الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموحد المذنب حري بأن يتوب، وتدركه رحمة اللَّه ولطفه بخلاف المشرك العابد:
وأخرج الترمذي عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «قال اللَّه تعالى: يا ابن آدم إنك لو لقيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» .
وقد دل هذا الحديث على أن الإنسان مهما أتى به من ذنوب، واقترف من آثام، وإن كانت تعدل ذنوب أكبر العصاة والمجرمين كفرعون وهامان، ولكنه سلم عن الإشراك بدَّل اللَّه سيئاته حسنات، وآتاه بقراب هذه الذنوب مغفرة، فظهر أن الذنوب تتضاءل أمام عقيدة التوحيد، وأن بركتها تغشى المذنب فتمحو خطاياه، كما أن للشرك شؤما وظلمة تطغى على جميع الحسنات، وتحبط جميع العبادات، فإنه إذا وقر في قلب المؤمن، واستقر أنه لا إله إلا هو، لا رب سواه، ولا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، وأنه لا معقب لأمره، ولا راد لقضائه، وليس له وكيل ولا شفيع إلا بإذنه، فقد تطهر من أوضاع الشرك، فما صدر عنه من ذنب، فهو من مقتضى البشرية، ونتيجة النسيان، والسهو، ويستولي على قلبه الخوف من هذه الذنوب، وينال منه كل منال، ومن الطبيعي أن يعاف هذه الذنوب ويستوحش منها، حتى تضيق
عليه الأرض بما رحبت، وتضيق عليه نفسه، فلا تصفو له الحياة، ولا يطيب له طعام وشراب، وكل من كان هذا شأنه أظلته رحمة اللَّه ولطفه، وكلما أكثر من الذنوب اشتدت به الكآبة وأحاطت به الوحشة، فمن رسخت، قدمه في التوحيد عملت ذنوبه ما لا تعمل عبادة غيره، فكان
الفاسق الموحد خيرا من المتقي المشرك ألف مرة، كما أن الوفي المقصر من الرعية كان خيرا من الثائر المتملق، لأن الأول نادم على تقصيره، والثاني معجب بخديعته ونفاقه، مدل بنفسه، يحسب أنه يحسن صنعا.