.
الخامِسُ: أنْ يَكُونَ مُجَاهِراً بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ كالمُجَاهِرِ بِشُرْبِ الخَمْرِ، ومُصَادَرَةِ النَّاسِ، وأَخْذِ المَكْسِ، وجِبَايَةِ الأمْوَالِ ظُلْماً، وَتَوَلِّي الأمُورِ الباطِلَةِ، فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا يُجَاهِرُ بِهِ،
ــ
ويحمل) أي: يبعث المتكلم (بذلك) أي القدح فيه اعتقاداً أو عملاً (الحسد) أي: تمني زوال نعمة ذلك المتكلم فيه (يُلبس) بتشديد الموحدة أي: يخلط (الشيطان عليه ذلك) فيوهمه (ويخيل إليه أنه نصيحة) : ليتأتى بها وفي نفس الأمر، إنما الباعث الحسد، والداعي البغض (فليتفطن لذلك) : لئلا يقع في الغيبة المحرمة بإيهامه أنها من الجائزة، ومن حذر سلم، ومن اغتر ندم (ومنها أن يكون له ولاية) بكسر الواو (لا يقوم بها على وجهها) وفصل القيام المنفي بقوله (إما بأن لا يكون صالحاً لها) أي: غير متأهل لها، فتكون ولايته باطلة (وأما بأن) يكون صالحاً لها لكن (يكون فاسقاً) لا يقف عند حد ولايته، ويجاوز ذلك (أو مغفلاً) بتشديد الفاء بصيغة المفعول من الغفلة، أي: ليست له فطنة، فقد تفوته مقاصد تلك الولاية، التي لا يقوم بها على وجهها، ونفس المخلّ بالقيام بولايته (فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ليزيله ويولي من يصلح) حال كونه غير صالح لها (أو) لا ليعزله في الثانية، ولكن (يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله) وينزله منزلته، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بإنزال الناس منازلهم (ولا يغتر به) ولئلا يغتر المولى. له بظاهر حاله، فيظن صلاحه وفطنته لأعمال ولايته (وأن يسعى) أي: يجتهد وهو عطف على مدخول لام الجر في قوله ليزيله (في أن يحثه) بضم المهملة وتشديد المثلثة أي: يحرضه (على الاستقامة) المطلوبة في تلك الولاية (أو يستبدل به) من يصلح لها، وللقيام بها (الخامس أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته) أي: مظهراً لذلك (كالمجاهر بشرب الخمر ومصادرة الناس) قال في القاموس صادره على كذا: أخذه به (وأخذ المكس) في القاموس مكس في البيع يمكس، إذا جبى مالاً والمكس النقص أو الظلم، ودراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في الأسواق في الجاهلية، أو درهم
وَيَحْرُمُ ذِكْرُهُ بِغَيْرِهِ مِنَ العُيُوبِ، إِلَاّ أنْ يكونَ لِجَوازِهِ سَبَبٌ آخَرُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ. السَّادِسُ: التعرِيفُ، فإذا كَانَ الإنْسانُ مَعْرُوفاً بِلَقَبٍ، كالأعْمَشِ، والأعرَجِ، والأَصَمِّ، والأعْمى، والأحْوَلِ، وغَيْرِهِمْ جاز تَعْرِيفُهُمْ بذلِكَ، وَيَحْرُمُ إطْلاقُهُ عَلَى جِهَةِ التَّنْقِيصِ، ولو أمكَنَ تَعْريفُهُ بِغَيرِ ذَلِكَ كَانَ أوْلَى، فهذه ستَّةُ أسبابٍ ذَكَرَهَا العُلَمَاءُ وأكثَرُها مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَدَلائِلُهَا مِنَ الأحادِيثِ
ــ
كان يأخذه المصدق بعد فراغه من الصدقة. وفي المصباح مكس في البيع مكساً من باب ضرب، نقص الثمن والمكس الجباية، وهو مصدر من باب ضرب أيضاً، وفاعله مكاس ثم سمي المأخوذ مكساً، تسمية بالمصدر وقد غلب استعمال المكس، فيما يأخذه أعوان السلطان ظلماً، عند البيع والشراء قال الشاعر:
وفي كل أسواق العراق أتاوة
…
وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم
(وجباية) بكسر الجيم وبالموحدة والتحتية أي: جمع (الأموال ظلماً) هو كالتفسير للمكس، على أحد الأقوال فيه، أو عطف عام على خاص، وظلماً حال أو مفعول له، وتولي الأمور الباطلة من الوظائف المبتدعة الحادثة (فيجوز ذكره بما يجاهر به) ولا غيبة بذلك (ويحرم ذكره بغيره من العيوب) التي يجاهر بها: لأن ما جاز لسبب يقدر بقدره (إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه. السادس التعريف إذا كان الإِنسان معروفاً بسبب كالأعمش) وممن لقب به: سليمان بن مهران المحدث (والأعرج) بالمهملة وبالجيم قال الحافظ في الألقاب: لقب به جماعة أشهرهم: عبد الرحمن بن هرمز، وشيخ أبي الزناد تابعي (والأصم) قال الحافظ لقب به جماعة: منهم مالك بن حبان الكلبي، ومطرف صاحب مالك بن أنس الفقيه (والأعمى) لقب ولم يذكر الحافظ أحداً ممن لقب به (والأحول بالمهملة لقب به جماعة) عاصم بن سليمان التابعي (وغيرهم) من أولي الألقاب التي يكره ظاهرها (جاز تعريفهم بذلك) اللقب المعروفين به، وإن كانوا يكرهونه لحاجة التعريف (ويحرم إطلاقه على جهة التنقيص وإذا أمكن تعريفه) أي: صاحب اللقب (بغير ذلك) اللقب المكروه (كان أولى) : لحصول المقصود، مع السلامة من الغيبة، وإنما جاز مع ْحصوله بذلك: لأن داعيهَ التعريف في الجملة، مصلحة يفتقر لها بذلك، بشرط أن يقصده بإطلاقها (فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليه) وقد جمعها الشيخ كمال
الصَّحيحَةِ مشهورَةٌ. فمن ذَلِكَ:
1529-
عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رجلاً اسْتَأذَنَ عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"ائْذَنُوا لَهُ، بِئسَ أخُو العَشِيرَةِ؟ ". متفق عَلَيْهِ.
احتَجَّ بِهِ البخاري في جوازِ غيبَة أهلِ الفسادِ وأهلِ الرِّيبِ (1) .
1530-
وعنها، قالت: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا أظُنُّ فُلاناً وفُلاناً يَعْرِفانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئاً". رواه البخاري. قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ بن سعدٍ أحَدُ رُواة هَذَا
ــ
الدين بن أبي شرف في قوله:
القدح ليس بغيبة في ستة
…
متظلم ومعرف ومحذر
ومجاهر بالفسق ثمت سائل
…
ومن استعان على إزالة منكر
ونظمتها في قولي
يباح اغتياب للفتى إن تجاهرا
…
بفسقٍ وللتعريف أو للتظلم
كذاك لتحذير ومن جاء سائلا
…
كذا من أتى يبغي زوال المحرم
(ودلائلها من الأحاديث الصحيحة مشهورة) عند الفقهاء (فمن ذلك) .
1529-
(عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً) هو عيينة بن حصن وقيل مخرمة بن نوفل (استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إئذنوا له بئس أخو العشيرة) أي: القبيلة أي: بئس هو منهم (متفق عليه احتج به) الإِمام المجتهد (البخاري في) أي: على (جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب) تحذيراً منهم، ومن الاغترار بظواهرهم، والريب بكسر الراء وفتح التحتية ثم موحدة جمع ريبة.
1530-
(وعنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أظن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً) نفي عنهم المعرفة اللازم نفيها، لنقي العمل فكأنه قال ليسوا على شيء من الإِسلام حقيقة (رواه البخاري قال) أي: البخاري (قال الليث بن سعد) عالم مصر عصري الإِمام مالك المجتهد
(1) أخرجه البخاري في كتاب: الأدب، باب: ما يجوز من اغتياب أهل الفساد (10/393) .
وأخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: مداراة من يتقي فحشه، (الحديث: 73) .
الحديثِ: هذانِ الرجلانِ كانا من المنافِقِينَ (1) .
1531-
وعن فاطمة بنتِ قيسٍ رضي الله عنها، قالت: أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: إنَّ أَبَا الجَهْم وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَانِي؟ فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أمَّا مُعَاوِيَةُ، فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، وأمَّا أَبُو الجَهْمِ، فَلَا يَضَعُ العَصَا عَنْ عَاتِقِهِ" متفق عَلَيْهِ. وفي رواية لمسلم: "وَأمَّا أَبُو الجَهْمِ فَضَرَّابٌ لِلنِّساءِ" وَهُوَ تفسير لرواية: "لا يَضَعُ العَصَا عَنْ عَاتِقِهِ" وقيل: معناه: كثيرُ الأسفارِ (2) .
ــ
(أحد رواة هذا الحديث هذان الرجلان) المكنى عنهما بفلان وفلان (كانا من المنافقين) فقال صلى الله عليه وسلم مبيناً لما أخفياه من النفاق، حذر أن يلتبس ظاهر حالهما، على من يجهل أمرهما.
1531-
(وعن فاطمة بنت قيس) بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة الفهرية القرشية، أخت الضحاك في تهذيب المصنف، قيل كانت أكبر من أخيها بعشر سنين، وكانت من المهاجرات الأول ذات عقل وافر وكمال، في بيتها اجتمع أصحاب الشورى، روى لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة وثلاثون حديثاً. روى عنها جماعة من كبار التابعين رضي الله عنها، وعنهم أجمعين، (قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن أبا الجهم) بفتح الجيم وسكون الهاء (ومعاوية خطباني) أي: فما ترى (فيهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما) بفتح الهمزة وتشديد الميم (معاوية فصعلوك) رأيت بخط الشيخ محمد الخطابي المالكي، في حاشية النهاية الصعلوك بضم الصاد: الفقير والجمع صعاليك اهـ. وهذه المادة لم أرها في القاموس (3)، ولا في النهاية ولا في المصباح وقوله (لا مال له) في معنى الصفة مبين لما قبله (وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه متفق عليه وفي رواية لمسلم وأما أبو الجهم فضراب للنساء وهو: تفسير لرواية لا يضع العصا عن عاتقه) أي: بيان للمراد فيها بطريق الكناية (وقيل معناه) أي: المراد بهذا الكلام، كناية عنه (كثير الأسفار) والأول أولى: لأن الروايات يفسر بعضها ببعض، وإن كان لا مانع من الجمع.
(1) أخرجه البخاري في كتاب: الأدب، باب: ما يكون من الظن (10/405) .
(2)
أخرجه مسلم في كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاث لا نفقة لها، (الحديث: 36) .
(3)
فيه نظر إذ هي في القاموس في حرف اللام. ع.
1532-
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قَالَ: خرجنا مَعَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ أصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَالَ عبدُ اللهِ بن أُبَيّ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَنْفَضُّوا، وقال: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَأَتَيْتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأخْبَرْتُهُ بذلِكَ، فَأرْسَلَ إِلَى عبدِ الله بن أُبَيِّ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ: مَا فَعلَ، فقالوا: كَذَبَ زيدٌ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَوَقَعَ في نَفْسِي مِمَّا قَالُوهُ شِدَّةٌ حَتَّى أنْزلَ اللهُ تَعَالَى تَصْدِيقِي:(إِذَا جَاءكَ المُنَافِقُونَ)(1) ثُمَّ دعاهُمُ النبيّ صلى الله عليه وسلم لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ فَلَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ. متفق عَلَيْهِ (2) .
ــ
1532-
(وعن زيد بن أرقم) تقدمت ترجمته رضي الله عنه في باب إكرام آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر) هي غزوة بني المصطلق (أصاب الناس) مفعول مقدم (فيه شدة) فاعل (فقال عبد الله بن أبيّ) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد الياء، المنافق (لا تنفقوا على من) أي: الذين (عند رسول الله) أي: من الصحابة (حتى) أي: كي (ينفضوا) أي: يتفرقوا عنه (وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) فأراد من الأعز نفسه ومن الأذل رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك) أي: الذي صدر من ابن أبيّ (فأرسل إلى عبد الله بن أبي فاجتهد يمينه) أي: حلف وأكد الأيمان بتكراره، ويمينه منصوب بنزع الخافض (ما فعله فقالوا) أي: الصحابة (كذب) بتخفيف الذال المعجمة المفتوحة (زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: أخبره عن أمر بخلاف ما هو عليه (فوقع في نفسي مما قالوا شدة) أي: كرب شديد واستمر ذلك فيها (حتى أنزل الله تعالى على نبيه تصديقي) أي: إخباري المطابق للواقع، وبيّنه بقوله (إذا جاءك المنافقون) أي: سورة المنافقين (ثم دعاهم) أي: المنافقين الذين رأسهم ابن أبيّ (النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم) مما قالوه (فلووا رءوسهم) أي: أمالوها إعراضاً ورغبة عن الاستغفار (متفق عليه) أخرجه البخاري في التفسير، ومسلم في التوبة، ورواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي حسن صحيح.
(1) سورة المنافقون، الآية:1.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، باب: سورة المنافقون (8/494، 495) .
وأخرجه مسلم في كتاب: صفات المنافقين وأحكامهم، باب:
…
(الحديث: 1) .