الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد دل هذا الحديث على أن اللَّه تعالى لا يقبل عملا أشرك فيه معه غيره، فلا يقبل عبادة المشرك بل يتبرأ منها، وليس شأنه شأن الذين يأخذون نصيبهم من الشيء المشترك بينهم وبين غيرهم، فإنه أغنى من كل غني، وأغير من كل غيور، فلا يقبل إلا خالصا مخلصا، ليس لأحد فيه سهم أو نصيب.
عهد سبق في عالم الأرواح:
أخرج أحمد عن أبي بن كعب رضي الله عنه في تفسير قول اللَّه عز وجل.
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172] ، قال جمعهم فجعلهم أزواجا، صورهم، فاستنطقهم، فتكلموا، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق، " وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا بلى قال فإني أشهد عليكم السماوات السبع، والأرضين السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم {شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} لم نعلم بهذا، اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري، ولا تشركوا بي شيئا، إني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي، قالوا: شهدنا بأنك ربنا وإلهنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك.
وقد فسر أبي بن كعب رضي الله عنه الآية تفسيرا واضحا، وذكر أن اللَّه سبحانه وتعالى قد صنف أولاد آدم أصنافا، فكانت طائفة من الأنبياء، وطائفة من الأولياء، وطائفة من الشهداء، وطائفة من الصلحاء، وطائفة من المطيعين، وطائفة من العصاة والفاسقين، وطائفة من الكفار كاليهود والنصارى، والمجوس والمشركين، وأبرز هذه الطوائف في الصور والأجسام التي أراد خلقها، منها الوسيم ومنها الدميم، ومنها الأصم، ومنها الأعور، ومنها الأعمى، ثم وهبها النطق، ثم قال لها: ألست بربكم؟ فأقرت جميعا، وقالت: بلى! أنت ربنا، ثم أخذ منها العهد والميثاق، أن لا تشرك في ملكه وحكمه أحدا، وأن لا تتخذ غيره ربا وإلها، فقبلته جميعا وأعطت العهد والميثاق، وأشهد اللَّه على ذلك السماوات والأرض وأباهم آدم، وقال: سيبعث الأنبياء ليذكروا بهذا العهد والميثاق، وسيحملون الكتب السماوية، وأقرت كل طائفة على حدة بالتوحيد، وتبرأت من الشرك، فظهر من ذلك أنه لا مسوغ للاحتجاج بكلام عالم أو شيخ، أو كلام آباء وأجداد، أو ملوك وسلاطين.
وإن قال قائل: لقد نسينا في هذه الحياة كل ما جرى في عالم الأرواح، فلا معول على شيء منسي، ولا يصح الاحتجاج به، وهذا