الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحث على إظهار شعار التوحيد في الأسماء والتحذير من الكلام الموهم:
أخرج مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إن أحب أسمائكم عبد اللَّه وعبد الرحمن» .
ويدل هذا الحديث على أن أحب الأسماء إلى اللَّه ما دلت دلالة واضحة على عبودية العبد وذله، وعجزه أمام اللَّه، وما كانت شعارا وعلما للتوحيد، ومنها الأسماء التي ذكرت في هذا الحديث كنموذج، ويدخل فيها أسماء أخرى كعبد القدوس، وعبد الجليل، وعبد الخالق، وهبة اللَّه، وعطاء اللَّه، وجاد المولى وغيره (1) .
أخرج أبو داود والنسائي عن شريح بن هانئ عن أبيه، «أنه لما وفد إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم فدعاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: " إن اللَّه هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم» .
وقد دل هذا الحديث على أن الكلمة التي لا تليق إلا بالله تعالى، والصفة التي هي خاصة به، لا يجوز أن يوصف بها غيره كـ " ملك الملوك " و " ملك العالم " و " يفعل ما يشاء " و " أحكم الحاكمين "
(1) ذكر المؤلف هنا أسماء هندية ترجمتها بالعربية كما ذكرنا، والمقصود منها الأسماء التي أضيفت إلى اللَّه خصوصا الأسماء الحسنى التي لا تطلق على غير اللَّه.
و " الحكيم المطلق " و " أغنى الأغنياء "(1)
ويؤيده ما أخرج في شرح السنة عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقولوا ما شاء اللَّه، وشاء محمد، وقولوا ما شاء اللَّه ثم شاء محمد» .
فقد جاء فيه تحريم إشراك مخلوق في فعل يختص بالله تعالى، ووصفه بصفة لا تليق إلا بالله تعالى، مهما بلغ هذا المخلوق من جلالة الشأن وقرب المكان، لأن اللَّه وحده هو يملك هذا العالم ويتصرف فيه بما شاء، لا يشاركه في ذلك الرسول، لأن اللَّه وحده يعلم الغيب، أما إذا سئل أحد عن شيء في الدين، فلا بأس أن يقول: اللَّه ورسوله أعلم، أو
(1) وقد روى التاريخ من مبالغة الشعراء والندماء، وأهل الملق والنفاق في تلقيب ملوك عصرهم وأمرائه بألقاب وإطرائهم لهم، ما يحرمه الشرع، ويمجه الذوق السليم، وقد لقب هؤلاء الملوك أنفسهم في بعض الأحيان بألقاب تدل على قلة علمهم وجراءتهم على اللَّه، وغرورهم بالملك الزائل، والسلطان الراحل. وما أضفى الغلاة من المحبين والمعتقدين على مشايخهم، وعلى الأولياء والصالحين من ألقاب ونعوت، أدهى وأمر. ولم يزل العلماء الغيارى على الدين، وأعلام هذه الأمة ينكرون على هؤلاء المبالغين المتملقين، ومما يستطرف في هذا الباب، ما نقله المؤرخون عن سلطان العلماء شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام، أنه لما توفي الخليفة ببغداد أيام الملك الصالح، عمل الملك له عزاء، جمع فيه الأكابر والأعيان، والقراء والشعراء، فأنشد بعض الشعراء في مرثيته: مات من كان بعض أجناده المو ت ومن كان يختشيه القضاء فأنكر عليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه اللَّه تعالى، وأمر بتأديبه وحبسه، وأقام بعد التعزير في الحبس زمانا طويلا، ثم استتابه بعد شفاعة الأمراء والرؤساء فيه، وأمره أن ينظم قصيدة يثني فيها على اللَّه تعالى كفارة لما تضمنه شعره من التعرض للقضاء. (الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ ص 125) .