المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحق أن عليا كرم الله وجهه كان مكلفا بتليغ أمر خاص - رسائل السنة والشيعة لرشيد رضا - جـ ٢

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌الحق أن علياً كرم الله وجهه كان مكلفا بتليغ أمر خاص

- ‌ قو

- ‌الكلمة الأولى في الهجرة المحمدية

- ‌الكلمة الثانية مناقب الصديق في قصة الهجرة:

- ‌(الأولى) :

- ‌(الرابعة) :

- ‌(السابعة) :

- ‌(الثامنة) :

- ‌المعية الإلهية معنى إضافي يختلف باختلاف موضوعه ومتعلقه

- ‌(الثانية عشرة) :

- ‌(الثالثة عشرة) :

- ‌الكلمة الثالثة(تفنيد مراء الروافض

- ‌تفنيد شبهتهم على منقبة {ثاني اثنين} :

- ‌ من أكبر جنايات الروافض على الإسلام والمسلمين أنهم جعلوا أبا بكر وعليا رضي الله عنهما خصمين

- ‌تفنيد شبهتهم على نهيه عن الحزن

- ‌تفنيد تحريفهم لقوله {إن الله معنا}

- ‌ت ف

- ‌السنة والشيعة وضرورة اتفاقهما

- ‌ الزواج من رجل شيعي أو امرأة شيعية

- ‌جواب صاحب المنار

- ‌المناظرة بين أهل السنة والشيعة

- ‌الرسالة الأولى: للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين

- ‌ مشاربه

- ‌مطالبة علماء الشيعة برأيهم في دعوى المناظرة:

- ‌كتاب ورسالة من سائح شيعي أديب

- ‌س ال

- ‌السنة والشيعةالاتفاق بينهما والوسيلة إليهورأينا ورأي علامة الشيعة فيه

- ‌جواب العلامة آل كاشف الغطاء

- ‌تعليقنا الوجيز على هذه الدعوى وأدلته

الفصل: ‌الحق أن عليا كرم الله وجهه كان مكلفا بتليغ أمر خاص

الألوف من الناس ((ألا فليبلغ الشاهد الغائب)) ، وهو مكرر في الصحيين وغيرهما، وفي بعض الروايات عن ابن عباس ((فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته: فليبلغ الشاهد الغائب)) الخ وحديث ((بلغوا غني ولو آية)) رواه البخاري في صحيحه والترمذي ولولا ذلك لما انتشر الإسلام ذلك الانتشار السر يع في العالم.

بل زعم بعضهم - كما قيل - أنه صلى الله عليه وسلم عزل أبا بكر من إمارة الحج وولاها علياً. (1)

وهذا بهتان صريح مخالف لجميع الروايات في مسألة عملية عرفها الخاص والعام، و‌

‌الحق أن علياً كرم الله وجهه كان مكلفا بتليغ أمر خاص

(2)

وكان في تلك الحجة تابعأً لأبي بكر في إمارته العامة في إقامة ركن الإسلام الاجتماعي العام، حتى كان أبو بكر يعين له الوقت الذي يبلغ فيه. يا على قم فبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم التصريح به في الروايات الصحيحة، كم أمر بعض الصحابة بمساعدته على هذا التبليغ كما تقدم في حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما.

(1) جاء في بعض الروايات الشيعية المصدر: أنه ((لمّا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة مع أبي بكر وأنزل الله عليه: تترك من ناجيته غير مرّة، وتبعث من لم أناجه؟!))

ولاحظ أخي القارئ هنا: أنّ الله - بزعمهم - عاتب رسول الله، وبيّن خطأه.. وهذا يناقض دعوى العصمة المطلقة التي يصفون بها الرّسول والأئمّة.. ثم تقول الرواية:((فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ براءة منه ودفعها إلى علي رضي الله عنه فقال له علي: أوصني يا رسول الله، فقال له: إنّ الله يُوصيك ويناجيك، قال: فناجاه يوم براءة قبل صلاة الأولى إلى صلاة العصر)) . أمالي الصدوق: (444) ، بحار الأنوار للمجلسي 39/155.

والظاهر أنه عزَّ على القوم أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم الصديق رضي الله عنه ابتداء؛ لذا فالرواية التي تقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر رضي الله عنه بسورة براءة إلى المشركين ثم عزله وأخذها منه ودفعها إلى علي رضي الله عنه لم تسلم من رد القوم لها، فرووا أن الباقر قال: ((لا والله ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ببراءة، أهو كان يبعث بها ثم يأخذها منه؟!

)) إلخ الرواية. انظر: تفسير العياشي (2/80) ، نور الثقلين (2/180) ، تفسير البرهان (2/101) ، بحار الأنوار (35/295) .

وهناك روايات تذكر أن عليا رضي الله عنه كان يحتج ويعتذر ليذهب هو بكونه أصغر سناً من النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في بحار الأنوار (35/303) يوم أن أرسله النبي صلى الله عليه وسلم بسورة براءة، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنك خطيب وأنا حديث السن)) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((لابد أن تذهب بها أو أذهب بها)) ، فقال علي رضي الله عنه:((أما إذا كان كذلك، فأنا أذهب يا رسول الله)) .

(2)

أى نبذ عهود المشركين، كما هو مفصل في التفسير. (ر)

أقول: يؤيد مفهوم التبليغ الذي ذكره المؤلف رحمه الله ما أخرجه البخاري (1602) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: (بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر نؤذن بمنى ألَاّ يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان) قال حميد بن عبد الرحمن ثمَّ أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا فأمره أن يؤذن ببراءة قال أبو هريرة: فأذن معنا عليّ في أهل منى يوم النحر..) .

حديث ابن عباس يرويه مقسم عنه قال: (بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات ثم أتبعه عليا فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء فخرج أبو بكر فزعا فظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو علي فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر عليا أن ينادي بهؤلاء الكلمات فانطلقا فحجا فقام علي أيام التشريق فنادى: ذمة الله ورسوله بريئة من كل مشرك فسيحوا في الارض أربعة أشهر ولا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوت بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا مؤمن وكان علي ينادي فإذا عيي قام أبو بكر فنادى بها) . أخرجه الترمذي.

وله شاهد مرسل من حديث أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنهم بنحوه وفيه: (فخرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدرك أبا بكر بالطريق فلما رآه أبو بكر قال: أأمير أم مامور؟ فقال: بل مأمور ثم مضيا فأقام أبو بكر للناس الحج. . . حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأذن في الناس بالذي أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال. . . .) الحديث. أخرجه ابن إسحاق في (السيرة)(4 / 190) بسند حسن مرسل.

وعن زيد بن أثيع قال: (سألت عليا رضي الله عنه بأي شئ بعثت - يعني يوم بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه في الحجة؟ قال: بعثت بأربع لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد هده إلى مدته ولا يحج المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا) . أخرجه الترمذي (1 / 165، 2 / 184) والدارمي (2 / 68) وأحمد (1 / 79) والحميدي (48) كلهم عن سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق عن زيد به وقال الترمذي: (حديث حسن ورواه الثوري عن أبي اسحاق عن بعض أصحابه عن علي) .

قال الحافظ في الفتح 8/320 كتاب التفسير باب {وأذان من الله ورسوله

} : ((وأخرج أحمد بسند حسن عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ببراءة مع أبي بكر، فلما بلغ ذا الحليفة قال: لا يُبَلِّغُها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي، فبعث بها مع علي)) . (المسند 13/434 رقم 13214) .

قلت: وأخرجه الترمذي في سننه 5/275 رقم 3090 والنسائي في خصائص علي (70) ولفظ الترمذي: ((لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهل بيتي فدعا عليا فأعطاه إياه)) . وقال: ((حسن غريب من حديث أنس)) .

قلت: وإسناده حسن، رجاله كلهم ثقات غير سماك بن حرب، فقد قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة فكان ربما يلقن. (التقريب رقم 2624) .

قلت: روايته هنا عن أنس بن مالك رضي الله عنه وليست عن عكرمة، فهاتان روايتان تبينان ما بلغه علي رضي الله عنه وهما نص في هذا الأمر.

ويؤكد كون الحديث مخصوصاً بنبذ العهد ما ثبت من كون النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث قبل هذا الحديث وبعده عدداً من الصحابة مع بعض الوفود القادمة عليه غير عليّ رضي الله عنه بعد هذا الحديث كمعاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن، وكذلك قبل هذا الحديث ولا أدل عليه من بعثه مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى أهل المدينة قبل مقدمه صلى الله عليه وسلم، وكل هذه البعوث لتبليغ الناس دين الإسلام ودعوتهم له، فبان بحمد الله بطلان كون هذا التبليغ مطلقاً، بل هو تبليغ مخصوص لنبذ العهد فقط والأحاديث إنما تدل على أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم علياً إنما كان تأييداً لأبي بكر رضي الله عنهما لا تبديلاً له، ولا تأميراً عليه، بل كان أبو بكر هو أمير الحج، وعلي داخل تحت إمرته.

ص: 9

ولقد كان تأمير النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على المسلمين في إقامة الحج في أول حجة للمسلمين بعد خلوص السلطان لهم على مكة ومشاعر الحج كلها. كتقديمه للصلاة بالناس قبيل وفاته صلى الله عليه وسلم كلاهما تقديم له على جميع زعماء الصحابة في إقامة أركان الإسلام التي كان يقوم بها وصلى الله عليه وسلم، وعدها جميع الصحابة ترشيحاً له لتولى الإقامة العامة بعده. فالواقعة دليل على خلافة أبي بكر لا على خلافة على رضي الله عنهما. وقد علم الله كلا منهما سيكون إماماً في وقته.

قال الآلوسي بعد ذكر شيء في هذا المعني [روح المعاني 10 / 45] :

((وقد ذكر بعض أهل السنة نكتة في نصب أبي بكر أميراً للناس في حجهم ونصب الأمير كرم الله تعالى وجهه مبلغا نقض العهد في ذلك المحفل، وهي أن الصديق رضي الله عنه كان مظهراً لصفة الرحمة والجمال، كما يرشد إليه ما تقدم في حديث الإسراء وما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم ((ارحم أمتي بأمتي أبو بكر)) أحال إليه عليه الصلاة والسلام أمر المسلمين الذين هم مورد الرحمة، ولما كان علي كرم الله وجهه الذي هو أسد الله مظهر جلاله فوض إليه نقض

ص: 10

عهد الكافرين الذي هو من آثار الجلال وصفات القهر. فكانا كعينين فوارتين يفور من إحداهما صفة الجمال، ومن الأخرى صفة الجلال، في ذلك المجمع العظيم الذي كان نموذجاً للحشر ومورداً للمسلم والكافر)) . انتهى.

ولا يخفى حسنه لو لم يكن في البين تعليل النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان تعليله صلى الله عليه وسلم لتبليغ على نبذ العهود عنه بكونه من أهل بيته ينافى أن تكون النكتة المذكورة علة، فهو لا يأبى أن تكون حكمة.

ورأيت في مصنف جديد لبعض الشيعة المعاصرين ضرباً آخر من المبالغة والتكبير (1) لهذه المسألة كما فعل بغيرها من مناقبه كرم الله وجهه من حيث يصغر مناقب الشيخين إن لم يجد شبهة أو وسيلة لإنكارها، حتى إنه جعل تنويه كتاب الله عز وجل بصحبة الصديق الأكبر للرسول الأعظم في هجرته وإثبات معيته عز وجل لهما معاً في الغار مما لا قيمة له ولا يعد مزية للصديق (رض) ولولا أنهم قد نشطوا في هذه الأيام لدعاية الرفض والبدع

(1) ومن ضروب هذه المبالغات ما ابتدعه بعضهم في أثناء حج بيت الله فيما أسموه "مسيرة الوحدة" والبراءة من الشيطان، احتفالاً بهذه الرواية، مع أن الحج لا يحتمل مثل هذه المظاهرات الصاخبة، فما كان من السلطات السعودية إلا التصدي لهذه الفتنة التي افتعلها أولئك القوم والتي وبلغت قمتها في عام 1987، ومما ضاعف من استعدادات السعودية اكتشافها أسلحة خفيفة أثناء تفتيش أمتعة الحجاج الإيرانيين، وهكذا حولوا موسم الحج إلى ساحة حرب، ففي عام 1987 سقط عشرات القتلى، وامتلأت مستشفيات ومستوصفات مكة بالجرحى، وانظر بعض الصور في الملحق في آخر الكتاب.

ص: 11

والصد عن السنة وأعلامها لما جعلنا شبهة التبليغ تستحق أن تذكر وتبين هنا.

ذلك أنه اقتصر من روايات المسألة على ما نقله عن ابن جرير الطبري عن السدى عن من قوله: لما نزلت هذه الآيات إلى رأس الأربعين - يعني من سورة براءة- بعث بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وأمره على الحج. فلما سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة، أتبعه بعلي فأخذها منه. فرجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول بأبي أنت وأمي أنزل في شأني شئ قال ((لا، ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني)) . اهـ

ثم استنبط من هذه الرواية أنها تدل على أن نفس علي من الرسول صلى الله عليه وسلم منزلة نفسه، وأنه خير الصحابة وأفضلهم عند الله وأكرمهم عليه. فإن من كان بهذه الصفة هو الذي يمثل شخص النبي ويقوم مقامه ويكون بمنزله نفسه الشريفة.

ثم قال: ((ودل هذا القول منه صلى الله عليه وسلم على أن كون على من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفسه نفسه أمر محقق ثابت لا ريب فيه عند أبي بكر ولهذا لم يحتج صلى الله عليه وسلم لذكره. وذلك ظاهر عنه العارف بطريق

ص: 12

الاستدلال، وترتيب الأشكال، وقد عمد بعض النواصب إلى الحط من هذه الكرامة. فزعم أنه صلى الله عليه وسلم إنما أراد بأنه نفسه ومنه هو القرب في النسب دون الفضيلة، مدعياً أن من عادة العرب إذا أراد أحدهم أن ينبذ عهداً نبذه بنفسه، أو أرسل به أقرب الناس إليه- الخ ما خالط به، وبني على زعمه هذا أن العباس أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من علي نسباً، فلماذا لم يرسله بهذا التبليغ، مع علمه بأنه لم يقل أحد من أهل السنة بأنه لابد من الأقرب، بل قالوا: إن التبليغ في مثله لعاقد العهد عصبته الأقربين، ولا بأن الرواية بمعنى ما زعمه)) .

(وأقول) في قلب شبهته هذه حجة عليه:

(أولا) : إن هذا الشيعي المتعصب اختار رواية السدي من روايات في المسألة لأنها تحتمل من تأويله وغلوه ما لا يحتمله غيرها.

(ثانياً) إن السدي قال هذا القول من عند نفسه، ولم يذكر له سنداً إلى أحد من الصحابة. (1)

(ثالثاً) إن ما ذكرناه من الروايات الصحيحة عن على

(1) لذا فإن إسناد هذه الرواية ضعيف لأمرين:

الأولى: الإعضال؛ فإن السدي وهو إسماعيل بن عبد الرحمن إنما يروي عن الصحابة بواسطة التابعين.

والثانية: فيه أسباط وهو صدوق كثير الخطأ، يغرب كما في " التقريب ".

ص: 13

وأبي هريرة وغيرهما من الصحابة يخالف قول السدى هذا من بعض الوجوه وهي أولى بالتقديم والترجيح.

(رابعاً) إن هذا الشيعي الذي يدعى التحقيق لم يذكر قول السدى كله (1)، بل أسقط منه قول النبي صلى الله عليه وسلم المروي عن غير السدى أيضاً ((أما ترضى يا أبا بكر أن كنت معي في الغار وأنك صاحبي على الحوض؟)) قال: بلى يا رسول الله. فسار أبو بكر على الحاج وعلى يؤذن ببراءة. فقام يوم الأضحى فقال: لا يقربن المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوفن بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فله عهده إلى مدته. وإن هذه أيام أكل وشرب، وإن الله لا يدخل الجنة إلا من كان مسلماً. فقالو: نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمك إلا من الطن والضرب فرجع المشركون، فلام بعضهم بعضاً وقالوا ما تصنعون وقد أسلمت قريش؟ فأسلموا اهـ نص رواية السدي هذه في تفسير ابن جرير (ص 27ج10 من الطبعة الاميرية) .

فإذا كان هذا الشيعي يعتمد هذا الرواية - كما هو الظاهر من اختياره

(1) ولم يكن العاملي متفردا - مع الأسف - بهذا الصنيع وحده، بل وافقه في ذلك آخرون على تفاوت بينهم في البتر والحذف، كالأميني في ما يسمى بـ"موسوعة الغدير " 6 / 349 وكذلك مؤلف كتاب أسماه "الحقائق في تاريخ الإسلام ص 104 " وقد حذف الأخير كل ما يتعلق بفضل أبي بكر رضي الله عنه في هذه الرواية.

ص: 14

لها على غيرها فهي حجة عليه فيما تقدم بيانه، ومنه كون الآية الأربعين من سورة براءة هي قوله تعالى (إلا تنصروه فقد نصره الله، إذا أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) .

ولا يظهر لأمره صلى الله عليه وسلم بتبليغها للناس فيم يبلغه من نبذ عهود المشركين وهي ليست من موضوعها إلا بيان فضل أبي بكر ومكانه الخاص من الرسول صلى الله عليه وسلم وحكمة جعله نائباً عنه صلى الله عليه وسلم في إقامة ركن الإسلام الاجتماعي العام، وجعل عَلِيّ نفسه - على قربه وعلو مكانته- تحت إمارته حتى في تبليغه هذه الرسالة الخاصة عنه صلى الله عليه وسلم فقد تقدم في الروايات الصحيحة أن أبا بكر كان يأمره بذلك.

ولهذا أسقط الرافضي بقية الرواية على كونه ينكر على الصديق الأكبر مزية اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم إياه بأمر الله على موافقته له وحده في أهم حادثة من تاريخ حياته، وهي الهجرة الشريفة، التي كانت مبدأ ظهور الإسلام، وانتشار نوره في جميع العالم. ولو كانت هذه الصحبة أمراً عادياً أو صغيرة لما ذكرت

ص: 15

في القرآن المجيد مقرونة بتسمية الصديق صاحباً لسيد البشر وإثبات معية الله تعالى لها معاً، وفرق بين وصف الله تعالى لشخص معين بهذه الصحبة وبين تعبيره صلى الله عليه وسلم عن أتباعه بالأصحاب، وتواضعاً منه صلى الله عليه وسلم.

ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم للصديق: ((وصاحبي على الحوض)) يدل على ما سيكون له معه من الخصوصية والامتياز على جميع المؤمنين في يوم القيامة، ولو كان شأنه فيه كشأن غيره ممن يرد الحوض لما كان لهذا التخصيص في هذا المقام مزية، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزه عن العبث.

(خامساً) : أن قوله صلى الله عليه وسلم ((أو رجل مني)) في رواية السدي قد فسرتها الروايات الأخرى عند الطبري وغيره بقوله صلى الله عليه وسلم: ((أو رجل من أهل بيتي)) وهذا النص الصريح يبطل تأويل كلمة ((مني)) بأن معناها أن نفس على كنفس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه مثله، وأنه أفضل من كل أصحابه.

(سادساً) : إن ما عزاه إلى بعض النواصب هو المعروف عن جميع العلماء من أهل السنة الذين تكلموا في المسألة

ص: 16

ولكن لم يقل أحد منهم بأن علياً كرم الله وجهه لا مزيد له في هذا الأمر، ولا أن سبب نوطه به القرابة دون الفضيلة، وأنه تبليغ لا فخر فيه ولا فضل، بل هذا كله مما اعتاد الروافض افتراءه على أن السنة عند نبزهم بلقب النواصب، فإن كان يوجد في النواصب من ينكر مزية على في هذه المسألة ففي الروافض من ينكر ما هو أظهر منها من مزية أبي بكر في نيابته عن الرسول صلى الله عليه وسلم في إمارة الحج وإقامة ركنه وتعليم المناسك وتبليغ الدين للمشركين، ومنعهم من الحج بعد ذلك العام تمهيداً لحجة الوداع، إذ كان يكره صلى الله عليه وسلم أن يحج معهم ويراهم في بيت الله عراة نساؤهم ورجالهم يشركون بالله في بيته، وما يتضمن هذه الإمارة مما تقدم بيانه.

وأهل السنة وسط يعترفون بمزية كل منهما رضي الله عنهما وعن سائر آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وعن المتبعين لهم في إتباع الحق والاعتراف به لأهله، ومحبة كل منهما بغير غلو ولا تقصير؛ وقاتل الله الروافض والنواصب الذين يطرون بعضاً وينكرون فضل الآخر ويعدون محبته منافسة لمحبته.

***

ص: 17

الفصل الثاني:

افتراء الروافض في غزوة حنين

(والطعن في جميع الصحابة وحفاظ السنة)

هذا فصل جعلناه ذيلا مكملا لتفسير قوله تعالى {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة. . .} الخ. ملخص غزوت حنين: أن جيش المسلمين كان ثلاثة أضعاف جيش المشركين، ولكن كان فيه ألفان من الطلقاء أهل مكة: منهم: المنافق المصر على شركه، الذي يتربص بالمؤمنين الدوائر ليثأر منهم، والذي يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم نفسه. (1)

منهم: ضعفاء الإيمان، والشبان الذين جاءوا للغنيمة لا لإعزاز الحق بالجهاد.

وأنه لما وقع عليهم رشق النبال كرجل الجراد (2) فر هؤلاء وأدبروا فذعر الجيش وفر غيرهم اضطراباً كما هي العادة في مثل هذه الحال لا جنباً، وكانت حكمة الله في ذلك تربية المؤمنين

(1) أخرج أحمد 4/363 والطبراني في الكبير 2438، والحاكم 4/80 عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((الطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة، والمهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة)) .

وفي هذا الحديث ذكر الصحابة كلهم: المهاجرين والأنصار والطلقاء والعتقاء، وأنه عليه الصلاة والسلام أثبت لهم الولاية بعضهم مع البعض الآخر في الدنيا والآخرة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((والآخرة)) تفيد صحة إسلامهم وإيمانهم؛ لكونه لم يثبت لهم الولاية في الدنيا فقط بل والآخرة، والمؤلف الشيخ رحمه الله وعفا عنه لما اتهم فريقاً من الطلقاء بالنفاق وشكك في إسلامهم إنما أورد احتمالات، فليته ذكر برهاناً أو بينة على نفاق من أشار إليهم، ومجرد هروبهم لا يستلزم نفاقهم قطعاً.

(2)

رشق النبال هو رمي الجماعة لها دفعة واحدة. ورجل الجراد- بكسر الراء- الجماعة الكثيرة منه. (ر)

ص: 18

كما تقدم شرحه (1) ، وثَبَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كعادته، وثبت معه من كان قريباً منه من أهل بيته وغيرهم من كبار المهاجرين الذين لم يكونوا يفارقونه، كأبي بكر وعمر وابن مسعود رضي الله عنهم. (2)

وقد صرح ابن مسعود بأن الذين ثبتوا معه صلى الله عليه وسلم كانوا ثمانين رجلاً كما تقدم، ومن عدهم أقل من ذلك فإنما عد من رآه بالقرب منه، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.

وليس معنى هذا: أن سائر الجيش قد انهزم جبناً وترك الرسول وهو يعرف مكانه عمداً، بل وَلَّى الجمهور مدبرين بالتبع للطلقاء (3) والأحداث (4)

الذين فروا من رشق السهام، وأكثر هذه الألوف لا يعرف مكانه عليه الصلاة والسلام، كما عرف هؤلاء الذين كانوا حوله صلى الله عليه وسلم ولما علم سائر المسلمين ولا سيما الأنصار بمكانه صلى الله عليه وسلم من نداء العباس رضي الله عنه أسرعوا في العطف والرجوع. هذا ما رواه المحدثون والمؤرخون.

(1) ملخصه: أنه اعتراهم زهو وغرور بقوتهم حتى قال بعضهم: لا نغلب اليوم من قلة، فرباهم الله تعالى بإبتلائهم بهذه الهزيمة بسببها المذكور ليزدادوا إيمانا بفضل الله عليهم ونصره لهم. (ر)

(2)

كما ثبت فيما أخرجه الإمام أحمد في المسند (1 / 453 ط: الميمنية) ، والبزار (كشف الأستار 2/382) . والطبراني في المعجم الكبير (10/209) ، والحاكم في المستدرك (2/117) ، والبيهقي في دلائل النبوة (3/44- 45) .

وثبت أيضاً بإسناد حسن أخرجه الإمام أحمد في المسند (3 / 376 ط: الميمنية) والطبري في تاريخه والبيهقي في دلائل النبوة، من حديث عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال:((وفيمن ثبت معه صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر)) .

(3)

وهذا هو ما صرح به أنس بن مالك رضي الله عنه في حديثه عند مسلم (1809) وغيره ن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا، فكان معها، فرآها أبو طلحة فقال: يا رسول الله! هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما هذه الخنجر؟)) قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، قالت: يا رسول الله! اقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أم سليم إن الله قد كفى وأحسن)) .

(4)

كما جاء عند البخاري (4315) وغيره عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ((أما أنا فأشهد على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يول ولكن عجل سرعان القوم فرشقتهم هوازن)) ، و ((سَرَعان القوم)) بفتح السين والراء، ويجوز تسكين الراء: أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة. (ابن الأثير: النهاية 2/361) .

وورد في لفظ عند البخاري أيضاً (2930) قال البراء رضي الله عنه: (("والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس بسلاح فأتوا قوما رماة جمع هوازن وبني نصر ما يكاد يسقط لهم سهم فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون)) .

فهذا الحديث يدل على أن من أسباب التي أدت إلى تلك الأحداث في حنين أن سرعان القوم وأخفاءهم عجلوا في مبارزة العدو قبل استكمال عدة الحرب فلم يستطيعوا الثبات أمام هجمة هوازن عليهم ففروا وفر الناس بعدهم.

ص: 19

وأما الروافض فأنهم يطعنون كعادتهم في جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويزعمون أنهم فروا كلهم جبناً وعصياناً لله وإسلاما لرسوله إلى الهلكة، واستحقوا غضبه تعالى ووعيده الذي تقدم في سورة الأنفال، إلا نفرا قليلا لا يتجاوزون العشرة يزعمون أنهم ثبتوا بالتبع لثبات علي كرم الله وجهه، وأنه هو الذي ثبت وحده بنفسه، وأنه لولاه لقتل النبي صلى الله عليه وسلم وزال الإسلام من الأرض!!

ذكرنا في آخر تفسير الآيات الأربع الأولى من هذه السورة كتاباً لبعض علماء الشيعة المعاصرين كبر فيه مسألة تلاوة علي أوائل هذه السورة على المشركين سنة تسع، وصغر إمارة أبي بكر على الحج وفندنا شبهه في ذلك.

وقد كَبَّرَ صاحب هذا الكتاب ثباتَ علي رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في حنين أضعاف ذلك التكبير، وحقر سائر الصحابة أقبح التحقير، وزعم أن عمر بن الخطاب قد فر في ذلك اليوم مع الفارين وهم بزعمه جميع المسلمين، وإلا علياً وثلاثة رجال - وقيل: تسعة - ثبتوا بثباته.

ص: 20

أما زعمه أن عمر قد فَرَّ - وهو ما لم يقله أحد من المحدثين ولا أصحاب السير - فقد تأول به رواية لأبي قتادة عند البخاري ذكر فيها هزيمة المسلمين وأنه انهزم معهم، وأنه قال: فإذا عمر بن الخطاب في الناس، فقلت: ما شأن الناس؟ قال أمر الله. ثم تراجع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ

فوجب أن نبين ما في كلامه من الجهل والافتراء لأنه جعله تفسيراً لهذه الآية لئلا يضل بعض المطلعين على كتابه في فهمها.

قال: ((روى البخاري في صحيحه بإسناده عن أبي قتادة. . .)) الخ.

والمتبادر من قوله: ((روي بإسناده)) أنه رواه مسنداً موصولاً، والصواب أن هذه الرواية فيه معلقة بدأها البخاري بقوله:((وقال الليث حدثني يحيى بن سعيد. . .)) إلخ.

قال الحافظ ابن حجر في شرحه من الفتح [8 / 41] : ((وروايته هذه - يعني يحيى بن سعيد - وصلها المصنف في الأحكام عن قتيبة عنه لكن باختصار)) . اهـ

ويريد بهذا الاختصار ذكر الحديث المرفوع منها وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أقام بينة على قتيل قلته فله سلبه)) وليس فيها ذكر عمر رضي الله عنه؛ ولذلك لم يذكرها

ص: 21

الرافضي؛ لأن غرضه محصور في قول أبي قتادة: ((فإذا عمر بن الخطاب في الناس)) ؛ ليفسره بأنه في الناس الفارين؛ فإن العبارة محتملة لو لم يثبت أن عمر كان فيمن ثبتوا، ولذلك فسره القسطلاني بأنه كان في الناس الذين لم ينهزموا (1) ، ومتى كان عمر جباناً يفر من القتال؟! (2)

وهو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله بأن يعز به الإسلام (3)، وفي بعض الروايات:((يشد به الدين)) (4) فاستجاب الله دعاءه حتى قال عبد الله بن مسعود: ((ما عُبد الله جهرة حتى أسلم عمر)) . (5)

وقد طعن الرافضي في جميع الصحابة، ولا سيما أصحاب بيعة الرضوان، الذين أثنى الله تعالى عليهم في القرآن وأقسم أنه رضي عنهم وجعل ذلك مما يتعبد به المسلمون إلى آخر الزمان، إذ قال عز وجل {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة، فعلم ما في قلوبهم فأنزل الله السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً} ثم قال فيهم {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي

(1) أقول: رضي الله عنك يا أبا حفص! جاء عند البزار (كشف الأستار 2/346) وحسنه الحافظ ابن حجر أثر فيه أنه لما انهزم الناس كان عمر رضي الله عنه مقبلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم مصاباً - وكذلك أبو بكر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ببضعة عشر ضربة، فيقول أنس رضي الله عنه:((. . . ثم إذا شخص قد أقبل فقال: إليك من أنت؟ فقال: أنا عمر بن الخطاب فداك أبي وأمي، وبه بضعة عشر ضربة. . .)) إلى أن قال: ((ثم أقبل الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا رجل صَيّت ينطلق فينادي في القوم)) ، فانطلق رجل فصاح، فما هو إلا أن وقع صوته في أسماعهم، فأقبلوا راجعين فحمل النبي صلى الله عليه وسلم وحمل المسلمون معه)) . وانظر: فتح الباري (8/42) .

(2)

من الجدير بالذكر هنا هو أن اتهام مكفري الصحابة لعمر رضي الله عنه بالجبن ونحوه يوقعهم في تناقض مع أنفسهم؛ حيث يدَّعون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان جباناً فلم يقتل أحداً في بدر أو أحد أو الخندق أو حنين - التي فر فيها كما يزعمون هنا - أو أي غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

لكن في المقابل تبلغ بعمر الشجاعة والقوة أن يحرق بيت الشجاع وهو علي بن أبي طالب رضي الله! ويضرب - كما يعتقد أولئك القوم - زوجته فاطمة رضي الله عنها فيكسر ضلعها ويقتل جنينها! فماذا فعل علي بعد ذلك لعمر؟ لا شيء سوى الصمت!

بل نجد أن علياً رضي الله عنه هو الذي يخاف على نفسه من ذلك الجبان، فيُغْصَبُ فرج ابنته أم كلثوم رغماً عنه حتى استفاض في أخبارهم قول جعفر الصادق كما في فروع الكافي (2/10) :((ذلك فرج غصبناه)) والعياذ بالله، وغيرها من الحوادث التي تتناقض مع مرويات كثيرة في وصف شجاعة علي رضي الله عنه وقدراته الهائلة وبطولته وأن الإسلام لم يقم إلا بسيفه..!

(3)

أخرجه الإمام أحمد في المسند (2 / 95 ط: الميمنية) ، والترمذي (3681)، وانظر: السلسلة الصحيحة (3225)

(4)

أخرجه ابن عساكر في تاريخه (44 / 25 - 26) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة () وابن سعد في الطبقات (3 / 267) عن سعيد بن المسيب وحسَّن الحافظ إسناده في الإصابة (ج 4 ص 280 ط: الشرفية) .

(5)

ذكره بهذا اللفظ الحافظ ابن حجر في الإصابة (ج 4 ص 279)، وقد أخرجه البخاري (3684) بلفظ:((ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر)) .

ص: 22