الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة المؤلف
الشيخ العالم الكبير، العلامة المجاهد في سبيل اللَّه، إسماعيل بن عبد الغني بن ولي اللَّه بن عبد الرحيم العمري الدهلوي، أحد أفراد الدنيا في الذكاء، والفطنة، والشهامة، وقوة النفس، والصلابة في الدين.
ولد بدهلى لاثنتي عشرة من ربيع الثاني سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف، وتوفي والده في صباه، فتربى في مهد عمه الشيخ عبد القادر بن ولي اللَّه الدهلوي، وقرأ عليه الكتب الدرسيّة، واستفاد من عمّيه الشيخ رفيع الدين، والشيخ عبد العزيز أيضًا، ولازمهما مدة طويلة، وصار بحرًا زاخرا في المعقول والمنقول، ثم لازم السيد الإمام أحمد بن عرفان، وسافر معه إلى الحرمين
الشريفين سنة سبع وثلاثين ومائتين وألف، فحج وزار، ورجع معه إلى الهند، وساح البلاد والقرى بأمره سنتين، فانتفع به خلق لا يحصون بحد وعد، ثم سافر معه إلى الحدود سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف، فجاهد معه في سبيل اللَّه، وكان كالوزير للْإمام، يجهز الجيوش، ويقتحم المعارك العظيمة بنفسه حتى استشهد في " بالاكوت " من أرض " ياغستان ".
وكان نادرة من نوادر الزمان، وبديعة من بدائعه الحسان، مقبلًا على اللَّه بقلبه وقالبه، مشتغلا بالإِفادة، والعبادة، مع تواضع وحسن أخلاق، وكرم وعفاف، وشهامة نفس وصلابة دين، وحسن محاضرة، وقوة عارضة، وفصاحة ورجاحة، فإذا جالسه منحرف الأخلاق أو من له في المسائل الدينية بعض شقاق، جاء من سحر بيانه بما يؤلف بين الماء والنار، ويجمع بين الضب والنون، فلا يكاد يفارقه إلا وهو عنه راض.
قال الشيخ محسن بن يحيى الترهتي في " اليانع
الجني ": إنه كان أشدهم في دين اللَّه، وأحفظهم للسنة، يغضب لها، ويندب إليها، ويشنع على البدع وأهلها.
وقال صديق بن الحسن القنوجي في " الحطة بذكر الصحاح الستة " في ذكر الشيخ ولي اللَّه بن عبد الرحيم الدهلوي: " إن ابن ابنه المولوي محمد إسماعيل الشهيد، اقتفى أثر جده في قوله وفعله جميعًا، وتمم ما ابتدأه جده، وأدى ما كان عليه، وبقي ما كان له، والله تعالى مجازيه على صوالح الأعمال، وقواطع الأقوال، وصحاح الأحوال، ولم يكن ليخترع طريقًا جديدًا في الإسلام، كما يزعم الجهال، وقد قال اللَّه تعالى:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} وهو رحمه اللَّه تعالى أحيا كثيرًا من السنن المماتات، وأمات عظيمًا من الأشراك، والمحدثات، حتى نال درجة الشهادة العليا، وفاز من بين أقرانه بالقدح المعلى، وبلغ منتهى أمله، وأقصى أجله.
مصنفاته:
وأما مصنفاته فهي عديدة، أحسنها كتابه " الصراط المستقيم " بالفارسي، جمع فيه ما صح عن شيخه السيد الْإمام قولًا وفعلًا، وفيه بابان من إنشاء صاحبه الشيخ عبد الحي بن هبة اللَّه الصديق البرهانوي،
ومنها " إيضاح الحق الصريح في أحكام الميت والضريح " في بيان حقيقة السنة والبدعة، ومنها " منصب إمامة " في تحقيق منصب النبوة والإِمامة، وهو مما لم يسبق إليه، ومنها رسالة له في " مبحث إمكان النظير وامتناع النظير " كلها بالفارسية، ومنها مختصر له بالعربية في أصول الفقه، ومنها رسالة له بالعربية في " رد الإشراك والبدع " رتّبها على بابين، ومنها " تنوير العينين في إثبات رفع اليدين " بالعربية، ومنها " سلك نور " مزدوجة له بالهندية، ومنها " تقوية الْإيمان " كتاب مشهور له بالهندية، وهو ترجمة الباب الأول من رسالة في " رد الإشراك "[ومنها كتاب " عبقات " في الفلسفة والحكمة، تجلى فيها ذكاؤه، واقتداره على هذا العلم](1) .
وقال أحمد بن محمد المتقي الدهلوي (2) في " آثار الصناديد ": (إن له رسالة في المنطق، ادعى فيها أن الشكل الرابع من أجلى البديهيات، والشكل الأول خلافه، وأقام على ذلك الادعاء من البراهين ما لم يندفع، ولم يجترئ على دفعها أحد من معاصريه " (3) .
(1) من زيادة مترجم هذا الكتاب.
(2)
هو السيد أحمد خان مؤسس الجامعة الإسلامية بعلي كره الهند.
(3)
ملتقطًا من (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر) الجزء السابع للعلامة السيد عبد الحي الحسني اليربلوي رحمه اللَّه تعالى.
والشيخ إسماعيل قتل في سبيل اللَّه لستِّ ليالٍ بقين من ذي القعدة سنة ست وأربعين ومائتين وألف بمعركة " بالاكوت ".