الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبذلك تعرف شناعة عمل التصوير، فإن فاعله قد قرن في هذا الحديث بقاتل نبي.
أخرج الشيخان عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «قال اللَّه تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة أو شعيرة» .
تأذي النبي صلى الله عليه وسلم بالغلو في شخصه، والزيادة على ما وصفه اللَّه به:
وأخرج رزين عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «أنا محمد عبد اللَّه ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني اللَّه عز وجل» رواه النسائي.
ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسره أن يبالغ فيه الناس ويطروه شأن الأمراء والملوك الذين يحبون المبالغة والملق، فإنهم لا شأن لهم بدين هؤلاء الندماء والشعراء، واعتقادهم، فلا عليهم إذا فسدت عقيدتهم، أو باءوا بالإثم، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان مربيا عطوفا على أمته:{عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] ، وكانت عنايته
مصروفة إلى إصلاح عقيدتهم وتقويم دينهم.
وقد جرت العادة أن المحبين يبالغون في مدح من يحبونهم، ويسرفون في ذلك لينالوا رضاهم، ويدخلوا السرور عليهم، وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته من أشد الأمم حبا لنبيها، وامتنانا له، ومعرفة لفضله، وقد خاف أن تبالغ أمته في مدحه بدافع هذا الحب فتتخطى الحدود وتسيء الأدب مع اللَّه أحيانا، فيتلف بذلك دينها وتهلك، وتعادي النبي وتؤذيه، لذلك صرح بأنه لا يرضى بالمبالغة والغلو، وأن اسمه ما سماه به أهله، وناداه به ربه، ليس له من أسماء اللَّه شيء، وأنه ولد كما يولد سائر الناس من أب وأم، وحسبه فخرا أن يكون عبدا لله، ولكنه يمتاز عن سائر عباد اللَّه بالرسالة، والناس عنها في جهل وغفلة، لا سبيل لهم إليها إلا عن طريقه، فليرجعوا إليه ويلوذوا به في تعلم دين اللَّه، وفي معرفة أحكامه وشرائعه.
اللهم فَصَلِّ وسلم ألف صلاة وألف تسليم على هذا النبي الرحيم الكريم، واجزه عنا على جهاده في تعليم الدين، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، أفضل ما تجزي نبيا عن أمته، وكافئه على ذلك أحسن مكافأة، فأنت تقدر على ذلك، ولا نقدر، وتعلم ما لا يبلغه علمنا، ولا يستوفيه شكرنا.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللَّه لقد جاءت رسل ربنا بالحق.