المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهمية كتاب (تاريخ بغداد) باعتباره مصدرا من مصادر الحديث الشريف - زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة - جـ ١

[خلدون الأحدب]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في تعريف علم الزوائد، وثمرته، والمصنفات فيه، والقواعد التي يقوم عليها

- ‌تعريف علم الزوائد

- ‌شرح التعريف:

- ‌النقطة الأولى:

- ‌أولًا - كتب العقائد:

- ‌ثانيًا - كتب التفسير والدراسات القرآنية:

- ‌ثالثًا - كتب الفقه:

- ‌رابعًا - كتب السيرة النبوية والمغازي، والدلائل، والشمائل، ومعرفة الصحابة، وفضائلهم:

- ‌خامسًا - كتب الأخلاق، والزهد والرقائق، والأذكار، والترغيب والترهيب، والفِتَن والمَلاحِم:

- ‌سادسًا - كتب تواريخ الرجال والبُلْدَان:

- ‌النقطة الثانية:

- ‌ثانيًا - القول في التعريف: "على أحاديث كتب الأصول الستة أو بعضها

- ‌ثالثًا - القول في التعريف: "من حديث بتمامه لا يوجد في الكتب المزيد عليها، أو هو فيها عن صحابي آخر، أو من حديث شارك فيه أصحاب الكتب المزيد عليها أو بعضهم، وفيه زيادة مؤثِّرة عنده

- ‌علم الزوائد: غايته وثمرته

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌الوجه الثالث:

- ‌الوجه الرابع:

- ‌مراتب الأحاديث الزوائد روايةً واستدلالًا

- ‌المصنفات في فنِّ الزوائد

- ‌القواعد التي ارتُسِمَت في إفراد زوائد (تاريخ بغداد) على الكتب الستة

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌القاعدة الرابعة:

- ‌القاعدة الخامسة:

- ‌القاعدة السادسة:

- ‌القاعدة السابعة:

- ‌القاعدة الثامنة:

- ‌الباب الثاني أهمية كتاب (تاريخ بغداد) باعتباره مصدرًا من مصادر الحديث الشريف، وترجمة موجزة للحافظ الخطيب البغدادي

- ‌أهمية كتاب (تاريخ بغداد) باعتباره مصدرًا من مصادر الحديث الشريف

- ‌الأول:

- ‌ الثاني

- ‌ترجمة الإِمام الحافظ الخطيب البغدادي رحمه اللَّه تعالى

- ‌اسمه وكنيته ومولده:

- ‌نشأته:

- ‌رحلته في طلب العلم:

- ‌عودته إلى بغداد واستقراره فيها:

- ‌رحلته إلى الشَّام والحجِّ:

- ‌عودته إلى بغداد ووفاته فيها:

- ‌ثقافة الحافظ الخطيب وعلومه:

- ‌عقيدته ومذهبه:

- ‌صفاته ومناقبه:

- ‌أمَّا عِفَّته:

- ‌وأمّا حِفْظُهُ لوقته:

- ‌كما كان رحمه الله ورعًا متحفظًا متواضعًا:

- ‌شيوخه وتلامذته

- ‌ومن أشهر شيوخه:

- ‌ومن أبرز تلامذته:

- ‌توثيقه ومكانته وثناء الأئمة عليه:

- ‌ومن أقوال الأئمة فيه:

- ‌مصنفاته:

الفصل: ‌أهمية كتاب (تاريخ بغداد) باعتباره مصدرا من مصادر الحديث الشريف

‌أهمية كتاب (تاريخ بغداد) باعتباره مصدرًا من مصادر الحديث الشريف

من المعلوم أَنَّ كتاب (تاريخ بغداد) موضوعه: علم الرجال. وهذا العلم هو أحد فروع علم التاريخ

(1)

.

فهذا الكتاب هو من كتب (تواريخ الرجال المَحَلِّيَّة) تحديدًا، كـ "تاريخ أَصْبَهَان" لأبي نُعَيْم الأصبهاني أحمد بن عبد اللَّه (ت 430 هـ)، و"تاريخ نَيْسَابور" لأبي عبد اللَّه الحاكم النَّيْسَابُوريّ محمد بن عبد اللَّه (ت 405 هـ)، و"تاريخ واسِطه لبَخشَل أَسْلَم بن سهل (ت 292 هـ)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر عليّ بن الحسن (ت 571 هـ)، و"تاريخ مَرُو" لأبي صالح أحمد بن عبد الملك النَّيْسَابُوريّ المؤذِّن (ت 470 هـ)، وغيرها كثير جدًّا

(2)

.

وأهمية (تاريخ بغداد) متعددة المظاهر والجوانب، وقد أتى عليها وجلّاها: الدكتور يوسف العِش رحمه الله في كتابه "الخطيب البغدادي مؤرِّخ بغداد ومحدِّثها"، ومن بعده بصورة أكثر تفصيلًا وشمولًا، الدكتور أكرم ضياء العُمَري في كتابه "موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد".

(1)

انظر: "علم التاريخ عند المسلمين" للمستشرق فرانز روزنثال، ترجمة الدكتور صالح العلي ص 26 - 28 و 206 وما بعد، و"الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ أهل التوريخ" للإمام السَّخَاوي ص 385.

(2)

انظرها إن شئت في كتاب "الإعلان بالتوبيخ" السابق ص 613 - 657.

ص: 81

"ولكن لا شك أنَّ الأهمية العظمى لـ (تاريخ بغداد) هي في نطاق الحديث، حيث اختص رجال الحديث بخمسة آلاف ترجمة من مجموع تراجمه وهي (7831) ترجمة. وبذلك يظهر أنَّه وُضع لخدمة علم الحديث بالذات، فهو يُعْنَى بالتعريف برجال الحديث وبيان حالهم من الجرح والتعديل، وهو وإن اعتمد على أقوال النُّقَّاد القُدامى خاصة في تراجم غير المعاصرين له، لكن طريقته في انتخاب الأقوال وعرضها تمكِّن القارئ من الحكم على صاحب الترجمة.

ولا يقتصر دوره على ذلك، فقد اهتم بالترجيح بين الأقوال المتعارضة ومناقشة بعضها ورفضه لها، كما أبدى رأيه في بعض العلماء خاصةً من طبقة شيوخه وأقرانه"

(1)

.

أمّا في جانب رواية الحديث، فإنَّه يكفي لمعرفة مدى أهمية (تاريخ بغداد) باعتباره مصدرًا من مصادر الحديث الشريف، أن نعلم أنَّه اشتمل على (أربعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وثمانين) حديثًا على ما أحصيته، ساقها الحافظ الخطيب رحمه الله كلّها بأسانيده. وهو عدد يزيد على عدد أحاديث بعض الأصول الستة كـ "سنن التِّرْمِذِيّ"

(2)

و"سنن ابن ماجه"

(3)

.

هذا من جانب مبلغ اتساع نطاق روايته فيه. أمّا من جانب قيمة هذه الروايات الكثيرة ومنزلتها من حيث القبول والردّ؛ فإنَّه لابد من التقديم بين يدي ذلك بملاحظة لها عظيم أهمية في تجلية ما نحن بصدده، وتكون مَدْخَلًا له.

وهي: أنَّه في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، قد انقطعت رواية الحديث بالسند تخريجًا من المحدِّث إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم مباشرةً، من دون واسطة كُتُبٍ أو نُسَخٍ أو أجزاء يرويها هذا المحدِّث.

(1)

"موارد الخطيب البغدادي" ص 89.

(2)

فآخر ارقام أحاديثه على ما في طبعة مصطفى البابي الحلبي هو (3956).

(3)

وآخر أرقام أحاديثه على ما في طبعة الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله هو (4341).

ص: 82

فنجد مثلًا الحافظ البيهقي (ت 458 هـ)، والحافظ ابن عبد البَرّ الأندلسي (ت 463 هـ)، والحافظ الخطيب البغدادي (ت 463 هـ)، يروون أحاديث بأسانيدهم المستقلة يبلغون بها النبيَّ صلى الله عليه وسلم، دون أن تكون هذه الأحاديث مرويةً في كتب الحديث التي قبلهم -وخاصة المشهورة منها-، حيث إنهم يتفردون بها.

وقد وقع مثل هذا التفرد بعد -وباتساع نِسْبي- للحافظ ابن عساكر (ت 571 هـ)، في كتابه "تاريخ دمشق".

ومن هنا يتبين لنا جانب من جوانب أهمية كتاب (تاريخ بغداد) بوصفه مصدرًا من مصادر الحديث الشريف.

بعد ذلك يمكن القول بأَنَّ بيان قيمة أحاديث (تاريخ بغداد) قبولًا وردًّا، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بموضوع الكتاب، ومنهج صاحبه في روايته لتلك الأحاديث.

وقد تقدَّم آنفًا أنَّ موضوع الكتاب هو: (علم الرجال)، وتحديدًا:(تواريخ الرجال المَحَلِّيَّة)، وقد أبان الحافظ الخطيب رحمه الله عن ذلك في مقدِّمة كتابه

(1)

، حيث يقول:

"وهذه تسمية الخُلَفَاء والأشراف والكُبَراء والقُضَاة والفقهاء والمَحَدِّثين والقُرَّاء والزُّهَّاد والصُّلَحاء والمُتَأَدِّبِين والشُّعراء من أهل مدينة السَّلام، الذين وُلِدُوا بها أو بسواها من البُلْدَان ونزلوها، وذِكُرْ من انتقل منهم عنها ومات بلدة غيرها، ومن كان بالنواحي القريبة منها، ومن قدمها من غير أهلها، وما انتهى إليَّ من معرفة كُنَاهم وأنسابهم، ومشهور مآثرهم وأحسابهم، ومستحسن أخبارهم، ومبلغ أعمارهم، وتاريخ وفاتهم، وبيان حالاتهم، وما حُفِظَ فيهم من الألفاظ عن أسلاف أئمتنا الحفّاظ، مِنْ ثَناءٍ ومَدْحٍ، وذَمٍّ وقَدْحٍ، وقبولٍ وطَرْحٍ، وتعديلٍ وجَرْحٍ".

(1)

(1/ 212 - 213).

ص: 83

فالكتاب إذًا ليس من كتب الرواية المتخصصة كـ "المسانيد" و"الصِّحَاح" و"الجوامع" و"السنن" و"المُسْتَدرَكَات" و"المعاجم" وسواها، والتي كان غرض مصنِّفيها جمع الحديث وروايته وتصنيفه وفق مناهج وضوابط محددة.

ومن ثم فإنَّه لا يمكن أن نقارن بين قيمة مرويات كتابٍ في (علم الرجال) تَوَجَّهَ فيه مصنِّفه إلى ما يُتَوَجَّهُ به عادةً في التراجم مادةً وصياغةً، ووردت فيه الأحاديث تبعًا، لإثبات رواية المُتَرْجَمِ له، ووقوع حديثه للمُصَنِّفِ، فهو يرويه من طريقه تحديدًا، بغض النظر عن أي اعتبار في أمر قيمة ما يرويه وطبيعته؛ وبين مرويات كتب السُّنَّة المُطَهَّرة التي قَصَدَ منها مصنِّفوها ما تقدَّم، وكان عنصر الانتقاء والتخير وفق ضوابط وضعوها، قائمًا في جلّها بوجه أو بآخر.

وقد قدَّمت بذلك حتى نتمكن من أَنْ نُنَزِّلَ كلام بعض العلماء في مرتبة أحاديث الحافظ الخطيب وقيمتها، وجهه الصحيح، لتكون الأحكام مُسَدَّدَةً، والنظرات صائبة إن شاء اللَّه، تتساوق مع واقع الحال لا تتجاوزه.

وممن عرض لقيمة مرويات الخطيب في جملة من كتب الأئمة الآخرين معه، الحافظ السيوطي (ت 911 هـ) في مقدمة كتابه "الجامع الكبير"

(1)

حيث يقول عند ذكر مصادر كتابه وما رمز لها:

"وللعُقَيْلي في "الضعفاء": عق، ولابن عدي في "الكامل": عد، وللخطيب: خط، فإن كان في "تاريخه" أطلقت، وإلَّا بينته، ولابن عساكر في "تاريخه": كر. وكل ما عُزي لهؤلاء الأربعة، أو للحَكِيم التِّرْمِذِيّ في "نوادر الأصول"، أو الحاكم في "تاريخه"، أو للدَّيْلَمِيّ في "مسند الفردوس"، فهو ضعيف. فليستغن بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه".

وعرض لها الإمام ولي اللَّه أحمد بن عبد الرحيم الدِّهْلَوي (ت 1176 هـ) في

(1)

(1/ 1/ ب).

ص: 84

كتابه "حجَّة اللَّه البالغة"

(1)

، حيث يقول عند ذكره لطبقات كتب الحديث:

"والطبقة الرابعة: كتبٌ قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة، جمع ما لم يوجد في الطبقتين الأوليين: وكانت في المجاميع والمسانيد المختفية، فنوهوا بأمرها، وكانت على ألسنة من لم يكتب حديثه المحدِّثون، ككثير من الوعَّاظ المتشدِّقين وأهل الأهواء والضعفاء، أو كانت من آثار الصحابة والتابعين، أو من أخبار بني إسرائيل، أو من كلام الحكماء والوعّاظ، خَلَطَهَا الرواة بحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم سهوًا أو عمدًا، أو كانت من محتملات القرآن والحديث الصحيح، فرواها بالمعني قوم صالحون لا يعرفون غوامض الرواية، فجعلوا المعاني أحاديث مرفوعة، أو كانت معاني مفهومةً من إشارات الكتاب والسُّنَّة، جعلوها أحاديث مستبدَّة -أي مستقلة- برأسها عمدًا، أو كانت جُمَلًا شتى في أحاديث مختلفةٍ جعلوها حديثًا واحدًا بنسق واحد.

ومظنَّة هذه الأحاديث: كتاب "الضعفاء" لابن حِبَّان، و"كامل" ابن عدي، وكتب الخطيب، وأبي نُعَيْم، والجُوْزَقَانيّ، وابن عساكر، وابن النَّجَّار، والدَّيْلَمِيّ. وكاد "مسند الخُوَارِزْميّ"

(2)

أن يكون من هذه الطبقة.

وأصلح هذه الطبقة: ما كان ضعيفًا محتملًا، وأسوؤها ما كان موضوعًا، أو مقلوبًا، أو شديد النَّكَارة.

وهذه الطبقة: مادة كتاب "الموضوعات" لابن الجَوْزي".

(1)

(1/ 135).

(2)

هو أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد البَرْقاني (ت 425 هـ)، إمام حافظ ثَبْت فقيه، من أشهر شيوخ الحافظ الخطيب البغدادي. انظر ترجمته والكلام على "مسنده":"تاريخ بغداد"(4/ 373 - 376)، و"سِيَر أعلام النبلاء"(17/ 464 - 467)، و"تاريخ التراث العربي"(1/ 1 / 474). وفيما قاله الإمام الدِّهْلَوي عن "مسنده" نظر، كما يعلم من كلام الأئمة في وصف "مسنده".

ص: 85